Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ماذا يعني تقدم أنصار ترمب في الانتخابات التمهيدية للكونغرس؟ 

استمرار فوز اليمين المتشدد يحمل أنباء سيئة لبايدن لكنه يراهن على الوسطيين

المرشح الجمهوري للكونغرس دكتور أوز متحدثاً مساء يوم الانتخابات التمهيدية في ولاية بنسيلفانيا الثلاثاء 17 مايو الحالي (رويترز)

أثبتت الانتخابات التمهيدية داخل الحزب الجمهوري في ولاية بنسلفانيا، والتي جرت الثلاثاء الماضي، أنها كانت ليلة جيدة لدونالد ترمب وليلة أفضل لـ"الترمبية"، وهو ما أثبتته النتائج أيضاً في ولاية أوهايو هذا الشهر، وقد يتكرر في كثير من الولايات خلال ما تبقى من تنافسات، لكنها قد تمثل مشكلة للناخبين المعتدلين داخل الحزب الذين يطمحون في تقديم منافسين وسطيين للديمقراطيين في انتخابات الكونغرس النصفية بعد 5 أشهر، فماذا يعني تقدم أنصار ترمب بالنسبة للديمقراطيين وللرئيس بايدن، وهل سينعكس هذا التقدم على الانتخابات النصفية أم أنه سيقصي الوسطيين الجمهوريين عن المشهد الانتخابي؟

الترمبية تنجح

حققت مغازلة القاعدة الشعبية للرئيس السابق دونالد ترمب في الانتخابات التمهيدية بولاية بنسلفانيا نجاحاً منقطع النظير، فقد حصل مرشح ترمب الرسمي لمقعد الولاية بمجلس الشيوخ، الجراح الشهير، دكتور أوز، على 31.2 في المئة من الأصوات، بينما حصد منافسه دايف ماكورميك الذي سعى جاهداً للحصول على دعم ترمب على 31.1 من الأصوات، لينتظر كلاهما نتائج إعادة الفرز بينهما، كما حققت كاثي بارنيت، المعلِّقة اليمينية المتشددة والتي تعتبر نفسها أكثر ترمبية من المرشحين الآخرين، تقدماً كبيراً بحصولها على 25 في المئة من الأصوات، بينما فاز دوغ ماستريانو، الذي أدار حملة يمينية متشددة ودعمه ترمب خلال الأيام الأخيرة، بترشيح الحزب الجمهوري لمنصب حاكم الولاية.
وتؤكد هذه النتائج أن مرشحي ترمب يواصلون الفوز بسباقات أكثر بفارق كبير من الذين يخسرونها، فبينما خسر تشارلز هيربستر في ولاية نبراسكا على الرغم من حصوله على 30 في المئة من الأصوات، وخسارة نائبة حاكم ولاية أيداهو، غانيس ماكغيتشين، الانتخابات التمهيدية لمنصب الحاكم، فإنه في ولاية أوهايو، فاز جي دي فانس الذي انتقد ترمب بشدة في الماضي، قبل أن ينقلب رأساً على عقب، بترشيح الحزب لمجلس الشيوخ. كما فاز بو هاينز بترشيح الحزب في الانتخابات التمهيدية لمجلس النواب في ولاية كارولينا الشمالية.
ولا يؤكد دعم هؤلاء المرشحين من قبل ترمب، سوى أن تأييده يستحق كثيراً في انتخابات التجديد النصفي للكونغرس الأميركي المقررة في 8 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، لأن ثلث الناخبين الجمهوريين في الانتخابات التمهيدية انتخبوا مَن اختاره ترمب، وغالبيتهم شككوا بشدة في نتائج الانتخابات الرئاسية في عام 2020، وقاموا بحملات لتغيير إجراءات التصويت، ويحملون ذات السياسات والأسلوب الخطابي وشخصية الرئيس السابق، ما جعلهم أداة فعالة في مخاطبة القاعدة الحزبية الترمبية.

انتصارات التغيير

ولا شك أن استمرار هذه الانتصارات في الولايات الأخرى خلال الانتخابات التمهيدية في الأشهر القليلة المتبقية، دق جرس إنذار قوي لدى الديمقراطيين، والسبب هو أن تحقيق انتصارات قليلة للجمهوريين في نوفمبر المقبل، يمكن أن يقلب ميزان القوى في الكونغرس، مما يعوق قدرة الرئيس جو بايدن على تمرير أجندته التشريعية خلال العامين المتبقيَين له في البيت الأبيض، حتى لو احتفظ الديمقراطيون بالسيطرة على أحد مجلسَي الكونغرس، كما أنه قد يواجه تسونامي من التحقيقات، وربما محاولات التصويت على عزله في مجلس النواب من قبل تيار معادٍ يهيمن عليه اليمين من أنصار ترمب في الكونغرس، والذين ينكرون نتائج الانتخابات الرئاسية لعام 2020 وتعهدوا بالولاء لترمب من أجل تمهيد الطريق لاستعادة السيطرة على البيت الأبيض في عام 2024.
وما يزيد من المخاوف هو أن الأحزاب السياسية التي تسيطر على البيت الأبيض تخسر بشكل عام مقاعد في الكونغرس خلال الانتخابات النصفية، حيث يميل الناخبون بشكل انعكاسي إلى التحقق من الحزب الحاكم، واختبار الوعود الجريئة من مسار الحملة الرئاسية السابقة في ظل واقع قاس في واشنطن، حيث يلقي ارتفاع التضخم بثقله على الناخبين، وهو ما تعكسه شعبية الرئيس بايدن المنخفضة تتأرجح حول مستوى 40 في المئة، بينما يتوقع منظمو استطلاعات الرأي خسارة كبيرة للديمقراطيين في الخريف المقبل.

انحناء دفاعي

وعلاوة على ذلك، فإن سيطرة الجمهوريين على الكونغرس ستجعل خصوم بايدن السياسيين مسؤولين عن لجان التحقيق والرقابة، وكثير منهم تعهدوا بالفعل باستخدام هذه المناصب لإجراء تحقيقات رفيعة المستوى بشأن هانتر بايدن، نجل الرئيس، فضلاً عن التحقيق في تعامل الإدارة مع المهاجرين على الحدود، والخروج الفوضوي للقوات الأميركية من أفغانستان، وستجعل هذه النتيجة البيت الأبيض في حالة انحناء دفاعي، على حد تعبير صحيفة "نيويورك تايمز"، إذ سيكون مضطراً باستمرار إلى الاستجابة لطلبات الحصول على معلومات من لجان الكونغرس، وسيقوم بعض موظفي البيت الأبيض بتوظيف محامين للدفاع عنهم ضد مذكرات الاستدعاء التي تطلبها التحقيقات التي يقودها الجمهوريون، كما ينتظر أن تمتلئ المؤتمرات الصحافية في البيت الأبيض بأسئلة تثيرها الأغلبية الجمهورية في الكونغرس الجديد.

ولا يُعد هذا واقعاً غريباً على واشنطن، فقد واجه الرؤساء السابقون نفس الوضع، حيث وصف الرئيس جورج دبليو بوش الانتخابات النصفية لعام 2006 بأنها "ضربة قوية" بعد فوز الديمقراطيين بالسيطرة على المجلسين، وفي عام 2010، استعاد الجمهوريون مجلس النواب، بينما وصفه الرئيس باراك أوباما بأنه "قصف" من جانب خصومه، وفي كلتا الحالتين، أعاق تحول الأغلبية أجندات الرؤساء، وزاد من الهجمات الحزبية داخل الكابيتول هيل (مقر الكونغرس في واشنطن).

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


شكوك في الفوز النهائي

ومع ذلك، فإن بعض المراقبين والمتخصصين في الانتخابات يرون أنه من السابق لأوانه الحكم بخسارة كبيرة للديمقراطيين في الانتخابات النصفية المقبلة، ويستندون في ذلك إلى أن مغازلة المرشحين المؤيدين لترمب، قاعدة الحزب الجمهوري في الانتخابات التمهيدية، قبل التحول إلى قدر من الوسطية في الانتخابات العامة بغية الفوز بأصوات الأكثر تعليماً في الحزب وأصوات غير الحزبيين من الأميركيين الوسطيين، قد لا يكون سهلاً في عام 2022، بحسبما يقول دانيال جيه مالينسون، الأستاذ المساعد لعلم السياسة في كلية الشؤون العامة بجامعة ولاية بنسلفانيا، لأن النقطة المهمة هنا هي ما إذا كان يُنظر إلى هؤلاء المرشحين الجمهوريين على أنهم مخلصون لقضية "اجعلوا أميركا عظيمة مرة أخرى"، وهو شعار ترمب الذي يُعرف بشكل مختصر باسم "ماغا"، والذي شكل محور الحملات الانتخابية، عندما يتعلق الأمر بالفوز في الانتخابات التمهيدية.
ولكن في الانتخابات النصفية ضد الديمقراطيين، قد يمثل ذلك مشكلة للجمهوريين، ففي حين قد يعمل هذا الشعار بشكل جيد في إطلاق القاعدة الترمبية خلال موسم الانتخابات التمهيدية، إلا أنه يعقد المسألة عند التنافس ضد الديمقراطيين، لأنه لا يشكل نقطة جذب كافية للناخبين الأكثر اعتدالاً في انتخابات التجديد النصفي، فعلى سبيل المثال سيتعيّن على مرشحي ترمب الدفاع عن مواقف تبنوها في السابق مثل الحظر التام للإجهاض، ورفضهم التصويت عبر البريد، ونظريات المؤامرة حول انتخابات 2020.

وفي بعض الولايات المتأرجحة عندما يتعلق الأمر بالتصويت في مجلس الشيوخ، يصبح التقرب من الوسط أكثر أهمية، فبينما يميل المؤمنون بالحزب إلى الانغلاق على أفكارهم، يكون الناخبون المتأرجحون أكثر انفتاحاً ورفضاً للأفكار المتشددة، ولهذا قد يجد أي مرشح جمهوري يربط حملته بالسياسات والخطابات الترمبية، صعوبة أكبر في مناشدة الوسطيين، وقد يؤدي ذلك أيضاً إلى امتناع بعض الجمهوريين المعتدلين عن التصويت.

اختبار بنسلفانيا

وتقدم الانتخابات التمهيدية في ولاية بنسلفانيا اختباراً مماثلاً على الجانب الآخر في السباق التمهيدي الديمقراطي لمجلس الشيوخ، فقد فاز أحد المرشحين الأكثر تقدمية، وهو حاكم ولاية بنسلفانيا جون فيترمان، على النائب المعتدل كونور لامب، سيكون لدى فيترمان، مساحة أكبر للمناورة عندما تقترب الانتخابات العامة، لأنه بدأ يميل إلى الوسطية خلال الأشهر الأخيرة، وهو ما قد يكسبه مساحة أوسع ضد أي من منافسَيه، أوز أو ماكورميك. ومع ذلك، سيتعين عليه الدفاع عن مواقف أكثر تقدمية قد تؤدي أيضاً إلى إقصاء الجمهوريين المعتدلين.
وإذا كان النجاح في الانتخابات التمهيدية بولاية بنسلفانيا من نصيب المرشحين القادرين على التموضع بعيداً عن الوسط والاقتراب بشكل أكبر من التطرف الأيديولوجي للحزب، فإن المرشح الجمهوري، في تنافسه ضد الآخرين، قد يجد صعوبة أكبر في العودة إلى الوسط خلال الانتخابات النصفية، وهو ما يراهن عليه الديمقراطيون والرئيس بايدن.

المزيد من تقارير