تشهد الساحة اللبنانية كثيراً من المناورات السياسية خلال الأسبوعين اللذين يسبقان بدء سريان المهلة الدستورية لانتخاب رئيس الجمهورية الجديد في الأول من سبتمبر (أيلول) المقبل، أي قبل شهرين من انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون في الـ31 من أكتوبر (تشرين الأول)، على طريق رفع درجة الحماوة في المواقف والاتصالات في شأن الاستحقاق الرئاسي.
وفي انتظار مطلع سبتمبر ينصرف بعض الفرقاء اللبنانيين عن كثير من الأمور المتعلقة بمقاربة القضايا الأساس والجوهرية المتعلقة بمعالجة الأزمة السياسية الاقتصادية والمعيشية التي تضرب البلد، في انتظار انتخاب الرئيس، بعضهم نتيجة قناعة بأنه لا أمل بإمكان إحداث تقدم في تلك المعالجة قبل تشكيل السلطة السياسية مجدداً بدءاً بالرئاسة الأولى، وبعضهم الآخر بفعل انتظار اتضاح المعادلة الإقليمية في ضوء ما ستؤول إليه مفاوضات فيينا حول النووي الإيراني، لأن كثيراً من الأمور مرتبطة بها، فإذا نجح الأوروبيون في إنجاز الاتفاق، بين أميركا وإيران، تسلك بعض الأزمات الإقليمية طريقاً إيجابياً وهادئاً فتشهد تسويات ولو ظرفية، وإذا فشل إمكان توقيع اتفاق بينهما فسيشهد الإقليم ومنه العراق ولبنان، تصعيداً موازياً لذلك الفشل، في عملية تبادل الضغوط بين الدولتين.
المناورات والدعوة إلى حكومة أصيلة
في الانتظار تملأ المناورات الساحة في جملة من المواقف، أولها الإصرار على تشكيل حكومة جديدة على الرغم من قناعة الفرقاء كافة أنه لا شيء يجمع الرئيس عون ونجيب ميقاتي الذي تتولى حكومته المستقيلة تصريف الأعمال، فبعد محاولتين للاتفاق بينهما على إنجازها باتت العلاقة أقرب إلى القطيعة، وحتى الاتصالات الهاتفية انقطعت في الأسبوعين الماضيين بينهما، بل إن حزب عون، "التيار الوطني الحر" ورئيسه النائب جبران باسيل وميقاتي، تبادلا الحملات وقال كل منهما في الآخر "ما لم يقله مالك في الخمر"، فاتهم الأول الثاني بأنه الفاسد الأول ويسعى إلى مصالحه الشخصية، فيما اعتبر ميقاتي أن "الضرب في الميت حرام".
وفي آخر تصريحات له في الـ 12 من أغسطس (آب) الحالي، اتهم باسيل ميقاتي بأنه "لا يرغب في تشكيل حكومة لأنه يراهن على الفراغ الرئاسي لإدارة البلاد عبر حكومة تصريف الأعمال".
والمعروف أن ميقاتي، بحسب ما تؤكد أوساطه، رفض شروط عون وباسيل لتأليف حكومة وفق شروطهما، وأنهما طلبا منه تعيينات إدارية وتشكيلات دبلوماسية وإقالة حاكم مصرف لبنان من أجل التحكم بالمواقع الإدارية في العهد الرئاسي الجديد، وتوقيع مرسوم أعد في القصر الرئاسي لمنح المئات الجنسية اللبنانية، فرفض تلك الشروط.
الدعوة إلى تأليف الحكومة، على الرغم من أنه لم يبق من العهد الرئاسي سوى شهرين ونصف الشهر، يستحيل معها إنجاز أي شيء أثناءها، كما يعتقد ميقاتي وكثير من الفرقاء، مع اختلاف الدوافع، فالدبلوماسيون الأجانب في لبنان يعتقدون على ما أبلغه أحدهم "اندبندنت عربية"، أن أزماته تفرض حكومة ولو عاشت شهراً واحداً، كي تتخذ جزءاً من القرارات الإصلاحية المطلوبة من صندوق النقد الدولي، فتوفر وقتاً على الرئيس الجديد وعلى الحكومة المقبلة، وتمهد لتقديم الدعم المالي المشروط بهذه الإصلاحات بعد تسلم الرئيس العتيد مهماته.
