Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

المغرب والجزائر يتنافسان على تنظيم المناورات العسكرية

يسعى البلدان إلى النأي بتحركاتهما عن حالة التوتر والقطيعة السائدة بينهما

جانب من مناورات الأسد الأفريقي في عام 2021 (وكالة المغرب العربي للأنباء)

لا يتنافس المغرب والجزائر، البلدان الجاران في المغرب العربي، على إثبات ملكية أكلة الكسكس وزي القفطان وأغاني الراي و"كناوة"، ولا حتى شراء الأسلحة والعتاد الحربي فحسب، بل يتنافسان حتى على إجراء المناورات والتدريبات العسكرية في منطقة الصحراء الغربية.
وأجرى الجيش الجزائري تدريبات عسكرية بداية الأسبوع الحالي، تحت شعار "الصمود 2022" في منطقة تندوف الحدودية، وقبلها بأيام نظم تمارين عسكرية للقوات البحرية بغواصات وصواريخ تحت مسمى "إعصار 2022".
في المقابل، تعتزم القوات المسلحة الملكية المغربية المشاركة في تنظيم مناورات "الأسد الأفريقي" خلال الشهر الحالي في مناطق عدة من البلاد، ومنها مناورات ستتم في منطقة الصحراء بمشاركة القوات الأميركية وقوات من بلدان أخرى.

وتدرب أفراد من الجيش الجزائري ليلة الاثنين وصبيحة الثلاثاء (6 و7 يونيو "حزيران")، على تمرينات تكتيكية ليلية بواسطة الذخيرة الحية تحت إشراف رئيس أركان الجيش الجزائري، اللواء السعيد شنقريحة.

رد فعل استباقي؟

ورأى الباحث المغربي في الشؤون العسكرية والاستراتيجية، الدكتور محمد شقير، أن "المناورات العسكرية التي أجرتها الوحدات العسكرية الجزائرية تحت إشراف الجنرال شنقريحة بمنطقة تندوف تأتي كرد فعل استباقي على مناورات الأسد الأفريقي التي ستجريها قريباً القوات المغربية، والتي أصبحت تقليدية تُقام كل سنة باستثناء فترة تفشي الجائحة".
وشرح شقير أن "المغرب حرص على التنسيق مع الولايات المتحدة بشأن تنظيم هذه المناورات كل سنة إلى جانب أكثر من 18 دولة، بالإضافة إلى 30 منظمة إقليمية ودولية في إطار هذا التمرين العسكري، بهدف محاربة مخاطر وعمليات الحركات والمنظمات المتطرفة، بخاصة تلك التي تنشط في منطقة الساحل ودول أفريقية أخرى مثل نيجيريا وغينيا وغيرهما".
واستطرد شقير قائلاً إن "الجزائر تعتبر أن هذه المناورات العسكرية تهدد أمنها الخارجي، وبالتالي كان الرد هذه السنة استباقياً، بخلاف السنة الماضية، إذ كانت الجزائر ردت بإجراء مناورات أعقبت مناورات الأسد الأفريقي".
وخلص إلى القول إن "المناورات العسكرية التي قامت بها القوات الجزائرية تظل بمثابة رد فعل سياسي على مناورات المغرب التي يجريها في سياق دولي، بخاصة بعد اتفاقية التحالف العسكري بين الولايات المتحدة وإسرائيل والمغرب".

جيش الجزائر يستعد لأي طارئ

في المقابل، نأت وزارة الدفاع الجزائرية بأهداف المناورات العسكرية في منطقة الصحراء عن كل ما هو سياسي أو رد فعل على المناورات العسكرية التي سينظمها الجيش المغربي خلال شهر يونيو الحالي.
ووضع الجيش الجزائري المناورات التي أشرف على تنظيمها في سياق الرهان على "ذهنية المقاتل ونوعية تكوينه ومستوى تحضيره البدني والنفسي، وقدرته على اتخاذ القرارات الصائبة في كل ظروف ومراحل المعركة".
ووفق وزارة الدفاع الجزائرية، فإن هذه التدريبات العسكرية مختلفة المستويات تروم أساساً "تحضير القوات المسلحة لمواجهة أي طارئ بكل اقتدار وفي كل الظروف والأحوال"، من دون أن يشير بيان الوزارة إلى ماهية وطبيعة هذا الطارئ.
وترى القوات الجزائرية أن هذه التمارين ترمي أيضاً إلى "تحيين وتكييف برامج التحضير القتالي مع التحديات المستجدة والتحسين المتواصل لمستوى التمرس المهني للأفراد العسكريين، بمختلف فئاتهم ورتبهم، والارتقاء بقدراتهم المعرفية والنفسية والبدنية".

استثمار التعاون مع أميركا

ومن جهته، قال مدير مركز الصحراء وأفريقيا للدراسات الاستراتيجية، عبد الفتاح الفاتحي، إنه "بعد سلسلة من مناورات (الأسد الأفريقي) وبمشاركة العديد من الدول الأوروبية والأفريقية، يسعى المغرب إلى استثمار هذا التراكم الناجح في التعاون العسكري مع الولايات المتحدة والدول الأوروبية بالقدر الذي يجعل نفوذه أكثر تأثيراً على المستويَين القاري والدولي".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ورأى الفاتحي أن "مواصلة تنظيم مناورات الأسد الأفريقي تعكس الثقة الدولية التي بات يحظى بها المغرب من قبل الولايات المتحدة والدول الأخرى المشاركة، ومن جهة أخرى هدفها استثمار تأكيد تموقعه الاستراتيجي". وأضاف أن مناورات "الأسد الأفريقي" تحل على وقع زيادة الاحتراب الدولي بين الغرب وروسيا، وهو ما يمكّن المغرب من الاستفادة من أحدث طرق إدارة الحرب وبأحدث المعدات العسكرية التقنية والتكنولوجية.

واعتبر الفاتحي تمرين "الأسد الأفريقي" "تجربة نوعية تتوق الدول إلى الاستفادة منها"، مبرزاً أن "تنظيم هذه التدريبات على أرض المغرب عنوان لتعزيز الكفاءة العسكرية المغربية تقنياً ولوجيستياً وتدبيرياً".
وأردف بأن "تنظيم أجزاء من المناورات في الصحراء يحمل دلالة رمزية، تتمثل في السيادة العسكرية والأمنية والإدارية للمغرب، كما أنها دليل على أن الرباط مستعدة للذود عن المنطقة كيفما كانت التهديدات".

زئير الأسد الأفريقي

ويجري الجيش المغربي بمشاركة الولايات المتحدة ودول أخرى، بين 20 يونيو و1 يوليو (تموز)، تدريبات عسكرية معروفة باسم "الأسد الأفريقي"، وذلك في مناطق أغادير وطانطان وتارودانت والقنيطرة وبن جرير والمحبس.

ويضع المغرب هذه المناورات العسكرية المشتركة في سياق كونها لبنةً إضافية لدعم التعاون العسكري الأميركي - المغربي، كما أنها تتويج للتطور اللافت الذي شهدته العلاقات بين الرباط وواشنطن، خصوصاً بعد اعتراف الإدارة الأميركية في عهد الرئيس السابق دونالد ترمب بسيادة المغرب على الصحراء.
وتتطرق المناورات العسكرية المذكورة إلى مختلف المجالات الميدانية البرية والجوية والبحرية، وإزالة التلوث النووي والإشعاعي والبيولوجي والكيماوي.
وانطلقت الاثنين 8 يونيو بالرباط الدورة الأكاديمية للتكوين لفائدة أفراد من القوات المسلحة المغربية ومن جنسيات أخرى، وذلك في إطار المخطط الشامل للتعاون العسكري، استعداداً لمناورات "الأسد الأفريقي 2022".

ووفق بلاغ القيادة العامة للقوات المسلحة المغربية، فإن "هذه التدريبات التي سيؤطرها مدربون عسكريون من المغرب والولايات المتحدة ودول أخرى شريكة، تهدف إلى تطوير قابلية التشغيل المشترك بين القوات، وتبادل الخبرات والتجارب في مختلف المجالات، والتحضير للمهمات المرتبطة بالتخطيط داخل مراكز عمليات تقام لمناسبة تنفيذ تمارين الأسد الأفريقي 2022".

وكان المغرب تسلم في 25 مارس (آذار) الماضي من الولايات المتحدة زورقين اعتراضيين من طراز "ميتال شارك" بطول 11 متراً، قيمتهما 970 ألف دولار، من أجل  تعزيز قدرة القوات البحرية المغربية على وقف الاتجار غير المشروع في المياه الإقليمية، وتحضيراً للمناورات المقبلة.

المزيد من العالم العربي