Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

قيس سعيد بين الديكتاتورية والنظام الرئاسي

يرى ثلثا التونسيين أن حرية التعبير والانتماء السياسي يقع احترامهما في تونس

"ليس في هذا العمر أبدأ مسيرة ديكتاتور" (موقع رئاسة الجمهورية على فيسبوك)

ثمة سؤال يؤرق معظم التونسيين، وهو إلى أين يمضي رئيس الجمهورية قيس سعيد بتونس في ظل المسار الجديد الذي سلكته بعد 25 يوليو (تموز) 2021، هل يتجه سعيد إلى بناء دولة ديمقراطية بنظام رئاسي تعوّد عليه التونسيون لمدى عقود، أم يسعى لبناء نظام ديكتاتوري "رئاسوي" يحتكر بمقتضاه رئيس الدولة كل السلطات ويقلّص هامش الحقوق والحريات في تونس"؟

وبينما يتهمه معارضوه بالنزوع نحو تكريس نظام ديكتاتوري، من خلال تجميع كل السلطات بين يديه، يرى مؤيدوه أن سعيد وضع أسس نظام رئاسي، يقطع مع تشتت الحكم والتنازع على الصلاحيات، ولا نية لرئيس الجمهورية في إرساء أسس نظام ديكتاتوري، وتحشد المعارضة مواقفها، في محاولة لإفشال مسار رئيس الجمهورية الذي يعتبرونه انقلاباً على الشرعية ونزوعاً نحو الديكتاتورية والاستبداد.

أشنع الأنظمة الاستبدادية

ورأى عصام الشابي الأمين العام للحزب الجمهوري، في تصريح، أن "رئيس الجمهورية، قيس سعيد، دشن مساراً جديداً يقوم على الانقلاب على الشرعية الدستورية، ومنح نفسه جميع السلطات الاستثنائية، وركز بين يديه كل السلطات، وألغى كل الهيئات الرقابية والتعديلية، وحل البرلمان والمجلس الأعلى للقضاء، ووضع يده على الهيئة المستقلة للانتخابات"، وأضاف أن "العقل السياسي الذي يدير شؤون الدولة، اليوم، يلخصه سعيد، في الأمر 117 الذي لا يمكن الطعن فيه أمام القضاء الإداري، وهو يدير البلاد بالمراسيم مقدمة لأشنع الأنظمة الاستبدادية والحكم الفردي المطلق"، ولفت الشابي إلى أن هذا "المسار أنتج دستوراً على المقاس، ألغى التوازن بين السلطات وجعل رئيس الجمهورية يراقب كل مؤسسات الدولة، ولا رقابة عليه، كما ضرب استقلالية السلطة القضائية، وأضعف سلطات المحكمة الدستورية، وانتزع منها رقابة أعماله وإمكانية المصادقة على عزله"، وتابع الشابي، أن "كل ما ورد في الدستور هو نسف لكل أركان الدولة المدنية التي أسسها دستور 2014 الذي ارتضاه التونسيون لأنفسهم بعد نقاش معمّق"، معتبراً أن "الإبقاء على بعض الحقوق والحريات  في مشروع الدستور، مجرد مساحيق لدستور استبدادي"، وأكد الأمين العام للحزب الجمهوري أن "الدستور الجديد تم إعداده بشكل انفرادي، وسلطات سعيد، غير مراقبة وغير محددة بقانون، ونحن في دولة بعيدة عن القانون والمؤسسات".

الدستور الجديد أفضل من دستور 2014

في المقابل، أكد زهير المغزاوي الأمين العام لـ"حركة الشعب"، وهي واحدة من الأحزاب الداعمة لرئيس الجمهورية في مسار 25 يوليو (تموز)، لـ"اندبندنت عربية"، أن "تونس ستتحول، وفق مشروع الدستور الجديد المعروض على استفتاء 25 يوليو الحالي، من نظام برلماني معدل، إلى نظام رئاسي، وفلسفة النظام الرئاسي تقوم على أن معظم السلطات تكون بيد رئيس الجمهورية"، وشدد المغزاوي على "وجود مؤسسات كالبرلمان، وتعددية حزبية، والدستور يضمن الحريات العامة والفردية"، لافتاً إلى أن "النظام الذي كان سائداً خلال العشرية الأخيرة، هو نظام شبيه بالنظام الديكتاتوري، لأن رئيس الحكومة لديه معظم السلطات، وينال ثقته من الحزب الأول الفائز في الانتخابات التشريعية، الذي يتحكم بمفرده في المشهد السياسي"، قائلاً، "عاش التونسيون، فترات، ينتظرون فيها قرارات مجلس شورى حركة النهضة"، لافتاً إلى "الخلافات التي دبت في البلاد والصراعات بين الرئاسات الثلاث وتأثيرات ذلك على الوضع الاقتصادي والاجتماعي"، وأشار المغزاوي إلى "التحول إلى نظام ديكتاتوري محكوم بموازين القوى، وبإرادة التونسيين، وبمدى يقظة المجتمع المدني والأحزاب وجميع التونسيين"، مضيفاً أن من "أهم مكاسب الثورة التونسية أنها أنتجت أجيالاً لا تساوم في مكاسب الحرية والديمقراطية التي تحققت في تونس"، وخلص الأمين العام لـ"حركة الشعب"، إلى أن "مشروع الدستور الجديد أفضل بكثير من دستور 2014 في باب الحريات والحقوق"، مشيراً إلى أن "معارضي سعيد يستخدمون جميع الأساليب لإيقاف هذا المسار، ولم يبق لهم إلا فرصة وحيدة، وهي إفشال الاستفتاء على مشروع الدستور الجديد، الذي سينتج  موازين قوى جديدة ليس لهم فيها مكان".

الحريات محترمة

في الأثناء، أظهرت نتائج المسح الوطني حول "نظرة السكان في تونس إلى الأمن والحريات والحوكمة المحلية"2021، الذي نشره المعهد الوطني للإحصاء أخيراً أن "ثلثي السكان التونسيين يرون أن حرية التعبير والانتماء السياسي يقع احترامهما في تونس، ويعتبر الثلث الآخر أن مبادئ حقوق الإنسان والعدالة، محترَمة أيضاً في البلاد".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وشمل المسح 2021 عينة من 10155 أسرة، أي ما يقارب 18 ألف مستجوب، وتمثل هذه العينة 0.3 في المئة من مجموع الأسر المقيمة في تونس.

"لن أبدأ مسيرة ديكتاتور في هذا العمر"

يذكر أن رئيس الجمهورية نفى، الخميس 17 فبراير (شباط) 2022، أن تكون لديه أي مساع ليصبح ديكتاتوراً، مؤكداً أنه "رجل حوار ومفاوضات"، في تصريحات أدلى بها للصحافيين أمام مقر اجتماع القمة الأفريقية- الأوروبية بالعاصمة البلجيكية، بروكسل، مستحضراً مقولة رئيس فرنسا الراحل الجنرال شارل ديغول، "ليس في هذا العمر أبدأ مسيرة ديكتاتور".

لطالما أكد رئيس الجمهورية أنه لا ينوي إرساء نظام استبدادي، وأن الإجراءات التي اتخذها، تأتي في سياق الفترة الاستثنائية، في انتظار إرساء مؤسسات منتخبة، إلا أن يقظة المجتمع المدني، ومكونات الشعب التونسي، وتحفز الأحزاب والإعلام، وحدها، الضامنة عدم الانزلاق مجدداً نحو العودة إلى النظام الاستبدادي.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي