Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ما أبعاد حذف صفحة "ثورة ماب" المثيرة للجدل في لبنان؟

كانت تتبع تحركات السياسيين واستطاعت تبديل مفهوم "إنستغرام" وتقديم نموذج مختلف

واجهت صفحة "ثورة ماب" تبليغات متكررة على "إنستغرام" بسبب منشورات لها( وسائل التواصل الإجتماعي)

لطالما اعتبرت "إنستغرام" بشكل أساسي منصة لنشر الصور الخاصة بالموضة والجمال والرحلات من بين مختلف وسائل التواصل الاجتماعي، فيما أفسحت صفحات "تويتر" المجال للتعبير عن الرأي والموقف. أما صفحة "ثورة ماب"، فاستطاعت أن تبدل هذا المفهوم وتقدم نموذجاً مختلفاً على منصة "إنستغرام" منذ تأسيسها بعد انطلاق ثورة 17 أكتوبر (تشرين الأول) في لبنان.

منذ تلك المرحلة، بدا وكأن القيمين على الحساب قد أخذوا على عاتقهم مسؤولية محاربة الفساد على طريقتهم الخاصة،  إذ سعوا إلى مواجهة السياسيين والمسؤولين في المجال المصرفي وغيرهم من النخبة الحاكمة التي أسهمت بانهيار مالي واقتصادي يُعدّ من الأسوأ في العالم في البلاد، عبر الحد من تحركاتهم وحريتهم في الأماكن العامة أو التظاهر أمام منازلهم أو أماكن عملهم.

في أولى مراحل انطلاقها، بدأت الصفحة بنشر نقاط التجمع للثوار في سبيل تحقيق مزيد من الانتشار، علماً أن القيمين عليها لم يكشفوا عن هوياتهم وفضلوا الاستمرار بالعمل بطريقة خفية، منعاً لما يمكن أن يتعرضوا له من مواجهات قد تهدد سلامتهم أو تمنعهم من التعبير عن مواقفهم بحرية، معتقدين أن هويتهم هي هوية جميع اللبنانيين الذين يمثلونهم بغض النظر عن هويتهم الفعلية.

مواجهات وملاحقات

سرعان ما بدأت الصفحة بالتوسع عبر نشر أماكن وجود السياسيين وتحركاتهم بتنسيق تام بين مجموعات مختلفة وصفحة "ثورة ماب". مع الوقت، ازداد مراسلو الصفحة والمتعاونين معها، خصوصاً أنها كانت تفتح المجال لأي كان، سواء في لبنان أو في مختلف أنحاء العالم، لإرسال مشاهدات أو فيديوهات موثقة يمكن نشرها بعد التحقق من صحة المحتوى، أكانت صورة أو فيديو أو أي محتوى آخر. لذلك، في تلك المرحلة، انتشرت فيديوهات كثيرة لمواجهات واشتباكات أحياناً مع سياسيين، وانقسمت آراء اللبنانيين حينها بين مؤيدين لهذه التحركات ومعارضين لها.

في المقابل، أصبحت الصفحة والقيمين عليها موضع ملاحقة شيئاً فشيئاً في لبنان، وحصلت استدعاءات لشخصيات بسبب شكوك بأنهم قد يكونون خلف هذه الصفحة والتحركات التي تقوم بها، من دون أن يتم تأكيد ذلك. وفي الوقت ذاته، واجهت الصفحة تبليغات متكررة ضد منشورات، وأوقف الحساب بسبب ذلك، ما دفع القيمين عليها إلى إنشاء صفحة "ثورة ماب 2" بعد مواجهتها تبليغات متكررة ضد منشوراتها، ما كان يعوق تحقيق الهدف الذي أنشئت الصفحة من أجله.

على أثر ذلك، أثير جدل حول ما إذا كانت الصفحة تتعدى على الخصوصية والحرية الفردية، خصوصاً عند تعقب السياسيين وأفراد عائلاتهم في الأماكن العامة، وإن كان القيمون عليها يبررون ذلك بكون هؤلاء من الشخصيات العامة التي تنشر أخبارها عبر وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، وأن من يتحرك هم اللبنانيون الذين في لبنان والمهجر للاستقصاء ولتأمين المعلومات حول تحركاتهم، بعد ما تسببوا فيه من فساد وانهيار على مستوى الوطن.

انتهاك لسياسات "إنستغرام"

بالفعل، تكررت التبليغات ضد منشورات صفحة "ثورة ماب" لخرقها مبادئ "إنستغرام" للخصوصية من خلال منشوراتها التي تترصد فيها ممتلكات وتحركات أفراد من الطبقة الحاكمة أو من يرتبطون بهم في لبنان.

آخر ما تعرضت له من أيام قليلة هو حجب الحساب من قبل منصة "إنستغرام"، بسبب تبليغات ضد منشور خرقت فيه شرط الخصوصية الذي تفرضه سياسات المنصة. فبعد حذف المنشور، أعادته "ثورة ماب" مع تعديلات فيه علّ ذلك يمنع حذفه، فإن حملة التبليغات استمرت وحجبت "إنستغرام" الصفحة نهائياً بعد 24 ساعة. كما حذفت أيضاً حسابات "ثورة ماب" الاحتياطية، لكنها أعادت الصفحة بعد حذف دام يومين. ورأى الداعمون للصفحة والنشطاء في هذا المجال، أن عودة صفحة "ثورة ماب" انتصار لحرية التعبير.

كانت "إنستغرام" حذرت صفحة "ثورة ماب" مراراً من نشر طلبات لتأمين أدوية للمقيمين في لبنان، ثم عادت الصفحة بعد تواصل بين منظمة "سميكس" التي تُعنى بالحقوق الرقمية في لبنان و"إنستغرام" من خلال فريق منصة دعم السلامة الرقمية لشرح الإطار السياسي والاقتصادي لمنشورات "ثورة ماب".

في ظل هذا الجدل حول ما إذا كانت صفحة "ثورة ماب" تنتهك فعلاً مبدأ الخصوصية وتخالف سياسات "إنستغرام"، قال المستشار والخبير في التحول الرقمي وأمن المعلومات رولان أبي نجم، في حديثه إلى "اندبندنت عربية"، إنه عند استخدام أي من منصات التواصل الاجتماعي لا بد من الموافقة على جميع الشروط والأحكام التي تضعها وغالباً ما يتم إهمالها، فيوافق كثيرون عليها تلقائياً من دون قراءتها. "لكن لاحقاً عند حصول مخالفة لهذه القوانين والشروط، يعتقد المستخدم أنه مستهدف، فيما سياسات هذه المنصات واضحة ويستحيل انتهاكها بأي ظرف من الظروف".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الذكاء الاصطناعي يكشف المخالفة

بالنسبة إلى سياسات "إنستغرام" حول مبدأ الخصوصية، ثمة شرطان أساسيان لا بد من الانطلاق منهما ويقضيان بأن لا يمكن نشر أية معلومة خاصة بشخص آخر من دون الحصول على إذن منه، كما لا يمكن نشر ما يُعتبر أنه غير قانوني أو مخادع أو مضلل أو غير مصرح عنه.

وأوضح أبي نجم، "في الواقع، خالفت صفحة ثورة ماب هذين الشرطين الأساسيين بشكل متكرر في الأعوام الماضية، وصولاً إلى المرة الأخيرة، التي انتهكت فيها مبدأ الخصوصية عبر نشر رقم لوحة سيارة". وقال "يخالف القيمون على الصفحة بشكل واضح وصريح القوانين والسياسات الخاصة بمنصة إنستغرام في هذا المجال، بشكل لا يدعو للجدل".

أما التبليغات ضد المنشور، فيرى أنها لا تشكل استهدافاً شخصياً، بل هي طبيعية في مثل هذه الحالات، بسبب عدم احترام سياسات المنصة. وعلى أثر تكرار التبليغات والاستمرار بالمخالفة يمكن أن توقف المنصة الحساب، علماً أن مخالفات سياسات المنصة تكشف غالباً على أساس نظام الذكاء الاصطناعي الذي يسمح بكشفها تلقائياً إذا كانت واضحة وسريعة، ويمكن وقف الحساب تلقائياً بحسب مستوى المخالفة. فيتخذ قرار بوقف الحساب كاملاً من دون تبليغ عندها، أو بحجب المنشور وفق نوع المخالفة.

في المقابل، ثمة حالات يعجز فيها نظام الذكاء الاصطناعي الخاص بالمنصة عن تقدير المخالفة وكشفها. عندها يمكن حجب المنشور أو وقف الحساب على أساس التبليغات، ومع تكرار المخالفات يتم وقف الحساب بعد محاولة النشر بطريقة مختلفة للتحايل على أنظمة المنصة، كما حصل مع "ثورة ماب" عندما أعيد النشر مرة ثانية من دون وضع رقم لوحة السيارة لتمرير رسالة معينة. قد يلجأ البعض إلى تغيير في كلمة هي ممنوعة أو في الصورة، وفي حال التحايل بهذا الشكل، توقف المنصة الحساب تلقائياً.

أما لاستعادة الحساب، فيمكن إما التوضيح للمنصة أن ما حصل هو عن طريق الخطأ، وبعد التحقق من صحة ذلك تعيده، أو بالنسبة إلى المؤسسات التي تكثف من الإعلانات عبر المنصة، يكون لديها موظف خاص هو مدير الحساب الذي يسمح بالتواصل المباشر مع المنصة، ما يسهل عملية استعادة الحساب في حال وقفه.

وأشار أبي نجم إلى أن الحسابات التي لها علاقة بالرأي العام أو السياسة تكون أكثر عرضة للتبليغات، وتؤخذ في الاعتبار وتخضع لرقابة معينة، كما بالنسبة إلى حساب "ثورة ماب" المصنفة على هذا الأساس كحساب للمعارضة، وإن لجأت الصفحة إلى إنشاء حسابات احتياطية.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير