Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

السحر في فلسطين... قصص وروايات

مشعوذ يقتل طفلة بحجة إخراج أربعة جان كانوا يسكنون جسدها

محال السامريين في مدينة نابلس (اندبندنت عربية)

"خنقاً حتى الموت" هكذا قتلت الفتاة الفلسطينية إيمان، البالغة من العمر 16 سنة من ضواحي مدينة القدس، على يد مشعوذ مدعياً إخراج أربعة جان يسكنون جسدها بالضرب والصراخ لساعات عدة، اعتداء استمر حتى بعد أن سقطت إيمان جثة هامدة. ويدعي المشعوذ أن "الجني الرابع هو من قتلها"، كما ورد في بيان أصدرته الشرطة الفلسطينية، بعد القبض عليه.

قصص كثيرة يتناقلها الناس عن الجان ووجودهم وسيطرتهم عليهم، ومن ضمن هذه القصص ما روته فتاة عن أن "قريبة لها بدأت تتصرف بغرابة وتنطق بصوت غريب ومخيف، كلمات غير مفهومة، وانتهى الأمر حين قرأ عليها أحد الشيوخ القرآن". في حين تقول سيدة أخرى إن "كل شيء بات سيئاً في المنزل، كالعلاقات الأسرية وغيرها، ولم تدر ما السبب حتى وجدت حجاباً مدفوناً في حديقة منزلها، وكان عبارة عن كيس من البلاستيك فيه أكثر من عقدة".

هذه قصص من أخرى كثيرة تنتشر عن الجان والسحر في المجتمع الفلسطيني، حتى أن الأمر يدخل في المزاح، فالأصوات غير معروفة المصدر أو ضياع الأشياء، كلها تنسب للجان.

اختلفت آراء الشباب في هذا الأمر، فمنهم من قال إنه "يؤمن بوجود السحر والجان ولكن في عالم موازٍ آخر، ولا يختلط بعالم البشر، بالتالي فإن كل ما يحدث هو مجرد أوهام بعيدة من الحقائق، إذ كيف يسلم الله أقدار الناس لبعضها؟". في حين اعتبرت مجموعة أخرى أن "الجان والعفاريت موجودة ولكن دخولها إلى الناس للتحكم فيهم يختلف بدرجة الإيمان وقراءة القرآن، وإخراجهم يحصل من خلال اللجوء إلى شيوخ عارفين وقراءة القرآن والرقية الشرعية وليس بالضرب أو بالأساليب المخيفة التي يعتمدها البعض".

لا صحة لتلبس الجان في الدين

يقول الشيخ صالح معطان إن "فكرة تلبس الجان للناس لا أساس لها من الصحة، وهي مجرد أفكار وخرافات ومشاكل نفسية يجب معالجتها لدى أطباء نفسيين، وليس لدى المشايخ أو المشعوذين والسحرة ومدعيي تسخير الجان لخدمتهم، لأذى الناس أو تحقيق مطالبهم"، مضيفاً أن "هؤلاء اتخذوا من هذه الأمور وسيلة لتحقيق مكاسب مادية كبيرة من الناس".

وأوضح الشيخ معطان أنه "بسبب انتشار ثقافة أن الجان من الممكن أن يسيطر على حياة أحدهم، أو أن مشعوذاً قد يسحر شخصاً ما ليضرّه، جعل الكثيرين ينسبون فشلهم في الدراسة والعمل وغيره إلى السحر، في حين أن الدين يأمرهم بالأخذ بالأسباب وعدم التأثر بهذه الخرافات، إضافة إلى وجود أحاديث نبوية كثيرة تحرم اللجوء للسحرة والعرافين".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

"مسحور أفضل من مريض نفسي"

في حين قال أحد الأطباء النفسيين لـ "اندبندنت عربية"، إن "حالات كثيرة تصله للعيادة بعد أن تكون مرت على المشعوذين، وهؤلاء يتوجهون للطب النفسي بعد الخضوع لجلسات علاج عدة بلا فائدة عند هؤلاء المشايخ، يكون فيها الضرب أحياناً، وخلطات أعشاب غريبة مرتفعة الثمن، وقراءة آيات من القرآن الكريم وبعض الأشياء غير المفهومة، إضافة إلى الأدوية التي لا تحمل مفعولاً كيميائياً ولكن المريض يرتاح لها، بسبب اطمئنانه النفسي بأن هذا الشيخ سيخلصه من الجني الذي يعيش فيه، حتى لو استمر الأمر لفترات طويلة وكلّفه أموالاً باهظة".

وأوضح أن "التوجه للمشايخ وقبول فكرة العفاريت والجان والسحر، يأتي أيضاً من منطلق الخوف من الوصمة النفسية في حال عرف المجتمع المحيط بأن هذا الشخص مصاب بالاكتئاب أو مرض ثنائي القطب أو غيره من الأمراض النفسية، التي تدخل الشخص في مرحلة الأوهام والتهيؤات، كأن يشعر أن أحداً يراقبه أو يسمع أصواتاً غريبة".

ويتابع الطبيب قائلاً "هذه الحالات تكون صعبة العلاج في هذه المرحلة وتأخذ وقتاً بسبب غياب ثقافة الطب النفسي، وعدم الرغبة في الخضوع لجلسات نفسية قد لا يلاحظ المريض آثارها الجيدة والتحسن على حالته في فترة البداية، ما يدفعهم للانقطاع عن العلاج والدواء، ما قد يفاقم الحالة سوءاً".

قانون غير رادع

أوضح الناطق باسم الشرطة الفلسطينية العقيد لؤي أرزيقات لـ "اندبندنت عربية" أن "الشرطة لا تسمح بوجود مثل هذه الظاهرة باعتبارها نصباً واحتيالاً، ولا تُعطى التراخيص لعملهم، وفي حال جرى التبليغ عن أحدهم، فإنهم يضبطون الأدوات ويلقون القبض عليه ويحولوه للنيابة، ولا تتخذ إجراءات رادعة إلا في حال وصل الأمر للقتل، كما حصل مع الفتاة إيمان".

وبالنظر إلى المادة 471 من قانون العقوبات الفلسطيني رقم 16 الصادر عام 1960، نجد أن هذا الأمر "يعتبر مخالفة ويعاقب عليه بالسجن التكديري (تتراوح فترة الحبس بين 24 ساعة إلى أسبوع إضافة إلى غرامة مالية)، كل من يتعاطى بقصد الربح، مناجاة الأرواح أو التنويم المغناطيسي أو التنجيم أو قراءة الكف أو قراءة ورق اللعب، وكل ما له علاقة بعلم الغيب، وتصادر الألبسة والنقود والأشياء المستعملة، وفي حال تكرار الأمر فإنه يعاقب بالحبس حتى ستة أشهر وبالغرامة حتى عشرين ديناراً، ويمكن إبعاده إذا كان أجنبياً".

علم الفلك لدى السامريين ليس سحراً

الكثير من المشعوذين ومن يسمون أنفسهم سحرة، لا يكشفون عن أماكن وجودهم للعلن، بل تكون الزيارات لهم سرية وتعتمد على العلاقات الشخصية. ولكن في مدينة نابلس تنتشر العديد من المحال التي لا يصنفها أصحابها كمحلات للسحر، بل للتعامل بعلم الفلك والنجوم، وكلها لعلماء دين من الطائفة السامرية.

يقول أحد علماء الدين إنهم "لا يؤمنون بالسحر بل يقفون ضده، وما يعتبره الناس تنجيماً، ليس إلا تبحراً في علم الفلك". فمثلاً يؤمنون أن "تقدم الإنسان في حياته يعتمد على اسم الشخص ووالدته، وقد يغيرون الاسم بناء على حسابات فلكية تعتمد على التقويم العبري"، لأنه كما أوضح عالم الدين "كل حرف له عدد خاص به يحدد تقدمه ونجاحه".

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي