Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

في بيتي رجل: خطر الاستضافة عبر "إير بي أن بي" على نساء لندن

بسبب ما يعانيه سوق الإسكان في لندن من مشكلات، تؤمن قلة من مالكات العقارات في العاصمة استمراريتهن بفضل تأجير غرف منازلهن عبر موقع هذا الموقع

"رأيت رجلاً يتسلل خارج الغرفة ويهبط الدرج ويخرج من الباب بهدوء شديد" (غيتي)

دخلت آنا، السيدة العزباء المقيمة في لندن التي تؤجر شقتها عبر موقع "إير بي أن بي"، إلى منزلها لتُفاجأ برجلٍ يخرج من غرفة نومها. كانت قد أجّرت غرفتها لسيدة عبر موقع تأجير شقق أو غرف للعطلات، ولكنها لم تذكر لها أبداً أنها ستقيم فيها مع رجل. وتقول "دخلت غرفة الجلوس وفيما كنت أهمّ بخلع سترتي، رأيت رجلاً يتسلّل خارجاً من الغرفة ثم يهبط السلّم ويخرج من الباب بهدوء شديد". وشاركت قصتها مع الباحثين جورج ماير وكايت آر غيلكريست من كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية اللذين درسا التقاطع بين "إير بي أن بي" والرأسمالية الريعية - أو بما معناه مداره على ما الذي يحدث عندما تمتلك قلّة مختارة أنواعاً رئيسية من الأصول الرأسمالية. وفي شهادتها، قالت آنا إنها شعرت بعدم الارتياح، كما لو أنّ خصوصيتها انتُهكت.

وتعتبر آنا واحدة من بين قلة من النساء اللواتي يملكن عقارات في العاصمة ويؤمنّ استمراريتهن بمساعدة موقع "إير بي أن بي"- إذ وصلت بهن الحال إلى تأجير غرفهن الخاصة والنوم في غرفة الجلوس- لتلبية احتياجاتهن المعيشية. وفي سوق السكن المنهار في لندن، الذي ازداد سوءاً الآن بسبب أزمة التكاليف المعيشية، تتخذ النساء إجراءات جذرية في سبيل الحفاظ على المسكن وتسديد الفواتير.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

عند إطلاق موقع "إير بي أن بي" في عام 2008، تم الترويج له بين المسافرين، ومنذ ذلك الحين، استخدمه مليار زائر لحجز إقامتهم. لكنه تحوّل الآن ليشمل الإيجارات على المدى القصير والبعيد. وفقاً للموقع، يقول أكثر من ثلث المضيفين في المملكة المتحدة إنهم يؤجرون مساكنهم لكي يتمكنوا من تحمّل التكاليف المعيشية، فيما يرى نحو ثلث آخر أنّ المدخول يساعدهم على تغطية نفقاتهم الأساسية. وتشكّل النساء الآن ما معدله 56 في المئة من إجمالي عدد مضيفي "إير بي أن بي" حول العالم. وفي المملكة المتحدة، 61 في المئة من مضيفي "إير بي أن بي" هم من النساء. أخيراً، انضم إلى الموقع عدد نساء يفوق عدد الرجال بـ 21 في المئة في عام 2021. وقد دخلت بعضهن القطاع العقاري عبر هذا المجال.  

يقول ماير إنه اكتشف ميل النساء إلى تأجير عقاراتهن أثناء إجرائه بحثاً عن اقتصاد المنصات، الذي يشمل مواقع "أمازون" و"أوبر" و"إير بي أن بي" ويشرح أنه "في حالة "أوبر"، لاحظت بأن الغالبية العظمى من السائقين في لندن هم رجال، في حين انعكست الأرقام [رأساً على عقب] في "إير بي أن بي"، ووجدت أن هذا الاختلاف لافت. والحال أن عدد النساء يفوق عدد الرجال في مجال الاستضافة عبر "إير بي أن بي". وعندها اتصلت بكايت وأخبرتها عن وجود ظاهرة جنسانية تخالف الاتجاه السائد".

ومن بين الجهات المضيفة على "إير بي أن بي" عدد من النساء اللواتي يعانين من إعاقات ومن معدلات بطالة أكثر ارتفاعاً وتقول الدراسة إنهن "يعتمدن على المدخول الإضافي من "إير بي أن بي" لتفادي الوقوع في العوز". كانت نيكي، مالكة المنزل في كامدن تعمل 80 ساعة في الأسبوع في مجال معاينة مواقع التصوير لإنتاج الأفلام والأعمال التلفزيونية، قبل أن تستنفد قواها وتصاب بالإنهاك، وتصاب بالتهاب الدماغ والنخاع الشوكي المترافق مع الألم العضلي، وتصبح عاجزة عن العمل. منذ عام 2012، تؤجر نيكي الأريكة التي تتحول إلى سرير في غرفة الجلوس. وقد شكّل "إير بي أن بي" طوق نجاة بالنسبة إليها. وتقول "أعاني من إعاقة مزمنة تمنعني من جني مدخول كافٍ. من المعروف أن نساء هذا البلد يعانين جداً في سبيل تأمين مدخول تقاعدي على الأمد البعيد أو مدخول طويل الأمد لأنفسهن. وتشكل "إير بي أن بي" طريقة لمواجهة هذا الصراع". 

وجدت الدراسة أنّ بعض النساء يستقبلن ضيوفاً من الرجال على الرغم من قلقهن من احتمال التعرض لمضايقات أو اعتداءات جنسية. وفي هذا السياق، أفادت إحدى السيدات في الدراسة أنها اضطرت إلى استضافة رجل تحرش لفظياً بابنتها. لم يعلّق الناطق باسم "إير بي أن بي" على هذه الحادثة تحديداً، ولكنه قال إن المنصّة تحتوي على خط سلامة على مدار الساعة وهو متوافر عبر التطبيق للمضيفين والضيوف على حدّ سواء، فيما يشمل التطبيق كذلك ميزة إتاحة الاتصال بخدمات الطوارئ المحلية على مدار الساعة، كل أيام الأسبوع. 

وفقاً لدراسة أجرتها جامعة كولورادو وأطلقتها العام الماضي، تعرّض 2 في المئة من مضيفي "إير بي أن بي" في عام 2021 للتمييز على أساس العرق والجنس والميول الجنسية للمثليات والمثليين ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسانية والإعاقة. وفي المقابل، أفادت نسبة أدنى بقليل (1.9 في المئة) من المضيفين عن تسببّ ضيوفهم بأضرار في ممتلكاتهم. وحلّت لندن في المرتبة الثامنة عشر بالنسبة لشكاوى الضيوف، بمعدّل 30.9 شكوى لكل 1000 موقع إقامة على "إير بي أن بي".  

وأقرّ ماير في دراسة كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية بالأفضلية التي تتمتع بها هؤلاء النساء اللواتي يملكن منازلهن ويمكنهن بالتالي تأجير الغرف في المقام الأول. ولفت إلى اعتبار النساء المنتميات إلى الطبقة الوسطى بأن تأجير غرفهن منحهنّ "استقلالية أكبر"، فيما نظرت النساء اللواتي يجنين مدخولاً أقل إلى الموضوع على أنه فقط سبيل "للاستمرار في ظل سوق إسكان باهظ الثمن". ولكنه أضاف بأن غياب هذا المدخول الإضافي من تأجير الغرف سيضع المجموعتين في حالة من "العوز الاقتصادي". 

ويقول ماير "تلجأ (النساء) إلى ("إير بي أن بي") لغياب أي سبيل آخر للاستمرارية- فهذه الطريقة الوحيدة التي تسمح لهنّ بتحمّل أعباء العيش في مدينة مثل لندن في ظل أزمة تكاليف السكن المتفاقمة. لو سعت سيدة في لندن إلى كسب مدخول، لن يسمح لها هذا المدخول بالسكن في لندن معظم الأحيان. ولذلك تضطر النساء إلى اللجوء لموقع "إير بي أن بي" كطريقة لزيادة دخلهنّ".

من جهتها، تشرح فانيسا، 34 سنة، أنها بدأت بالاعتماد على "إير بي أن بي" بعدما تفاجأت بفرض رسوم خدمات تبلغ قيمتها 4500 جنيه استرليني على شقتها التي تضم غرفة نوم واحدة. وتقول "لم أدرك بأنه سيتعيّن علي دفع هذه الرسوم. لم يوضحوا لي ذلك". وهي تجني الآن 2500 جنيه سنوياً من خلال "إير بي أن بي"، تودعها في حساب مصرفي منفصل من أجل دفع التكاليف غير المتوقعة.

ويضيف ماير بأنّ "لندن تمرّ بأزمة تقوض القدرة على تحمل تكاليف السكن- والنساء اللواتي تحدثنا إليهن كن يعانين في سوق أصبحت فيه ملكية العقارات تزداد صعوبة. وبالإضافة إلى ذلك، ارتفعت بدلات الإيجارات بشكل كبير في لندن خلال السنوات الأخيرة- ما يصعّب على الناس تسيير أمورهم من شهر إلى آخر".

وختم ماير دراسته بقوله إنه فيما وفّرت منصة "إير بي أن بي" "فرصاً مهمة للأشخاص العاجزين عن دخول سوق العمل التقليدي، غالباً ما (سنحت هذه الفرص) على حساب مصادرة المساحة التي يعيشون فيها". ويضيف بأن المساحات الشخصية الحميمة تصبح "مصدر دخل ضرورياً"، وهذا ليس أمراً جيداً.

مع تفاقم أزمة الأعباء المعيشية، سوف يستمر عدد أكبر من النساء في تعريض أنفسهن للخطر من أجل تأمين قوتهن فحسب. وأضاف ماير "في معظم الحالات، كانت النساء المشاركات في دراستنا ضحايا لأزمة السكن. وقد أجّرن سريرهن الخاص لكي ينمن على الأريكة، وقبلن بوجود خطر شخصي عليهن- لأنهن اعتبرن أنهن لا يملكن أي خيار آخر".

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من الأخبار