Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بعد "ماغنيتسكي" جريمة خطف وتعذيب تلاحق جبران باسيل

الاتهامات تطال 9 آخرين نتيجة نزاع عائلي على إرث قيمته عشرة ملايين دولار

سيكون على باسيل وجريصاتي إكمال إفادتهما الخطية والتوقيع عليها لتقديمها إلى المحكمة الأميركية (أ ف ب)

مرة جديدة تعود العقوبات لتلاحق صهر الرئيس اللبناني، رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، فبعد قرار وزارة الخزانة الأميركية فرض عقوبات عليه ووضعه على اللائحة السوداء، استناداً إلى قانون "ماغنيتسكي" العالمي للمساءلة في مجال الفساد وانتهاك حقوق الإنسان، طلبت محكمة أميركية من القضاء اللبناني تسليم أوراق قانونية ضد باسيل ومستشار رئيس الجمهورية للشؤون القانونية سليم جريصاتي و8 آخرين، بينهم ثلاثة من أفراد الأسرة وقضاة ومحامون، في مسعى لإلزامهم الرد على اتهامات بتدبير عملية اختطاف وتعذيب للزوجين اللبنانيين- الأميركيين، إيلي سماحة ولارا منصور، نتيجة نزاع عائلي على إرث قيمته عشرة ملايين دولار أميركي، يقول الزوجان إنه نهب منهما عبر استغلال للنفوذ السياسي في البلاد.

وفي التفاصيل، سلّمت السفارة الأميركية في بيروت في 17 مايو (أيار) الماضي إلى وزارة الخارجية اللبنانية نسخة من الشكوى المدنية التكميلية المسجلة لدى محكمة أميركية فيدرالية في جنوب فلوريدا بتاريخ 12 أكتوبر (تشرين الأول) 2020، وفقاً لمستند رسمي حصل عليه "مشروع الإبلاغ عن الجريمة المنظمة والفساد"، يتضمن الشكوى ضد وزير الخارجية اللبناني الأسبق النائب جبران باسيل ووزير العدل الأسبق سليم جريصاتي.

ووفق المعلومات، فإنه خلال الأشهر القليلة المقبلة، سيكون على باسيل وجريصاتي إكمال إفادتهما الخطية والتوقيع عليها لتقديمها إلى المحكمة الأميركية. بعد ذلك، لن تُرسل الوثائق عبر القنوات الدبلوماسية وسيكون على السياسيين اللبنانيين التعامل مباشرة مع محكمة ميامي.

وفي حال عدم تقديم الطلبات من جانب باسيل وجريصاتي، سيؤدي ذلك إلى إمكانية إصدار القاضي الفيدرالي الأميركي حكماً غيابياً لمصلحة الزوجين سماحة.

ومن المتوقع أن يرسل وزير الخارجية اللبناني في حكومة تصريف الأعمال عبدالله بو حبيب، طلب الخارجية الأميركية إلى وزير العدل هنري خوري لاتخاذ إجراء بشأنه.

وفي تصريحات له، أعلن خوري أن الطلب سيحال بعد وصوله إليه إلى مجلس القضاء الأعلى لأن القضية مدنية. وسيحيله المجلس إلى المحكمة، حيث يقيم المدعى عليه، ويمكن أن تستغرق العملية نحو ثلاثة أشهر من تاريخ تسلّم الإنابة القضائية.

اختطاف في المطار

وعام 2021، أصدرت المحكمة الفيدرالية في فلوريدا مذكرة توقيف بحق باسيل بناءً على القضية، وعممتها على الإنتربول بتهمة اختطاف وتعذيب عائلة أميركية من أصول لبنانية في بيروت، بمساعدة الفرقة 900 في "حزب الله".

وبحسب تفاصيل المذكرة الأميركية، فإن الزوجين سماحة تعرضا لعملية استدراج من خلال اتصال وكيل باسيل، المحامي ماجد بويز، بلارا سماحة وزوجها، ودعاهما إلى لبنان عن طريق الخداع لحل النزاع على الميراث. وبمجرد وصولها وزوجها إلى لبنان أوقفت في المطار، واقتيدت إلى سجن الأمن العام في بيروت بدعوى بموضوع قدح وذم.

الانتقام

وبحسب المعلومات التي حصلت عليها المحكمة في أميركا، هدد وزير العدل حينها سليم جريصاتي، المدعين العامين والقضاة اللبنانيين المحليين بأن وظائفهم معرضة للخطر إذا لم يمنعوا لارا من الحصول على حقها في إرث والدها. وتسببت هذه التهديدات بمنع محاميها في لبنان من الوصول إلى الحسابات البنكية، كما مُنع من مراجعة طوابع الدخول والخروج الخاصة بجوازات سفرهما، ما يشكل جزءًا مهماً وذات صلة بموضوع التحقيق، إضافة إلى ذلك، صادر المدعي العام سمير حمود، وثائق المحكمة اللبنانية باستمرار، بحيث منع محامي لارا من التحقيق في الأمر بشكل صحيح.

في المقابل، قال جريصاتي لـ"اندبندنت عربية" إنه عيّن محامياً في ميامي للدفاع عنه هو ميشال فيسانو، وإنه المسؤول عن الردود المتعلقة بالقضية، كاشفاً عن أنه ربح الدعوى الأولى أمام القضاء الأميركي، وأنه "متأكد من الانتصار في الدعوى الثانية، كونها دعوى فارغة من المضمون، ولا تتضمن أي ركيزة قانونية، وتهدف فقط إلى الإساءة الشخصية". وأضاف أن باسيل حتى الساعة غير معني بالقضية، كونه لم يتبلغ حتى الساعة.

وأوضح جريصاتي أن "القاضي الأميركي لم يراسل القضاء اللبناني بعد لتبليغه"، مشدداً على أن "لا ملاحقة ولا تعذيب على الإطلاق"، متوعداً الزوجين سماحة بإمكانية رفع دعوى تعويض أمام المحاكم الأميركية، لا سيما أن الدعوى "استهدفت وزيراً سابقاً ورئيس تكتل نيابي، إضافة إلى 6 من أنزه القضاة اللبنانيين"، بحسب تعبيره.

وأعلن المحامي ميشال فيسانو في تصريح له، "من المؤكد أنه إذا تم تزويد السيد جريصاتي بالوثائق، فسنلقي نظرة عليها، ونتأكد من أنها كافية من الناحية القانونية، وإذا كانت كافية وتم تقديمها بشكل صحيح من خلال القنوات الدولية، فسيكون أمامه 21 يوماً لتقديم رد، وهذا ما سنفعله".

بداية المعاناة

وتروي السيدة لارا سماحة أن معاناتها وزوجها بدأت منذ عام 2015، إذ تشير في دعوى قضائية رُفعت في بيروت إلى أن أفراداً من أسرتها وضعوا يدهم على ملايين الدولارات من حصتها في الميراث، وبينما كانت القضية لا تزال منظورة في المحاكم اللبنانية وإن شابها التأخير، رفع الزوجان سماحة دعوى قضائية موازية في الولايات المتحدة في 14 نوفمبر (تشرين الثاني) 2017، كضغط إضافي لاستعادة الميراث.

مع تقدم إجراءات التقاضي، زار الزوجان لبنان عام 2019 على أمل تسوية الخلاف. وقالت لارا إن "اجتماع التسوية كان فخاً لحملي على التنازل عن القضيتين"، إذ كشفت عن أنها وزوجها تعرضا للاحتجاز والسجن لمدة 11 يوماً من ضمنها فترة أمضياها في سجن عسكري تحت الأرض وحُرما من الطعام والدواء والضوء، قبل أن يطلق سراحهما في 11 أبريل (نيسان) 2019 بعد دفع كفالة قدرها نحو 1800 دولار حينها. وعند عودتهما إلى ميامي، رفعا دعوى مدنية مكملة سلمت للخارجية اللبنانية راهناً.

تورط باسيل

ولضمان إطلاق سراحهما، قال الزوجان إنهما أُجبرا على سحب الدعاوى القضائية في أميركا ولبنان، مضيفين أن دعوى الميراث التي رفعتها لارا في بيروت سُحبت من دون موافقتها من قبل محاميها اللبناني ماجد بويز، الذي وقّع نيابة عنها، وهو أيضاً أحد المدعى عليهم حالياً في القضية. وأوضحا أن اقتراح اسم المحامي بويز حصل خلال زيارتها زوجة النائب باسيل، شانتال (والدتها من أقارب أبناء عمومة لارا من جهة الأب). وتبيّن لها لاحقاً أن بويز هو المحامي الرئيس لباسيل وتياره السياسي، واستعمل التوكيل الذي حررته له لمصلحة خصومها في الدعوى من دون أن تعلم.

ويقول الزوجان في تصريحات صحافية إن هدف المعركة هو تحقيق العدالة في لبنان وإعادة ما هو حق لهما، "وهي قضية سببت لنا الأسى والحسرة، إذ واجهت جهودنا المضنية كثيراً من العراقيل من قبل القضاة والسياسيين اللبنانيين الفاسدين". وأضافا أنه "سيكون عليهما مواجهة عدالة المحاكم الأميركية"، آملين في أن تكون القضية خطوة نحو فرض المساءلة وأن تؤدي إلى إصلاحات من شأنها إزاحة السياسيين الفاسدين مثل باسيل من السلطة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الإنتربول الدولي

من جانبه، قال الأستاذ في العلاقات الدولية أنطوان صفير إن "القضية المرفوعة ضد باسيل وجريصاتي هي دعوى خاصة، وليست عامة، أي لا علاقة لها بالدولة اللبنانية أو التيار الوطني الحر، على الرغم من أن القضية لفتت إلى استعمال المدعى عليهما سلطتهما في الدولة للقيام بخطف المدعيَين".

ومع ذلك، يرى صفير أن "الإجراءات التي ستتبعها المحكمة الأميركية لمحاكمة المدعى عليه، تنطلق بداية من جهة دعوته للتحقيق معه، ولاحقاً من الممكن أن يصدر حكم بحقه، الذي ربما يُعمّم بواسطة الإنتربول على دول العالم، وحينها يُطبق بحسب الدولة التي يصل إليها البلاغ".

ولفت أيضاً إلى أنه يمكن صدور قرار بدفع المدعى عليه تعويضات عن الأضرار التي تسبب بها، من خلال حجز أملاكه وأمواله في الدولة المقامة فيها الدعوى عليه، أي أميركا، أو حتى في دولة أخرى، في حال وافقت الدولة الأخيرة على تنفيذ هذا القرار.

وأشار إلى أن المحاكم الأميركية باتت الآن وأكثر من أي وقت في السابق مؤهلة قانونياً للنظر في دعاوى مواطنين أميركيين ضد حكومات دول أجنبية، وهذا ما أُثبت في قضية المدعين الأميركيين من ضحايا هجمات "القاعدة" على سفارتي الولايات المتحدة في نيروبي ودار السلام خلال التسعينيات. وأكدت المحكمة العليا الأميركية حق الأميركيين ومتضررين آخرين غير الأميركيين بالحصول على تعويضات من حكومة السودان التي قدمت الدعم لتنظيم "القاعدة"، الذي بدوره نفّذ هذه العملية.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير