Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"حصان الإرهاب" يجر "عربة الدبلوماسية" بين المغرب وأميركا وأوروبا

تركيز على محاربة الجريمة المنظمة والاتجار بالبشر والهجرة غير القانونية

مدير الاستخبارات المغربية عبد اللطيف حموشي رفقة مدير الـ"أف بي آي" كريستوفر راي (مديرية الأمن الوطني المغربي)

كثف مسؤولون أمنيون واستخباراتيون مغاربة كبار في الآونة الأخيرة اتصالاتهم ومباحثاتهم مع نظرائهم في بلدان أوروبية وأميركية، تركزت خصوصاً على ملفات محاربة الإرهاب بشتى أصنافه الجديدة، والجريمة المنظمة، والهجرة غير النظامية، والاتجار بالبشر وغيرها من الملفات ذات الأولوية حالياً.
وأجرى مسؤولون أمنيون ووزراء مغاربة زيارات إلى عواصم عالمية، آخرها واشنطن ومدريد، التقوا خلالها مسؤولين أمنيين وفي أجهزة الاستخبارات التابعة لهذه البلدان، حيث أرسوا تفاهمات ثنائية لمواجهة الخطر الإرهابي، ومعضلات الهجرة السرية، والجرائم العابرة للحدود.
وكانت الزيارة لافتة التي قام بها وفد أمني ومخابراتي برئاسة مدير الأمن المغربي و"مراقبة التراب الوطني" (جهاز المخابرات الداخلية)، عبد اللطيف حموشي، إلى الولايات المتحدة، حيث أجرى مباحثات مع رؤساء مؤسسات أمنية واستخباراتية أميركية.
كما اجتمع وزير الداخلية المغربي عبد الوافي لفتيت بنظيره الإسباني فرناندو غراندي مارلاسكا قبل أيام قليلة في العاصمة مدريد، حيث تم الاتفاق على جملة ملفات، أبرزها "سبل مواجهة نزيف الهجرة غير النظامية"، وأيضاً "محاربة الخطر الداهم للإرهاب ومشكلة تهريب المخدرات".

ملفات ساخنة

من جهته، التقى عبد اللطيف حموشي، الذي كان مصحوباً بوفد أمني واستخباراتي مغربي رفيع، كلاً من أفريل هاينز، مديرة أجهزة الاستخبارات الوطنية الأميركية، وويليام بيرنز، مدير وكالة الاستخبارات المركزية، فضلاً عن كريستوفر راي، مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي (أف بي آي).
وحدد البيان الرسمي الذي صدر عن المؤسسة الأمنية الأولى بالمغرب مضامين المباحثات التي جرت بين المسؤولين المغاربة والأميركيين، والتي تمثلت في استعراض "مختلف التهديدات الأمنية والمخاطر المستجدة على الصعيدين الإقليمي والدولي، والآليات والسبل الكفيلة بمواجهة هذه المخاطر من منظور مشترك وجماعي قادر على تحقيق الأمن وإرساء الاستقرار الدوليَين".
وانصبت النقاشات والتفاهمات، تبعاً لذات المصدر، على مختلف "التحديات الأمنية والتهديدات التي تطرحها الجماعات الإرهابية وشبكات الإجرام المنظم في مناطق عدة من العالم، بما فيها منطقة الساحل والصحراء والشرق الأوسط وأوروبا".
وتطرق الجانبان المغربي والأميركي إلى ملف "العمليات الافتراضية المرتبطة بمكافحة الخطر الإرهابي والجريمة المنظمة، خصوصاً في مجال الجرائم السيبرانية وارتباطاتها العابرة للحدود الوطنية".
وقرر الطرفان، "تبادل الخبرات والتجارب وتقاسم المعلومات ذات الصلة بمكافحة التنظيمات الإرهابية وشبكات الجريمة المنظمة، علاوة على تنسيق الجهود المشتركة وتطوير آليات الرصد والمكافحة، بما يضمن التصدي الحازم لمختلف المخاطر والتهديدات المتنامية على الصعيد الدولي".
وتقع أهداف هذه التفاهمات الأمنية والمخابراتية بين الرباط وواشنطن، في سياق "التعاون الثنائي في مختلف المجالات الأمنية، خصوصاً في مجال مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية، وتطوير الشراكة الأمنية بين المصالح الأمنية المغربية والوكالات الفيدرالية الأميركية المكلفة بالاستخبارات وتطبيق القانون".

تنسيق استخباراتي مغربي- أميركي

وأفاد مصدر حكومي مغربي بأن "هذه اللقاءات بين أرفع مسؤولي الأمن والاستخبارات بين المغرب وأميركا، تتوج عملية أمنية واستخباراتية ناجحة جرت في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، عندما تم إجهاض محاولة إرهابية لأحد مناصري تنظيم داعش، داخل المغرب بتنسيق مع الاستخبارات الأميركية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وكانت أجهزة الأمن المغربية أحبطت، 18 ديسمبر 2021، هجوماً مخططاً له داخل البلاد، كان سينفذه شاب عشريني أعلن مبايعته لـ"داعش"، عبر استعمال عبوات ناسفة ضد مؤسسات وشخصيات عمومية.
وأكد ذات المصدر أن هذه الاجتماعات التي يجريها المسؤولون الأمنيون المغاربة حول ملفات الإرهاب و"التطرف السيبراني"، هي بداية لإبرام اتفاقات أمنية مهمة مع مسؤولين في بلدان أخرى، تقع ضمن إطار التنسيق الثنائي والإقليمي والدولي حول الغايات المشتركة.
وسبق لمكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي (أف بي آي)، ووكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي أي)، أن أشادا معاً في فبراير (شباط) 2021، بما وصفاه "المستوى المتميز والشراكة المتقدمة مع المغرب في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف، بما يضمن سلامة وأمن مواطني كلا البلدين".

كذلك هدف لقاء وزير الداخلية المغربي ونظيره الإسباني، في مدريد، لمحاربة المافيات التي تتاجر في الأشخاص، وعمليات مكافحة الاتجار بالمخدرات والإرهاب.

مفهوم الأمن الواسع

في هذا الصدد، رأى الأستاذ في جامعة مراكش، زهير لعميم، أن "الزخم الذي تعرفه العلاقات الأمنية والاستخباراتية بين المغرب وقوى دولية من قبيل أميركا وإسبانيا، يأتي ضمن سياقات مختلفة وينطلق من ثوابت عدة". وأضاف أن "المغرب ينطلق من تصور للأمن الإقليمي والدولي لإرساء السلام، قائم على بناء تحالفات وطيدة من خلال توفير الآليات المادية والمؤسساتية وتبادل الخبرات والمعلومات الاستخباراتية لمواجهة هذه التحديات التي لم تعد ترتبط بمجالات جغرافية محددة بل تتسم بالامتداد الزمني والجغرافي".

هذا الحضور المغربي، تابع المتحدث، "يعكس نجاعة المقاربة المغربية التي تكافح خطط الجماعات الإرهابية ومصادر الخطر الإرهابي والجريمة المنظمة وخلق أجواء الانفصال التي لا تساعد على بناء الدول، بخاصة في القارة الأفريقية التي على الرغم من كونها أرضاً خصبة للفرص الاقتصادية لكنها باتت مرتعاً للجماعات المتطرفة والإرهابية".
وأبرز الأستاذ الجامعي المغربي ذاته أن "المقاربة التي يتبناها المغرب تتجاوز مفهوم الأمن بشكله التقليدي، المتعلق بسلامة الأشخاص والممتلكات والمؤسسات والمجتمعات، إلى مفهوم الأمن الواسع الذي يراهن على التنمية والخطاب الفكري والديني المعتدل لمحاربة موجات الإرهاب والهجرة وإشكاليات التنمية المختلفة والمتشعبة".

وسجل لعميم، "استمرار الحضور المغربي على مستوى الهيئات الإقليمية والدولية، فالمغرب كان مشاركاً منذ عام 2014 في مختلف الاجتماعات الدولية لمحاربة الإرهاب، كما تولى رئاسة مجموعة العمل المركزة حول أفريقيا، التابعة للتحالف ضد داعش. كما تمت إعادة انتخاب المغرب رئيساً للمنتدى العالمي لمحاربة الإرهاب لولاية ثانية".
وترأس المغرب وكندا المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب في اجتماعه السابع عشر، الذي انعقد في 29 سبتمبر (أيلول) 2020، ويتألف من 30 عضواً، بما فيها الاتحاد الأوروبي، وتضمن 5 مجموعات عمل تعنى بمكافحة التطرف العنيف، والمقاتلين الإرهابيين الأجانب، والعدالة الجنائية وسيادة القانون، وتعزيز القدرات في غرب أفريقيا وشرقها.

المزيد من متابعات