Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إلغاء عرض مسرحي بمهرجان المنستير... والسبب بورقيبة

الإدارة بررت القرار بانتقاد بطله للرئيس التونسي الأسبق قبل سنوات والأمن ينسحب من مسرحية في صفاقس

المسرحي التونسي لطفي العبدلي أثناء العرض الذي انسحب من تأمينه الشرطة (مواقع التواصل)

"الإجابة تونس"، مقولة انتشرت في أوساط الشباب من المحيط إلى الخليج مع بدء ما سُمي "الربيع العربي"، تعبيراً عن تمتع ذلك البلد بالحريات، وتطلعاً إلى أن تكون جميع البلاد العربية مثله، لكن تلك المقولة بدأت تفقد صدقيتها الآن مع وقوع أحداث تمثل تقييداً لحرية الرأي والتعبير، فتصريح قديم لفنان انتقد فيه الحبيب بورقيبة كلفه إلغاء تقديم مسرحية له في محافظة المنستير مسقط رأس الزعيم، إضافة إلى انسحاب الشرطة من تأمين عرض مسرحي آخر بسبب ما اعتبروه تهكماً على الأمنيين.

تلك الحوادث دفعت مثقفين وحقوقيين إلى التحذير من التراجع عن مكسب حرية التعبير التي عرفتها تونس بعد الثورة، ورجوع الرقابة على الأعمال الفنية.

الهيئة المديرة لجمعية مهرجان المنستير الدولي أصدرت بياناً قالت فيه إنه "نظراً للحساسية التي أثارتها مسرحية مقداد السهيلي (حسين في بيكين) وحرصاً من هيئة المهرجان على تجنب كل ما يفهم منه التشجيع على المس من رموز المدينة من قريب أو بعيد، وتفاعلاً مع ما أبدته شرائح من أبناء المدينة وأحباء المهرجان من عزوف عن هذا العرض في علاقة بسابقة إعلامية وقع فيها المس من شخصية الزعيم الرئيس الحبيب بورقيبة، فإن الهيئة تقرر إلغاء هذا العرض وسيقع تعويضه لاحقاً بعرض مسرحي آخر".

بيان إدارة المهرجان قوبل بعاصفة من الانتقادات من قبل سياسيين ومثقفين، من بينهم القيادي بالحزب الجمهوري عصام الشابي الذي تفاعل بتدوينه على صفحته بـ"فيس بوك"، قائلاً "قرار إدارة مهرجان المنستير بإلغاء عرض العمل المسرحي للفنان مقداد السهيلي (حسين في بيكين) بسبب ما وصف بـ(المس من شخصية بورقيبة) هو قرار خطير وردة عن المكتسبات واعتداء على حرية الإبداع ومدخل لتقييد الفكر وتحنيطه"، ودعا إلى "برمجة هذا العرض في أكثر من مهرجان للرد على أصحاب الفكر المتكلس والتجسيد الفعلي لرفض خنق الحرية ووأدها".

من جهته، أوضح مدير مهرجان المنستير الدولي يافت بن حميدة أن "قطاعاً من الرأي العام في محافظة المنستير ضد تصريح أدلى به مقداد السهيلي خلال برنامج (وحش الشاشة) على قناة التاسعة، وعلى الرغم من مرور السنين لم يُنس تصريحه وبقي متداولاً"، مضيفاً أنه "تواصل قبل شهر من العرض مع الفنان مقداد السهيلي والمتعهد الخاص به، وأعلمهما بالمشكل الحاصل، إلا أن السهيلي طلب التريث والبقاء على تواصل، بالتالي رأت إدارة المهرجان أنه من مصلحة جميع الأطراف تجنب الصدام الممكن وقوعه وإلغاء العرض".

تجاوز مهين

من جهته، تضامن المسرحي رؤوف بن يغلان في تدوينة له مع زميله الفنان مقداد السهيلي، قائلاً "مهما يكون السبب فمنع المسرحية تجاوز فظيع ومهين لحرية التعبير وتعد غير مقبول على حقوق الإنسان، كان من الأفضل أن ينتظم حوار بينه وبين من تقدم بطلب المنع حتى يتمكن كل طرف من الدفاع عن رأيه وتبرير موقفه، فذلك ما يقتضيه السلوك المتمدن".

أما الصحافية في المجال الثقافي يسرى الشيخاوي فقالت إن "ما حصل للفنان مقداد السهيلي أمر سوريالي في بلد بذل فيه التونسيون دماءهم من أجل مكسب حرية التعبير"، مواصلة "ليس من المنطقي منع عرض لمجرد نقد لشخصية وطنية، لأنه من هذا المنطلق يفتح باب المنع وتوضع خطوط حمراء كثيرة للفن الذي يفرغ من معناه بلا حرية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

واعتبرت الشيخاوي أن "منع مسرحية السهيلي من العرض في محافظة المنستير وتعرضه للهجوم الإلكتروني والتشويه ينذر بصفحة جديدة من التضييق على حرية التعبير والتعصب والتزمت الذي يضر بالفن".

في المقابل، اعتبر بعض المنتمين لمحافظة المنستير مسقط رأس الزعيم الحبيب بورقيبة أن تصريح مقداد السهيلي الذي تهكم فيه على الزعيم أمر غير مقبول، وتلخص هجومهم على السهيلي في أن ما قاله على بورقيبة يندرج تحت بند التهكم وتجاوز الأدب، ولا علاقة له بالنقد أو بإبداء الرأي بطريقة متحضرة.

التغول الأمني

أما بخصوص الواقعة الثانية المتعلقة بانسحاب الأمن من مسرحية للفنان لطفي العبدلي الذي أعلن أنه آخر عرض له في تونس وسيهاجر إلى بلد آخر، فاعتبرها بعضهم حادثة خطيرة قد تؤثر في حرية التعبير بتونس.

ووجه الممثل المسرحي لطفي العبدلي رسالة للرئيس التونسي إثر مشاحنته مع أمنيين خلال عرضه المسرحي في صفاقس، إذ انسحب الأمن من تأمين العرض بعد تهكم الممثل عليهم وانتقادهم.

وقال الصحافي صابر الميساوي إنه "في أقل من شهر تقع حوادث متفرقة يكون المتسبب فيها الأمن، ففي مدينة طبرقة جرى الاعتداء على مدير المهرجان من طرف أمنيين واستقال بعد الحادثة، وفي مدينة المنستير تم الاعتداء على رئيس جمعية المهرجان وأمين المال ودخل أمنيون عنوة لفضاء الرباط، وفي مهرجان قرطاج تم تهديد محمد بوذينة وسامي اللجمي في عرض الزيارة، وهدد القائمون على الحفل بإلغائه، وفي محافظة القصرين رفض الأمن تأمين مهرجان العبادلة، وفي مهرجان أم الزين الدولي تم إلغاء حفل لنوردو ومجموعة (هي) بسبب إشكال مع النقابات الأمنية، وفي صفاقس انسحب الأمن من عرض للفنان لطفي العبدلي".

ويرى الميساوي أن "هذا التغول الأمني والعربدة البوليسية من قبل بعض المدعومين من النقابات الأمنية جريمة يُعاقب عليها بموجب القانون في دولة تدعي أنها دولة القانون والمؤسسات"، مواصلاً "تكررت الاعتداءات والتجاوزات في فترة وجيزة أمام كل الأنظار من دون رادع وبلا محاسبة وصارت تستوجب تدخلاً وحلولاً".

احترام الحريات 

على إثر ما تم تداوله بعدد من وسائل الإعلام وبعض الصفحات بمواقع التواصل الاجتماعي بخصوص رفض أعوان الأمن مواصلة تأمين عرض مسرحي بمهرجان صفاقس الدولي في السابع من أغسطس (آب) 2022، نفت وزارة الداخلية في بيان لها ذلك، وأكدت أنه تم تأمين العرض المذكور منذ بدايته إلى حين خروج الجماهير، ومرافقة عارض المسرحية إلى مقر إقامته بأحد النزل إثر نهاية العرض.

وأشار البيان إلى أن "المسرحي المذكور قام بحركة لا أخلاقية تجاه أعوان الأمن خلال العرض المذكور مما تسبب في حالة تشنج في صفوف بعض الأمنيين المكلفين بتأمين مختلف فعاليات مهرجان صفاقس الدولي، وبتدخل المسؤولين تمت تهدئة الأوضاع ومواصلة العرض في ظروف عادية".

وأكدت وزارة الداخلية "التزامها بمبادئ حقوق الإنسان واحترامها المتواصل للحريات العامة، بخاصة منها حرية الرأي والتعبير في نطاق ما يخوله القانون والنصوص الترتيبية الجاري بها العمل".

ويعلق الصحافي خليفة شوشان على بيان وزارة الداخلية واصفاً إياه بـ"البائس والتبريري"، موضحاً أن "ما وقع في مهرجان صفاقس مهزلة حقيقية، وصمت رئيس الجمهورية على تجاوزات بعض النقابات الأمنية يعد تشجيعاً لهذه المجموعات المارقة على القانون، وهي تقريباً المجموعة نفسها التي سبق لها وكفرت المعارضين والنقابيين في صفاقس".

اقرأ المزيد

المزيد من ثقافة