Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تجاوب متفاوت لمقاطعة شراء الدجاج في الأردن

بعد ارتفاع الأسعار... والحكومة تبرر ذلك بزيادة كلف الإنتاج

تنشط حملات المقاطعة على وسائل التواصل الاجتماعي (المملكة)

خلافاً لدول عربية كثيرة، لم تؤت حملات مقاطعة البضائع والسلع في الأردن أُكلها، ولم تعد مجدية في مواجهة شراسة السوق وسياسة رفع الأسعار التي تطاول العالم تقريباً، وأصبحت السمة الأبرز منذ بداية جائحة كورونا ومن ثم أزمة الحرب الروسية الأوكرانية.

اليوم، مع دعوات متتالية على وسائل التواصل الاجتماعي لمقاطعة شراء الدجاج، ينقسم الأردنيون مجدداً بين متحمس للفكرة ورافض لها أو غير مبالٍ تجاهها. فيما يؤكد آخرون أن الفشل سيكون مصير هذه الحملة كما هي حال الحملات السابقة.

ففي السنوات الماضية، شهد الأردن عديداً من دعوات المقاطعة لأبرز السلع، ومنها المحروقات والسيارات والمواد الغذائية الأساسية، وقد انتهت جميعها إلى الفشل. وأبرز تلك الحملات "صف سيارتك" في 2019 لمواجهة رفع أسعار المحروقات.

حملة لمقاطعة الدجاج

وتصدر وسم #مقاطعة_الدجاج، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ضمن حملة شعبية لمقاطعة الدجاج بسبب ارتفاع أسعاره في الأسواق، لكن ذلك لا يعني وفق نشطاء نجاح الحملة، نظراً لسيطرة ثقافة استهلاكية بين الأردنيين الذين لا تخلو ولائمهم من الدجاج.

وشهدت أسعار الدجاج في الأردن ارتفاعاً ملحوظاً، بعد إنهاء وزارة الصناعة والتجارة العمل بالسقوف السعرية التي تم وضعها في شهر رمضان للدواجن في الأسواق، إذ زاد سعر الكيلو على ثلاثة دولارات.

ومنذ ذلك الوقت، دعت جمعية حماية المستهلك، أبرز الجهات الشعبية المعنية بمراقبة الأسواق، إلى مقاطعة الدجاج والبيض بين سبعة و10 أيام حتى تستقر الأسعار.

ويخشى نشطاء أن تؤول هذه الحملة إلى ما آلت إليه حملة مشابهة في عام 2019، تحت عنوان "خليها تبيض عندكو"، إذ انخفضت أسعار الدجاج في حينه بشكل طفيف جداً، لكن سرعان ما تدافع مواطنون للحصول على طبق بيض بسعر مخفض من أحد المراكز التجارية. ما دفع كثيرين إلى التشكيك في جدوى حملات المقاطعة.

في موازاة ذلك، تبرر الحكومة ارتفاع أسعار الدجاج في السوق المحلية، بالزيادة التي طرأت على كلف الإنتاج المحلي، خصوصاً المواد العلفية، إضافة إلى المستلزمات الأخرى الناتجة من "القفزات السعرية التي شهدتها الأسواق العالمية".

وتحاجج وزارة الصناعة والتجارة بأن أسعار الدجاج في السوق المحلية أقل من أسواق الدول المجاورة، نافية وجود ممارسات احتكارية.

المقاطعة ليست الحل

تبدي نقابة المهندسين الزراعيين خشيتها من أن تؤدي دعوات مقاطعة المنتجات الزراعية إلى إضعاف قدرة الحيازات الزراعية الصغيرة على الاستمرار في الإنتاج، بالتالي خروجها من السوق وخسارة عديد من الوظائف، وعدم انخفاض الأسعار، بالتالي خلق إشكاليات جديدة من دون التوصل إلى حلول.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتبرر النقابة ارتفاع أسعار المنتجات الحيوانية بأسباب عدة أهمها ارتفاع مدخلات الإنتاج، خصوصاً الأعلاف التي ارتفعت بنسبة 70 في المئة خلال الأشهر الأربعة الماضية، وفي مقدمها مادتا الذرة والصويا اللتان تعدان عنصرين أساسيين لتغذية الدواجن والأبقار وتشكلان أكثر من 75 في المئة من تكاليف التربية، إضافة إلى ارتفاع تكاليف الشحن والاستيراد بنسبة تتجاوز 10 في المئة منذ بداية 2022.

وبحسب دائرة الإحصاءات العامة، فإن عدد مزارع الدواجن المنظمة بمختلف أنواعها بلغ 2003 مزارع في عموم الأردن، بحجم استثمارات يصل إلى نحو مليار ونصف المليار دولار. بينما يُقدر الإنتاج المحلي من الدجاج الطازج (الحي والمذبوح) بحوالى 25 ألف طن شهرياً، وهي كافية لحاجات المواطنين. أما حجم استهلاك المواطن الواحد من الدجاج، فيُقدر بحوالى 35 إلى 40 كيلوغراماً سنوياً.

لماذا تفشل حملات المقاطعة

مع غياب وزارة التموين وترك الأسواق الأردنية نهباً لسياسة العرض والطلب، يرى مراقبون أن ثمة مشكلة حقيقية في آلية تحديد السقوف السعرية للمنتجات، إذ تخضع أسعار كثير من المنتجات لأهواء التجار.

ويرصد مراقبون غياب "ثقافة المقاطعة" في الشارع الأردني وازدياد النمط الاستهلاكي على نحو مقلق، وغياب العمل الجمعي وطغيان الثقافة الفردية.

ويؤكد ناشطون أن حجم التفاعل الشعبي مع حملات المقاطعة كبير، لكنه على وسائل التواصل الاجتماعي فحسب، وضعيف على الأرض. ويلفت هؤلاء إلى أن حملات المقاطعة التي أخذت بعداً سياسياً ودينياً لم تنجح ولم تصمد، ومنها مقاطعة البضائع الإسرائيلية والأميركية والدنماركية.

بينما يرى المتخصص في الشأن الاجتماعي، حسين الخزاعي، أن "ما يحدث هو حملات فردية غير منظمة أو فاعلة، وفق أسلوب الفزعة، ولا تقف وراءها جهات متخصصة"، مضيفاً أن "سبب ارتفاع الأسعار في كثير من الأحيان هو كثرة الطلب والتهافت على الأسواق".

وعلى الرغم من توافر أسباب ومبررات المقاطعة، كرفع أسعار السلع الأساسية والضرورية، وتدهور الوضع الاقتصادي، وشعور المواطنين بغياب العدالة الاجتماعية، واتساع الفجوة بين الأغنياء والفقراء، لا تجد دعوات المقاطعة استجابة كبيرة كما هو مأمول، بحيث تكون مؤثرة وتجبر التجار على تخفيض الأسعار، على الرغم من انتشار وسائل التواصل الاجتماعي التي كسرت احتكار السلطات والحكومات لمخاطبة الناس.

ويدعو رئيس جمعية حماية المستهلك محمد عبيدات الأردنيين إلى تغيير ثقافة الاستهلاك السائدة لديهم، موضحاً أن القدرة الشرائية لـ 70 في المئة من المواطنين الأردنيين تراجعت بسبب الأوضاع الاقتصادية.

المزيد من العالم العربي