Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل "مون ريكر" هو أسوأ فيلم لبوند أم لم يلق الاعتراف المستحق؟

خاض كوينتين تارانتينو وروجر أفاري نقاشات حادة حول مزايا الفيلم انتاج 1979. هل هي رائعة للغاية كما يراها أفاري أم هو إخفاق كبير كما يقترح تارانتينو؟

إنه فيلم تجسس، وفيلم حركة، وفيلم رومانسي، وفيلم سجل رحلات، وفيلم خيال علمي، بالطبع. إنه أيضاً فيلم رعب (اندبندنت)

إنه فيلم جيمس بوند الذي يمارس فيه روجر مور 007 الجنس من دون جاذبية، في الفضاء الخارجي، بينما تشاهده الملكة من الوطن الأم، بريطانيا، عبر إرسال للقمر الاصطناعي.

"يا إلهي، ما الذي يفعله بوند؟" يتفوه M متلعثماً.

"أعتقد أنه يحاول معاودة الاختراق، يا سيدي"، يقترح Q المشتت.

على مدى السنوات الـ 43 الماضية، لم يول أي شخص الكثير من الاهتمام لفيلم "مون ريكر" Moonraker من عام 1979، وهو مغامرة "جاسوسية" حققت نجاحاً متميزاً في شباك التذاكر في ذلك الوقت من دون أن يكون لها تأثير كبير على النقاد. مع تلاعب التورية البذيئة وروح الدعابة اللفظية، لم يبدُ الأمر كما لو كان من المفترض أن يؤخذ الفيلم على محمل الجد. الإجماع العام هو أنه أفضل من أفلام مور الأخيرة "نظرة إلى قتل" (Octopussy، A View to a Kill)، لكنه ليس تحفة فنية.

الآن، ومع ذلك، يتم إعادة فحص "مون ريكر" بدقة. لقد كان موضوع نقاش مطول ومكثف للغاية على "أرشيف الفيديو" The Video Archieves، البودكاست الجديد الذي أطلقه المخرج كوينتين تارانتينو في وقت سابق من هذا الصيف وشريكه في تأليف "خيال رخيص" Pulp Fiction وزميله المهووس بالأفلام روجر أفاري.

"يطرح البودكاست السؤال: هل "مون ريكر" أحد أفضل أفلام بوند على مر الزمان أم أنه أسوأ أفلام بوند على الإطلاق"؟

لا يبدو هذا سؤالاً ملحاً تماماً في عصرنا، ولكن بمجرد أن يبدأ تارانتينو وأفاري في تفعيل الجدال، تصبح محادثتهما مفيدة ومضحكة للغاية.

تارانتينو ليس من المعجبين. قد يتمتع المخرج الأميركي حماسي الكلام بسمعة من قام بمشاهدة كل الأفلام تقريباً على الإطلاق في الفترة عندما كان يعمل كموظف في متجر للفيديو، ولكن بطريقة ما فوت مشاهدة "مون ريكر" في عام 1979. وأخيراً بعد أن قام بمشاهدته، فقد خاب أمله. "بالنسبة لي، الأمر برمته، ليس غريب الأطوار، بل إنه ساخر. الفيلم بأكمله يقلد فيلم حرب النجوم Star Wars بطريقة ساخرة بنوع ما لكسب المال. بالنسبة لي، إنه عمل وضيع"، يكمل تارانتينو غاضباً.

بداية، لم يكن أفاري يحب "مون ريكر" أيضاً. يقول: "لسنوات، كان أسوأ فيلم لجيمس بوند بالنسبة لي"، متذكراً رد فعله بعد مشاهدة الفيلم للمرة الأولى. وعندها، على رغم ذلك، جاءت لحظة الوحي، بعد أن شاهده مرة أخرى من خلال نادي ابنته للأفلام عبر الإنترنت. "كان الأمر كما لو كنت أسير عبر الصحراء وكنت أتضور جوعاً وفجأة وصلت إلى واحة"، يقول بحماسة.

هذه المرة، أحب أفاري الشكل المتحول لتوليفة "مون ريكر" والطريقة السريعة التي يتنقل بها بين الأنماط السينمائية. "إنه فيلم تجسس، وفيلم حركة، وفيلم رومانسي، وفيلم سجل رحلات، وفيلم خيال علمي، بالطبع. إنه أيضاً فيلم رعب. أنا أتحدث عن الطريقة التي يغير بها نبرته. فهو يتحول إلى كل ما يريد أن يكون في تلك اللحظة. إنه فيلم كوميدي. إنه فيلم الغرب الضاري، حتى، في مرحلة ما".

في بعض الأوقات، بينما يمدح تألق فيلم بوند الحادي عشر، يبدو أفاري وكأنه ذلك العاشق المذهول بالفن، الذي قام للتو بإمالة رأسه للأعلى ليرى عجائب سقف الكنيسة السيستينية لمايكل أنجلو للمرة الأولى. إذا ما هو موقع "مون ريكر" حقاً؟ هل هو باهر بشكل فائق كما يجادل أفاري أم هو إلى حد ما بمثابة حطام قطار طار كما يقترح تارانتينو؟

إنه فيلم من أفلام بوند الذي لا يستطيع أن يبقى ثابتاً لأكثر من بضع لحظات. يمتد نطاق مواقعه المذهلة من البندقية (حيث نرى مطاردة جندول سخيفة، تبلغ ذروتها عندما يقود بوند قاربه عبر ميدان سانت مارك) إلى ريو خلال الكرنفال؛ ومن أعماق غابات الأمازون إلى ما هو أعمق في الفضاء الخارجي.

إعادة ريتشارد كيل إلى دور "الفكين"، السفاح الضخم ذو الأسنان المعدنية المسننة الذي ظهر للمرة الأولى في عام (1997) في فيلم "الجاسوس الذي أحبني" The Spy Who Loved Me، هو بالتأكيد خطأ تكتيكي فادح، مما يقلل من امتياز بوند إلى مستوى التمثيل الإيمائي على الشاشة الكبيرة. والأسوأ من ذلك، أن السيناريو يحول "الفكين" إلى كائن كوميدي مثير للشفقة بدلاً من كائن شديد الخبث والسوء. حتى أنه تم تزويده بصديقة على شكل "بلانش رافاليك" ذات ذيل الخنزير والنظارات الطبية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الفيلم مُقَلِّدٌ بلا خجل أيضاً. فلديه ما يعادل محطة فضاء "ديث ستار" من فيلم حرب النجوم star wars. ويبدو أن التابع الآسيوي تشانغ (توشيرو سوغا) مستوحى بشكل مباشر من كاتو فونغ لبيرت كووك في كوميديات البينك بانثر (النمر الوردي). فتماماً مثل كاتو (الذي ينصب الكمائن الأبدية لشخصية المفتش كلوزو لبيتر سيلرز)، يستمر تشانغ في الظهور في أماكن غير متوقعة، وعلى استعداد للانقضاض على بوند.

مرتدياً جاكيتات قماش التويد والسترات والبدلات التي تشبه أزياء الأخوين موس Moss Bros، يبدو مور، بدور البطل الجاسوس، بوضوح في منتصف العمر. فهو يتصرف بحذر شديد في تسلسل الحركة، ولا يسمح لنفسه أبداً بالاجتهاد حتى التعرق - سواء كان يتصارع مع ثعبان أو يتدلى من عربة قطار. في غضون ذلك، يبدو المخرج لويس غيلبرت مهتماً بالأدوات المبتكرة أكثر بكثير من اهتمامه بتوصيف الشخصيات.

يمكنكم، إذاً، فهم اللامبالاة الكارثية التي عولج بها الفيلم.

ثم هناك هوغو دراكس، الشرير المؤدب الذي أدى دوره مايكل لونسديل والذي لا يسعه إلا أن يبدو للجماهير الحديثة مثل النسخة النبوية المبكرة من عالم بوند لإيلون ماسك. إنه أيضاً أحد أغنى رجال العالم، فهو ملياردير عصر الصناعة الذي يتوق إلى السفر إلى الفضاء الخارجي. حتى أن دراكس يبدو مثل ماسك، حيث يدلي بملاحظات تهكمية ومتحذلقة تعكس التغريدات الشائكة التي يطلقها رئيس شركة "تيسلا" اليوم.

هناك جانب واحد من الفيلم يمكن أن يتفق عليه الجميع – وهو التميز في تصميم الإنتاج لكين آدم. "مون ريكر" مليء بالمجموعات المفصلة التي ابتكرها الطيار الحربي في سلاح الجو الملكي البريطاني السابق، المولود في برلين، والمتأثر بأسلوب الباوهاوس، والذي عرف منذ فترة طويلة بأنه أحد الشخصيات ذات الرؤية في السينما البريطانية. عمل آدم في أفلام ستانلي كوبريك (دكتور سترينجلوف وباري ليندون) بالإضافة إلى فيلم (تشيتي تشيتي بانغ بانغ) والعديد من أفلام بوند. تمتع "مون ريكر" بميزانية ضخمة في ذلك الوقت وتمكن آدم من التنفيس الكامل لخياله، مستوحياً تصاميمه من الحداثي التجريدي الهولندي، بيت موندريان - أحد الأسباب التي تجعل الفيلم لا يبدو في غير محله وكأنه خارج مكانه في معرض تيت Tate Modern للفن الحديث.

يعد عمل آدم الأساسي هو جهاز الطرد المركزي الدوار الذي ابتكره لمجموعة أداء حركية مبكرة. فقد كان بوند مربوطاً بالداخل والآلة تطن بسرعة متهورة لدرجة يبدو معها كما لو أن عيناه ستخرجان من رأسه وتنفجر أحشاؤه من صدره.

أداء بديل الحركات البهلوانية هو من الدرجة الأولى أيضاً. في السلسلة الافتتاحية المذهلة، يتم دفع بوند خارج طائرة من دون مظلة. ويتشاجر مع خصم في الهواء، ويسرق عدة الرجل الآخر، ثم يتفوق على "الفكين" الذي يحاول عضه إلى نصفين. صحيح أن فناني الأداء البديل لا يشبهون إلى حد كبير الممثلين الذين يجسدونهم، لكن التسلسل واقعي للغاية (مصنوع من دون حاسوب) ويمتلك حدة تصيبنا بالدوار لدرجة أن قلة من المشاهدين قادرة على ملاحظة الوصلات بين اللقطات. حتى تارانتينو يحبها. حيث يعترف مخرج فيلم "كلاب المستودع" Reservoir Dogs قائلاً: "لقد صعقتني".

أما الحبكة القصصية فهي عشوائية. اختطاف مكوك أميركي من طراز "مون ريكر" تمت إعارته إلى المملكة المتحدة في الجو. يتم إرسال بوند للتحقيق في السرقة وسرعان ما يكتشف أن دراكس وراءها. يريد ملياردير عصر الصناعة إنشاء عرق متفوق جديد في الفضاء، وقتل الجميع على الأرض وبدء الحضارة من جديد. ويجب أن يتجول بوند حول العالم، وفي النهاية التوجه إلى المدار، لتقديمه إلى العدالة.

هذا فيلم من أفلام بوند ذوي النكهة الفرنسية القوية. فقد تم تصوير جزء كبير منه في فرنسا، ولكن ليس لأسباب قصصية مشروعة. حيث ادعى آدم لكاتب سيرته الذاتية كريستوفر فرايلينغ أن المخرج غيلبرت والمنتج ألبرت آر بروكلي والنجم مور واجهوا مشكلات ضريبية في المملكة المتحدة وبالتالي لم يريدوا صناعة الفيلم في إنجلترا.

كان أحد مشغلي الكاميرا جاك رينوار، من أبناء شقيق المخرج الفرنسي الأسطوري جان رينوار. وأكثر المقاطع غرابة في الفيلم تشبه بشكل عابر تحفة جان رينوار السينمائية، الدراما المنزلية الريفية "قواعد اللعبة" The Rules of the Game لعام 1939. كما وأعاد دراكس بناء نسخته الخاصة من القلاع الفرنسية في أعماق قلب كاليفورنيا. وعقد مسابقة صيد لطائر الدراج في الغابة الخضراء والكثيفة بشكل غريب المحيطة بالقصر. حيث يضرب بوند قاتلاً يختبئ أعلى الشجرة، ويحاول قتله.

من الواضح تماماً أننا في أوروبا، وليس على الساحل الغربي لأميركا، ولكن الاستخدام المبدع للجغرافيا هو أحد أكثر سمات "مون ريكر" إرباكاً وتميزاً. وفي كل مرة يكون هناك قطعٌ للقطة في المونتاج، يظهر بوند في قارة جديدة.

يحاول بودكاست تارانتينو بصعوبة فهم السياسة الجنسية. تارانتينو غير مقتنع تماماً بشخصية الدكتورة هولي جودهيد التي تؤديها لويس تشيلز. لقد عمل لاحقاً مع تشيلز بنفسه وقام بتقييمها بدرجة عالية، لكنه يشير إلى أن شخصيتها هنا بمثابة شخصية غير موجودة تماماً وتحمل اسماً رديئاً شبيهاً بأسلوب فتيان الكليات الأميركية الذي لن يكون مقبولاً حتى كاختلاس من أفلام "بوركي" الصاخبة في الثمانينات.

أفاري يعارض معتبراً هولي واحدة من أوائل البطلات التي تعادل بوند نفسه. فهي جاسوسة في وكالة الاستخبارات المركزية وعالمة ورائدة فضاء. وتجيد استعمال قبضتيها أيضاً.

"بعد سلسلة من فتيات بوند المملات بعض الشيء، في رأيي، نحصل على امرأة بنية الشعر وذكية"، تشارك غالا أفاري، الابنة المنتجة لروجر أفاري، في المناقشة، بطرح يقضي بكون "هولي" كواحدة من أفضل "فتيات بوند" في الامتياز بأكمله.

إذاً ما هو الحكم النهائي على "مون ريكر"؟

مما لا مفر منه، أن تارانتينو وأفاري يتجادلان حتى الوصول إلى طريق مسدود. يسلط أحدهما الضوء على العيوب العديدة في الفيلم. ويمجد الآخر فضائله. لا يمكنهما اختراق دروع بعضهما البعض. وينتاب كلاهما باستمرار نفس الإحساس بالهزيمة كما ينتاب بوند عندما يركل الـ"فكين" في مناطقه السفلية، ويسمع رنيناً معدنياً ويدرك أنه قد آذى قدمه.

لا يثبت أي منهما طرحه بشكل قاطع. ومع ذلك، فإن ما يثبته البودكاست الخاص بهما، هو أنه عندما تشعر بهذا الشغف، يمكن أن يكون الحديث عن فيلم ممتعاً بقدر متعة مشاهدته.

"مون ريكر" Moonraker متاح للإيجار والشراء على منصب البث الرقمي "برايم فيديو" Prime Video. ويمكن العثور على بودكاست تارانتينو هنا.

نشر في "اندبندنت" بتاريخ 19 أغسطس 2022

© The Independent

المزيد من سينما