Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ما هي الحلول التي سيعتمدها العراق لمواجهة التغيرات المناخية؟

تعاني بلاد الرافدين من التصحر وتقلص المساحات الزراعية وندرة مياه الأمطار

شبان عراقيون يسبحون في مياه نهر الفرات بمواجهة الحر في مدينة النجف، في 24 يونيو الحالي (رويترز)

تُعدّ بلاد الرافدين الأكثر تضرراً بالمتغيرات المناخية من دول المنطقة، إذ إنها أثرت بشكل كبير في الأجواء العراقية فتعيش البلاد أزمة تصحر أدت إلى اختفاء بعض الأنهار بسبب قلة مياه الأمطار وتقلّص المساحات الزراعية.

تحديات بيئية كبيرة

واعتبر وزير البيئة جاسم الفلاحي أن "العراق أكثر تضرراً بالمتغيرات المناخية من دول المنطقة"، كاشفاً عن السعي إلى عقد اجتماع لهذه الأطراف في بغداد يناقش مواجهة التحديات، أهمها تقاسم الضرر على صعيد شحة المياه. وتحدث عن "تشكيل لجنة وطنية لتنفيذ مبادرة إنعاش وادي الرافدين بتضمينها إنشاء مشاريع التشجير والحفاظ على التنوع الإحيائي والمحميات الطبيعية".
وذكر في تصريح صحافي أن "العراق يعاني من تحديات بيئية كبيرة وأن التغيّر المناخي والجفاف والتراجع في الحصص المائية وتدهور الأراضي والتصحر والعواصف الترابية والسياسة النفطية المستقبلية واتفاق باريس والطاقات المتجددة تُعدّ من أبرز تلك التحديات". وأوضح أن "الوزارة شاركت في اجتماع سابق لمجلس الوزراء وقدمت فيه رؤية عن التحديات البيئية، خصوصاً مواضيع العواصف الترابية والجفاف والتصحر".
وأكد الفلاحي أن "الاجتماعات ناقشت التحديات وأبرزها التنوع الاقتصادي وعدم الاعتماد على الوقود والنفط الخام للطاقة والاقتصاد"، منوهاً إلى أن "اللقاء  برئيس الجمهورية نوعي في مسيرة العمل المناخي باعتباره عزز ما يُسمّى بـ’المسؤولية المجتمعية‘، في مواجهة التحديات المناخية"، ومشيراً إلى أن "الشعار العالمي هو: نمتلك أرضاً واحدة، بوصفه أحد المواضيع المهمة ويحمل رسالة أننا كحكومة ومواطنين ومنظمات المجتمع المدني ندعم الجهود لتعزيز العمل المناخي في العراق ومواجهة التحديات". وتابع أن "وزارة البيئة منذ تأسيسها عام 2003 كانت الجهود الدولية من قبل منظمات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي الداعم الرئيس لها".
ورأى أن "العالم بأجمعه تأثر بالتغيرات المناخية والعراق كان الأكثر تأثراً وهو واحد من بين أكثر خمس دول في العالم تأثرت بالشحة المائية والجفاف والتصحر وتقلص المساحات الزراعية، فضلاً عن الضغط الكبير الناتج من ارتفاع درجات الحرارة وطلب الطاقة".
وأوضح أن "العراق بدأ خططاً عملية لتطبيق العمل المناخي، بعدما وضعنا في وقت سابق خطة تتمثل في المساهمة الوطنية التي أقرّها مجلس الوزراء".
وأكد الفلاحي أن "العالم بأسره بدأ تطبيق الخطط الخاصة بمواجهة آثار التغيّر المناخي وأن دور الأمم المتحدة والمنظمات الدولية المعنية دعم العراق في تنفيذ هذه الخطط بما يُسمّى ’الخطط الوطنية للتكيّف مع التغيّر المناخي‘".
وأفاد بأن "ذلك يستلزم إنشاء مشاريع تتعامل مع التغيّرات المناخية ومنها مبادرة إنعاش وادي الرافدين المقدمة من رئيس الجمهورية برهم صالح وأقرها مجلس الوزراء والتي ترأس اللجنة العليا لها وزير المالية علي عبد الأمير علاوي وأنا ترأست الجانب الفني".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأردف الفلاحي أن "هذه الخطة تشمل مشاريع خاصة منها العراق الأخضر بإنشاء غابات وتشجير في جميع أنحاء البلاد، والحفاظ على التنوع الإحيائي والمحميات الطبيعية، ومعالجة الشحة المائية عن طريق إدخال المحور البيئي وموضوع التغيرات المناخية كمظلة جديدة في التفاوض مع دول المنبع".
ولفت إلى أن "العراق سبق أن طرح مبادرة لعقد اجتماع إقليمي لدول المنطقة كونها متأثرة بالتغيرات المناخية ولكن بدرجات متفاوتة، ونحن الأكثر تضرراً".
واعتبر "موضوع الشحة المائية وتناقص الإيرادات جدي لأنه يتعلق بحياة العراقيين وصحتهم، وهو من العوامل التي تؤثر بنحو كبير في الأمن المائي والغذائي والوطني وتؤدي إلى نزوح عدد كبير من الناس". وأردف أن "الهدف من الاجتماع هو إيجاد أرضية تفاوضية جديدة تعمل على مبدأ تقاسم الضرر، وهو أحد المسارات الدبلوماسية التي يعمل عليها العراق بعدما خطا خطوات مهمة باتجاه العمل المناخي بتسمية مبعوث للمناخ".
وتحدث الفلاحي عن "قرب عقد اجتماع لمبعوثي المناخ في دول المنطقة من أجل بلورة رؤية استراتيجية إقليمية لمواجهة التغيرات المناخية".
وكانت الأمم المتحدة صنفت في وقت سابق، العراق بين أكثر 5 دول تضرراً بالمتغيرات المناخية في العالم، في وقت تواجه البلاد أزمة مائية كبيرة واستمراراً للعواصف الترابية وازدياد معدلات التصحر وإهمالاً حكومياً لملفَي التشجير والحد من التجاوز على الأراضي الزراعية.

