Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ندرك اليوم أن "اقتحام كابيتول" لم يكن محاولة انقلاب فوضوية بل هجوم موجه

كانت هناك خطة تضم أربعة أجزاء أساسية

جلسة الاستماع مشفت مدى تمدد جهود ترمب الرامية إلى قلب نتائج الانتخابات (رويترز)

"حفنة من مسؤولي الانتخابات في عدد من الولايات منعت دونالد ترمب من قلب الديمقراطية الأميركية رأساً على عقب"، هذا الاقتباس المأخوذ من الرئيس [للجنة 6 يناير (كانون الثاني)] بيني تومبسون (ديمقراطي من ولاية ميسيسيبي) لم يكن مبالغاً فيه، لقد كان الحقيقة المباشرة والتي تلخص الشهادات خلال جلسة الاستماع هذا اليوم.

كان الشهود بعد ظهر اليوم بين تلك الحفنة من مسؤولي الانتخابات ممن وقفوا ضد محاولة ترمب الانقلابية. وركزت شهاداتهم على حملة الرئيس السابق في ولايات متعددة للضغط على هيئاتها التشريعية ومسؤولي الانتخابات [فيها] لإبطال نتائج انتخابات عام 2020. أدلى كل من براد رافنسبيرغر، الأمين العام لولاية جورجيا، وغابرييل ستيرلنغ مساعد الأمين العام لولاية جورجيا، وراستي باورز رئيس مجلس النواب في ولاية أريزونا، بشهاداتهم حول محاولات ترمب الضغط [للتأثير في النتائج] وفضحوا أكاذيبه المتعلقة بتزوير انتخابي. جميع هؤلاء [الشهود] جمهوريون. وكما لو كان ذلك لا يشكل في حد ذاته إدانة كافية، أصغينا في نهاية جلسة الاستماع إلى واندريا "شاي" موس، وهي من الموظفات في الانتخابات في جورجيا، التي هوجمت وتعرضت للتهديد بسبب نظرية المؤامرة المعروفة باسم "حقيبة السفر المليئة بأوراق الاقتراع". [تزعم حملة ترمب أن لقطات كاميرات المراقبة قد التقطت العاملين في الانتخابات في جورجيا وهم يضيفون الآلاف من بطاقات الاقتراع غير القانونية التي تم إحضارها إلى منشأة في أتلانتا في "حقائب" مشبوهة ليلة الانتخابات].

وتوضح جلسة الاستماع هذه مدى تمدد جهود ترمب الرامية إلى قلب نتائج الانتخابات. وقاد الجلسة النائب آدم شيف (ديمقراطي من ولاية كاليفورنيا) وتم توزيعها على أربعة أجزاء: الضغط على الهيئات التشريعية في الولايات إلى سحب المصادقة على نتائج انتخاباتهم، وخطة لتنظيم قائمة من ناخبي ترمب [الرئاسيين] المزيفين في الولايات التي تدور فيها المعركة الحاسمة، وشن حملة ضغط مباشرة على مسؤولي الانتخابات في جورجيا من أجل "إيجاد" أصوات، والترهيب الشنيع الذي استهدف عاملي الانتخابات. حتى إننا سمعنا اليوم معلومات جديدة حول تورط بعض المشرعين الجمهوريين.

"قم بذلك فقط"... الضغط لسحب المصادقة على نتائج انتخابات الولايات

في 5 نوفمبر (تشرين الثاني) 2020، أي بعد يومين من الانتخابات وحتى قبل الإعلان رسمياً عن نتائجها، طلبت كليتا ميتشل محامية ترمب من جون إيستمان كتابة مذكرة تدعو الهيئات التشريعية في الولاية إلى إلغاء انتخاباتهم. نعم إنه جون إيستمان عينه. إيستمان لبى الطلب. وأثارت هذه المذكرة حملة فريق ترمب التي لا هوادة فيها للضغط على الهيئات التشريعية للولايات لقلب إرادة ناخبيهم. واشتملت على مكالمات هاتفية لا تعد ولا تحصى مع مشرعي الولايات أجراها رودي جولياني ومحامية ترمب جينا إيليس وترمب نفسه.

وكان راستي باورز أحد هؤلاء المشرعين الذين تعرضوا للضغط. وكان باورز شاهداً مقنعاً إلى حد يكاد لا يصدق، سواء من حيث الجوهر أو [على أساس] حقيقة أنه جمهوري ورئيس حالي لمجلس النواب في ولاية أريزونا.

وزعم رئيس مجلس النواب باورز أن رودي جولياني طلب منه في مكالمة هاتفية أن يعقد جلسة استماع ويستبدل ناخبي ترمب بناخبي بايدن [ناخبي المجمع الانتخابي]. وإذ شعر باورز بالحيرة، أجابه "أنت تطلب مني أن أفعل شيئاً يتعارض مع قسمي" [باحترام] دستور وقوانين ولاية أريزونا. وطالب باورز من جولياني ومن إيليس محامية ترمب أدلة على حصول تزوير [في أصوات] المقترعين. وردت إليس بعذر سخيف وغير جدي بأن لديها الأدلة الكاملة لكنها لم تحضرها معها.

وعندها سارع جولياني إلى المشاركة [في الحوار] قائلاً "لدينا الكثير من النظريات، ليس لدينا تماماً أدلة"، وذكر باورز أنه ضحك مع محاميه حول ذلك في أعقاب المكالمة، مقتنعاً أن تلك العبارة لا بد أن تكون زلة لسان. ولم تقدم أي أدلة إلى باورز على وجود تزوير انتخابي على نطاق واسع.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقال رئيس البرلمان باورز إنه في مكالمة هاتفية لاحقة مع ترمب أبلغه أنه قد صوت لصالحه، لكنه لن يفعل أي شيء غير قانوني من أجله. وهذا مثال آخر على أن ترمب أبلغ صراحة أن جهوده كانت غير قانونية. وبعد بضعة أيام من مكالمة ترمب، طلب إيستمان في مكالمة هاتفية مع رئيس مجلس النواب باورز أن يسحب المصادقة على نتائج انتخابات أريزونا. وعندما احتج باورز، قال له إيستمان "فقط افعلها" ودع المحاكم تبت الأمر، إلا أن باورز رفض ذلك.

ولم يكن مسؤولو ترمب هم الوحيدين الذين مارسوا ضغوطاً على باورز، فقد أدلى باورز بشهادة مفادها أن النائب آندي بيغز (جمهوري من ولاية أريزونا) قد طلب منه دعم عملية سحب المصادقة على نتائج انتخابات أريزونا. ورفض باورز مجدداً. وهذا هو النائب بيغز نفسه الذي قيل إنه طلب العفو.

خطة الناخب الرئاسي المزيف

اقترح كينيث شيسبرو، وهو محامي ترمب، في 18 نوفمبر 2020 مؤامرة لدفع ناخبي ترمب [الرئاسيين] لتنظيم وتقديم أصواتهم بأنفسهم، ثم بدأت حملة ترمب في تنظيم هذا الجهد. وعرضت لجنة 6 يناير شريط فيديو لرونا ماكدانيال، رئيسة المجلس الوطني الجمهوري، تزعم فيه أن حملة ترمب طلبت منها المساعدة في جمع ناخبي ترمب المزيفين.

وتم إصدار تعليمات لناخبي ترمب للاجتماع سراً. والتقى الناخبون في 14 ديسمبر (كانون الأول) في أريزونا، وجورجيا، ومتشيغان، ونيفادا، وبنسلفانيا، وويسكونسن لإعداد أصواتهم الانتخابية المزورة. وفي كشف مفاجئ صادم، أزاحت اللجنة الستار عن رسائل نصية من السيناتور رون جونسون (جمهوري من ويسكونسن) إلى المدير التشريعي لدى [نائب الرئيس الأميركي آنذاك مايك] بنس طالباً منه تسليم [نتيجة تصويت] الناخبين المزيفين إلى بنس باليد في 6 يناير، ورفض بنس ذلك.

وتقوم وزارة العدل حالياً بالتحقيق في خطة الناخبين المزيفين.

مكالمة رافنسبيرغر الهاتفية

بدأت شهادة رافنسبيرغر وستيرلنغ بفضح أكاذيب ترمب الانتخابية. وشرح سترلينغ [كيف جرت] عملية فرز الأصوات يدوياً في جورجيا، وكيف أنهم لم يجدوا أي تزوير واسع النطاق. ولفت رافنسبيرغر إلى أن كل عمليات الفرز الثلاث للأصوات في ولاية جورجيا أظهرت أن ترمب قد خسر. وأضاف "الأرقام هي الأرقام. والأرقام لا تكذب".

ولتهيئة السياق للمكالمة سيئة الصيت بين ترمب ورافنسبيرغر، عرض شيف [على الحضور] بعض المقاطع. وقال المدعي العام السابق ويليام بار إنه أبلغ ترمب أن مزاعمه في شأن حصول تزوير في جورجيا لا أساس لها من الصحة. وأضاف "لقد ألقينا بأنفسنا نظرة فاحصة متأنية على هذا واستناداً إلى مراجعتنا له... فإن المزاعم المتمحورة حول مقاطعة فولتون لا قيمة لها. وكانت بطاقات الاقتراع تحت الطاولة أصواتاً مشروعة، ولم تكن في حقيبة سفر"، ثم وصف بار بعد ذلك ادعاءات ترمب في شأن التزوير الانتخابي مستعملاً كما يبدو التوصيف المفضل لديه "لقد قلت له إن الأشياء التي تروج لها جماعته بين الجمهور، هي هراء، وإن الادعاءات بحصول تزوير أيضاً هراء".

هكذا، فقد قيل لترمب إن مزاعمه كانت كاذبة، لكن ذلك لم يحمله على التوقف. وقال شيف إن رئيس موظفي ترمب السابق مارك ميدوز اتصل هاتفياً بمكتب رافنسبيرغر أو بعث إليه برسائل نصية 18 مرة، في محاولة لترتيب مكالمة معه. وفي 2 يناير 2021، أجريت أخيراً تلك المكالمة. واستغرقت 67 دقيقة [كل ما قيل فيها] معلومات مضللة وهمية.

وكان بين المشاركين ترمب وميدوز، ومحامو ترمب، والسكرتير رافنسبيرغر ومحامو رافنسبيرغر. وعلى الرغم من إخباره بأن ادعاءاته كانت كاذبة، فإن ترمب كرر نظرية المؤامرة المسماة بـ"الحقيبة المليئة بأوراق الاقتراع" في المكالمة الهاتفية.

كان يمكنك تقريباً أن تسمع ترمب وهو يتصبب عرقاً في الوقت الذي قال فيه مذعوراً في المكالمة المسجلة "أريد فقط أن أجد 11780 صوتاً، والذي يزيد بصوت عما لدينا". وإن الجزء الذي يورد فيه "واحداً أكثر مما لدينا" لافت. لم يكن ترمب يطلب من رافنسبيرغر إيجاد أوراق اقتراع شرعية، بل كان يطلب منه أن يختلق أصواتاً تماماً لتغطية الهامش الذي كان يحتاج إليه للفوز.

ولم تكن هذه هي الشهادة الوحيدة لرافنسبيرغر في الأسابيع الأخيرة، فقد أدلى بشهادته تحت القسم لخمس ساعات أمام هيئة المحلفين الكبرى الخاصة في التحقيق الجنائي الخاص في مقاطعة فولتون بمحاولة ترمب قلب نتائج الانتخابات. وإن فاني ويليس المدعية العامة لمقاطعة فولتون قد اتبعت "نهجاً عدوانياً بشكل غير عادي" في التحقيق، وقالت إن القرار حول ما إذا كانوا سيوجهون الإدانة إلى ترمب قد يأتي بحلول الخريف، بحسب ما ذكرت ياهو نيوز.

تخويف العاملين في الانتخابات

وفي الجزء الأخير من جلسة الاستماع لهذا اليوم، تناولت لجنة 6 يناير عنصراً مهماً من محاولة ترمب الانقلابية لم يحظَ بقدر كافٍ من المناقشة. لم تكن التهديدات بالعنف نتيجة غير متعمدة بل في صلب الاستراتيجية المتبعة. أدرك ترمب وحلفاؤه أن العاملين في الانتخابات يتلقون تهديدات بالقتل، لكنهم [ترمب وحلفاؤه] واصلوا، على الرغم من ذلك، على المنوال نفسه.

لم يتخذ حلفاء ترمب، عن طريق الخطأ، من واندريا "شاي" موس ووالدتها، وهما من صاحبات البشرة السوداء، وجهين لأكاذيبهم الانتخابية في جورجيا. وعلى الرغم من حقيقة أن "حقيبة السفر المليئة بأوراق الاقتراع" قد ثبت أنها كانت كذباً خالصاً، فإن حياة شاي التي كانت أمام الكاميرا في تلك اللقطات، قد انقلبت رأساً على عقب.

وبعد أن هاجم ترمب شاي ووالدتها 18 مرة في مكالمته الهاتفية مع رافينسبيرغر، فقد واجهتا تهديدات عنيفة. بكت شاي أثناء الإدلاء بشهادتها وقالت إن التهديدات التي واجهتها كانت "كلها بسبب أكاذيب" وجعلتها تخشى الخروج إلى الأماكن العامة. وقد توقفت منذ تلك الفترة عن أداء دورها كعاملة انتخابية.

وتحدث غابرييل ستيرلنغ أيضاً في إفادته عن التهديدات، كما قدم باورز شهادة عاطفية زاعماً أن ابنته التي تعاني مرضاً خطيراً كانت منزعجة من التظاهرات المهددة خارج بيته، بما في ذلك ظهور شخص مسلح بمسدس. من الواضح أن العديد من الأميركيين العاديين من ذوي النيات الحسنة قد دمرت حياتهم بسبب التداعيات البعيدة المدى لأكاذيب ترمب.

كان هناك الكثير من التفاصيل المبعثرة لمحاولة ترمب الانقلابية، الأمر الذي قد يجعل تتبعها صعباً. تقوم جلسات الاستماع هذه بتجميع لغز مؤلف من ألف قطعة بكفاءة منهجية. كل شيء كان متصلاً. وشكلت كذبة ترمب الكبيرة الأساس للمؤامرة بأكملها. وقد رفع دعوى قضائية على أساس هذه الكذبة وخسر 61 مرة. وعندما لم ينجح ذلك، مارس الضغط على المجالس التشريعية للولايات. وحين لم ينجح ذلك، سعى هو وجون إيستمان إلى الضغط على نائب الرئيس مايك بنس لقلب نتائج الانتخابات في 6 يناير. ولما لم ينجح ذلك لجأ إلى تحريض رعاع بقيادة مجموعات متطرفة [للاعتداء] على مبنى الكابيتول.

وبقدر ما يمكن أن تبدو عليه محاولة ترمب انفعالية وغير كفؤة، فهي لم تكن كذلك. إنها لم تكن مجرد محاولة انقلابية من دون هدف، بل لقد كانت هجوماً حاسماً وموجهاً على دعائم الديمقراطية الأميركية. وكما قال آدم شيف اليوم إن "النظام صمد لكن بالكاد". والجزء المرعب أكثر هو أنه في أعقاب ذلك، لا يزال حلفاء ترمب يستهدفون بدقة أشعة الليزر هذه الدعائم نفسها. لا يسعنا إلا أن نفترض أنهم يفعلون ذلك على أمل أن تكون لديهم في المرة المقبلة فرصة أفضل للإفلات من العقاب.

نشر في "اندبندنت" بتاريخ 23 يونيو 2022

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من آراء