"حزب الله" والتحسب للفراغ الرئاسي
أما الفرقاء المحليون فينقسمون إلى فريقين، "حزب الله" الذي يلح قادته في تصريحاتهم على هذه الخطوة استباقاً لحصول فراغ رئاسي بعد انتهاء ولاية عون لتعذر الاتفاق على رئيس جديد للجمهورية بين النواب الـ 128 المشتتين على كتل عدة متباينة في توجهاتها، بحيث يتعذر تأمين أكثرية حاسمة لإنجاح أحد المرشحين المفترضين، ومقاربة موضوع الحكومة من زاوية استباق الفراغ في الرئاسة يعني أن بقاء المنصب الأول في الجمهورية فارغاً فيما الحكومة التي ينص الدستور على أن تتسلم صلاحياته في هذه الحال مستقيلة، في شكل سيدفع قوى سياسية إلى اعتبار ممارستها هذه الصلاحيات غير شرعية، أي أن "حزب الله" يريد حكومة كاملة الصلاحية (يشارك فيها حكماً) تفادياً لأي مأزق يثير هواجس طائفية متبادلة، فريق مسيحي يرفض الانتقاص دستورياً من موقع الرئاسة الأولى بحكومة مستقيلة، وفريق إسلامي يرفض الانتقاص من موقع رئاسة الحكومة التي لم ينص الدستور على أنها غير مؤهلة لتسلم الرئاسة الأولى، إذا كانت حكومة تصريف أعمال، لكن دعوة "الحزب" هذه اعتبرها خصومه محاولة لإطالة أمد الفراغ الرئاسي إذا حصل، ووجد أنه ملائم له في حال اقتضت الظروف الإقليمية تأخير الرئاسة في لبنان.
والفريق المحلي الثاني الذي يلح على تشكيل حكومة هو "التيار الحر" الذي تتوقع مصادر واسعة الاطلاع أن تشهد الأيام المقبلة مزيداً من الحملات منه ومن بعض الرموز المسيحية على ميقاتي، لأنه انصرف خلال الأيام الماضية عن جهود تأليف الحكومة ويقضي عطلة على يخت تملكه عائلته، وتستند هذه الحملة إلى حجة أن رئيس الحكومة أخذ التكليف ووضعه في جيبه من دون تشكيل الحكومة، "وهذا إهانة لرئيس الجمهورية وللدستور".
خيار "حزب الله" وبري مع فرنجية
وسبق لرئيس البرلمان نبيه بري أن اعتبر أن الاتفاق على الحكومة يتطلب "معجزة"، إلا أن كل فريق يمارس المناورات في شأن الاستحقاق الرئاسي على طريقته، فالرئيس بري وحليفه "حزب الله" لديهما مرشح مفضل وحليف، وإن كانا يتريثان في إعلان ذلك في انتظار تبلور مواقف سائر الكتل النيابية، ذلك المرشح هو رئيس تيار "المردة" النائب السابق سليمان فرنجية الوثيق التحالف معهما ومع الرئيس السوري بشار الأسد.
يحتفظ الفرقاء المقررون في الرئاسة وخصوصاً "حزب الله" بأوراقهم إلى صدورهم في انتظار تبلور مواقف الكتل النيابية كافة من جهة، وإلى أن تظهر التوجهات الخارجية حيال هوية الرئيس الجديد، ومن جهة ثانية فالأزمة في لبنان التي ينظر إليها من خلال وجود "حزب الله" كقوة مسلحة لها أدوار إقليمية، لا بد من أن تدفع القوى الإقليمية والدولية إلى أن تكون لها خياراتها على الرغم من أن ممثلي الدول يرددون اللازمة القائلة إن الرئاسة شأن داخلي لا يتدخلون فيه إلا من زاوية الإصرار على أن يتم في موعده.
حتى إشعار آخر، وعلى الرغم من أن أوساط "حزب الله" تؤكد أنه لم يحسم خياره بعد وكذلك حليفه بري، فإن بعض الدوائر المهتمة بالاستحقاق تتصرف على أن مرشحهما هو فرنجية، وأن التريث في إعلان ذلك يعود لترقب انقشاع الرؤية في تعداد الأصوات المؤيدة وتلك الرافضة لذلك الترشيح.
الأكثرية النيابية غير المضمونة
يتطلب ضمان نجاح خيار فرنجية التأكد من مسألتين، الأولى القدرة على تأمين الأكثرية المطلقة لمصلحة فرنجية (65 نائباً) باعتبار أن الدستور يشترط لانعقاد جلسة البرلمان لانتخاب الرئيس نصاب الثلثين (86 نائباً)، وإذا لم يحصل المرشح على هذه الأكثرية في دورة الانتخاب الأولى فينتخب بالأكثرية المطلقة خلال الدورة الثانية، وإذا كان تعداد أصوات الكتل النيابية المتحالفة مع الحزب يبلغ 61 نائباً، بمن فيهم كتلة "التيار الوطني الحر" (17 نائباً)، يحتاج الأمر إلى أصوات خمسة نواب من الكتل الأخرى المصنفة سيادية وتغييرية، في الخليط غير المتجانس من خصوم "حزب الله" والذي يضم 67 نائباً ويضم مرشحين محتملين من الطائفة المارونية، ويراهن "حزب الله" وبري وفرنجية على استقطاب أصوات بعض النواب المستقلين أو بعض النواب السنّة الذين كانوا حلفاء لزعيم تيار "المستقبل" رئيس الحكومة السابق سعد الحريري الذي اتخذ قراراً بتعليق عمله السياسي، لعل الحريري يزكي فرنجية لدى هؤلاء (ستة نواب)، نظراً إلى أنه سبق أن دعم ترشيحه في العام 2016.
كما يراهن "الحزب" وبري وفرنجية على استمالة كتلة "اللقاء الديمقراطي" برئاسة تيمور وليد جنبلاط (ثمانية نواب) بالاعتماد على أن رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" في مناخ ضرورة التوصل إلى رئيس تسوية، وأنه ليس ميالاً إلى الإتيان برئيس عدائي لـ "حزب الله" والطائفة الشيعية، ورأى بعض القوى السيادية في مبادرته إلى فتح الحوار مع "حزب الله" انعطافة تمهد لتأييد فرنجية، مع أنه أبلغ قيادة الحزب حين التقى المعاون السياسي لأمينه العام حسين خليل ومسؤول الارتباط والتنسيق وفيق صفا أن الرئيس يجب ألا يكون من فريق "8 آذار" وألا يكون استفزازياً لفرقاء آخرين، سائلاً عن الموقف من الاتفاق مع صندوق النقد الذي يؤيده هو وللحزب ملاحظات عليه، لكن النائب باسيل أعلن رفضه التصويت لفرنجية، مما يعني أن على الحزب وفرنجية تأمين 22 صوتاً لضمان نجاح مرشحه إذا لم يستطع تغيير موقف باسيل.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
حسابات الأصوات لا تتوقف عند التحقق مما يمكن أن يحصل عليه فرنجية أو غيره، بل تتعداها إلى مسألة تأمين أكثرية الثلثين لانعقاد البرلمان، فقوى "8 آذار" والممانعة مارست في العام 2008 ثم 2016 لعبة الثلث المعطل بتغيب أكثر من الثلث زائداً واحداً (43 نائباً) من نوابها عن الجلسات التي كانت رئاسة البرلمان تدعو إليها لانتخاب الرئيس، واستمر الأمر على هذا المنوال زهاء سنتين ونصف السنة قبل أن تضمن انتخاب حليفها الرئيس عون، فهل تتكرر التجربة في الدورة المقبلة إذا شعر "حزب الله" أن خصومه سيتمكنون من ترجيح مرشح غير الذي يرغب فيه، أم يمارس خصومه اللعبة هذه المرة للحيلولة دون انتخاب مرشحه إذا استطاع اجتذاب الأكثرية لمصلحته؟
وعلمت "اندبندنت عربية" أن اجتماع سبعة من النواب التغييريين الأسبوع الماضي مع عدد من النواب المستقلين أو المنضوين في كتل نيابية صغيرة (بلغ عددهم 16 ينتظر أن يزداد عددهم خلال الأسبوعين المقبلين)، ناقش إمكان ممارسة لعبة التعطيل إذا كان "حزب الله" والمنظومة الحاكمة سينجحون في ترجيح مرشح يقف إلى جانب الحزب ست سنوات، على الرغم من إدانتهم وغيرهم سياسة تعطيل نصاب جلسات الانتخاب التي اعتمدها الحزب، ولتجنب اتهامهم بتعطيل انتخاب الرئيس، يتجه هؤلاء إلى ممارسة هذه اللعبة ضمن المهلة الدستورية للانتخاب، أي بين الأول من سبتمبر والـ 31 أكتوبر لأنه من غير المستحسن أن تسهم القوى التغييرية في إحداث الفراغ الرئاسي.
انتظار تبلور الموقف الخارجي
المسألة الثانية أن الدول المعنية بالرئاسة في لبنان لم تحسم خياراتها بعد، فبعضها مثل فرنسا يستمزج رأي الفرقاء بأسماء بعض المرشحين المستقلين غير الخاضعين للتحالف مع الحزب، ويخضع الموقف الخارجي لاعتبارات عدة في شأن التزامات المرشحين من جهة، وفي قدرة هذه الدول على التأثير في الكتل وتوجهاتها من جهة ثانية، وإذا من الطبيعي أن تكون الدول الغربية ومعظم العربية، ومنها الخليجية، ميالة لمرشح مناقض لسياسة "حزب الله" وتتمنى ألا يكون شبيهاً بالرئيس المنحاز مثلما كانت رئاسة عون لمصلحة محور "الممانعة والمقاومة"، فإن فرنجية اعتمد خطاباً يقوم على تأكيد عروبة لبنان وعلى التزام تحسين العلاقات مع الدول العربية لأنها شريان حياة بالنسبة إلى البلد، على الرغم من تحالفه مع الحزب وبري، وفي الانتظار فإن مناورات الفرقاء المحليين قبل أسابيع من ساعة الحقيقة اختلفت بين معسكر وآخر.
البرنامج ومواصفات باسيل
معظم خصوم "حزب الله" شددوا على مواصفات المرشحين وضرورة أن يطرحوا برامجهم كي تتم المفاضلة بينهم على أساسها، وأبرز الذين طرحوا هذا المعيار البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي الذي اعتبر أنه "إذا التزم المرشحون الجديون لرئاسة الجمهورية بالسعي إلى إعلان حياد لبنان، كسبوا ثقة معظم الرأي العام اللبناني والعربي والدولي، فالشعب يحتاج رئيساً يسحب لبنان من الصراعات لا أن يجدد إقامته فيها".
وطرح الراعي السؤال حول مواقف المرشحين من جميع القضايا الشائكة معتبراً أنه "لا يجوز في هذه المرحلة المصيرية، أن نسمع بأسماء مرشحين من هنا وهناك ولا نرى أي تصور لأي مرشح. كفانا مفاجآت".
مطران بيروت للروم الأرثوذكس إلياس عودة قال "نحن بحاجة إلى رئيس متحرر من أثقال المصالح والارتباطات، يضع مصلحة لبنان نصب عينيه، ولا يعمل إلا من أجل تحقيقها، فيلتف الشعب حوله ويقتدي به، يحترم الدستور والقوانين ولا يتساهل مع من يخالفها".
أما باسيل فتقصد من على باب البطريركية المارونية الحديث عن مواصفات الرئيس المقبل وركز على أهمية أن يتمتع بتمثيل شعبي قوي يتجسد بكتلة نيابية ووزارية تدعمه وتزيد من قوة صلاحياته وموقعه، ما فسرته الأوساط السياسية المتابعة بأنه استبعاد لفرنجية الذي لا يتجاوز عدد أعضاء كتلته النيابية الأربعة نواب، وهو كرر تأييده لانتخاب الرئيس مباشرة من الشعب وعندها "لا يعود هناك داع للنصاب في المجلس أو النصف زائداً واحداً".
وأفادت مصادر واسعة الاطلاع على خلفية موقف باسيل أنه طلب عبر وسطاء من فرنجية تعهداً خطياً بأنه سيقف إلى جانب إعطاء تياره أكثرية المواقع المهمة في الدولة، سواء على الصعيد الوزاري أو الإداري، وأن فرنجية رد قائلاً إنه "من المؤكد أني لا أعطي تعهداً مكتوباً، ولا أقبل إلزامي بطريقة إدارة الأمور في البلد، لكني مع إعطاء التيار الحر حقه في التعيينات".
موقف "حزب الله" وتباين مواصفات جعجع وجنبلاط
ورأى حزب "الكتائب" أن يكون الرئيس "من خارج المنظومة وقادراً على وقف الأداء الانحداري، ويمكنه أن ينشئ علاقات سوية وجيدة مع المجتمع الدولي ولا يجر لبنان إلى محور إيران بشكل كامل، كما لا يغطي فساد المافيا ويكون سيادياً".
وفي عرض المواصفات ظهر خلاف واضح بين ركنين أساسيين من القوى السيادية المعارضة للتركيبة الحاكمة الحالية هما جنبلاط ورئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، فالأول اعتبر أن على رئيس الجمهورية أن يتمتع بالحد الأدنى من النظرة الإصلاحية ولتصوت كل كتلة نيابية بحسب قناعاتها، وقال إنه "ما من أحد منهم تقدم ببرنامج، وكتلة اللقاء الديمقراطي ستصوت لرئيس جمهورية يملك برنامجاً سياسياً واضحاً وعليه وضع برنامج مع حزب الله لاستيعاب سلاحه ضمن منظومة دفاعية". وفي انفتاحه على الحزب شدد على ألا يشكل الرئيس تحدياً لأحد، أما جعجع فتقصد القول في مؤتمر صحافي في الـ 15 من أغسطس، بعد حوار جنبلاط مع "حزب الله"، أنه "لمن يقول لا نريد رئيس تحد نؤكد له أننا بأمس الحاجة إلى هذا الرئيس، وإذا لم نأت برئيس يتحدى سياسات باسيل وحزب الله فكيف سيتم الإنقاذ؟ الرئيس الذي ينقذ البلد هو رئيس جديد يتمتع بمواصفات معينة، سيادي وإصلاحي بامتياز، وإلا فسيستمر الفساد في الدولة ولن نخرج من الأزمة". وأضاف، "يطرح بعضهم فكرة التوافق على رئيس يلتف الجميع حوله، ولكن إذا وجد فريقان يتخذان طريقين مختلفين فكيف سيلتفان حول هذا الرئيس، لا سيما أن مقاربة الرئيس التوافقي وحكومات الوحدة الوطنية اعتمدت لأكثر من 12 عاماً، وهي التي أسفرت عن هذه الوضعية التي لا يصلح فيها الكلام الدبلوماسي، وإلا فسنكون أمام خيانة للشعب اللبناني".
إلا أن "حزب الله" الذي تجنب طرح أي مواصفات للرئيس وشدد قادته في جميع مواقفهم على نقطتين، ضرورة تشكيل حكومة جديدة مهما كان الوقت قصيراً، والتحذير من التفاهم على رئيس يعارض دور المقاومة، والتعبير الأكثر وضوحاً لموقفه جاء على لسان القيادي النائب والوزير السابق محمد فنيش الذي قال "لا أحد يستطيع أن يمتلك الأكثرية في هذا البلد، فالأكثرية هي أكثرية تآلفية، فلا جهة طائفية أو مذهبية أو حزبية تستطيع أن تقول بأنها تمتلك وحدها مرجعية القرار، وهذا البلد لا يقوم إلا على التفاهمات، أي أن الحزب يفضل تفاهماً على الطريقة التي يطرحها جنبلاط، خصوصاً أنه على عداوة جذرية مع جعجع".