Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

واقع المطلقات في العالم العربي... وصم مجتمعي وتجاهل تشريعي

الكويت تتصدر القائمة بنسبة 48 في المئة من الزيجات ومصر من حيث العدد بـ240 حالة يومياً

تشهد مصر 240 حالة طلاق يومياً أي نحو عشر حالات طلاق كل ساعة (غيتي) 

تواجه المطلقات في العالم العربي تحديات كبيرة، حتى وإن كان سبب طلب المرأة للانفصال وجيهاً لا يختلف عليه اثنان، مما يجعل القرار بالنسبة إلى بعض النساء صعباً، لأنهن يعلمن جيداً أن المجتمع لا يتسامح مع المرأة المطلقة وينظر إليها نظرة سلبية تؤثر في مستقبلها وحالتها النفسية والاجتماعية.

وعلى الرغم من تطور قوانين الأحوال الشخصية في بعض البلدان العربية، لكن تطبيقها ونظرة المجتمع السلبية بقيت عائقاً أمام تخطي المرأة المطلقة الصعوبات المادية والنفسية والاجتماعية.

خطوات مقيدة

تقول خديجة وهي أربعينية من تونس، إنها تعيش مع طفليها بعد طلاقها من زوجها منذ ثلاث سنوات، "لم أكن أعتقد أنه على الرغم من المكتسبات التي حصلت عليها المرأة التونسية أن أعيش هذه الصعوبات، خصوصاً المتمثلة في نظرة بعضهم للمطلقات في مجتمعنا".

وتضيف "بعض الرجال يعتبرون أن المطلقة يمكن لها فعل ما تريد، وأنها أصبحت ملكاً للجميع"، مؤكدة أنها "تتعرض للتحرش يومياً لأنها مطلقة" وتشعر أن "خطواتها مقيدة ومحسوبة".

أما بخصوص حقوقها المادية والقانونية تقول خديجة إن "القانون يعطيها كل حقوقها، لكن التطبيق مغيب وغير موجود"، موضحة أن "قاضي الأسرة حكم بمبلغ مالي من طليقي لصالح أبنائه، لكنه لا يفي بتعهداته المالية، ولا أستطيع أحياناً التوجه إلى مركز الشرطة لأن "أطفالي لن يسامحوني إذا سجن".

من جانب آخر تقول فادية سليم وهي تونسية مطلقة، إنها "تعيش تجربة مريرة بعد طلاقها منذ سنتين"، وذلك بعد عشر سنوات من الزواج. وتوضح "تشعرني النظرة السيئة من طرف المجتمع وحتى العائلة، بسبب أني من طلب الطلاق، بألم شديد"، مضيفة أن "الضرر المعنوي والمادي تحملته لوحدي نظراً لأن القانون التونسي لا يقدر ما تقوم به بعض النساء حتى يستطيع أزواجهن النجاح في العمل".

فادية التي كانت زوجة لرجل أعمال تشير إلى أنه "بعد الزواج تخصص في بيع وشراء السيارات، وأنها كانت تساعده على ترويج أعماله عبر صفحة على موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك) كانت تديرها من المنزل، إضافة إلى الاعتناء بالأطفال والطبخ وغيرها من أعمال المنزلية اليومية"، لكن "بعد الطلاق كل ما فعلته ذهب أدراج الرياح، ولم أستطع إثبات تضحياتي وتعبي من أجل إنجاح المشروع الذي قطف ثماره لوحده".

بذل الزوجة

الحقوقية والمحامية بشرى بلحاج حميدة ترى أن "القوانين في المنطقة العربية تجاوزتها الأحداث، ومنها مجلة "الأحوال الشخصية" في تونس، التي تعد متقدمة جداً مقارنة مع الدول العربية الأخرى"، لكنها حسب اعتقادها "لم تعد ملائمة، لأن المجتمع يتحول بسرعة كبيرة وعلى المشرع مراعاة مواكبة القوانين للتحولات التي تعيشها مجتمعاتنا العربية".

