Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كماشة الغاز ترفع الأسعار في بريطانيا وأوروبا

زيادة بنحو النصف تضيف أعباءً على الطاقة التي بدأت بالصعود العام الماضي

ارتفاع غير مسبوق في أسعار الجملة للغاز الطبيعي بأوروبا وبريطانيا  (غيتي)

واصلت أسعار الغاز الطبيعي في بريطانيا وأوروبا الارتفاع لتضيف نسبة 30 في المئة ببريطانيا، وأكثر من 22 في المئة بأوروبا خلال اليومين الأخيرين. ووصل سعر الوحدة الحرارية (مقياس سعر الغاز في بريطانيا) إلى أكثر من 3 دولارات (2.57 جنيه استرليني)، بينما وصل سعر الميغاواط للساعة (مقياس سعر الغاز في أوروبا) إلى 123 دولاراً (118 يورو).

جاء ذلك بعد أن خفضت شركة "غازبروم" الروسية كميات الغاز الطبيعي عبر خط أنابيب الغاز "نورد ستريم 1" إلى ألمانيا بسبب عطل فني بإحدى مضخات الخط. كذلك أعلنت الشركة الأميركية المالكة لأكبر منفذ تصدير للغاز الطبيعي المسال أن الحريق الذي شهده المنفذ سيجعله معطلاً لأشهر أطول مما كان مقدراً سابقاً.

وتورد روسيا نحو نسبة 40 في المئة من احتياجات أوروبا من الغاز الطبيعي، وبسبب العقوبات على موسكو طلبت دفع ثمن الغاز بعملتها الوطنية، الروبل، بدلاً من الدولار واليورو. وعلى الرغم من أن عدداً كبيراً من شركات الطاقة الأوروبية استجابت للطلب وفتحت حسابات بالروبل في "غازبروم بنك" لدفع قيمة وارداتها من الغاز فإن بعض الشركات لم تفعل، لذا تراجعت كميات الغاز الطبيعي المنساب إلى أوروبا كما أعلنت شركة "إيني" الإيطالية الثلاثاء. ومع أن "غازبروم" أكدت أن السبب في خفض الإمدادات هو تعطل إحدى محطات الضخ على خط الأنابيب، فإن ألمانيا لمحت إلى أنه قرار سياسي من موسكو بسبب موقف ألمانيا من الحرب في أوكرانيا.

أما الولايات المتحدة، التي تعهدت إمداد أوروبا بنحو 15 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي المسال سنوياً لمساعدتها على التخلي عن إمدادات الطاقة الروسية، فترسل نسبة 75 في المئة من صادراتها من الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا وبريطانيا. ويمثل منفذ التصدير في ولاية تكساس، الذي تعرض لحريق هذا الأسبوع، ما يصل إلى خُمس صادرات الولايات المتحدة من الغاز الطبيعي المسال.

أزمة مستمرة

يعني هذا الارتفاع غير المسبوق في أسعار الجملة للغاز الطبيعي بأوروبا وبريطانيا أن أسعار الطاقة للمستهلكين في البيوت ستواصل الارتفاع ربما أكثر مما كان مقدراً سابقاً، بالتالي ستزيد أعباء تكاليف المعيشة على المواطنين في القارة الأوروبية والجزر البريطانية بشكل أكبر مما كانت تتحسب الحكومات في تلك الدول.

ومع أن الحرب في أوكرانيا والعقوبات على روسيا فاقمت أزمة الطاقة في أوروبا، فإن الأزمة بدأت وتصاعدت العام الماضي مع بداية الانتعاش الاقتصادي قصير الأجل عقب فترة الإغلاق خلال أزمة وباء كورونا في 2020.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي العام الماضي 2021، تضاعفت أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا وبريطانيا أكثر من أربعة أضعاف. فعلى سبيل المثال، ظل سعر الوحدة الحرارية في بريطانيا عند نحو 60 سنتاً (50 بنساً) في المتوسط على مدى السنوات العشر السابقة، بينما وصل العام الماضي في المتوسط إلى نحو 2.5 دولار (2 جنيه استرليني). واضطرت بريطانيا وعدد من دول أوروبا إلى إعادة تشغيل محطات توليد الكهرباء التي تعمل بالفحم بعد أن كانت على وشك إخراجها من الخدمة تلبية لأهداف الحد من الانبعاثات الكربونية المسببة للتغير المناخي.

ومع نهاية شهر فبراير (شباط) هذا العام جاءت الحرب الروسية في أوكرانيا والعقوبات المتتالية التي تفرضها الولايات المتحدة وأوروبا على موسكو لتفاقم أزمة الطاقة عموماً، والغاز الطبيعي بشكل خاص. وعلى الرغم من سعي دول أوروبا لتأمين إمدادات إضافية من الغاز الطبيعي المسال من قطر والجزائر ومصر، فإن ذلك كله إضافة لزيادة الصادرات الأميركية لأوروبا لا يعوض سوى نحو ربع واردات الغاز من روسيا.

شتاء أوروبي وبريطاني صعب

في الربع الأخير من العام الماضي، والأول من هذا العام، لجأت أوروبا وبريطانيا إلى السحب بكثافة من مخزون الغاز الطبيعي لديها حتى وصلت معدلاته إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق. وفي ظل تشديد العقوبات الأوروبية على روسيا سعياً لخفض الاعتماد على مصادر الطاقة الروسية بشدة حتى يتم التخلي عنها تماما، تحتاج تلك الدول إلى ملء مخزوناتها مجدداً، بينما واردات الغاز الطبيعي الحالية تكفي فقط للاستهلاك الموسمي.

بالتالي، إذا لم تستطع أوروبا إعادة ملء مخزونات الغاز فإنها ستواجه أزمة أشد وأقسى في فصل الشتاء المقبل، حتى لو استطاعت تأمين استيراد كميات إضافية من الغاز الطبيعي المسال، ولو بأسعار مضاعفة. وهذا ما حذرت منه مؤسسات دولية عدة وهيئات معنية بسوق الطاقة. إذ تواجه أوروبا خطراً غير مسبوق في فصل الشتاء المقبل، خصوصاً إذا تزامنت برودة الطقس في نصف الكرة الأرضية الشمالي مع زيادة الطلب على الطاقة بالصين، التي بدأت تعيد فتح اقتصادها من الإغلاق الأخير، بسبب انتشار وباء كورونا. وفي أكثر التصريحات تشاؤماً حول نقص إمدادات الطاقة، حذر المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية، فاتح بيرول، من أن "دول أوروبا قد تضطر إلى تقنين استهلاك الطاقة، بخاصة في الاستخدام الصناعي للغاز الطبيعي مع نقص الإمدادات".

وفي مقابلة مع صحيفة "الفاينانشيال تايمز"، الأسبوع قبل الماضي، قال بيرول، "إذا جاء الشتاء قاسياً وطويلاً، وإذا  لم تتخذ إجراءات (في ما يتعلق بجانب الطلب)، فلا أستبعد تقنين استهلاك الغاز الطبيعي في أوروبا، بدءاً من المنشآت الصناعية الكبرى"، وامتداداً إلى غيرها أيضاً، أي إلى استهلاك الأسر في البيوت.

ودعا رئيس الوكالة الدول الأوروبية إلى سرعة اتخاذ ما يلزم لخفض الطلب على الطاقة باتباع خطوات زيادة الكفاءة في الاستخدام، لكنه أشار إلى "أن نقص الغاز الطبيعي في أوروبا قد لا يكون بهذه الحدة إذا لم يعد الاقتصاد الصيني للنشاط بمعدله الطبيعي"، وهو أمر غير واضح حتى الآن.

وجاءت تصريحات فاتح بيرول متزامنة مع تصريحات ألمانية ونمساوية أشارت إلى احتمالات تقنين استهلاك الطاقة في حال النقص الشديد في الإمدادات. وعلى الرغم من الدعوات لترشيد الاستهلاك وزيادة الكفاءة، خصوصاً في ما يتعلق بالطلب على الغاز الطبيعي، فإن بيرول حذر من استمرار ارتفاع أسعار الغاز والنفط لفترة طويلة.

وسيعني ذلك استمرار ارتفاع معدلات التضخم، على الرغم من تدخلات البنوك المركزية برفع أسعار الفائدة لكبح جماح زيادة الأسعار. ومع المؤشرات الحالية على تباطؤ النشاط الاقتصادي إلى حد الانكماش، سيعني دخول اقتصاد بريطانيا وأوروبا في ركود مع استمرار ارتفاع الأسعار إلى وضع أسوأ قد يصل إلى الركود التضخمي.

اقرأ المزيد

المزيد من البترول والغاز