في ختام جولة الإعادة لانتخابات رئاسة بلدية اسطنبول مساء الأحد، أظهرت عمليات فرز الصناديق فوز مرشح المعارضة التركية أكرم إمام أوغلو على مرشح الحزب الحاكم بن علي يلديريم، موجهاً صفعةً قوية للرئيس رجب طيب أردوغان. ومع فرز نحو 99 في المئة من الأصوات، أظهرت أرقام غير رسمية حصول إمام أوغلو على 54 في المئة منها مقابل 45،1 في المئة نالها منافسه بن علي يلديريم. وحقق إمام أوغلو بذلك تقدماً بأكثر من 775 ألف صوت، بزيادة كبيرة مقارنةً مع الاقتراع الذي جرى في مارس (آذار) الماضي، عندما فاز بفارق 13 ألفا فقط، ليصدر بعدها قرار بإعادة الانتخابات.
"بداية جديدة"
واعتبر إمام أوغلو أن فوزه في انتخابات رئاسة بلدية اسطنبول يشكل "بداية جديدة بالنسبة إلى تركيا". وصرح للصحافيين أن "هذه الانتخابات تعني فتح صفحة جديدة. إنها تشكل بداية جديدة". وأضاف "ليست مجموعة أو حزباً واحداً، لكن كل اسطنبول وتركيا فازت في هذه الانتخابات".
ووعد مرشح المعارضة الفائز أكرم إمام أوغلو "ببداية جديدة" لأكبر مدينة تركية وعبر عن رغبته في العمل مع أردوغان، وذلك بعد صدور النتائج الأولية التي أظهرت أنه في طريقه لتحقيق فوز مريح.
ووعد مرشح المعارضة الفائز أكرم إمام أوغلو "ببداية جديدة" لأكبر مدينة تركية وعبر عن رغبته في العمل مع أردوغان، وذلك بعد صدور النتائج الأولية التي أظهرت أنه في طريقه لتحقيق فوز مريح.
مد اليد
وتابع إمام أوغلو مخاطباً أردوغان "سيدي الرئيس، أنا مستعد للعمل معك في تنسيق تام. أطلب من هنا مقابلتك في أقرب وقت". وأضاف "سأعمل بجد بدون تمييز ضد أي كان". وختم مردداً شعار حملته "كل شيء سيكون على ما يرام".
في المقابل، أقرّ مرشح حزب العدالة والتنمية الحاكم بهزيمته. وقال يلدريم "طبقاً للنتائج حتى الآن، فإن منافسي يتصدر السباق. أهنئه وأتمنى له التوفيق".
كما هنأ أردوغان مرشح المعارضة الفائز بتغريدة عبر "تويتر" جاء فيها "أهنئ إكرام أوغلو على الفوز بالانتخابات استناداً إلى أرقام غير رسمية".
إضعاف أردوغان
واعتبر مراقبون قبل إعلان النتائج أن هذه الانتخابات الجديدة ستؤدي إلى إضعاف اردوغان، أياً تكن النتيجة.
وكانت اللجنة العليا للانتخابات ألغت الاقتراع الأول الذي جرى في مارس الماضي، بعد تقديم حزب العدالة والتنمية الحاكم سيلاً من الطعون، ودعت إلى انتخابات جديدة في 23 يونيو (حزيران) الحالي.
وأشارت اللجنة في قرارها إلى سلسلة مخالفات متعلقة خصوصاً باختيار رؤساء أقلام الاقتراع، واعتبرت أنّ عدد بطاقات الاقتراع المشكوك بها تتخطى الـ300 ألف.
غير أن أسئلة أخرى بقيت مطروحة، خصوصاً حول سبب إلغاء نتائج رئاسة بلدية اسطنبول وليس نتائج أعضاء المجلس البلدي المقربين بغالبيتهم من حزب العدالة والتنمية.
ويرى محللون أن الحكومة التركية تتمسك باسطنبول لأنّ المدينة تمنح رئيس بلديتها موارد ضخمة ومنصة سياسية من الدرجة الأولى.
وبدأ اردوغان نفسه مسيرته السياسية كرئيس لبلدية اسطنبول وقال مراراً إنّ "من يفوز باسطنبول، يفوز بتركيا".
أهمية اسطنبول
ويشرح الأستاذ المساعد في جامعة بلكنت بأنقرة بيرك ايشن أنّ اسطنبول "هي الوقود المشغّل لماكينة حزب العدالة والتنمية".
وتابع أن البلدية تمنح عقوداً "بمليارات الدولارات عبر المناقصات العامة والخدمات، ما يضع العدالة والتنمية على اتصال مباشر بالناخبين".
غير أنّ النائب عن الحزب الحاكم عبدالله غولر اعترض على الكلام حول أن حزبه "يريد استعادة اسطنبول بأي ثمن"، مشيراً إلى أن "العدالة والتنمية قبِل على سبيل المثال الخسارة في مدن كبيرة أخرى، مثل أنقرة أو أنطاليا (جنوب)".
وكان أردوغان شارك في حملة انتخابات 31 مارس التي استمرت لـ 50 يوماً، متحدثاً في مئة وتجمعين في كافة أنحاء البلاد. لكنه خفض إطلالاته بشدة في حملة الانتخابات الحالية.
وبرر النائب غولر ذلك بأن خلال حملة انتخابات مارس "كان الرئيس يتوجّه إلى تركيا بأسرها. الآن، يوجد اقتراع واحد فقط، في إسطنبول". لكنّ الأستاذ المساعد بيرك ايشن اعتبر أن سبب تراجع اردوغان عن صدارة المشهد، هو ألا يمثّل "وجه الخسارة"، و"لأنه شخصية استقطابية" في وقت اتجه العدالة والتنمية نحو "استراتيجية مصالحة". وعاد الرئيس التركي إلى الساحة في الأيام الأخيرة بعد فترة طويلة من الصمت التام، مضاعفاً إطلالات اللحظات الأخيرة.
وتعتبر أستاذة العلوم السياسية في جامعة الشرق الأوسط التقنية في أنقرة عائشة اياتا أن فوز إمام أوغلو مجدداً، قد يخلق "فوضى كبيرة ضمن حزب العدالة والتنمية".
وتقول إنّ ذلك سيزعزع صورة "الماكينة الانتخابية" العصية على الخسارة للحزب، ومن شأنه تعزيز نزعات الانشقاق داخله.
ويرى الكثير من الخبراء أنه في حال فوز بن علي يلديريم، فإنّ النصر سيكون بأثمان باهظة لأنّه سيأتي عقب القرار الإشكالي بإلغاء الاقتراع السابق.