Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

احتجاج أميركي على تقييد دخول الأجانب إلى الضفة

تؤثر الإجراءات في الطلاب والمتطوعين والسياح والفنانين والوفود السياسية

تطالب الولايات المتحدة إسرائيل بالمعاملة بالمثل لجميع مواطنيها (أ ب)

مع بداية يوليو (تموز) المقبل، ستصبح عملية السفر التي تحتاج إليها الأسر الأميركية والأوروبية من أصول فلسطينية إلى الضفة الغربية أطول وأكثر تعقيداً، وبات الأمل بتمضية عطلة صيفية ضعيفاً. فالحكومة الإسرائيلية التي أبدت مطلع عام 2022، استعداداً للسماح للفلسطينيين الذين يحملون الجنسية الأميركية بالمرور عبرها، أعلنت أخيراً عن لوائح جديدة تهدف إلى تقليل عدد المسافرين الأجانب إلى المنطقة، من خلال فرض مزيد من الحواجز البيروقراطية. فالترتيب الإسرائيلي الوشيك سيطلب من الأجانب الذين يتزوجون من فلسطينيين أو فلسطينيين يحملون جنسية مزدوجة ويرغبون في زيارة أقاربهم أو تمضية العطلة الصيفية داخل الضفة الغربية، كتابة أسماء وأرقام هوية أفراد الأسر الفلسطينية الذين يعتزمون زيارتهم، وكذلك تحديد إذا ما كانوا يمتلكون أو يطالبون بالميراث في المنطقة.

وعلى هؤلاء طلب تأشيرة زيارة لثلاثة أشهر قبل مجيئهم، وبعد دخولهم إلى الضفة عليهم تقديم طلب للسلطة الفلسطينية للحصول على إقامة، فيما إسرائيل هي التي ستقرر بشأن الموافقة على الطلب أم لا. وفي حال عدم الموافقة على طلب الإقامة، يتعين على المواطن الأجنبي مغادرة الضفة على الفور، ولن يسمح له بالعودة إلى بيته وعائلته في الضفة الغربية، إلا بعد ستة أشهر. وكانت هذه المدة قصيرة جداً في الإجراء القديم الذي كان أقل تعقيداً. ويسمح الإجراء الجديد للضباط في الإدارة المدنية والجيش الإسرائيلي، بفرض ضمانات مالية عالية على من يدخلون، من الممكن أن تتجاوز 70 ألف شيقل (حوالى 22 ألف دولار).

المحامية المقدسية لورا بيكور، التي تقدمت بالتماس عام 2019 ضد القيود الإسرائيلية وتشديد السياسات على سفر الأجانب، تقول "في اعتقادي أن تلك الأقسام التي تتعامل مع الممتلكات، هي وسيلة لتحديد إذا ما كان الشخص ينوي المجيء في رحلة قصيرة أو إذا ما كانت النية هي البقاء في الضفة الغربية، وما يسمونه الهجرة غير الشرعية، وهناك عدد قليل من الأشخاص الذين يمكنهم المجيء في زيارة قصيرة الأجل، ولا يُسمح لهؤلاء بالعمل أو امتلاك عقارات، ومن المحتمل أن يكون السؤال عما إذا كان لدى المسافر عائلة في الضفة الغربية وإذا ما كان لديه أفراد من العائلة يشكلون خطر انتهاك شروط التأشيرة. هم يريدون خفض عدد الأشخاص الذين يمكنهم العيش في الضفة الغربية".

تضيف بيكور أن "السياسة الإسرائيلية الجديدة ستؤثر في المجتمع الفلسطيني وتخلق وضعاً تصل فيه إلى إصدار قرارات مستقلة عن السلطات الفلسطينية، فمنذ 2014 أصبح مكتب تنسيق أعمال الحكومة الإسرائيلية في المناطق الفلسطينية صارماً للغاية في ما يتعلق بتنفيذ السياسة، وبدأ ابتكار معايير جديدة لا توجد في أي مكان".

تعليق الإعفاء

وأوردت القناة "12" الإسرائيلية، أن المسؤولين الأميركيين احتجوا على السياسة الجديدة لتل أبيب لتقييد دخول الأجانب إلى الضفة الغربية، التي بموجبها سيطلب من الأجانب، بمن فيهم المواطنون الأميركيون، الخضوع لإجراءات استجواب صارمة لدخول الضفة الغربية، بحجة أن ذلك "يهدد حريتهم في السفر والحركة والعمل".

وأشارت القناة إلى أن مصادر داخل الإدارة الأميركية ألمحت إلى أن عدم إعادة تقييم القيود واسعة النطاق المقرر أن تدخل حيز التنفيذ في يوليو المقبل، قد يؤدي إلى تأجيل عقابي أو حتى تعليق إضافة إسرائيل إلى برنامج الإعفاء من التأشيرة الأميركية، مؤكدة أن السفارة الأميركية تناقش اللوائح الجديدة الوشيكة مع السلطات الإسرائيلية وتشجع على إجراء مزيد من المناقشات قبل تنفيذها، إذ كان من المقرر أن يصل وفد من وزارة الأمن الداخلي الأميركية إلى إسرائيل لعقد اجتماعات مع نظرائهم، بهدف تعزيز الجهود لجعل إسرائيل الدولة الأربعين في البرنامج الأميركي للإعفاء من التأشيرة.

ولكي يتم إدراج إسرائيل في برنامج الإعفاء من التأشيرة، يجب عليها تقديم امتيازات متبادلة لجميع حاملي جوازات السفر الأميركية في جميع نقاط الدخول إليها، وليس في مطار بن غوريون فحسب، بما يشمل السماح لآلاف المواطنين الأميركيين الذين يعيشون في الضفة وغزة بدخول إسرائيل من دون تأشيرة. وهو أمر لا تسمح به السلطات الإسرائيلية حالياً. وعلى الرغم من عدم وجود حظر رسمي على دخول الفلسطينيين الأميركيين من مطاري بن غوريون وإيلات، يُمنع عديد منهم من الوصول إليها، ويخضع آخرون لفحوص أمنية طويلة ومشددة من قبل جهاز الأمن العام "الشاباك" عند الوصول.

إضافة إلى المطلب الأميركي منح المعاملة بالمثل لجميع المواطنين الأميركيين، بمن في ذلك الفلسطينيون، فإن هذه الخطوة تتطلب من إسرائيل خفض معدلات رفض التأشيرة من المعدل الحالي القائم على 4.5 في المئة إلى 3 في المئة، إلى جانب منح الولايات المتحدة حق الوصول إلى السجلات الجنائية الإسرائيلية من أجل الفصل في طلبات التأشيرة من المواطنين ذوي السجلات الجنائية. وهو الأمر الذي يتطلب تشريعات في الكنيست.

وأكدت وزيرة الداخلية الإسرائيلية، إيليت شاكيد، مراراً لوسائل إعلام محلية، أن إعطاء الفلسطينيين الأميركيين المقيمين في الأراضي الفلسطينية خيار المرور عبر إسرائيل مطلب للأميركيين منذ سنوات، وأنه يمكن إبرام اتفاقية الإعفاءات من التأشيرة، في فبراير (شباط) 2023. وأشارت إلى أن طاقمها يبحث كذلك شكاوى أميركية بأن العرب الأميركيين يخضعون لاستجوابات "قاسية" من جانب أمن المطارات الإسرائيلية، كاشفة أن من بين المقترحات أن يتلقى عملاء الأمن قوائم بأسماء ركاب رحلات الطيران قبل 12 ساعة من وصولها ليتمكنوا من إجراء عمليات الفحص الانتقائي. وأفادت شاكيد بأن 40 في المئة من المرفوضين يملأون استمارات الطلب بشكل غير صحيح، وأن وزارتها تبحث تقديم مواد تعليمية لتصحيح ذلك.

تقييد الوصول

لا تؤثر القيود الجديدة على الأجانب الذين يتزوجون من فلسطينيين، أو فلسطينيين يحملون جنسية مزدوجة ويزورون أقاربهم داخل الضفة الغربية وحسب، بل تطاول الأجانب الذين يأتون للدراسة أو العمل أو التطوع في المدن الفلسطينية والسياح وأصدقاء السكان الفلسطينيين أو الفنانين الزائرين والوفود السياسية إلى الضفة الغربية.

ومنعت السلطات الإسرائيلية، الأحد 22 مايو، دخول الوفد الأوروبي المكلف بالعلاقات مع الفلسطينيين، الذي كان من المقرر أن يبحث في قضية مقتل الصحافية شيرين أبو عاقلة ضمن قضايا أخرى، فألغى الوفد زيارته بعد منع رئيسه مانو بينيدا من دخول القدس ومنع الوفد من دخول قطاع غزة.

ونشر رئيس الوفد بينيدا على "تويتر" خطاباً رسمياً من الخارجية الإسرائيلية يحمل تاريخ 19 مايو، يفيد بعدم الموافقة على دخول الوفد المكلف بالعلاقات مع الفلسطينيين بقيادته معلناً من جانبه إلغاء الزيارة.

وأوضح أن البعثة كانت تخطط للقاء السلطات الفلسطينية والمجتمع المدني "لمعرفة عواقب الاحتلال على الأرض في الحياة اليومية للسكان الفلسطينيين، وآثار سياسات التعاون من جانب الاتحاد الأوربي".

وكتبت رئيسة البرلمان الأوربي، روبرتا ميتسولا، على "تويتر"، "يؤسفني قرار إسرائيل رفض دخول مانو بينيدا، رئيس وفد البرلمان الأوربي للعلاقات مع الفلسطينيين. سأثير تلك المسألة بشكل مباشر مع السلطات المعنية". وأكدت أن "احترام أعضاء البرلمان الأوروبي أمر أساسي للعلاقات الجيدة".

محاضرون وطلاب

وبحسب مكتب تنسيق أعمال الحكومة الإسرائيلية في المناطق الفلسطينية، وهو الهيئة العسكرية التي تعمل كحلقة وصل مع الفلسطينيين، فإن الهيئة المختصة في الجيش يمكنها البت في المجالات "المطلوبة" للنشاط، وما هي المعايير الاقتصادية التي تبرر دخول الأجانب إلى الضفة. ووفق الإجراء، تتم المصادقة على دخول المحاضر الأجنبي للضفة بعد أن يثبت لمسؤول في وحدة المنسق أن له "مساهمة مهمة في التعليم الأكاديمي، واقتصاد المنطقة أو دفع التعاون والسلام الإقليمي". وستحدد إسرائيل عدد المحاضرين حالياً بمئة محاضر، كما أن المدة القصوى التي تسمح إسرائيل بمكوث المحاضرين الأجانب في الضفة هي خمس سنوات متواصلة، وتشمل مغادرة الضفة لتسعة أشهر بعد تدريس 27 شهراً الأولى.

في حين أن عدد الطلاب الأجانب في الجامعات الفلسطينية سيكون 150 طالباً فقط، إذ يقضي الإجراء بخضوع أي طالب أجنبي لاستجواب في القنصلية الإسرائيلية في دولته، واستناداً إلى نتائج الاستجواب والوثائق المقدمة، تقرر إسرائيل إذا ما سيتم منح الطالب تأشيرة دخول تشمل تحديد مواضيع الدراسة المتاحة أمامه في الجامعات الفلسطينية، بحيث تكون المدة القصوى لبقاء الطالب الأجنبي في الضفة هي أربع سنوات من أجل الحصول على البكالوريوس والماجستير وخمس سنوات للحصول على الدكتوراه. ويجب أن تشمل وثائق المحاضرين والطلاب دعوة رسمية من السلطة الفلسطينية، وتكون تأشيرة دخولهم إلى الضفة سارية لمدة سنة واحدة، بالإمكان تمديدها على مواطني الدول التي تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، باستثناء الأردن ومصر وبعض دول الخليج.

تعليم محدود

جامعة بيرزيت التي تعد من أكبر الجامعات في الضفة الغربية، أعربت عن رفضها تقيد التحاق الأكاديميين والطلبة الأجانب في الجامعات الفلسطينية. وقالت، في بيان، إن القرارات والتعليمات الجديدة تمثل "تعدياً على حق الجامعة في استقطاب الخبرات الأكاديمية الدولية، وستضطر أعضاء هيئة التدريس والطلبة الحاليين إلى ترك البرامج الأكاديمية في الجامعة، وستعني الحيلولة دون تمكُّن الجامعة من تعيين موظفين جدد وإجراء بحوث علمية تعاونية وغيرها من عمليات التواصل والتبادل الأكاديمي، التي ستؤدي إلى تحجيم البيئة الجامعية واختزال دورها والحد من قدرتها على التواصل، وهو ما أثَّر بشكل واضح في بيئة الإنتاج المعرفي". وطالبت بـ"محاسبة الاحتلال على هذا الانتهاك الواضح للقانون الدولي".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويقول غسان الخطيب، نائب رئيس جامعة بيرزيت، لـ"اندبدنت عربية"، "القرار قد يتسبب في إغلاق نحو 9 برامج دراسية للغات الأجنبية، يتولى تدريسها أكاديميون أجانب في جامعة بيرزيت، مع وقف البرامج الأكاديمية المخصصة للطلاب الأجانب الزائرين، ومنها برنامج الدراسات العربية الفلسطينية، وهو برنامج مخصص للطلبة الأجانب الراغبين في دراسة الوضع الفلسطيني والعربي".

يضيف "نتواصل مع ممثلي السفارات الأجنبية والجامعات التي نتعامل معها، لتكوين جبهة لممارسة مزيد من الضغط على سلطات الاحتلال للتراجع عن القرار، مع اجتذاب تضامن وضغط على إسرائيل من منظمات متعاطفة، ونكثف من اتصالاتنا الدبلوماسية مع ممثلي دول أوروبية، يوجد في الجامعة أساتذة من رعاياها، إضافة إلى المسار القانوني الذي يسعى لمحاسبة إسرائيل على انتهاكاتها بحق الجامعات الفلسطينية".

فيما وصفت جمعية أساتذة الجامعات الفلسطينية القرار بـ"التعسفي"، وأنه يستهدف عزل الجامعات الفلسطينية، والتأثير في معايير التميز والتقدم الأكاديمي الفلسطيني".

ردود فعل

مع اقتراب دخول القرار حيز التنفيذ الفعلي، تطالب منظمات دولية معنية بالتعليم العالي الحكومة الإسرائيلية، بالتراجع عن تلك الخطوة. منظمة "علماء في خطر" وهي شبكة أكاديمية دولية، عبرت عن قلقها تجاه القيود المفروضة على العلماء والطلاب الأجانب. وقالت في بيان إن "توجيهات الحكومة الإسرائيلية ستعرض حرية الأكاديميين والحق في التعليم للخطر".

المدير التنفيذي للمنظمة، روبرت كوين، يقول "القرار  يُعرّض الباحثين العاملين، في مؤسسات التعليم الفلسطينية لخطر إجبارهم على المغادرة وإلغاء أدوارهم، وإلى انهيار المشروعات البحثية التي يعمل بها  مئات، إن لم يكن الآلاف من الطلاب المحليين والأجانب".

من جانبها، أرسلت لجنة الحرية الأكاديمية لجمعية دراسات الشرق الأوسط الأميركية (MESA)، في أبريل (نيسان) الماضي رسالة احتجاج على القرار الإسرائيلي.

وقالت إيف باول، مديرة الجمعية، في بيان، أن "هذه الخطوة محاولة لعزل العلماء والطلاب الفلسطينيين عن المجتمع الأكاديمي الدولي، وشكل من أشكال الرقابة التي تهدف إلى تقييد حرية التعبير وتكوين الجمعيات للأكاديميين والطلاب الدوليين من خلال حرمانهم من الوصول إلى العلماء والطلاب الفلسطينيين والمشاركة معهم".

وتابعت "إننا ندين هذه السياسة المقترحة بأقوى العبارات باعتبارها تصعيداً واضحاً للجهود الحثيثة التي تبذلها إسرائيل لحرمان الفلسطينيين من حق التعليم".

المزيد من الشرق الأوسط