ثالوث مخيف

في السياق، نظم البنك المركزي العراقي بالتعاون مع وزارات البيئة والزراعة والموارد المائية ورابطة المصارف الخاصة العراقية والقطاع الخاص، ورشة تخصصية عن التغيرات المناخية والتصحر والأمن القومي. وقال محافظ البنك المركزي العراقي مصطفى غالب مخيف خلال كلمة له في افتتاح الورشة، إن "تغيّر المناخ والتصحر ونقص المياه تمثل ثالوثاً مخيفاً أدخل البشرية وهيئاتها الرسمية والمجتمعية في أقصى درجات الحذر والحيطة لأنه بات يهدد أمنها القومي ومستقبل أجيالها، بل وحاضرها أيضاً". وأضاف أن "البنك المركزي العراقي تدخّل من خلال إجراءات تيسير مالي ومبادرات تنموية تجاوز مجموعها 17 تريليون دينار إلى الآن"، لافتاً إلى أنه "عندما تدارسنا مع وزارة البيئة مخاطر التغييرات المناخية والانبعاثات الحرارية، قررنا مواجهة التحديات المتعلقة بالطاقة النظيفة والاستدامة، كذلك أطلقنا مبادرة لتمويل شراء وحدات توليد الكهرباء من الطاقة المتجددة بمبلغ تريليون دينار.
وفي ختام الورشة، تم تثبيت عدد من التوصيات أبرزها ضرورة تعاون كل المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص لمواجهة مخاطر التغيرات المناخية والتصحر ورفع مستوى الوعي بأخذ التدابير الرسمية والمجتمعية، وتشجيع الجمهور على التحول إلى استخدام مصادر توليد الكهرباء من الطاقة المتجددة، وتقديم الدعم المالي اللازم للوزارات القطاعية كافة بغرض ترشيد الاستخدامات المائية.

عوامل خارجية

أما الباحث الاقتصادي صالح لفتة، فأكد أن "التغيرات المناخية والبيئية في العراق لا تعتمد على الاستثمار البيئي فقط، فعوامل خارجية أضرت بشكل كبير في بيئة العراق لن تستطيع كبرى الشركات أن توقف تأثيراتها". واستعرض لفتة العوامل الخارجية بالقول إن "منها جفاف الأنهار بسبب تقليل الإطلاقات المائية في دجلة والفرات من دول الجوار، فأدت إلى كوارث بيئية في ضيعه وكذلك الحروب وما اقترفته يد الإنسان من تخريب وتجريف متعمد للبساتين وزرع أراضٍ شاسعة بالألغام ومخلفات الحروب وتجفيف الأهوار وما نتج من ذلك من قتل للحياة الطبيعية وتهجير أهالي تلك المناطق. ربما الاستثمار في تقنيات جديدة تسهم في الحفاظ على الحياة وتوفير عناصر صديقة للبيئة وتقليل تلوث الهواء والحد من التصحر وزحف الكثبان الرملية وتوفير بدائل جديدة من مواد غير ملوَثة وتقليل إطلاقات الكربون في الجو سيساعد في الحد من تدهور بيئة العراق ويشارك في إحيائها، لكن لن ينقذها بشكل كامل لأن الحلول كافة ليست في متناول اليد".

المزيد من بيئة