وقالت بلحاج حميدة "غالباً آثار الطلاق مرتبطة بأسبابه، أي عندما تطلب المرأة الطلاق لأن ليس لديها أي مورد رزق، فإنها لن تتحصل على أي تعويض مادي، خصوصاً من ناحية توفير المسكن"، مضيفة "غالباً ما تحرم المطلقة من المنزل حتى وإن أسهمت في بنائه".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كما تنتقد بلحاج حميدة عدم تقدير القوانين العربية لمجهود المرأة خلال سنوات الزواج من تربية الأطفال والاعتناء بالمنزل وغيرها من أعمال على حساب مستقبلها المهني، في المقابل يستطيع الزوج عادة العمل وجمع الأموال من دون الضغوط العائلية التي تتحملها المرأة".

واستدركت بلحاج حميدة أن "القانون المغربي الوحيد في العالم العربي، على الرغم من أنه لا يطبق كما يجب، يقوم المشرع خلاله بتقييم ما يسمى ببذل الزوجة، أي تقييم أعمالها وتعبها في المنزل وخارجه بعد الطلاق".

ارتفاع نسب الطلاق

اللافت للانتباه أن نسب الطلاق ارتفعت بصفة ملحوظة في البلدان العربية، وتصدرت الكويت المركز الأول في القائمة، فعلى الرغم من انخفاض عدد سكانها ارتفعت نسبة الطلاق في البلاد إلى 48 في المئة من إجمالي عدد الزيجات، حسب إحصاء نشرته وزارة العدل الكويتية. أما مصر فتصدرت المركز الأول أيضاً لكن من حيث العدد، وذلك بمعدل 240 حالة طلاق يومياً، أي نحو عشر حالات طلاق كل ساعة.

وحسب تقرير صادر عن مركز معلومات مجلس الوزراء، فإن مصر تحتل المركز الثاني بين الدول العربية من حيث نسبة الطلاق إلى إجمالي الزيجات، حيث ارتفعت نسب الطلاق خلال الخمسين عاماً الأخيرة من سبعة في المئة إلى ؜40 في المئة، ووصل عدد المطلقات إلى ثلاثة ملايين مطلقة.

وفي المركز الثالث والرابع، نجد أن كلاً من الأردن وقطر قد ارتفعت فيهما نسب الطلاق إلى 37.2 في المئة و37 في المئة على الترتيب.

وقد تساوت كل من لبنان والإمارات، فقد ارتفعت نسبة الطلاق في كل منهما إلى 34 في المئة، وتلتهما كل من السودان بنسبة وصلت إلى 30 في المئة، والعراق بنسبة 22.7 في المئة، ثم السعودية بنسبة 21.5 في المئة.

أما في تونس فتذكر الإحصاءات التي قدمتها وزارة العدل في بداية عام 2020 أنه تم تسجيل 13 ألف قضية طلاق سنوياً بمعدل 46 حالة طلاق يومياً.

وتتحمل المرأة في البلدان العربية العبء النفسي والاجتماعي وحتى المادي أحياناً جراء الطلاق.

وصم اجتماعي

من جانب اجتماعي، قالت الباحثة في علم الاجتماع فتحية السعيدي، في حديث خاص، "بالنسبة إلى فئة المطلقات في تونس حتى ولو أن القانون ينصفنهن ويستطعن من خلاله تقديم طلب الطلاق عكس بلدان عربية أخرى، فإن الحالة الاجتماعية لهذه الفئة لا تختلف عن بقية المطلقات في العالم العربي، على الرغم من التطور في القانون".

وأضافت السعيدي "أن المطلقات لا يجدن صعوبة وإشكالات اجتماعية في مدن تونس الكبرى عكس بعض الجهات الداخلية والريفية، حيث يجدن صعوبات مختلفة كأن يجدن أنفسهن مضطرات للعيش مع عائلاتهن، بالتالي تصبح المطلقة عبئاً إذا كانت لا تعمل خصوصاً مع تهرب الأزواج من تقديم النفقة الموجهة للأطفال".

وتعتقد الباحثة في علم الاجتماع أن "المجتمع العربي لم تغادره فكرة أن المرأة المطلقة فيها عيب اجتماعي، أي أن تعيش وصماً اجتماعياً أخلاقياً، وهذا لا يختلف في كل البلدان العربية باستثناء موريتانيا، ففي هذا البلد كلما طلقت المرأة أصبح لها قيمة اجتماعية أكبر وهذا مربوط بثقافة القبائل هناك".

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات