يخوض مؤسس موقع "ويكيليكس" جوليان أسانج معركة لتجنب ترحيله إلى الولايات المتحدة حيث يلاحق بتهمة "التجسس".
تأخذ الولايات المتحدة على الأسترالي أنه نشر عام 2010 عبر موقعه "ويكيليكس" 250 ألف برقية دبلوماسية ونحو نصف مليون وثيقة سرية تتناول أنشطة الجيش الأميركي في العراق وأفغانستان.
وفي 2013، قضت محكمة عسكرية بسجن المحلل العسكري السابق تشيلسي مانينغ 35 سنة لوقوفه خلف هذا التسريب الهائل. لكن الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما عمد إلى تخفيف هذه العقوبة قبل أن يتم الإفراج عن مانينغ الذي بات رمزاً لقضية التحول الجنسي في مايو (أيار) 2017.
القرصنة المعلوماتية وسجن عشرات السنين
وأظهر القضاء حذراً أكبر بالنسبة إلى أسانج. وأطلقت ملاحقات بتهمة "القرصنة المعلوماتية" في شكل سري نهاية 2017. لكن تهمة "التجسس" لم توجّه إليه سوى في مايو 2019 بموجب قانون أُقرّ عام 1917 لمنع كشف معلومات سرية في زمن الحرب.
وفي حال نقل إلى الولايات المتحدة، سيحاكم أسانج أمام محكمة فيدرالية في فرجينيا بعد توجيه 17 اتهاماً إليه، بينها الحصول على معلومات تتصل بالدفاع الوطني والكشف عنها. ويواجه في ضوء ذلك عقوبة السجن حتى 175 عاماً.
ويتوقع أن ترافق المحاكمة معركة شرسة محورها التعديل الأول للدستور الأميركي، الذي يحمي حرية الصحافة.
وفي محاولة للإفلات من هذه المعركة، تؤكد السلطات الأميركية أن أسانج ليس "صحافياً" و"لا ناشراً صحافياً" وعرّض عملاء ومصادر عسكرية للخطر.
لكن اللافت يثير أسئلة قانونية صعبة، في وقت ينشط المواطنون الصحافيون عبر الإنترنت. ويرجح أن يلجأ أسانج إلى الطعن وصولاً إلى المحكمة العليا.
مخاوف انتحار أسانج
في يناير (كانون الثاني) 2021، رفضت محكمة بريطانية طلب التسليم الأميركي، معتبرة أن شروط الاعتقال في الولايات المتحدة ربما تغذي توجهات انتحارية لدى أسانج.
غير أن الحكومة الأميركية تمكنت في نهاية المطاف من إقناع محكمة استئناف بالوقوف في صفها عبر إعطاء ضمانات عدة.
وأكدت واشنطن خصوصاً أن أسانج سيتلقى علاجاً ملائماً ولن يعتقل في سجن في كولورادو تسري فيه تدابير أمنية مشددة.
كذلك، وعدت بألّا يخضع مؤسس "ويكيليكس" لـ"تدابير إدارية خاصة" قبل المحاكمة وخلالها وبعدها. ويشمل ذلك خصوصاً نظام عزلة شبه تامة غالباً ما نددت به جمعيات الدفاع عن حقوق الإنسان.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ربما ينفذ عقوبته في أستراليا
وبعد استنفاد كل الطعون، سيتمكن أسانج من طلب تنفيذ عقوبته في أستراليا.
لكن الحقوقيين لا يثقون بالولايات المتحدة ويتهمونها بأنها "لم تفِ غالباً بوعودها في موضوع الاعتقال".
وانتقدت جمعيات الدفاع عن حرية الصحافة اتهام الأسترالي بـ"التجسس"، لما يشكله ذلك من خطورة على الصحافيين وثمة تعبئة متوقعة لصالحه.
أخطاء عسكرية
ولكن في بلد يحظى الجيش بأهمية قصوى، تباينت ردود الفعل حيال ما كشفه "ويكيليكس". فبعض الأميركيين أيدوا تسليط الضوء على الأخطاء العسكرية، في حين وجّه آخرون انتقادات شديدة إلى التعرض لأمن العملاء الميدانيين.
وخلال الحملة الانتخابية في 2016، أثار أسانج أيضاً استياء فئة من اليسار عبر نشره رسائل إلكترونية سرقها قراصنة روس من فريق المرشحة الديمقراطية السابقة هيلاري كلينتون، الأمر الذي منح أفضلية آنذاك للمرشح دونالد ترمب.
وأظهر استطلاع أجري في أبريل (نيسان) 2019 أن 53 في المئة من الأميركيين يؤيدون تسليمه إلى الولايات المتحدة، في حين يعارض 17 في المئة هذا الأمر.
طعن أمام المحكمة البريطانية أو الأوروبية
أمام الأسترالي 14 يوماً ليطعن أمام المحكمة البريطانية العليا بقرار التسليم الذي وقعته وزيرة الداخلية بريتي باتل. وإذا وافقت المحكمة على النظر في الطعن، فإن الجلسة لن تعقد على الأرجح قبل العام المقبل.
ويمكنه أيضاً اللجوء إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، لكن عملية مماثلة تستغرق عادة وقتاً طويلاً.
وبمعزل عن الطعون القانونية، فإن تسليمه ربما يتأخر لدواعٍ طبية في حال تدهور صحته. وأكدت زوجة أسانج أنه تعرض لسكتة دماغية محدودة في أكتوبر (تشرين الأول) الفائت.