Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حرب أوكرانيا تنذر باشتعال أسعار المنتجات الزراعية في 2022

موجات الجفاف ونقص الأسمدة يضران بمناطق الإنتاج الرئيسة

كانت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة "الفاو" قد حذرت من أزمة غذاء عالمية مع اضطراب أسواق المنتجات الزراعية (رويترز)

مع ارتفاع درجات الحرارة عن معدلاتها المعتادة في مناطق إنتاج المحاصيل الزراعية في العالم، زادت التوقعات باستمرار أزمة الأمن الغذائي العالمي نتيجة نقص الإنتاج وارتفاع أسعار المحاصيل الزراعية والمنتجات الغذائية، وبانتظار انضمام فنلندا والسويد إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، يبدو أن الحرب في أوكرانيا والعقوبات على روسيا لن تنتهي قريباً، ومنذ بداية الحرب في نهاية فبراير (شباط) الماضي، كان تأثيرها، وتأثير حزم العقوبات المتتالية على موسكو السريع، هو ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء، وأسهم ذلك في استمرار ارتفاع معدلات التضخم حول العالم إلى مستويات غير مسبوقة. أضاف ذلك إلى مشكلات الاقتصاد العالمي التي بدأت مع فترة أزمة وباء كورونا عام 2020.

ونتيجة استمرار اختناقات سلاسل التوريد التي بدأت مع إغلاقات الاقتصاد خلال أزمة وباء كورونا ترتفع تكلفة شحن المحاصيل والمنتجات الغذائية باضطراد، إضافة إلى أن ارتفاع أسعار الطاقة يشكل ضغطاً على سوق الأسمدة، التي يعتمد إنتاجها بشكل كبير على الطاقة من الغاز الطبيعي، الذي يعاني اضطراباً شديداً، بخاصة أن روسيا التي تخضع الآن لعقوبات غير مسبوقة هي من أكبر مصدري الأسمدة في العالم.

وتزامن كل ذلك مع ظروف مناخية غير مواتية أضرت بالمحاصيل الزراعية في مناطق الإنتاج الرئيسة في الولايات المتحدة وفرنسا والهند، وغيرها. فعلى سبيل المثال، بعد أن كانت الهند تأمل في أن تضاعف صادراتها من القمح هذا الموسم من سبعة ملايين طن إلى نحو 15 مليون طن، خفضت وزارة الزراعة الهندية توقعات إنتاج القمح هذا الموسم من نحو 111 مليون طن إلى 95 طناً.

أزمة غذاء

ولا يقتصر الأمر على القمح، وإن كانت أزمته أكثر تغطية لأهميته كغذاء رئيس حول العالم، لكن الأزمة تطاول مكونات ما يسمى "الأمن الغذائي" من أرز وذرة وزيوت وخضراوات، وغيرها، ونشرت مؤسسة "ستاندرد أند بورز" هذا الأسبوع، تقريراً عن تهديدات الأمن الغذائي العالمي رسمت فيه صورة قاتمة لتوقعات سوق المحاصيل الزراعية والمنتجات الغذائية.

وكانت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة "الفاو"، حذرت، من قبل، من أزمة غذاء عالمية مع اضطراب أسواق المنتجات الزراعية، وذلك على أثر ارتفاع مؤشر أسعار الغذاء الذي تستخدمه المنظمة بشكل غير مسبوق لأعلى معدل له في مارس (آذار)، وحسب المؤشر، زادت أسعار الأغذية عالمياً بأكثر من نسبة 30 في المئة في المتوسط، وحسب تقرير "ستاندرد أند بورز"، يتوقع أن تستمر أسعار الأغذية في الارتفاع عالمياً، بخاصة مع سعي الدول النامية الأكثر تضرراً إلى تأمين عقود إمداد طويلة الأجل للمكونات الرئيسة كالقمح الذرة، وهو ما يؤدي إلى ارتفاع أسعار تلك المنتجات نتيجة الطلب الهائل مع قلة العرض في السوق العالمية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويشير التقرير إلى تعطل تصدير المنتجات الزراعية مثل القمح والذرة وزيت عباد الشمس من الموانئ الأوكرانية على البحر الأسود بسبب الحرب، وعلى الرغم من محاولة بعض المزارعين والتجار التصدير عن طريق البر، فإن حمولة قطارات الشحن من المحاصيل الزراعية لا تقارن حجماً بحمولة الناقلات البحرية، وتسهم روسيا وأوكرانيا بنحو ربع القمح الذي يتم تداوله في التجارة العالمية (نحو 17 في المئة نصيب روسيا ونحو 8 في المئة نصيب أوكرانيا). ويرى الباحثون في إدارة التصنيف الائتماني بالمؤسسة الدولية أن الصادرات الروسية من القمح ربما لا تتأثر حتى في ظل العقوبات، إذ سيواصل مستوردون كبار مثل الصين شراء المنتجات الزراعية الروسية مثل القمح وغيره، لكن مع ذلك، لن يؤدي هذا إلى تخفيف حدة أزمة الأمن الغذائي العالمي مع توقف أوروبا وغيرها عن استيراد المنتجات الروسية بسبب العقوبات.

مشكلات واضطرابات

وقدرت وحدة الموارد الطبيعية في مؤسسة "ستاندرد أند بورز" ارتفاع سعر طن القمح الروسي في مارس الماضي إلى 455 دولاراً للطن، بزيادة بنسبة 46 في المئة، بينما ارتفع سعر طن القمح الهندي هذا الأسبوع من 260 دولاراً إلى 322 دولاراً، وحين حظرت إندونيسيا تصدير زيت النخيل، ارتفعت أسعاره في الهند بنسبة 22 في المئة، وتعتمد الهند على زيت النخيل كمكون غذائي رئيس في البلاد، وتجد صعوبة في الحصول على بدائل في ظل تعطل تصدير أوكرانيا لزيت دوار الشمس.

ويقدر تقرير "ستاندرد أند بورز" أن الدول النامية والصاعدة، من الهند إلى مصر والجزائر، ستكون الأكثر تضرراً من تحديات الأمن الغذائي العالمي. ويشير التقرير إلى أن الأزمات في المنتجات الزراعية ومواد الغذاء الأساسية لطالما أدت إلى اضطرابات اجتماعية وسياسية، ويعرض التقرير لمعدلات التضخم في بعض الدول كدليل على تأثير ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة سلباً على اقتصاد تلك الدول، وتأتي تركيا في أعلى القائمة بنسبة تضخم فوق حاجز 60 في المئة، تليها إثيوبيا وإيران بما يقارب نسبة 35 في المئة، وتأتي الصين واليابان في ذيل القائمة بمعدل تضخم في الصين في حدود نسبة 1.5 في المئة، بينما في اليابان يقل عن نسبة واحد في المئة.

ولتوضيح أهمية أسعار الغذاء في حساب معدلات التضخم في مناطق العالم المختلفة، يشير تحليل "ستاندرد أند بورز" إلى أن أسعار الغذاء تشكل نحو 40 في المئة من مؤشر أسعار المستهلكين في أفريقيا جنوب الصحراء ونسبة 27 في المئة في أوروبا الشرقية والشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بينما لا تسهم أسعار الغذاء بنسبة 17 في المئة في مؤشر أسعار المستهلكين في الدول ذات الاقتصادات المتقدمة، بالتالي، فإن ارتفاع أسعار المحاصيل الزراعية والأغدية يرفع معدلات التضخم في الدول النامية والصعدة أكثر من الدول المتقدمة، لكن في كل الأحوال، يسهم ذلك بزيادة معدلات التضخم في المتوسط في الاقتصاد العالمي كله، بالتالي يزيد من احتمال الاضطرابات الاجتماعية والسياسية في مناطق العالم المختلفة.

اقرأ المزيد