Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

السلطات السودانية تستتبع رفع الطوارئ بالافراج عن سجناء سياسيين

القرار يهدف إلى "تهيئة المناخ" لإجراء حوار يحقق الاستقرار للفترة الانتقالية

أعلن محامون إن السلطات السودانية أفرجت عن عشرات المعتقلين السياسيين اليوم الإثنين، الـ 30 من مايو (أيار)، وظل آخرون في السجون بعد يوم من إعلان المجلس العسكري رفع حالة الطوارئ التي فرضت في البلاد بعد "انقلاب" أكتوبر (تشرين الأول) 2021.
وقالت لجنة محامي الطوارئ إن قرار الإفراج شمل 24 شخصاً مرتبطين بحركة احتجاجية مناهضة للجيش في بورتسودان، و39 شخصاً آخرين في العاصمة الخرطوم أو المناطق المحيطة بها.
ويأتي الافراج عن السجناء قبل زيارة تبدأ في الأول من يونيو (حزيران) المقبل يقوم بها خبير حقوق الإنسان بالأمم المتحدة أداما دينغ إلى السودان.
وقال المتحدث باسم "محامو الطوارئ" سمير شيخ إدريس إن نحو 50 شخصاً ما زالوا قيد الاعتقال في سجن سوبا بالخرطوم، في حين تحتجز الشرطة 32 شخصاً اعتقلوا بعد احتجاجات يوم السبت الماضي.
ودعا شيخ إدريس إلى الإفراج عن كل المعتقلين، إذ إنهم اعتقلوا بموجب قانون الطوارئ الذي ألغي الآن، ولذا لم يعد هناك سند قانوني لاعتقالهم.

تواصل الاحتجاجات

وتتواصل الاحتجاجات الحاشدة التي تطالب الجيش بترك الحياة السياسية على مدى أكثر من سبعة أشهر منذ الانقلاب الذي أنهى ترتيباً لتقاسم السلطة بين الجيش والمدنيين، بدأ العمل به بعد الإطاحة بالرئيس عمر حسن البشير في عام 2019.
ونظمت تظاهرات، الإثنين، في مدينة أم درمان المقابلة للخرطوم على الضفة الأخرى من نهر النيل، حيث أغلق محتجون طريقاً رئيساً وجسراً وأشعلوا النيران في إطارات سيارات.

رفع الطوارئ


وكان رئيس مجلس السيادة الحاكم في السودان عبد الفتاح البرهان قرر رفع حال الطوارئ التي فُرضت في البلاد منذ تنفيذه انقلاباً عسكرياً في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، فيما أُرجئت محاكمة بعض المحتجين السودانيين بتهمة قتل ضابط شرطة، إلى الشهر المقبل.

ومنذ الانقلاب العسكري الذي قاده البرهان وهو قائد الجيش، يتظاهر آلاف السودانيين في العاصمة ومدن أخرى للمطالبة بعودة الحكم المدني ومحاسبة قتلة المتظاهرين الذين قُتل 98 منهم وجرح العشرات، بحسب لجنة أطباء السودان المركزية.

وقال بيان صادر عن المجلس، الأحد، "أصدر رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان اليوم (الأحد) مرسوماً برفع حالة الطوارئ في كافة أنحاء البلاد"، وأرجع البيان سبب ذلك إلى "تهيئة المناخ وتنقية الأجواء، لحوار مثمر وهادف، يحقق الاستقرار للفترة الانتقالية".

وجاء القرار بعد إصدار مجلس الأمن والدفاع السوداني (الذي يضم قيادات عليا من الجيش) عقب اجتماع له، الأحد، توصيات بـ"رفع حالة الطوارئ في جميع أنحاء البلاد" إضافة إلى "إطلاق سراح جميع المعتقلين بموجب قانون الطوارئ بما لا يتعارض مع القوانين التي تتعلق بقضايا أمن الدولة أو القانون الجنائي".

ويأتي رفع حال الطوارئ أيضاً إثر تغريدة للممثل الخاص للأمين العام للامم المتحدة بالسودان فولكر بيرتس الأحد، جاء فيها، "حان الوقت لوقف العنف، حان الوقت لإنهاء حالة الطوارئ". وكانت لجنة أطباء السودان المركزية ذكرت في بيان أن متظاهرَين قُتلا، السبت، في منطقة الكلاكله جنوب العاصمة.

وقال وزير الدفاع الفريق يس إبراهيم يس الناطق الرسمي باسم المجلس في تصريح صحافي، إن "المجلس رفع توصيات للسيد رئيس مجلس السيادة شملت رفع حالة الطوارئ في جميع أنحاء البلاد وإطلاق سراح جميع المعتقلين بموجب قانون الطوارئ بما لا يتعارض مع القوانين التي تتعلق بقضايا أمن الدولة أو القانون الجنائي". 

ووجد القرار ارتياحاً وسط السودانيين، لأنه يعني بسط الحريات ووقف الانتهاكات والعنف. ومن المعلوم أن ما حدث من قمع للمتظاهرين كان بسبب قانون الطوارئ.

"مهر" للمجتمع الدولي

من جانبه، قال المحامي والقانوني محمود الشيخ، "الانقلابيون لطالما قالوا إن سندهم الشرعي هو الوثيقة الدستورية ويرفضون أن يسبغوا على أنفسهم وصف الانقلاب العسكري، وهنا لا بد من القول إن إعلان حالة الطوارئ جاءت بالمخالفة للوثيقة الدستورية ولا يحق لرئيس مجلس السيادة أن يعلنها من تلقاء نفسه. إضافة إلى أن وصف القائد العام للقوات المسلحة ينطبق على كل مجلس السيادة وليس رئيسه فقط. بالتالي فإن إعلان حالة الطوارئ دستوراً تعتبر في حكم العدم. وبغض النظر عن إنكار الانقلاب العسكري لكنه يعتبر حقيقة واقعية لا مجال للتحايل عليها". 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعن دوافع القرار أضاف الشيخ، "رفع حالة الطوارئ لم تأت كرغبة صادقة لنزع فتيل الأزمة السياسية، بمعنى أن التوصية جاءت قسراً، بعد العنف المفرط في مواجهة الثوار، وتلويح المجتمع الغربي بفرض عقوبات على المؤسسات والأفراد خصوصاً بعد أن طال عنق الحركة الإسلامية وتجلت ملامحها في المشهد السياسي، وذلك بعد تصريحات الأمين العام المكلف الأستاذ علي كرتي بعدم وجود خلاف بينهم وبين اللجنة الأمنية. وبالتالي فإن اللجنة الأمنية ترغب في تقديم رفع حالة الطوارئ كمهر للمجتمع الدولي حتى يساعدهم في إيجاد تسوية سياسية مريحة لا تنزع عنها المكتسبات المتعددة وتخفف حالة الاختناق الاقتصادي قبل السياسي".

وعن مساهمة القرار في تغيير المشهد قال الشيخ، "في اعتقادي أن رفع حالة الطوارئ لن تؤدي لتغيير الأوضاع إلا إذا شهد الملف العدلي تطوراً ملحوظاً. والملف العدلي لا بد فيه من مساءلة القائمين على الأمر حالياً. وهذا هو مطلب الثوار الأساسي، والذي لا يمكن أن تساومهم أي قوة سياسية عليه. بل على العكس، كل محاولة من كيان سياسي لتأخير الملف العدلي أو تعطيله ستجعل من هذه القوة معزولة تماماً جماهيرياً".

إرجاء محاكمة محتجين بتهمة قتل ضابط

على خطّ موازٍ، بدأت الأحد، في الخرطوم محاكمة أربعة متظاهرين متهمين بقتل ضابط في الشرطة السودانية، لكن القاضي قرر رفع الجلسة إلى 12 يونيو (حزيران)، كما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.

وكانت الشرطة السودانية أعلنت في يناير (كانون الثاني) الماضي مقتل ضابط برتبة عميد أثناء تفريقها محتجين كانوا في طريقهم إلى القصر الجمهوري في وسط العاصمة.

وفي وقت لاحق أعلنت توقيف محمد آدم ومحمد الفتاح ومصعب الشريف وأحمد الننه بتهمة قتل الضابط. وبدأت محاكمة الشبان الأربعة الأحد، لكن الجلسة رفعت إلى يونيو المقبل.

وقال القاضي زهير عثمان، إنه طلب من الطب الشرعي تقريراً حول احتمال أن يكون الشبان الأربعة "تعرضوا لتعذيب" بينما كان الموقوفون قد قاموا في مارس (آذار) بإضراب عن الطعام احتجاجاً على "معاملة غير إنسانية" و"عنف الشرطة".

وتجمع مئات المحتجين أمام قاعة المحكمة في شرق الخرطوم، وهم يرفعون صوراً للمتهمين ويطالبون بالإفراج عنهم .

ووصل محمد آدم والفاتح ومصعب والننه إلى مقر المحكمة تحت حراسة الشرطة ولوحوا للحاضرين بالخارج بعلامات النصر وأرجلهم مقيدة بسلاسل حديدية. كما حضر عشرات من أفراد أسرة الضابط القتيل وهم يرفعون لافتات تطالب بالقصاص.

وكتبت اللجنة الشعبية لأحياء البراري المضطربة في الخرطوم، أن "هذه القضية لا تخص هؤلاء الثوار الأربعة وحدهم بل تمثل انقضاضاً على الثورة وقيمها ومواصلة لتسييس القضاء واستهداف الثوار والثائرات بالبلاغات الكيدية للتخلص منهم".

ودعت إلى التجمع أمام المحكمة "للبرهنة على أننا لن نسمح لقوى الردة أن تعود لمفاصل الدولة مهما كان الثمن".

ويطالب الاتحاد الأفريقي، الذي علق عضوية السودان منذ الانقلاب، والأمم المتحدة بحوار سياسي حتى لا ينهار السودان تماماً "على الصعيدين السياسي والأمني".

وتقول الأمم المتحدة، إن واحداً من كل سودانيين اثنين سيعاني من الجوع بحلول نهاية عام 2022 بعد أن حرم الانقلاب، الذي أزاح المدنيين من السلطة وأنهى التقاسم الهش الذي كان قائماً بينهم وبين العسكريين، من المساعدات الدولية.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات