Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

على بريطانيا مكافحة موجة الحر وسط تحذيرات من آلاف الوفيات

خبراء يتوقعون أن تصبح درجات الحرارة المرتفعة ظاهرة أكثر شيوعاً في المستقبل القريب

رأى علماء بارزون أنه يتعين على المملكة المتحدة أن "تسعى بجدية أكبر" إلى جعل المنازل والمباني والمدن، أكثر مرونة وقدرة على مواجهة موجات الحر المستقبلية، وذلك وسط تحذيرات من احتمال وقوع الآلاف من حالات الوفاة هذا الصيف.

ولامست درجة الحرارة يوم الاثنين الأربعين مئوية تقريباً في بعض أنحاء إنجلترا، فيما كان يوم الثلاثاء أشد سخونة حيث تجاوزت الحرارة 40 درجة مئوية، الأمر الذي دفع "وكالة الأمن الصحي في المملكة المتحدة" UK Health Security Agency إلى رفع تحذيرها من تأثير الحرارة في الصحة إلى "المستوى الرابع" [المستوى الأعلى ويعني حالة طوارئ وطنية].

وكان كبار خبراء المناخ أشاروا إلى أن الحرارة الشديدة التي يسجلها هذا الصيف، ستصبح ظاهرة أكثر شيوعاً في المستقبل القريب، ما يمكن أن يعرض أرواحاً للخطر، ويشل الحركة في بعض أجزاء من المملكة المتحدة. ويؤكد علماء ضرورة بذل مزيد من الجهود لـ"تعزيز مقاومة البلاد للحر"، خصوصاً أن التصميم البنيوي للبلاد "لا يؤهلها لتحمل 40 درجة مئوية".

وقال بروفيسور علوم نظام المناخ في "جامعة ريدينغ" نايجل أرنيل إن "ما يمكننا استخلاصه من موجة الحر هذه، إضافة إلى الأدلة التي تم جمعها على مدى أعوام، هو أننا نحتاج حقاً إلى السعي بجدية أكبر لتعزيز مستوى المرونة والقدرة على التكيف مع موجات الحرارة العالية في المملكة المتحدة وفي دول أخرى".

من جهتها، توقعت البروفيسورة هانا كلوك، الباحثة في المخاطر الطبيعية في "جامعة ريدينغ"، "ألا تتلاشى موجات الحر الشديدة"، معتبرة أن "المشكلة لن تختفي، لا بل ستزداد سوءًا".

وأضافت "لم يعُد في إمكاننا تحمل تبعات التخطيط العمراني السيّء لمبانينا ومدننا، وبتنا في حاجة ماسة للتفكير في جوانب مثل تخفيض الحرارة الزائدة والتظليل والتشجير وتعزيز هندسة المباني التي تسهم في تخفيض درجات الحرارة وتوفير أماكن مبردة للعامة... لأننا لسنا مجهزين ولا محضرين لتحمل 40 درجة مئوية".

واستناداً إلى بحث أجرته الدكتورة أونيس لو، عالمة المناخ في "معهد كابوت للبيئة"Cabot Institute for the Environment التابع لـ"جامعة بريستول"، خلال العقد الماضي، سُجلت نحو ألفي حالة وفاة كل عام بسبب موجات الحر التي ضربت إنجلترا.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقالت "لا نعرف بالضبط ما ستكون عليه حصيلة الوفيات الناجمة عن موجة الحر الراهنة، لكننا ندرك أن الخطر مرتفع"، منبهة إلى أنه "حتى الأشخاص الذين يتمتعون بلياقة صحية، سيكونون معرضين للخطر".

ودعت الدكتورة لو إلى "ضرورة التحلي بالوعي وتوخي الحذر، وعدم التعاطي مع الأمر على أنه مجرد يوم صيفي عادي، أو مناسبة للخروج والاستمتاع بالوقت".

أما بروفيسور علم وظائف الأعضاء البشرية التطبيقي في "جامعة بورتسموت" مايك تيبتون، فلفت إلى أن نحو 80 إلى 90 في المئة من الوفيات المرتبطة بموجات الحرارة، تحصل لدى الأفراد الذين تزيد أعمارهم على 65 سنة.

وأوضح أن هذه الوفيات "ترتبط أولاً وأساساً بأمراض القلب والأوعية الدموية" وأن معدلات الوفيات تبدأ بالارتفاع عند "حرارة تتفاوت ما بين 25 و26 درجة مئوية".

تجدر الإشارة إلى أن العلماء الذين تحدثوا خلال إحاطة إعلامية عقدت يوم الاثنين، حددوا عدداً من الإجراءات التي يمكن لأصحاب المنازل اعتمادها لخفض درجات الحرارة في مواجهة موجات الحر. وشملت زرع الأشجار ووضع أعمدة جدارية من النباتات في المنازل وتركيب ستائر للنوافذ على الجهة الخارجية للمبنى، كما هو شائع في مختلف أنحاء أوروبا.

وحضوا السلطات المحلية على فتح الأماكن العامة المكيفة كالكنائس، التي تحتاج وقتاً أطول كي تصبح أجواؤها ساخنة خلال الفترات الحارة، والتي يمكن أن يلجأ الناس إليها "إذا ما وصلوا إلى وضع لا يعودون قادرين على تحمل الحر في منازلهم أو في أماكن عملهم".

ولفت الخبراء إلى ضرورة التركيز على إيجاد طرق كفيلة بجعل المدن أكثر "زرقة أو خضرة" بهدف خفض درجات الحرارة.

وفي هذا الإطار، رأت البروفيسورة كلوك أن "من أبسط الأمور التي يمكن أن نفكر فيها هو استخدام الظل، فهو يحدث فارقاً هائلاً. أعلم ذلك لأن الطريق التي سلكتها هذا الصباح سيراً على القدمين للتوجه إلى الجامعة، كانت مظللة بالأشجار. هذا الأمر يجعل الجو أكثر برودة بنحو 10 درجات مئوية على الأقل، مما هو عليه تحت الشمس".

وتضيف أن "الفارق يكون كبيراً، خصوصاً إذا ما قصدت مدينة تم تصميمها على نحو صحيح، لتشمل مثل هذه التفاصيل، كالمباني المصممة بالطريقة الصحيحة لتوفير هذا النوع من التظليل".

وتتابع البروفيسورة كلوك أن "هناك تفاصيل دقيقة يمكن مراعاتها، كاستخدام تقنية العزل الحراري، وغيرها من الأمور الأخرى كتجنب بناء مثل تلك الشقق الصغيرة الرهيبة في أعالي المباني المعرضة لارتفاع درجات الحرارة فيها. إن التفكير في اتخاذ مبادرات تهدف إلى جعل المدينة زرقاء أو خضراء، يمكن أن يحدث فارقاً كبيراً".

البروفيسور تيبتون أشار إلى حدائق تيفولي في روما، التي يعتبر أنها "تغص بالأشجار والمياه وبخاخات المياه، وقد صُممت على النحو الذي نقترحه الآن". واعتبر أن "الإجابة كانت موجودة منذ نحو ألفي عام على الأقل، لكن لم يُكن لدينا الحافز للتغيير".

وقال البروفيسور أرنيل إن المسؤولية تقع علينا جميعاً في جعل المدن والبلدات والمنازل في البلاد أكثر ملاءمة للعيش خلال الحرّ الشديد.

وأوضح أن "القدرة على التكيف واعتماد المرونة أمران يتعين الالتزام بهما من جانب مختلف المستخدمين وأصحاب المصلحة. وليست هناك منظمة واحدة تقع عليها المسؤولية. هذه المسألة تمت إحالتها من جهة إلى أخرى. ونحن في حاجة ماسة للتعاون والتنسيق في ما بيننا وإعطاء بعض الأولوية لدعم التكيف".

وتتوالى المناشدات بضرورة اتخاذ إجراءات، في وقت حذر الأمين العام للأمم المتحدة من أن البشرية تواجه "انتحاراً جماعياً"، إذا ما فشلت في الاستجابة لأزمة المناخ المتفاقمة، التي تجلت في سلسلة الحرائق الهائلة للغابات وموجات الحر التي تتسبب في إلحاق الضرر بدول عدة وقارات.

وقد حذر أنطونيو غوتيريش في كلمة ألقاها أمام وزراء من 40 دولة في اجتماع رعته الأمم المتحدة [لمناقشة أزمة المناخ] يوم الاثنين الفائت، من أن "نصف البشرية دخلت في منطقة الخطر نتيجة الفيضانات والجفاف والعواصف الشديدة وحرائق الغابات". وقال "لا توجد دولة محصنة ضد الكوارث الطبيعية. ومع ذلك، فإننا نواصل تغذية إدماننا على الوقود الأحفوري".

وختم منبهاً إلى "أننا بتنا أمام خيارين: إما العمل الجماعي أو الانتحار الجماعي. والقرار هو في أيدينا".

نشر في "اندبندنت" بتاريخ 18 يوليو 2022

© The Independent

المزيد من بيئة