Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هكذا تغير موقف البريطانيين من دعم أوكرانيا

تكلفة المعيشة الأعلى في العالم أدت إلى تراجع تأييد كييف والحكومة تقول "لم يعد لدينا ما نقدمه"

مع دخول الشتاء يخاف الناس العاديون من المعاناة نتيجة عدم قدرتهم على احتمال تكلفة الطاقة المرتفعة جراء الحرب (أ ف ب)

مع استمرار زيادة تكاليف المعيشة في بريطانيا بمعدلات أعلى من بقية دول العالم المماثلة، بدأ الدعم الشعبي البريطاني للاستمرار في مساعدة أوكرانيا يتراجع، ونشرت صحيفة "صنداي تايمز" تقريراً موسعاً عن هذا التغير في موقف الجماهير العادية من الحرب على الرغم من استمرار موقف الحكومة الداعم لكييف.

تزامن نشر التقرير مع مقال كتبه رئيس الوزراء البريطاني المستقيلة حكومته بوريس جونسون في صحيفة "ذا ميل أون صنداي" أرجع فيه ارتفاع أسعار الغاز والكهرباء للاستهلاك المنزلي بالنسبة إلى ملايين الأسر البريطانية إلى رغبة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في إضعاف الدعم الغربي لأوكرانيا.

وقال جونسون إن "بوتين سعيد بارتفاع تكلفة المعيشة" في بريطانيا والغرب.

يزيد من قلق البريطانيين، كما يشير تقرير "صنداي تايمز" أن المرشحة المتقدمة في السباق على زعامة حزب المحافظين الحاكم وخلافة جونسون في رئاسة الحكومة، وزيرة الخارجية ليز تراس، تبدو أكثر تشدداً في الموقف من روسيا، لكن المشكلة أنها ستجد صعوبة في توفير الموارد اللازمة لتمويل أي دعم إضافي لأوكرانيا في الحرب، بخاصة أن الشعب البريطاني يعاني من عدم القدرة على احتمال ارتفاع تكاليف المعيشة.

مع أن رئيس الوزراء أعرب في مقاله عن التفاؤل بالمستقبل على الرغم من الأزمات الحالية، فإن شبكة "سكاي نيوز" قالت في تحليلها لمقال جونسون إن "من السهل أن تكون متفائلاً وأنت تعلم أنك لن تكون مسؤولاً بعد أيام، وغيرك من سيتولى اتخاذ القرارات الصعبة"، في إشارة إلى إعلان نتيجة انتخاب أعضاء "حزب المحافظين" لزعيمهم الجديد يوم الخامس من سبتمبر (أيلول) المقبل.

تغير الموقف من التضحيات

في أحدث رفع لسقف سعر فواتير الاستهلاك المنزلي في بريطانيا يوم الجمعة المقبل، الذي يبدأ مع أول أكتوبر (تشرين الأول)، ستصبح تكلفة الفاتورة للبيت المتوسط أكثر من أربعة آلاف دولار، ويتوقع أن تتجاوز سبعة آلاف دولار في شهر أبريل (نيسان) المقبل. وبدأ الجمهور العادي يفقد حماسه لتصديق ما كتبه رئيس الوزراء في مقاله، الأحد الماضي، من أن الحرب في أوكرانيا هي السبب في ارتفاع الفواتير.

فأزمة الطاقة العالمية بدأت منذ فترة طويلة قبل الحرب، وترجع إلى زيادة الطلب من آسيا على الغاز والنفط وأيضاً الاضطرابات التي تعانيها سوق الطاقة بعد أزمة وباء كورونا، إضافة إلى أن إنتاج الغاز والنفط الصخري في الولايات المتحدة لم يعد إلى سابق عهده من الإنتاج الكبير.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أما ما تفعله روسيا من حرق الغاز الذي كان يفترض أن يصل إلى أوروبا بمعدل يساوي 10عشرة ملايين دولار يومياً فيعود إلى العقوبات المفروضة على موسكو. وتقول "صنداي تايمز" كما يشير بوريس جونسون في مقاله إلى أن حسابات موسكو تقضي بأنها لو استطاعت الاستمرار في هذا الوضع لعام أو عامين فلن يتمكن المواطنون في الغرب من تحمل تكلفته على حياتهم، وسيضطر ذلك القادة في واشنطن وبروكسل ولندن إلى وقف دعمهم لحكومة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، والقبول بوقف لإطلاق النار، والسماح لروسيا باستمرار السيطرة على بعض المناطق الأوكرانية التي أخذتها حتى الآن.

يبدو أنه مع دخول فصل الشتاء، وبدء الناس العادية الخوف من المعاناة نتيجة عدم قدرتهم على احتمال تكلفة احتياجاتهم من الطاقة، يتراجع الشعور الحماسي بدعم الأوكرانيين والتضحية بتدهور مستوى المعيشة في بلادهم.

وحسب استطلاعات الرأي التي تجريها مؤسسة "يو غف"، ففي مارس (آذار) الماضي، أي مع بداية الحرب الروسية في أوكرانيا، كانت نسبة البريطانيين الذين يؤيدون الاستمرار في فرض عقوبات على موسكو حتى إذا أدى ذلك إلى ارتفاع أسعار الطاقة تصل إلى 48 في المئة مقابل نسبة 38 في المئة يعارضون مزيداً من العقوبات. أما في شهر يونيو (حزيران) فانقلبت النسب تقريباً، إذ أصبح 45 في المئة من البريطانيين يعارضون فرض عقوبات جديدة على روسيا مقابل نسبة 38 في المئة يؤيدون ذلك.

استقبال اللاجئين

منذ بداية الحرب في أوكرانيا كانت بريطانيا من أشد المؤيدين لها عبر الدعم بالمال والسلاح وأيضاً استقبال اللاجئين الأوكرانيين واستضافتهم لدى الأسر البريطانية، لكن بعد ستة أشهر من الحرب، ودخولها الشهر السابع يوم الأربعاء الماضي، تشير "صنداي تايمز" إلى أن أكثر من ربع الأسر التي تشارك في برنامج استضافة اللاجئين الأوكرانيين ترغب في الخروج منه.

ومنذ بداية الحرب، وصل إلى بريطانيا 115 ألف لاجئ أوكراني، وما زالت البلاد تستقبل الأوكرانيين بمعدل نحو خمسة آلاف أسبوعياً. وتنقل الصحيفة عن بعض الأسر في مناطق كنت التي تعد الأغنى في إنجلترا وتستضيف لاجئين أوكرانيين، قلقهم من المستقبل في ظل ارتفاع تكلفة المعيشة.

تقول كارين هايد "أؤيد تسليح أوكرانيا لكنني مرعوبة من ارتفاع أسعار الغاز. أشعر أن علينا التفكير في إنهاء هذا الوضع، لكنني لا أرى له نهاية". وتضيف أنها قلقة على مستقبل ابنها البالغ من العمر 21 سنة  المتخرج في الجامعة، مؤكدة "أفكر كثيراً في مستقبله، وأعتقد أننا نشعر بالذنب قليلاً لأننا بالغنا في تعظيم الأوكرانيين".

أما سام بوينتر من "تنبريدغ ويل" في كنت ويعمل في القطاع المالي فيقول "لدينا أطفال ثلاثة، لذا نحن نعيش بالكاد. هي معاناة. إذا كان بإمكان الحكومة مساعدة أوكرانيا على التوصل إلى حل سلمي فسيكون ذلك أفضل جداً، لكنني لست متفائلاً".

تتكرر القصص المماثلة التي يتضمنها تقرير "صنداي تايمز" حول الأسر التي تستضيف لاجئين أوكرانيين، وكيف أنها بدأت تشعر بالإرهاق من التضحيات في سبيل دعم أوكرانيا في الحرب، ويتضح أن الاتجاه الأكثر نمواً هو ضرورة السعي لحل سلمي يوقف هذا التدهور في مستويات المعيشة التي يعانيها البريطانيون.

ليز تراس

إذا كان مقال بوريس جونسون حاول تحويل الغضب الشعبي من ارتفاع تكلفة المعيشة باتجاه روسيا، فذلك ليس فقط لتبرير عدم فعل الحكومة ما يكفي لمساعدة الشعب البريطاني على مواجهة غلاء الأسعار، وإنما القصد أيضاً شحذ همم البريطانيين التي بدأت تضعف في تأييدهم الدعم الحكومي لأوكرانيا.

من بين المتنافسين على خلافة جونسون تتقدم وزيرة الخارجية ليز تراس في استطلاعات الرأي على منافسها وزير الخزانة المستقيل ريشي سوناك. وتنقل "صنداي تايمز" عن مقربين من تراس أنها أشد قوة من جونسون في دعمها لأوكرانيا وتصديها لروسيا. ويقول هؤلاء إن تراس ترى أن الغرب أخطأ التقدير حين ظن أن روسيا تتجه نحو الاعتدال، وبمجرد توليها رئاسة الحكومة ستعمل على زيادة الدعم لأوكرانيا.

لكنها ستواجه مشكلة في غاية الصعوبة لتوفير ذلك الدعم، فحسب مصادر من وزارة الدفاع البريطانية تحدثت إليهم الصحيفة فإن بريطانيا لم يعد لديها من الأسلحة ما تقدمه لأوكرانيا، بل إن أحد المصادر في وزارة الدفاع توقع أن ينتهي أي دعم مالي بريطاني لأوكرانيا بنهاية هذا العام مع زيادة الضغط على المالية العامة للحكومة.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات