Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

شكاوى ضد أستاذ جامعي تفتح ملف التحرش في الأردن

تلوذ أغلب الضحايا بصمت مطبق خوفاً من الوصمة الاجتماعية وعدم تفهم أسرهن

جامعة العلوم والتكنولوجيا حيث سجلت اتهامات التحرش (الموقع الرسمي للجامعة على الإنترنت)

على نحو غير مسبوق، تفاعل الأردنيون بكثافة خلال الساعات الماضية مع شكاوى متلاحقة بدعوى التحرش ضد أستاذ جامعي، وتصدرت القضية قائمة الأكثر انتشاراً على موقع "تويتر" بعد نشر كثير من التسجيلات الصوتية والأدلة من قبل عدد كبير من الطالبات اللاتي يزعمن التعرض للتحرش.

أعلنت جامعة العلوم والتكنولوجيا في الأردن، شمال البلاد، تشكيل لجنة للتحقيق في ما تم تداوله، حول تورط أحد أساتذتها بالتحرش، وأكدت نائبة رئيس جامعة العلوم والتكنولوجيا سهاد الجندي تلقي 6 شكاوى حتى الآن، ودعت الطالبات المتضررات من قضية التحرش إلى كسر حاجز الصمت والتقدم بالشكوى مع الإثباتات.

وانقسم أردنيون حول هذه القضية التي تحولت إلى قضية رأي عام، باعتبار أنها ستسبب ضرراً لسمعة التعليم الجامعي في البلاد، حيث دافع الأستاذ الجامعي المتهم بالتحرش عن نفسه بالقول، إنه يتعرض لحملة إساءة وتشويه بحقه من قبل بعض الطلبة، وإن كل ما تم تداوله من فيديوهات بحقه مفبركة، بينما قال آخرون، إن ثمة استفحالاً لظاهرة التحرش في الجامعات والمدارس بالفعل من دون تحريك ساكن، بخاصة مع سيطرة الخوف من "الوصمة الاجتماعية" على عدد كبير من الضحايا.

ظاهرة مسكوت عنها

وما بين التحرش اللفظي والجسدي والإلكتروني، تبدي النساء الأردنيات صمتاً مطبقاً حيال ظاهرة تتباين حولها آراء الأردنيين بين من يعتبرها تصرفات فردية لا تعبر عن المجتمع الأردني المحافظ، ومن يرى فيها "تابوهات" مسكوت عنها.

لكن الثابت الوحيد أن واقع التحرش الجنسي في الأردن لا يزال، حتى الآن، ظاهرة مخفية على نطاق واسع رغم الأرقام المخيفة التي تكشفها دراسات محلية، تقول إحداها، إن نحو 75 في المئة من النساء تعرضن لشكل من أشكال التحرش.

لكن الأكثر إثارة في هذه الدراسات هو أن معظم النساء في الأردن لسن متحمسات بعد للتبليغ عن تعرضهن التحرش، بل يتخوفن من ذلك، خشية من المضايقات أو بسبب الوصمة الاجتماعية أو صعوبة إثبات واقعة التحرش، وانعدام ثقتهن في القوانين وآليات الحماية.

ويعتقد مراقبون أن غالبية الطالبات الضحايا لا يتقدمن بشكاوى خوفاً من التبعات الأكاديمية ولجهلهن بالإجراءات، فضلاً عن خشيتهن من عدم تفهم أسرهن، والذي قد يتحول إلى عقاب وحرمانهن من إكمال تعليمهن الجامعي.

استغلال للصلاحيات

يقول الناشط الطلابي فاخر دعاس، "بغض النظر عن نتيجة التحقيق الذي ستقوم به إدارة الجامعة، إلا أن هذه الحادثة أعادت تسليط الضوء على ملف في غاية الأهمية، وهو حجم الصلاحيات الممنوحة للأستاذ الجامعي والتي تصل حد إنهاء مستقبل طالب أو طالبة".

وهذه الصلاحيات بحسب دعاس تبدأ بحقه في تسجيل الحضور والغياب من دون وجود آليات محددة لذلك، مروراً بحقه في طرد الطالب من المحاضرة من دون ضوابط لذلك، وانتهاء بغياب آلية محددة للنجاح والرسوب وحرمان الطالب من حقه في مراجعة ورقة الامتحان النهائي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتصل هذه الصلاحيات ذروتها باحتكار الأستاذ الجامعي لمادة تخصص، ما يعني أن أي إشكالية لطالب معه ستؤدي إلى عدم قدرته على التخرج واضطراره أحياناً للتحويل إلى تخصص آخر.

ويعتقد دعاس أن هذه الصلاحيات هي التي تسمح لضعاف النفوس من بعض الأساتذة الجامعيين باستغلالها لغايات شخصية، وهي التي تجعل الطلبة أضعف من أن يعترضوا على سلوكيات بعض الأساتذة غير السوية.

بينما تتحدث المحامية والحقوقية هالة عاهد عن استمرار إفلات أساتذة جامعات متحرشين من العقاب، وتؤكد أن إدارات الجامعات غالباً ما تتجاهل هذه الادعاءات وتنهيها من دون إجراءات بحق المتحرشين. وتضيف، "من غير المقبول أن ينتفض المجتمع ضد الحديث عن ظاهرة التحرش ويخفت صوتهم أو يصمتوا حيال الظاهرة نفسها".

صمت الضحايا وإنكار المجتمع

وهذه ليست المرة الأولى التي يتم الحديث فيها عن واقعة تحرش جنسي في إحدى الجامعات الأردنية، إذ تظهر دراسات رسمية أن 3 من كل 4 طالبات تعرضن لمرة واحدة على الأقل لأحد أشكال التحرش الجنسي، ويقول مركز المعلومات والبحوث في مؤسسة الملك الحسين، إنه تم الإبلاغ بشكل متزايد عن هذه الحالات من قبل الطالبات في الجامعات الأردنية.

ولا يوجد إحصاء رسمي حول عدد حالات التحرش في المدارس الأردنية، لكن الظاهرة موجودة وسط صمت مطبق للضحايا في أغلب الحالات وإنكار المجتمع، وتظهر بعض التحقيقات أن الطلاب ذوي الإعاقة أو من يعانون من صعوبات التعلم أو في ظروف انعزال اجتماعي، هم أكثر احتمالاً للتعرض للتحرش الجنسي بأشكاله كافة.

ويحذر متخصصون من تحول بيئة الدراسة في الجامعة إلى بيئة مفزعة عدائية للضحايا، لا سيما مع وجود العديد من العوائق الاجتماعية والنفسية والإدارية التي تمنع الضحية من الاعتراض أو التقدم بشكوى إدارية أو قضائية نحو المتحرش.

ونادراً ما يحدث اعتداء جنسي كالاغتصاب في حرم الجامعة، ويقتصر الأمر على التحرش اللفظي أو الجسدي، أو الإيماءات والتلميحات الجنسية، أو حتى عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

هل العقوبات كافية؟

ينص قانون العقوبات الأردني على معاقبة المتحرشين، فوفقاً للمادة 305، يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة كل من داعب بصورة منافية للحياء شخصاً لم يكمل الـ18 من عمره ذكراً كان أو أنثى، أو أكمل الـ18 من عمره لكن من دون رضا.

وتعاقب المادة 306 بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر كل من عرض فعلاً منافياً للحياء، أو وجه أي عبارات أو قام بحركات غير أخلاقية على وجه مناف للحياء بالقول أو الفعل أو الحركة أو الإشارة تصريحاً أو تلميحاً بأي وسيلة كانت.

ويشير المحامي خالد خليفات، إلى أن قضية إثبات التحرش ليست صعبة، لكن المشكلة الحقيقة تكمن في تجرؤ الضحايا على الإبلاغ.

ويتحدث خليفات عن أدلة كثيرة يمكن التعويل عليها، كالمستندات والوثائق والصور كدليل، والمحادثات الهاتفية والإلكترونية، حتى لو تم حذفها.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير