Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

طائفة كورية تحاول استقطاب مسيحيين سود في بريطانيا

تحقيق "اندبندنت": عضو سابق يتحدث عن "شعور غامر بالتميز يجعل المنضوي يفقد صوابه ويصدق أقوالهم ويعتقد أنه حقاً من أولئك المختارين" 

توصي ”شينتشونجي“ أعضاءها بعدم قراءة كتابات مناهضة لها، بما فيها المقالات المنشورة على الإنترنت (اندبندنت)

عندما عمد قيمون على تدريس الكتاب المقدس إلى إطلاع الشاب جوشوا أدييمي بعد مدة، على اسم الكنيسة التي كان ينتمي إليها، قال إنهم طلبوا منه عدم إجراء بحث عنها.

ظل جوشوا يحضر جلسات الدراسة عبر الإنترنت لمدة شهرين من السابعة مساء حتى التاسعة ثلاثة أيام في الأسبوع، لكنه سرعان ما أدرك بعد انقضاء أربعة أشهر أخرى أنه كان جزءاً من طائفة يطلق عليها "طائفة يوم القيامة"، وتسمى أيضاً "سماء جديدة وأرض جديدة" New Heaven New Earth (NHNE)، أو "شينتشيونجي"  Shincheonji، التي يؤمن أعضاؤها أن الكوري الجنوبي لي مان هي، هو "رسول مختار من المسيح" على الأرض لتحضير "مجيئه الثاني"، ولو كان جوشوا أجرى بحثاً عن هذه الطائفة لكان أدرك في وقت مبكر بأن لي مان قد دين باختلاس أموال الكنيسة.

ويقول في هذا الإطار "حرصوا خلال الشهرين الأولين على إبقاء الأمور في غاية الغموض، بحيث تخال نفسك منخرطاً في مجرد دراسة عادية للكتاب المقدس مع مجموعة من الأشخاص المسيحيين الآخرين، لكن كلما تعمقت أكثر مع مرور الوقت، تشعر كأنك تفقد صوابك وتبدأ بتصديق أقوالهم إلى درجة أنك تعتقد بأنك حقاً شخص مميز، وبأنك في عداد أولئك المختارين".

هذا الشاب البالغ من العمر 20 سنة ما هو إلا أحد الأعضاء السابقين الكثر في تلك الطائفة، الذين أجرت "اندبندنت" أحاديث معهم، عبروا خلالها عن مخاوف في شأن الأساليب والممارسات التي تعتمدها المجموعة لاستقطابهم، ويزعم أنها تستهدف الشبان السود، إذ يقول كثيرون إنها تجعلهم معزولين بعد تشجيعهم على هجر عائلاتهم وأصدقائهم.

لكن ممثلي طائفة "شينتشونجي" يؤكدون أن المجموعة باتت الآن أكثر انفتاحاً، وأن الأعضاء المنضوين إليها، يتمكنون من تولي وظائف ومواصلة اهتماماتهم الخاصة خارج إطار الطائفة.

وفيما توجد للمجموعة الدينية مراكز في لندن ومانشستر، إلا أن انتشارها هو أوسع بكثير، بحيث يحضر مئات الأفراد لقاءات من خلال تطبيق "زوم" Zoom (للاجتماعات عبر الفيديو)، وجرى الاتصال بعدد كبير من المتابعين المحتملين على وسائل التواصل الاجتماعي من خلال أعضاء في الطائفة، خصوصاً بعدما أجبر إغلاق "كوفيد" المجموعة على حصر أنشطتها بالتواصل عبر الإنترنت.

جوشوا كان أحد الذين تم التواصل معهم عبر رسالة مباشرة على "إنستغرام"، بعث بها إليه أحد أعضاء طائفة "سماء جديدة وأرض جديدة" في سبتمبر (أيلول) عام 2020، وسرعان ما أخذ يجري معهم مكالمات عبر تطبيق "فيس تايم"  Facetime (لمحادثات الفيديو)، في مواضيع تتعلق بالإيمان المسيحي، وحضر جلسة تمهيدية عبر تطبيق "زوم" في ديسمبر (كانون الأول)، قال إن عدداً كبيراً من المنضوين الجدد شاركوا فيها، وزعم أنه اكتشف لاحقاً أن عدداً من الأشخاص الذين شاركوا في اللقاء، كانوا في الواقع أعضاء سابقين تظاهروا بأنهم انضموا إلى المجموعة للمرة الأولى.

بعد تلك المكالمة، تم تسجيله في جلسات توجيه فردية، وانخرط في دورة تعليم الكتاب المقدس، ليصبح في ما بعد عضواً، وذلك في شهر فبراير (شباط) من عام 2021، لكنه ما لبث أن انسحب بعد نحو ستة أشهر في يوليو (تموز) من العام نفسه، بعدما اعتراه قلق مما كان يقرأه عن المجموعة عبر الإنترنت.

وأوضح الطالب في "جامعة نوتينغهام ترينت" قائلاً "أول شيء غريب لفت انتباهي عن أعضاء الجماعة، هو إبلاغي بوجوب عدم إخبار أهلي بما أقوم به، والداي كانا مسيحيين وكنت أعتقد أنني سأتمكن من إخبارهما، لكن الطائفة بررت ذلك بالقول إنه سيكون من الصعب فهم التعاليم العميقة لديها، وإنه قد يكون من الأفضل أن أبقي الأمور بيني وبينهم فقط".

إلا أن الطالب سرعان ما شعر بأن المجموعة قد بدأت تسيطر على حياته، وقال "وجدت نفسي أقطع علاقتي بأصدقائي وبأفراد عائلتي، لم يكن أحد في حياتي يعلم بأنني كنت أتابع تلك الجلسات".

وأضاف أن المسألة بلغت في أحيان كثيرة حداً مارس خلاله أعضاء في الجماعة ضغوطاً عليه، ليختار بينهم وبين أصدقائه، أو أن يتخلى عن دراسته الجامعية كي يتمكن من درس تعاليمهم، وفيما كان يتعلم مزيداً عن العقيدة نما لديه اقتناع بأنه كان من بين الشهود على "المجيء الثاني" للمسيح والنهاية الوشيكة للعالم، وقال "إنها أشبه بطائفة يوم القيامة، تجعل الأمور تبدو وكأننا في الأزمنة الأخيرة".

"القس المنتظر"

إضافة إلى متابعة الدورات الدراسية، كان يطلب من المنضوين إلى جماعة "شينتشيونجي" إجراء اختبارات لتقييم مدى إلمامهم بمبادئ المجموعة ومدى استحقاقهم للخلاص الأبدي، أما الأعضاء الذين يصلون إلى مستوى معين كاف من الدراسة، فيقال لهم إنهم أصبحوا جزءاً من 144 ألف شخص مختار من قبائل إسرائيل التي يذكرها "سفر الرؤيا" التوراتي (أي الذين سيرثون ملكوت السماء بعد نهاية العالم).

وفي وقت تجاوز فيه عدد أعضاء طائفة "شينتشيونجي" 144 ألفاً حول العالم، يقال إن الجماعة التي تمثلها في المملكة المتحدة تقوم بحشد "جموعها السموية" التي يرتدي أفرادها الملابس البيضاء المذكورة في أسفار الرؤيا التي تتحدث عن نهاية الأزمنة.

عضو سابق قدر وجود ما بين 400 و450 عضواً في الكنيسة البريطانية التابعة للجماعة، أما الكنيسة التي يعتبرها كثيرون طائفة سرية، فقد تأسست في عام 1984 بكوريا الجنوبية على يد لي مان هي البالغ من العمر الآن 90 سنة.

من الواضح أن التفاصيل المتعلقة بدور المؤسس لي مان هي لا يتم الكشف عنها داخل المجموعة إلا بعد  شهور عدة من انتهاء المنتسب الجديد إلى الجماعة من الدورة الأولية لدراسة الكتاب المقدس، وقد طلب من أعضاء سابقين عندما تم تجنيدهم وجوب عدم ذكر اسم "شينتشيونجي".

أما جوناه وهو مدير تصميم فكان في الشهر الثاني من دورة المجموعة عندما تحدث مع "اندبندنت"، وقد عملت امرأة شابة على ضمه إلى الجماعة من خلال موقع "لينكد إن"، من خلال سؤالها له عما إذا كان يمكنه أن يساعد في مشروع يتعلق بسلامة الصحة العقلية للرجال، وبعد إجراء بضع مكالمات هاتفية تمهيدية، دعته إلى حضور حدث عبر الإنترنت مع طائفة "سماء جديدة وأرض جديدة".

ويبدو أن هذا التكتيك هو أسلوب شائع يعتمدونه في حشد منضوين جدد إلى الجماعة، بحيث قال أحد الأعضاء السابقين في المملكة المتحدة لـ "اندبندنت"، إنه حصل على طرق تدريب من شأنها "خداع" الأفراد لإقناعهم بحضور جلسات عبر الإنترنت، ويزعم أن إحدى تلك الطرق تضمنت نصيحة بتقديم نفسه على أنه طالب في علم النفس يقوم بمشروع بحث أو التقرب من الأشخاص من خلال طلب المشاركة باستطلاعات وهمية.

جوناه حضر اجتماعاً تمهيدياً عبر تطبيق "زوم" شارك فيه نحو 100 شخص، وسرعان ما وجد نفسه يشارك في جلسات دراسة للكتاب المقدس أيام الإثنين والخميس والأحد من كل أسبوع، مع نحو 70 آخرين.

ويقول "طلب مني عدم استخدام الإنترنت للقيام بأي بحث عن الأشياء التي نتعلمها، فقد كانوا يحاولون تجنب وصولنا إلى معرفة الاتهامات الموجهة إليهم المنتشرة عبر الإنترنت، التي تقول بأنهم يقومون بغسل أدمغة الناس، واللجوء إلى أساليب تقتضي استخدام القوة".

ويتابع "إن من بين المخاوف التي ساورتني ولا تزال، هو لماذا معظم أفراد الجماعة هم من الشبان السود؟ ولماذا لا يوجد أي ذكر أبيض؟".

في المقابل، لاحظ آخرون أن الغالبية كانت من السود داخل الجماعة، وتحدثوا عن مخاوفهم من أن الطائفة إنما "تستهدف" الشبان المسيحيين السود.

واستناداً إلى ما قاله منتسبان سابقان، فإن الغالبية الكبيرة من السود داخل فرع المملكة المتحدة للطائفة، شكلت مصدر قلق لقادة المجموعة الدولية، الذين بعثوا بأوامر في عام 2015 تقضي بضم مزيد من الأشخاص البيض.

استقطاب الشبان عبر وسائل التواصل الاجتماعي

اطلعت "اندبندنت" من خلال تحقيقها، على أدلة تشير إلى أن أعضاء فرع "شينتشونجي" في المملكة المتحدة يتواصلون مع الشبان السود الذين هم في العشرينات والثلاثينات من العمر، من خلال منصات وسائل التواصل الاجتماعي، ومن بين هؤلاء الطالبة في "جامعة كامبريدج" نيا البالغة من العمر 24 سنة، وهي فنانة ناشئة لم تتوان عن الرد على رسالة استفسار تلقتها في صندوق بريدها على "إنستغرام".

وقد جاء في محتوى الرسالة "لقد تصفحت للتو ملف التعريف الخاص بك وأعجبت به فعلاً! ... هل يمكنني أن أسأل عما يلهمك؟".

السؤال كان بحسب وصفها صعباً التهرب منه، وتقول شعرت وكأنني أعبر طريقاً ما وأرى شاحنة ضخمة تتوجه نحوي، فأقوم بخطوة إلى الوراء لتجنبها لكنها تمر مسرعة من جانبي، تعتقد لبرهة أنها كانت من الممكن أن تودي بحياتك".

وقد سئلت في الرسالة عما إذا كانت تريد أن تساعد في صياغة مدونة تتمحور حول "المحرك الذي يدفع بحماسة الناس وشغفهم"، وطرحت عليها امرأة تدعى غريس عرفت عن نفسها بأنها مديرة مشروع في شركة إعلامية عالمية السؤال الآتي "أنا مكلفة التحدث مع 100 فرد بحلول نهاية شهر أبريل (نيسان)... هل ترغبين في أن تكوني الشخص الرقم 78؟".

استجابت لها نيا وأجرت مكالمتين معها، وانتهى بها الأمر بالموافقة على قراءة الكتاب المقدس معها، لكن الطالبة الجامعية أكدت أن "الأمور أخذت منحى غريباً بعد ذلك".

ففي الجلسة الثانية من الدراسة قيل لها إن إبراهيم أب "العهد القديم"، تصرف بحكمة عندما أخفى عن زوجته خطته الهادفة إلى قتل ابنه إسحاق، والقصة المعروفة باختبار إبراهيم، هي جزء مهم في الكتاب المقدس، حين يسأل الله إبراهيم بما إذا كان يقبل التضحية بابنه إسحاق، ليعود ويتدخل في اللحظة الأخيرة لإيقافه.

وتتابع نيا "قالت (غريس) إن السبب في كون إبراهيم بطلاً في الإيمان هو أنه فعل ذلك في السر، فهو استيقظ باكراً كيلا تعرف زوجته، وليتمكن من القيام بذلك، ثم بدأت تقنعني بأن هذا يعني أن من الجيد أن يكذب المرء على الناس من حوله إذا كان يفعل ذلك من أجل تحقيق مشيئة الله".

فانمي آديو وهي مستشارة بيانات وذكاء اصطناعي تحدثت هي أيضاً عن وضع مشابه، قالت "شاركت في ما يقرب من ثلاث جلسات لدراسة الكتاب المقدس، لكن في المرة الثانية أدركت أن في الأمر شيئاً مريباً، فقد طلبت مني ألا أخبر أحداً بأنني أتابع تلك الدروس، أذكر أنني كنت أتجادل معها في شأن ذلك، لأنها كانت تطلب مني أن أكذب".

"استهداف عرقي"

أحست كل من نيا وفانمي بأنهما مستهدفتان بسبب عرقهما وإيمانهما، وتقول فانمي إن "الجماعة تسعى وراء الأفراد الذين يريدون أن تكون لديهم معرفة أوسع عن الله، أعتقد أنهم يستهدفون السود أيضاً، وقد تم الاتصال بعدد من أصدقائي من السود عبر ”إنستغرام“و”لينكد إن“".

وتضيف نيا إلى ما قالته فانمي "شعرت بأن المسألة كانت مدبرة ومخططاً لها جيداً، فلو كانت محدثتي رجلاً أسود يراسلني عبر”إنستغرام“ لما كنت لأرد على الإطلاق، لكنها بدت في سن راشدة (قرابة 30 سنة)، وكانت تكبرني بست سنوات، أعتقد أنهم يستهدفون الأشخاص الذين يمرون في مرحلة انتقالية أو هم في وضع ضعيف".

هذه الطائفة الدينية تواصلت أيضاً عبر "لينكد إن" و"إنستغرام" ست مرات على الأقل هذه السنة مع ديبورا آديفيويي، وهي مستشارة تسويق في مانشستر، إذ تقول "أعتقد أنهم يستخدمون النساء السود عن عمد، كي يبدو أن لدينا قواسم مشتركة تجمعنا، فربما أكون أكثر عرضة للتخلي عن حذري لأن الشخص الذي يتواصل معي لديه ما يشبهني".

شيلي فلوريدور المسؤولة في كنيسة للشباب بمانشستر، أفادت بأن أعضاء في كنيستها تلقوا اتصالات متكررة من جماعة "شينتشيونجي"، وقد زادت وتيرتها منذ سبتمبر (أيلول) الفائت حتى الآن، وتقول "كان الجميع يتحدث عن تلقيه رسالة مماثلة على”إنستغرام“".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

بريانا وهي إحدى المنضويات إلى الطائفة، تبلغ من العمر 28 سنة، كانت قد انتقلت إلى لندن من زامبيا أثناء الوباء، وانضمت إلى تطبيق يسمى "بلاتوك"  Platook لإنشاء صداقات، تبادلت الحديث لمدة سنة خلال إغلاق "كوفيد" العام 2021 مع نساء سوداوات في لندن، هن في غالبيتهن في العشرينيات والثلاثينيات من العمر، لكن ما لبثت أن تلاشت تلك الصداقات في نهاية المطاف.

ثم في الثامن من يناير (كانون الثاني) 2022، بعثت إليها إحدى الصديقات برسالة دعوة عبر تطبيق "واتساب"، قالت فيها "أتمنى لك سنة جديدة سعيدة! إنني أسعى إلى نشر بعض البهجة خلال عطلة يناير (كانون الثاني) من خلال المشاركة في بعض الندوات المسيحية المجانية عبر الإنترنت هذا الأسبوع، التي تنظمها مجموعة ”سماء جديدة وأرض جديدة“".

وأرسلت رابطاً عبر موقع "إيفنت برايت" Eventbrite (الإلكتروني لإدارة الأحداث وحجز التذاكر) إلى المشاركة في فعالية عبر تطبيق "زوم" أطلقت عليها تسمية Reset 2022، تعد بمساعدة المشاركين في  التعرف على مخطط الله لحياتهم في السنة الجديدة.

بريانا أكدت أنها لم تبد اهتماماً في البداية، لكن في الـ11 من شهر يناير (كانون الثاني) تلقت دعوة إلى حضور الحدث نفسه من صديقة أخرى، ثم تلا ذلك ثلاث دعوات منفصلة أخرى بعد أيام، بما فيها إحدى الدعوات التي تلقتها على حسابها عبر "لينكد إن" من شخص لا تعرفه.

وتقول الشابة لـ "اندبندنت"، "شعرت بإحباط شديد، لأنني أحسست بأنني أمضيت سنة كاملة من حياتي في التعرف على أشخاص تبين لي أن لديهم مهمة مشتركة"، وتتابع "إن الرسالة التي تلقيتها على ”لينكد إن“ كانت هي التي أثارت لدي خوفاً في الواقع، فقد بدا الأمر كما لو كانوا يتبادلون معلوماتي".

وقبل شهر من التحقيق الذي أجرته "اندبندنت" عن الجامعة، اتصل أحد أعضاء طائفة "سماء جديدة وأرض جديدة" عبر "لينكد إن" بأحد مراسلينا، وهو أيضاً شاب مسيحي أسود، وقد طرح عليه سؤال عما إذا كان يريد تعلم كيف يمكنه "سماع صوت الله"، لكن من دون أية إشارة إلى أن الحدث تستضيفه مجموعة مرتبطة بكنيسة "شينتشيونجي" أو بمؤسسها لي مان هي.

مراسلنا لبى الدعوة وحضر اجتماعاً عبر تطبيق "زوم" كجزء من التحقيق الذي نجريه، وكان قد شارك في اللقاء الذي دام لمدة ساعتين قرابة 106 أفراد من الشبان، معظمهم من السود، وتم تشجيع المشاركين بقوة على إبقاء كاميراتهم مفتوحة طيلة مدة الحدث.

الانتقائية في اختيار المنتسبين

أكد أعضاء سابقون في الجماعة لـ "اندبندنت" أن الأفراد المدعوين إلى الانضمام إلى الجماعة كان يتم تقييمهم وفقاً لمعايير محددة، وكان إعداد تقارير عن الأعضاء الجدد من الممارسات الشائعة.

وفي سجل اليوميات الذي يحمل عنوان "مفكرة الكرازة"، الذي اطلعت عليه "اندبندنت"، يملأ الأعضاء استمارة عن المنضمين الجدد، بما في ذلك لائحة تطلب الإجابة على أسئلة مثل "هل أنتم مصابون باكتئاب أو مثليو الجنس؟ هل تعملون بالمناوبة؟"، وحتى طرح السؤال الآتي "ما مدى معرفتكم بمفهوم الطائفة أو شكوككم فيها؟".

جيس كسيتنسا التي كانت أحد أعضاء فرع مانشيستر لمدة 11 شهراً خلال عام 2020، أشارت إلى أن كل شيء بدأ "بمعايير الأهلية" التي يشترط توافرها، وتوضح قائلة أنه "يتعين ألا تكون لديك أية مشكلات صحية جسدية أو عقلية، لأن الأفراد في تلك الجماعة يجب أن يكونوا ذوي ولاء وقادرين على إتمام مهماتهم، ما يعني في هذا الإطار استقطاب منضوين جدد إلى الطائفة".

وأفادت كسيتنسا بأنه كان عليها التأكد من أن لدى الأفراد المستهدفين تأشيرة تتيح لهم البقاء في المملكة المتحدة، وتقول في هذا الإطار "لم يكن لدينا ضمن الجماعة طالبو لجوء، أو أي شخص موجود في البلاد  لقضاء عطلة، ومن بين الشروط الأخرى يجب أن يكونوا أيضاً مسيحيين، لأن من الصعب للغاية تعليم المحتوى لغير المؤمنين".

وزعمت جيس أن المعلمين في مجموعتها التي مقرها في مانشستر، كانوا يعيشون جميعاً في شقة واحدة، وقالت "إنهم لا يعملون في أية وظيفة، لقد تخلوا عن حياتهم الفردية، والتزموا التزاماً كاملاً القضية التي تتمثل في العمل لكل ما يصب في مصلحة كنيسة ”شينتشونجي“".

ولفتت إلى أن الهوية الكاملة للمجموعة وإيمانها بـ"القس المنتظر" لي مان هي، لم يتم الكشف عنهما إلا بعد مضي ثلاثة أشهر من تلقيها الدورة الدراسية، وقالت إنها اضطرت إلى اجتياز "الاختبارات النهائية لدراستها" النظامية في شأن ما كانت تتعلمه، وعندها فقط يسمح لها بـ "العبور الفصحي" في المعبد، الذي كان في حالتها عبارة عن "مبنى في مجمع تجاري".

وقد انتقلت جيس بعد تخرجها من دورة الكتاب المقدس، إلى مجمع أعمال في منطقة "كاناري وارف" (شرق لندن)، لحضور حفل تثبيت خاص بها، وتوقيع "كتاب الحياة" Book of Life.

وأوضحت أنه "لدى اعتمادك في ”كتاب الحياة“، كان يتعين تعبئة استمارة طويلة تتضمن تدوين اسمك وفصيلة دمك ونوع سيارتك مع ذكر لوحة الأرقام، كما فترة قيادتك لها، وكل ما هنالك من أمور أخرى يجب أن يعرفها الناس عنك".

وتمضي كسيتنسا قائلة "يتضمن النموذج أيضاً تاريخ ولادة إخوتك وتاريخ ميلاد والديك، وأتذكر أنني عندما دخلت في أحد الأيام، كان هناك أناس يتم وخز أصابعهم بإبر لإجراء فحص دم، وكنت لا أدري لماذا أرادوا معرفة فصيلة دمنا، وكان ذلك أحد التساؤلات الكبيرة لدي التي لم أجد لها جواباً حاسماً لها، لكنني قدرت أن الأمر يعود إلى الثقافة في دول شرق آسيا، حيث يؤمن الناس كثيراً بأهمية نقاء فصيلة الدم، والسمات المرتبطة بشخصية الفرد".

انعزال عن الأسرة والأصدقاء

كان أكثر ما أثار قلق جيس كسيتنسا هو الطريقة التي تسعى من خلالها الجماعة إلى انتزاع الأشخاص من كنف عائلاتهم وأصدقائهم، وتقول في هذا المجال "طلب من شابين كانت عائلتاهما قلقتين من انخراطهما في الجماعة الانفصال عن الأهل"، وتشير في هذا الإطار إلى "وجود كثير من الأسر المتصدعة والصداقات المفككة".

وتعليقاً على المزاعم التي تتعلق بالطريقة التي تعمل بها الطائفة وأساليب استقطاب الأفراد الخاصة بها، قال محامون يمثلون كنيسة "شينتشونجي" إن "التبشير ”السري“ لطالما كان سائداً في إحدى المراحل التاريخية لكنيسة ”شينتشونجي“، إلا أنه تم التخلي عنه الآن".

وأضافوا أن "شينتشونجي" أصبحت الآن أكثر انفتاحاً، وأن السبب وراء "تقاعس الأعضاء عن الكشف" عن ارتباطهم بالمجموعة لأصدقائهم وأسرهم، يكمن في "الحملات المعادية" التي كانت تشن ضد الجماعة، التي كان أعضاؤها يتعرضون "للسخرية والتنمر".

وفي إشارة إلى المزاعم القائلة بأن الجماعة تسيطر على حياة أعضائها من خلال تضييق الخناق عليهم بالتزامات شديدة تستغرق كثيراً من وقتهم، قال ممثلوها القانونيون إن "أعضاء”شينتشونجي“ ليسوا جميعهم مبشرين بدوام كامل، تماماً كما أن النساء الكاثوليكيات لسن جميعهن راهبات"، وأكدوا أن الأعضاء كانوا قادرين على مواصلة العمل في وظائف بدوام كامل، ومتابعة دروسهم للحصول على درجات جامعية.

وأوضحوا أنه "في حالة الأفراد الذين قرروا تكريس حياتهم للكنيسة، فمن المحتمل أن يكون أهلهم أو أقاربهم غير راضين عن اختيارهم هذا".

وفي إطار آخر أقروا بصحة أن "”شينتشونجي“ توصي أعضاءها بعدم قراءة كتابات مناهضة لها، بما فيها المقالات المنشورة على الإنترنت".

وفي عودة إلى السجلات التي تحتفظ بها الجماعة عن أعضائها، أوضح المحامون أن المحاكم في كوريا الجنوبية كانت دققت فيها العام الماضي وتبين أن لا اعتراض عليها، ورفضوا أخيراً وصف "شينتشونجي" بأنها "طائفة دينية"، وقالوا إن هذا التقرير استند إلى روايات أعضاء سابقين، ووصفوا مصطلح "الطائفة" بأنه "قولبة نمطية مهينة" تخلى عنه علماء "الحركات الدينية الجديدة".

ويقول لوري وهو مدرس بارز سابق في فرع الكنيسة الناميبية في بريطانيا يعمل الآن على مساعدة أعضاء جماعة "شينتشونجي" الذين يسعون إلى الحصول على مشورة تساعدهم في مغادرة الطائفة، "لقد نشأ بعض الأشخاص ضمن”شينتشونجي“ بعدما دخلوا إليها في سن الـ18 أو الـ19، وعندما يغادرونها بعد بضع سنوات لا يعرفون كيف يعيشون حياة طبيعية، أو كيف يتخذون قراراتهم بأنفسهم ويكونون أحراراً".

ويضيف "كانت لدينا حالات كثيرة لأشخاص بدأوا على إثر مغادرتهم ”شينتشونجي“، تعاطي كثير من المخدرات ومعاقرة الخمور والإفراط في النوم، لأنهم ببساطة لا يعرفون ماذا يفعلون بحياتهم، وقد تبين أنهم يخشون الثقة في الناس، وأن لديهم مشكلات مع أصدقائهم وأفراد أسرهم، لاعتقادهم أنهم كانوا من الغباء بمكان للانضمام إلى تلك الطائفة".

ويشير إلى أنه "لهذا السبب لجأ كثير منا لدى مغادرتنا ”شينتشونجي“ إلى أعضاء سابقين، كثيرون يحاولون استشارة علماء النفس غير أنهم لا يعرفون كثيراً عن الموضوع لأنهم غير متخصصين في ما يعرف بـ”متلازمة الصدمة الدينية“ (الناجمة عن هيمنة ديانة على أفرادها)".

ويرى كل من رود وليندا دوبرو مارشال الأكاديميين في "جامعة سالفورد" اللذين أجريا أبحاثاً في أساليب الإقناع القسري التي تمارسها الطوائف، أن أي شخص يمكن أن يكون عرضة لمثل هذه المجموعات، خصوصاً إذا كان يمر بظروف صعبة أو في مرحلة انتقالية في حياته.

تجدر الإشارة إلى أن هذه الحركات الدينية تستهدف أيضاً الأفراد الذين سبق أن آمنوا ببعض أفكارها، من هنا فإن جماعة مثل "شينتشونجي" تركز على المسيحيين وتحضهم على حضور صفوفها وفعالياتها، وتستخدم ذلك طعماً لاجتذابهم كي تعمد في ما بعد إلى تغيير تكتيكها وتبدأ بتلقينهم عقيدة وممارسات أكثر تطرفاً وأشد هيمنة على حياتهم.

ويقول مايكل توماس رئيس مؤسسة "ريتش آوت تراست" Reachout Trust الخيرية، التي تساعد أعضاء في الطائفة (يريدون مغادرتها)، "إن العلاقات التي يكونها الأفراد خلال فترة نشوئهم، هي التي تمنحهم الثقة لأن يصبحوا ما هم عليه اليوم".

ويختم بالقول "تقوم هذه الجماعات بقطع تلك العلاقات وتسعى إلى أن تحل هي مكانها، وإذا ما قرر أحد من أعضائها عدم الاستمرار فيها يجد نفسه منقطعاً عن تلك العلاقات، فيسير بلا هدى منبوذاً في العراء".

© The Independent

المزيد من تحقيقات ومطولات