يزور ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، الأردن، الثلاثاء 21 يونيو (حزيران)، ضمن جولة إقليمية تشمل أيضاً مصر وتركيا، وتسلط هذه الزيارة المهمة الضوء على العلاقات الأردنية - السعودية التي توصف بأنها تاريخية تمتد لأعوام طويلة، عمادها التحالف والتكامل والمواقف المشتركة، كما يتوقع أن تدشن عهداً جديداً في العلاقة الأردنية السعودية.
ستتضمن الزيارة مناقشة القضايا الإقليمية والدولية والتعاون الثنائي وتوقيع عدد من الاتفاقيات في مجالَي الاستثمار والطاقة، كما أنها تأتي قبل أسابيع من زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن للسعودية.
وزار الأمير محمد بن سلمان الأردن عامي 2015 و2016، وترجمت هذه الزيارات لاحقاً إلى استثمارات ومواقف سياسية موحدة حيال الأزمة السورية والقضية الفلسطينية والتهديد الإيراني للمنطقة.
علاقات تاريخية
تصف وزارة الخارجية الأردنية العلاقات بين عمان والرياض بأنها تاريخية، إذ تبادلت حكومتا إمارة شرق الأردن والسعودية الاعتراف في مارس (آذار) 1933، من خلال برقيتين بين الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود والأمير عبدالله بن الحسين (آنذاك).
ويبرز التعاون الثنائي بين الأردن والسعودية في جميع المجالات، كمجلس التنسيق الأردني السعودي الذي أسس عام 2016، ويتولى الإشراف على إعداد الاتفاقيات ومذكرات التفاهم والبرامج التنفيذية بين البلدين ومتابعة تنفيذها في المجالات المتعددة، إضافة إلى مجلس الأعمال الأردني السعودي، وهو هيئة خاصة مستقلة مقرها عمان تسعى إلى تكريس الخبرات من أجل دعم القطاع الخاص ونشاطاته، لتنمية العلاقات الاقتصادية بين البلدين.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
كما تبرز لجنة الصداقة البرلمانية التي تهدف إلى تعزيز العمل البرلماني المشترك، ويشارك الأردن في اجتماعات الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي الدورية.
ويصف السفير السعودي في الأردن نايف بن بندر السديري، العلاقة بين البلدين بأنها مميزة وتمثل نموذجاً للعمل العربي المشترك، بخاصة أنهما يحملان لواء الوسطية والاعتدال في نهجيهما، وكل بلد يرى في الآخر عمقاً استراتيجياً له.
ويعتبر الأردن السعودية حليفاً كبيراً وعمقاً استراتيجياً، إضافة إلى الجوار الجغرافي الذي امتد إلى علاقات مصاهرة وتداخل ديموغرافي.
مواقف سياسية مشتركة
لطالما اتصفت المواقف السياسية السعودية - الأردنية حيال الأحداث الجارية في العالم والإقليم بأنها موحدة ومتقاربة، وعبرت الرياض عن وقوفها إلى جانب عمان في اللحظات المفصلية، وآخرها في أبريل (نيسان) 2021 وبعد أيام من الإعلان عن قضية "الفتنة"، إذ أكد الملك سلمان بن عبد العزيز وقوف بلاده إلى جانب الأردن في مواجهة جميع التحديات، ودعمها كل الخطوات التي يتخذها الملك عبدالله الثاني لحماية أمن واستقرار الأردن ومصالحه.
وفي شهر أغسطس (آب) من العام ذاته، قطع العاهل الأردني دابر الإشاعات والتكهنات لدى استقباله وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، بقوله إن علاقة بلاده مع الرياض صلبة لا تزعزعها الشكوك والأقاويل.
وأوضح في حينه أن مواقف السعودية ورسائل دعمها الصريحة تعكس سياستها وسياسة قيادتها الداعمة للأردن دوماً ووقوفها معه في كل الظروف. وأكد أن "أمن الأردن والسعودية واحد، وأنهما يقفان صفاً واحداً في مواجهة جميع التحديات".
وعلى الدوام، كان العاهل الأردني يطلق تصريحات تشدد على وحدة الموقف والمصير المشترك للبلدين، وأن استقرار الأردن والسعودية واحد لا يتجزأ، وتجلى ذلك في وقوف عمان إلى جانب الرياض وإدانة استهداف أمنها من قبل الحوثيين في اليمن.
استثمار ودعم مالي
يكشف السفير السديري عن تصدّر السعودية موقعاً متقدماً في قائمة المستثمرين بالأردن بنحو 13 مليار دولار.
وبحسب تقارير الهيئة السعودية العامة للاستثمار، تُعدّ السعودية من أكبر ثلاث دول مستثمرة في الأردن بقطاعات النقل والبنية التحتية والطاقة والقطاع المالي والتجاري وقطاع الإنشاءات السياحية، ولاحقاً تطور هذا الاستثمار من خلال إنشاء شركة صندوق الاستثمارات السعودي - الأردني عام 2017 خلال زيارة الملك سلمان بن عبد العزيز للأردن، ولقائه الملك عبدالله الثاني.
ويبلغ رأسمال الصندوق 3 مليارات دولار، ويملك صندوق الاستثمارات العامة في السعودية 90 في المئة من رأسمال شركة الصندوق، بالشراكة مع 16 بنكاً أردنياً تمتلك 10 في المئة من رأسمال الشركة.
وفي أحدث أوجه الاستثمار السعودي في الأردن، أعلن في الأسابيع الماضية عن مشروع الرعاية الصحية، الذي يبلغ حجم الاستثمار فيه نحو 400 مليون دولار مبدئياً، ويتكون من مستشفى جامعي بسعة 300 سرير و60 عيادة خارجية وجامعة طبية بسعة 600 مقعد، بمعدل 100 مقعد لكل عام دراسي، كما تم توقيع مذكرة تفاهم بين وزارتي الطاقة في البلدين لمشروع الربط الكهربائي العملاق.
وتعتبر السعودية الشريك التجاري الأول بالنسبة إلى الأردن، فحجم تجارة البلدين بلغ العام الماضي 5 مليارات دولار، في حين تحتل السعودية المرتبة الثالثة بالنسبة إلى حجم الصادرات، كما أن ميزة تجاور البلدين الشقيقين ووجود منافذ حدودية عدة بينهما بمثابة عامل كبير في توسيع التجارة البينية.
وقدمت السعودية منحة مالية إلى الأردن بواقع 50 مليون دولار سنوياً لمدة ثلاث سنوات، إثر قمة مكة التي عقدت عام 2018، وجمعت قادة كل من السعودية والأردن والكويت والإمارات، وأقرت فيها حزمة من المساعدات الاقتصادية للأردن بمبلغ 2.5 مليار دولار.
وتزيد قيمة البرامج والمشاريع التي تم تمويلها سعودياً في الأردن على مليار وربع المليار دولار حتى الآن. كما تجاوزت أعداد الطلبة السعوديين في الجامعات الأردنية خلال الأعوام الأخيرة 7 آلاف طالب. في المقابل، يتجاوز عدد الأردنيين الموجودين في السعودية 600 ألف مواطن، وتُعدّ الجالية الأردنية في السعودية الأكبر بين الجاليات الأردنية في العالم.