تصبح محاولة تنفيذ المهام اليومية في منزل شديد الحرارة أمراً بالغ الصعوبة في الصيف، ويمتد الأمر حتى الليل فيصبح الحصول على ساعات نوم جيدة مؤرقاً في الليالي الحارة والرطبة، بينما يمكن الاستثمار في طرق وتدابير سهلة لتقليل ارتفاع درجة الحرارة في المنزل وخلق الشعور بالراحة والانتعاش طوال النهار والاحتفاظ بالبرودة حتى ساعات الليل.
تيار هواء متبادل
نبدأ بالوسيلة الأسهل والأكثر فعالية لتهوئة المساحات بشكل طبيعي في فصل الصيف، من دون الحاجة إلى أي وسائل مساعدة، بالتالي توفير التكلفة الإضافية. والطريقة تتلخص بفتح نافذة على الجانب الذي يدخل منه الهواء في المنزل، ثم ببساطة فتح الأبواب أو النوافذ المقابلة لها في الجانب الآخر من المساحة ذاتها، وذلك من أجل خلق تيار هواء متدفق يجتاح الغرفة، بحيث يسحب الهواء الداخل من النافذة الأولى الهواء الساخن القديم، ويطرده من خلال النافذة المقابلة. وهناك أنواع من النوافذ أكثر فاعلية من غيرها عند محاولة تهوئة الغرفة بهذه الطريقة، فالنوافذ العلوية المعلقة التي تفتح للخارج أو النوافذ التي تفتح سحباً للأعلى مثالية لتطبيق هذا الخيار، فعند فتح القسم السفلي من النافذة على جانب المنزل، يدخل الهواء البارد منه ويصعد الهواء الساخن للأعلى، ثم من النصف العلوي للنافذة المقابلة، سيتم إجبار أي هواء دافئ يتجمع في الجزء العلوي من الغرفة على الخروج .
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
كما يعزز فعالية هذه النصيحة استخدام الستائر الحرارية التي تساعد على تنظيم درجة الحرارة في المنزل، وهي تعمل كضمادة للنوافذ تقوم بعكس أشعة الشمس وتوجيهها بعيداً، وكذلك يعد التظليل الخارجي حلاً طبيعياً ناجعاً، مثل وجود سقف أو كاسرات الشمس، وحتى وجود بعض أنواع الأشجار في خارج المنزل يمكن أن يساعد على حجب الأشعة في الصيف، والسماح لها بالدخول في الشتاء عندما تتساقط أوراقها، ومن جهة أخرى، يحجب سحب الستائر العادية في الغرف المعرضة لأكبر قدر من الشمس في فترة ما بعد الظهر، أشعة الشمس ويحافظ على برودة الغرفة في فترات الليل.
تكييف الهواء
وعلى عكس المراوح الكهربائية التي ترسل الهواء في مختلف أنحاء الغرفة، تعمل مكيفات الهواء على خفض درجة الحرارة في الغرفة عن طريق سحب الهواء الدافئ وتمريره عبر ضاغط أو مكبس، عبر أنبوب تصريف في النافذة أو الجدار لتنفيس الهواء الدافئ وطرده للخارج، ثم نفخ الهواء المبرد. ولضمان الحصول على أقصى فائدة وتأثير، يتوجب اختيار حجم مناسب للمساحة المراد تبريدها، إذ تقدر استطاعة مكيفات الهواء المحمولة بالوحدات الحرارية البريطانية "BTU"، فكلما ارتفعت قيمتها زادت المساحة التي باستطاعتها تبريدها، على سبيل المثال، سيعمل مكيف الهواء بقدرة "BTU 9000" في غرفة تبلغ مساحتها تقريباً مترين وربع المتر، وكخيار آخر، يمكن تركيب مروحة سقفية، فقد قطعت تصميمات مراوح السقف شوطاً كبيراً منذ سبعينيات القرن الماضي. وهناك الآن بعض النماذج العصرية الأنيقة والمناسبة التي يمكنها خلق الشعور بالراحة في الطقس الحار، فهي لا تخفض درجة حرارة الغرفة بشكل فعال بقدر ما تخلق نسيماً لطيفاً. وأفضل نصيحة هنا هي تركيب المروحة لتدور في الاتجاه المعاكس، أي عكس اتجاه عقارب الساعة للحصول على نتائج أفضل، إذ سيؤدي ذلك إلى دفع الهواء للأسفل مباشرة بدلاً من دفعه في أنحاء الغرفة ما يعطي تيار هواء مركزاً.
الأنوار والأجهزة الكهربائية
وتولد الأجهزة الكهربائية بمعظمها قدراً معيناً من الحرارة عند تشغيلها، مثل الأفران وأجهزة الكمبيوتر والتلفاز وشواحن الهواتف وغيرها، بالتالي سيساعد إيقاف تشغيلها في الاحتفاظ بالقليل من البرودة في الغرفة ومنع توليد المزيد من الحرارة، ولذلك يفضل تشغيلها في ساعات الصباح الباكر في الصيف. كما تعدّ الأضواء مصدراً خاصاً للحرارة، إذ تتعلق بفكرة جعل المساحة أكثر دفئاً نفسياً وعملياً على حدّ سواء، فتزيد مصابيح الطاولة بجانب السرير الإزعاج الناتج من الحرارة أثناء محاولة النوم. ولنوع المصباح تأثير على كمّ الحرارة المنبعثة من تجهيزات الإضاءة حولنا، فتولد المصابيح المتوهجة التقليدية ضوءاً فعالاً بشكل جزئي، فهو يشع ما يصل إلى 90 في المئة من طاقته على شكل حرارة مبددة، بينما تصدر مصابيح "LED" حرارة أقل بالإضافة إلى توفير قدر من المال الخاص بتجهيزات الإضاءة.
العزل الصحيح
والأكيد أن العزل الصحيح للمنزل يمكن أن يسهم بشكل كبير في حل هذه المشكلة، إذ يلاحظ ارتفاع درجات الحرارة في الطوابق العلوية في الأيام الحارة، بسبب تجمع الهواء الساخن في الأعلى، وغالباً ما تصبح الغرف العلوية أكثر دفئاً من تلك التي في الطوابق السفلية، والسبب أنه عندما تشرق الشمس على سطح المنزل (بخاصة إذا كانت مواد التسقيف داكنة اللون)، يتم امتصاص الحرارة ونقلها إلى مساحة الدور العلوي من دون عزل الدور العلوي بالشكل المناسب. ستظل هذه الحرارة تشع في غرف الطابق العلوي، ويمكن تجنب ذلك بمعرفة كيفية عزل السقف والطابق العلوي بالشكل الصحيح.
حلول المساحات الزجاجية
وأصبحت زيادة مساحات الزجاج في النوافذ والأبواب وسيلة فعالة لتعزيز كمية الضوء الطبيعي الداخل إلى المنزل وتعزيز الاتصال بالحديقة والمناظر الطبيعية. ولكن مع الرغبة بدخول أكبر كمية ممكنة من الضوء، تزداد احتمالية ارتفاع درجة الحرارة، وربما تكون قد شعرت بما يسمى "تأثير البيت الزجاجي" في الأيام المشمسة، سواء في مطبخ يحتوي مساحات كبيرة من الأبواب الزجاجية المنزلقة أو في غرفة معيشة ذات نوافذ كبيرة عدة مواجهة للحديقة. وهنا يأتي دور المظلات التي تعتبر واحدة من أفضل الأفكار لتغطية وتظليل نوافذ أو أبواب الفناء الخارجي من وهج الشمس، بالتالي المساعدة في الحفاظ على المنزل بارداً داخلياً، إذ تعمل المظلة على إنشاء بقعة باردة مظللة مباشرة أمام أي أبواب ونوافذ، ما يحميها من وهج الشمس، وكونها قابلة للسحب فهي تقدم خياراً مرناً حيث يمكن سحبها تماماً وطيها عند عدم الحاجة لها. وهناك العديد من الخيارات سواء كانت مفتوحة أو مزودة بكاسيت، كما أن استخدم فيلم التحكم بالطاقة الشمسية، الذي يأتي على شكل لاصق شفاف يلتصق بزجاج النوافذ داخلياً أو خارجياً، يمكن أن يشكل حلاً مثالياً في حال وجود مساحات كبيرة من الزجاج أو الأسقف الزجاجية، بخاصة تلك الموجهة نحو الجنوب. الوسيلة غير المكلفة والسهلة لضمان عدم ارتفاع درجة حرارة الغرفة، مع الاحتفاظ بميزة الاستمتاع بالمناظر الخارجية، بالتالي يتيح للمساحات الداخلية أن تظل مضاءة مشرقة وباردة في الوقت ذاته.
وفي مناطق البحر الأبيض المتوسط، غالباً ما تستخدم "الأباجورات" أو المصاريع الخارجية على النوافذ، إذ تخدم المصاريع هنا غرضاً مزدوجاً. فهي تحافظ على إبقاء الشمس بعيدة من المنزل وتسمح في الوقت نفسه بالتهوية المتبادلة، باستخدام ما يعرف باسم التطهير الليلي، إذ تُترك النوافذ مفتوحة طوال الليل بينما تكون المصاريع مغلقة، ولكن وجود فتحات التهوئة فيه سيسمح للهواء بالمرور داخل المنزل، ما يسحب قدراً كبيراً من الحرارة المخزنة داخل الجدران.
وبالنهاية، ستسهم هذه الطرق بشكل أو بآخر في تخفيف الحرّ جزئياً، لكن الطريقة الأفضل لتجنب ارتفاع درجة حرارة المباني هي تأسيس الأبنية بذكاء ودراستها والتخطيط لها في مرحلة التصميم على أساس مراعاة كيفية تلقي المنزل للهواء والشمس ومختلف درجات الحرارة، عبر اتباع نهج يراعي تبدلات الحرارة على مدار السنة. وهذا يعني الدقة في اختيار التصاميم والمكونات والمواد والعناصر التي يتكون منها نسيج المبنى، لتحقيق أقصى قدر من الأداء سواء في البناء الجديد أو عند توسيع المنزل أو حتى عند الرغبة في تجديد المنزل وتحسينه.