Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تراجع منسوب الحريات في تونس يثير قلقا شعبيا وحزبيا واسعا

حقوقيون يطالبون بإطلاق سراح ناشطين معتقلين إثر التحركات الاحتجاجية الأخيرة

تعاني تونس من مشاكل اقتصادية واجتماعية أصبحت سبباً لاحتجاجات متواصلة بعد عقد من الثورة (مواقع التواصل)

إثر وفاة شاب في أحد مراكز التوقيف في محافظة صفاقس جنوب تونس، نتيجة "الامتناع المتعمد" عن تقديم الدواء له، حسب شهادة عائلته، وبعد سجن ناشطين من المجتمع المدني وأطفال وشباب شاركوا في التحركات الاحتجاجية، أطلقت أحزاب ومنظمات حقوقية تونسية، صرخة فزع تحذر من عودة الممارسات القمعية وتراجع مستوى الحريات، التي يعتبرونها "المكسب الوحيد للبلاد بعد الثورة".

في هذا الإطار، أصدر حزب "آفاق تونس" بياناً حول ما أسموه "تواتر مظاهر انتهاك الحريات وحقوق الإنسان". وعبّر الحزب عن استنكاره الشديد لـ"عودة الممارسات التسلطية وتعدد مظاهر انتهاك حقوق الإنسان والحريات العامة والخاصة للمواطنين".

مراجعة النصوص القانونية

وشجب "آفاق تونس" تكرار "مظاهر سوء معاملة الموقوفين والمحتجزين وتواتر هذه التجاوزات والملاحقات التعسفية ضد الشباب"، داعياً كل السلطات إلى فتح تحقيق جدي في ملابسات عديد من القضايا الحقوقية وإشراك المجتمع المدني المختص فيها، وتحديد المسؤوليات ومحاسبة المذنبين أياً كانوا، في إطار القانون". كما دعا الحزب في بيانه إلى "الإسراع بإنشاء المحكمة الدستورية لتكون الضامن لحسن تطبيق الدستور والقوانين وتأويلهما واحترام حقوق الإنسان والحريات العامة والخاصة والحق في التعبير والتنوع". 

كما شدد البيان على ضرورة "التخلي عن المقاربات الأمنية والزجرية في التعاطي مع قضايا وتحركات الشباب واليافعين". كما طالب بمراجعة "كل النصوص القانونية السالبة للحرية وتعويض الجنح والجرائم غير الخطيرة بإجراءات مالية أو عقوبات بديلة عوض العقوبات السالبة للحرية وإلغاء التعابير والألفاظ الواردة بصيغ عامة وفضفاضة من النصوص القانونية الجنائية، بخاصة تلك المتعلقة بالأخلاق الحميدة والتعدي على موظف عمومي إثر أداء عمله". ودعا الحزب إلى "إصدار قانون طوارئ جديد يتناسب مع الدستور ووضع حد لاستعمال المرسوم الحالي الذي يجمع الجميع على أنه مغاير عن الدستور".
واعتقلت الشرطة التونسية أكثر من 1600 شخص خلال الاحتجاجات التي اندلعت في نهاية العام الماضي، من بينهم أطفال، وشكى العشرات منهم من سوء المعاملة والتعذيب أحياناً في مراكز التوقيف.

ورفضت السلطات التونسية هذه الاتهامات في بيان أصدرته وزارة الداخلية، معتبرةً أن أداء الشرطة كان جيداً وأن هذه التوقيفات تمت في إطار "التصدي لأعمال العنف والتخريب التي طالت مؤسسات عامة وخاصة خلال الاحتجاجات وأخرى تندرج ضمن الاعتداء على الأمنيين خلال أداء عملهم".
وتعاني تونس من مشاكل اقتصادية واجتماعية أصبحت سبباً لاحتجاجات متواصلة بعد عقد من الثورة التي منحت التونسيين حرية التعبير والتظاهر وانتقاد من يحكمونهم، من أجل تحقيق التنمية والازدهار الاقتصادي المنعدم إلى حد الآن.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


فقدان الثقة

من جهتها، قالت المستشارة السابقة في رئاسة الجمهورية سعيدة قراش، إن "هيبة الدولة لا تُرسى بالقمع والتجاوزات وخرق القانون وتلفيق التهم بخاصة تهمة الاعتداء على موظف أثناء أدائه لمهماته"، مضيفةً أنه "بعد عملية قتل الشاب في محافظة صفاقس عبر منع دوائه عنه وإتلاف خصية شاب آخر في منطقة المنستير أثناء توقيفه أيضاً، يُفترض على رئاسة الحكومة ووزارة الداخلية مراجعة سياستهم الأمنية". وأضافت قراش أن "حملة التوقيفات ضد الشباب الناشط السلمي، الذي لم يحمل يوماً سلاحاً في وجه الدولة، لن تزيد إلا في فقدان الثقة بالدولة والرغبة في التمرد على سلطتها".

ويُذكَر أن المجتمعَين المدني والحقوقي في تونس، نظما السبت الماضي، وقفةً احتجاجية شارك فيها العشرات من أجل المطالبة بإطلاق سراح ناشطين اعتُقلوا على خلفية الاحتجاجات الأخيرة.

أما الصحافية التونسية خولة بوكريم فعبرت عن مخاوفها "من تراجع منسوب الحريات في تونس خصوصاً بعد الهجمات المتكررة على الصحافيين والناشطين في المجتمع المدني"، واصفةً الوضع في تونس بالانقسام.

وقالت إن "الأصوات الحرة اليوم يتم التضييق عليها ومحاصرتها عبر حملات التنمر على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي"، مضيفةً أن "الصحافيين اليوم يتجنبون الإدلاء بآرائهم خشية أن تُشن ضدهم حملات تشويه مثلما شهدنا على صفحات بعض الأحزاب الحاكمة". وتابعت "اليوم يتم الانتقام والتشفي من الحقوقيين على خلفية نشاطاتهم الحقوقية أو الاجتماعية أو على خلفية مشاركتهم في الاحتجاجات الشعبية الأخيرة". كما وصفت بوكريم التعامل الأمني مع هذه الاحتجاجات "بالبلطجة التي أصبحت خطراً يهدد الحرية في تونس".

من جانبه، تساءل الناشط السياسي عدنان منصر في تدوينة له عبر صفحته في "فيسبوك" "ما الذي يفسر بأن  أكثر الأطراف تضرراً من التعسف والظلم والاعتقال والتعذيب قبل عشر سنين، هم أكثر الأشخاص صمتاً اليوم على ما يقع من تجاوزات تصل حد الموت تحت التعذيب والإهمال الذي ينجم عنه الموت، وكل أنواع التعسف وتجاوز السلطة؟".

ووصف منصر الوضع الحقوقي اليوم بالخطير منذ ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قائلاً "لا أحد بإمكانه التوقع إلى أين سيؤدي بنا هذا الوضع في ظل صمت بعض الأحزاب والجهات المساندة لحكومة هشام المشيشي؟".

المزيد من العالم العربي