تولى شينزو آبي الذي قتل بالرصاص، الجمعة الثامن من يوليو (تموز)، في منطقة نارا بغرب اليابان، منصب رئيس الوزراء لأطول فترة في تاريخ البلاد قاد خلالها إصلاحات اقتصادية طموحة وأرسى علاقات دبلوماسية أساسية وتصدى لفضائح.
وبعد نحو عامين من اضطراره للتخلي عن السلطة لأسباب صحية، توفي آبي، البالغ 67 عاماً، بعد إطلاق النار عليه خلال تجمع انتخابي، الجمعة.
وكان آبي يبلغ من العمر 52 عاماً، عندما أصبح رئيساً للوزراء للمرة الأولى في عام 2006، وبات بذلك أصغر رئيس حكومة سناً في تاريخ البلاد. وكان ينظر إليه على أنه رمز للتغيير والشباب، ولكنه مثل أيضاً الجيل الثالث من سياسيين ينتمون إلى عائلة محافظة من النخبة.
وفي بدايته، كان عهده مضطرباً وشهد فضائح وخلافات وانتهى باستقالته فجأة. وبعد أن قال أولاً إنه يتنحى لأسباب سياسية، اعترف بأنه يعاني مرضاً تم تشخيصه لاحقاً على أنه التهاب تقرحي في القولون.
وخضع آبي للعلاج لأشهر، وعند عودته إلى السلطة في عام 2012، قال إنه تغلب على المرض بمساعدة دواء جديد.
فترة حكمه
وولايته الثانية التي بات فيها رئيس الوزراء الذي بقي في المنصب أطول مدة في تاريخ اليابان، هيمنت عليها في الداخل استراتيجيته الاقتصادية التي أطلق عليها "آبينوميكس"، وتجمع بين زيادة الميزانيات والليونة النقدية والإصلاحات الهيكلية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وسعى أيضاً إلى زيادة معدل الولادات بجعل أماكن العمل أكثر مراعاة للآباء، وخصوصاً للأمهات.
كذلك، عمل على فرض ضريبة استهلاك مثيرة للجدل في عام 2019 تهدف للمساعدة في تمويل أماكن في دور الحضانة، للأطفال بعمر ثلاث سنوات وما دون، وكذلك للمساهمة في نظام الضمان الاجتماعي الذي تجاوز طاقته.
لكن اقتصاد اليابان بدأ في التراجع حتى قبل أزمة فيروس كورونا التي قضت على المكاسب المتبقية. واعتبرت طريقة تعاطيه مع الأزمة بطيئة ومربكة، ما أدى إلى تراجع نسبة التأييد له إلى أدنى المستويات خلال فترة حكمه.
وكان من المقرر أن يبقى آبي في المنصب حتى سبتمبر (أيلول) 2020، ما يسمح له بحضور مناسبة مهمة في ولايته التاريخية هي أولمبياد طوكيو 2020 الذي تم إرجاؤه إلى 2021، لكن يبدو أن مشكلاته الصحية تمكنت منه مجدداً، وأعلن في عام 2020 استقالته بسبب المرض.
العلاقات الخارجية
وعلى المسرح الدولي، اتخذ آبي موقفاً حازماً من كوريا الشمالية، لكنه سعى ليكون صانع سلام بين الولايات المتحدة وإيران.
وجعل من أولوياته بناء علاقة شخصية وثيقة مع الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، سعياً للحفاظ على أهم تحالفات اليابان، على الرغم من شعار "أميركا أولاً" الذي كان يرفعه الرئيس الجمهوري، وحاول إصلاح العلاقات مع روسيا والصين، لكن هنا أيضاً لا يخلو الأمر من تضارب، فقد بقي ترمب مصمماً على إجبار اليابان على دفع مبلغ أكبر للقوات الأميركية المنتشرة على أراضيها.
وأخفقت طوكيو في تحقيق تقدم في حل قضية الجزر الشمالية المتنازع عليها مع روسيا، فيما فشلت خطة لدعوة الرئيس الصيني شي جينبيغ لزيارة رسمية، وسط تصاعد مشاعر الاستياء الداخلي تجاه بكين.
فضائح وانتقادات
وخلال ولايته، تصدى آبي لفضائح سياسة، من بينها اتهامات بالمحسوبية أدت إلى تراجع نسبة التأييد له، لكن لم تتمكن من المس بسلطته، لأسباب منها ضعف المعارضة السياسية في اليابان.
ولم يقم آبي بتكرار زيارة مثيرة للجدل عام 2013 إلى نصب لضحايا الحرب أثارت استياء واسعاً في المنطقة وانتقادات الولايات المتحدة، وتمسك بنهج متشدد تجاه كوريا الجنوبية في شأن خلافات مستمرة من فترة الحرب، وواصل الدفع بخطط لتعديل الدستور السلمي لليابان.