Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

من هو تنظيم "حراس الدين"؟

مجموعة متشددة موالية لـ"القاعدة" وأغلب قياداتها من الأجانب المتمرسين في القتال والأعمال الاستخباراتية

"أبو حمزة اليمني" الذي قتل في غارة أميركية في مدينة إدلب (أ ف ب)

أعاد استهداف واشنطن القيادي "أبا حمزة اليمني" وقتله بطائرة مسيرة بمدينة إدلب في شمال غربي سوريا، ليل الاثنين 27 يونيو (حزيران)، الضوء على تنظيم "حراس الدين"، المنتمي إليه، والذي ينشط بجانب "هيئة تحرير الشام"، في تلك المنطقة الشاسعة (إدلب والمناطق المحيطة بحماه واللاذقية)، ويرتبط ارتباطاً وثيقاً بتنظيم "القاعدة" منذ تأسيسه في أواخر فبراير (شباط) من عام 2018.

ويضم التنظيم، الذي يخضع وقادته، لعقوبات أميركية وأوروبية، ويصنف ضمن قائمة المنظمات الإرهابية العالمية، ما بين 2000 و2500 مقاتل، بحسب الأمم المتحدة، وينضوي تحت رايته عدد من الفصائل المتشددة أبرزها "جيش البادية"، و"جيش الساحل"، و"سرية كابل"، و"سرايا الساحل"، و"جيش الملاحم"، و"جند الشريعة"، و"كتيبة أبو بكر الصديق"، و"كتيبة أبو عبيدة بن الجراح"، و"سرية عبد الرحمن بن عوف"، و"كتيبة البتار". فماذا نعرف عن ذلك التنظيم؟

التأسيس والانطلاق

بحسب المعنيين بشؤون الجماعات الإرهابية، فإن تنظيم "حراس الدين" بدأ ظهوره عام 2018 كفصيل ضمن "هيئة تحرير الشام"، التي كانت تسمى "النصرة" سابقاً، قبل أن يفك ارتباطه بها، بعد تخلي الهيئة عن تنظيم "القاعدة" وزعيمها أيمن الظواهري، إذ تشكل بالأساس من كبار قيادات تنظيم "القاعدة" في سوريا. وتركز وجودهم بشكل أساسي في مواقع متقدمة على خطوط التماس مع قوات النظام السوري وحلفائهم.

ويقول مركز "كارنيغي" لأبحاث السلام، إن في الـ27 من فبراير 2018 تأسس تنظيم "حراس الدين"، وتشكل من اندماج فصائل ومجموعات مختلفة، جاء على رأسها "جند الملاحم في بلاد الشام" أحد التنظيمات المتشددة المنشقة عن "هيئة تحرير الشام". وضم التنظيم في صفوفه قرابة 800 عنصر معظمهم من غير السوريين، مشيراً إلى أن الروابط بين التنظيم الجديد و"القاعدة" تجلت في الأيام الأولى من ظهوره، إذ أعلن في بدايات مارس (آذار) من العام ذاته في بيانه الأول مبايعته تنظيم "القاعدة". ودعا إلى وقف القتال الدائر في إدلب وريف حلب بين "هيئة تحرير الشام" وائتلاف آخر من المجموعات المحلية يعرف بـ"جبهة تحرير سوريا".

مركز" كارنيغي" وفي دراسته التي كتبها مهند الحاج علي، في يونيو من عام 2018، ذكر أن أحد الأسباب في ظهور "حراس الدين" كان التحول الذي أصاب "جبهة النصرة" التابعة لتنظيم "القاعدة" في سوريا في حينها، إذ إنه وفي عام 2016، وبعد أن قدمت "جبهة النصرة" التابعة لتنظيم "القاعدة" في سوريا، نفسها في صورة جديدة عبر تغيير اسمها إلى "جبهة فتح الشام"، ثم "هيئة تحرير الشام" (بعد دخولها في ائتلاف مع عدد من المجموعات)، معلنةً تباعدها عن "القاعدة"، أثار ذلك نفور المتشددين في الجبهة، ومعظمهم من المقاتلين الأجانب، ليتحول هؤلاء المقاتلون نحو إعلان تنظيمهم الخاص تحت اسم تنظيم "حراس الدين"، والذي حافظ على ولائه لزعيم "القاعدة" أيمن الظواهري، ووقف حينها على شفير الدخول في مواجهة شاملة مع "هيئة تحرير الشام".

وتابع "بعد إعلان التأسيس، التحق عدد من المتطرفين من ذوي تاريخ القتال، إلى جانب تنظيم القاعدة من أفغانستان إلى العراق، بصفوف التنظيم الجديد، وعلى رأسهم زعيم التنظيم، السوري سمير حجازي المكنى بـ(أبو همام السوري)، وأياد الطوباسي، المعروف بأبو جليبيب طوباس، وسامي العريدي، وخالد العاروري المعروف بأبو القسام".

ووفق هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، فإن "حراس الدين" تحول إلى تنظيم متشدد لا يستهان به في محافظة إدلب والمناطق المحيطة بحماه واللاذقية، بعد أن تمكن من ضم عدد من الفصائل الإرهابية في سوريا، مشيرة إلى أنه كان بمثابة الخيار الأمثل لعديد ممن يدينون بالولاء لتنظيم "القاعدة" من قيادات "تحرير الشام"، الذين رفضوا قرار زعيمها أبو محمد الجولاني بفك الارتباط بـ"القاعدة".

وذكرت "أي بي سي" أن عناصر التنظيم تتركز بالأساس في جبال غرب إدلب وجبل باريشا، ومدينة سرمين، وكانت أولى العمليات التي نفذها بمفرده ضد قوات النظام السوري في شمال محافظة حماه، كانت بعد تشكله في أبريل (نيسان) 2018. وعلى مدى السنوات الأربع الماضية، نسب أو تبنى تنظيم "حراس الدين" عدداً من العمليات العسكرية، التي استهدفت بالأساس القوات السورية.

"نواته الإرهابية أجنبية"

ووفق تقارير غربية، فإن "حراس الدين" مع نواته المتطرفة الأجنبية وانتمائه الصريح إلى "القاعدة"، يسعى دوماً لتوسيع نشاطه إلى خارج سوريا، مشيرة إلى أن الخلايا النائمة التابعة له وتكتيكاته في شن حرب عصابات، مثل الاغتيالات على الدراجات النارية والتفجير بواسطة سيارات مفخخة، تتيح له تأدية دور مزعزع للاستقرار، ما يسهم في تعزيز قوته. كذلك يشكل المقاتلون المتمرسون فيه مصدراً إضافياً لقوته، لما يتمتعون به من مهارات كبيرة في الحرب، وفي جمع المعلومات الاستخباراتية.

وفي دراسة نشرتها دار الإفتاء المصرية، في يناير (كانون الثاني) 2019، ذكرت أن "حراس الدين" استطاع التغلب على بعض نقاط الضعف والمتمثلة بالأساس في عدد أعضائه، عبر اعتماد "تكتيكات حرب العصابات"، والتي من خلالها، تمكن من استغلال الخبرات الحربية والعسكرية لأعضائه، وغالبيتهم من المقاتلين الذين شاركوا في القتال بالعراق وأفغانستان، مشيرة إلى أن قائد التنظيم وهو أبو همام السوري، من قدامى مسلحي "القاعدة"، والقائد السابق لـ"جبهة النصرة"، كما يترأس مجلس الشورى سيف العدل، وهو ضابط سابق في القوات الخاصة المصرية، وكان مقرباً من زعيم تنظيم "القاعدة" السابق أسامة بن لادن، وجهت له واشنطن اتهامات في قضية تفجير السفارتين الأميركيتين في نيروبي ودار السلام عام 1998، ومتهم كذلك باختطاف الصحافي الأميركي دانييل بيرل عام 2002.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

من جانبها، ووفق صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، فإن النشاط المتزايد لـ"حراس الدين" في سوريا أقلق الغرب والولايات المتحدة، لا سيما مع تقديرات استخباراتية أميركية تفيد بتحرك التنظيم نحو التخطيط لشن هجمات ضد الغرب، باستغلال الوضع الأمني الفوضوي في شمال غربي البلاد، والحماية التي توفرها، ربما من دون قصد، الدفاعات الجوية الروسية لقوات الحكومة السورية المتحالفة مع موسكو. مضيفة أن تلك الجماعة تعد خطرة إلى درجة أن وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) اتخذت في عام 2019، خطوة نادرة، تمثلت في استخدام خط ساخن خاص مع القادة الروس في سوريا، للسماح للجيش الأميركي بشن ضربات جوية ضد قادة التنظيم ومعسكرات تدريب في محافظتي حلب وإدلب. ولفتت إلى أن تلك الهجمات كانت نادرة غرب الخط الفاصل غير الرسمي بين القوات الأميركية إلى الشرق من نهر الفرات، وقوات الحكومة الروسية والسورية غرب النهر.

ونقلت الصحيفة عن بيتر جاب ألبيرسبرغ، المنسق الهولندي لمكافحة الإرهاب، قوله إنه "لا يزال هناك تهديد عام من تنظيم القاعدة، يتصاعد ببطء".

وتقول الخارجية الأميركية، التي ترصد مكافأة مالية ضخمة لمن يدلي بمعلومات عن قادة تنظيم "حراس الدين"، وعلى رأسهم زعيم التنظيم فاروق السوري والزعيم الديني سامي العريدي، إن هذا التنظيم "هو جماعة إرهابية موالية لتنظيم القاعدة، ظهرت في سوريا في بداية عام 2018 بعد انشقاق العديد من الفصائل عن هيئة تحرير الشام"، مشيرة إلى أنه في سبتمبر (أيلول) من عام 2019، تم تصنيف التنظيم بشكل خاص ككيان إرهابي عالمي، وتم حظر جميع ممتلكاته، والفوائد العائدة عليها التي تخضع للولاية القضائية الأميركية، وتم منع الأميركيين بوجه عام من إجراء أي معاملات مع تنظيم "حراس الدين".

من جانبه، يقول الاتحاد الأوروبي، وبعد أن قرر المجلس الأوروبي في مايو (أيار) 2022 وضع "حراس الدين" على قائمة الإرهاب، إن "التنظيم يعمل باسم القاعدة وتحت مظلته، وشارك في التخطيط لعمليات إرهابية خارجية". أضاف أن التنظيم ولتحقيق أهدافه، أقام "معسكرات عمليات في سوريا توفر تدريباً إرهابياً لأعضائه"، كما "انضم العديد من المقاتلين الإرهابيين الأجانب الأوروبيين إلى صفوفه منذ إنشائه".

أحدث الغارات الأميركية على قادته

وليل الاثنين، قتلت ضربة أميركية قيادياً في تنظيم "حراس الدين" في محافظة إدلب شمال غربي سوريا. وأعلنت القيادة المركزية للجيش الأميركي "سنتكوم" في بيان، أن "أبا حمزة اليمني كان يتنقل بمفرده على دراجة نارية أثناء الضربة"، مؤكدة أن "القضاء على هذا القيادي البارز سيعيق قدرة تنظيم القاعدة على شن هجمات ضد مواطنين أميركيين وضد شركائنا وضد المدنيين الأبرياء في سائر أنحاء العالم".

ونقلت شبكة "سي أن أن" الإخبارية الأميركية عن مسؤول مطلع على العملية، قوله إن الولايات المتحدة "واثقة إلى حد بعيد" من أن الغارة التي نفذتها طائرة من دون طيار، أدت إلى مقتل أبي حمزة اليمني. كذلك ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن اليمني قتل في العملية الأميركية التي استهدفته قبل منتصف الليل على الطريق الذي يربط مدينة إدلب وبلدة قميناس (جنوب شرقي إدلب)، مشيراً إلى أنها المرة الثانية التي يتم فيها استهداف اليمني، إذ كان قد نجا في ضربة مشابهة العام الماضي.

ومنذ سنوات تلاحق القوات الأميركية قياديين من تنظيمي "داعش" و"القاعدة" في مخابئ لجأوا إليها في مناطق عدة في شرق سوريا وشمالها وغربها، بينها إدلب ومحيطها خصوصاً بعد هزيمة التنظيم قبل ثلاث سنوات.

وعملية الاثنين، هي الثانية التي تنفذها القوات الأميركية في يونيو الحالي ضد قيادي إرهابي في سوريا. وقبل نحو أسبوعين، ألقت القوات الأميركية القبض على هاني أحمد الكردي، القيادي البارز في تنظيم "داعش" في منطقة تحت سيطرة فصائل موالية لأنقرة في شمال محافظة حلب المجاورة.

ويذكر أنه في يونيو 2019، استهدفت القوات الأميركية مبنى في جنوب حلب، كان يجتمع فيه بعض كبار الشخصيات في "حراس الدين" وفصائل أخرى، ما أسفر عن مقتل اثنين من كبار قادة التنظيم. كذلك في نهاية أغسطس (آب) من العام ذاته، تم استهداف معسكر تدريب لـ"حراس الدين" و"أنصار التوحيد" (الموالية للقاعدة).

كذلك استهدفت القوات الأميركية في الأول من سبتمبر 2019 اجتماعاً كبيراً على مستوى القيادات للتنظيم، أعلنت حينها أنه أسفر عن مقتل 29 بينهم سبعة قادة يحملون جنسيات أجنبية.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات