Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بالرشوة... يشق رئيس وزرائنا المقبل طريقه إلى داونينغ ستريت بلا خجل

يقدم جونسون أموال دافعي الضرائب أُعطيات للأثرياء وذلك بهدف تحقيق طموحاته الخاصة. هذا درك جديد للانحطاط في الحياة الوطنية

النائب المحافظ بوريس جونسون بعد إطلاق حملته القيادية لحزب المحافظين في لندن 12 يونيو 2019 (أ. ف. ب)

اعتدنا على استخدام التخفيضات الضريبية كرشاوى لكسب أصوات الناخبين. كما اعتدنا على منح الساسيين المحافظين  تخفيضات ضريبة للأثرياء. بيد أن الشيء الجريء حقاً بشأن التخفيضات الضريبية التي اقترحها بوريس جونسون هو أنها تستهدف بدقة عالية أهم وأثمن قطاع في المجتمع البريطاني حالياً ، وهو المؤلف من حوالي 160 ألفا من أعضاء حزب المحافظين، المتقدمين في السن والأثرياء ممن يتمتعون بمداخيل عالية تدرها عليهم استثماراتهم. هؤلاء هم الرابحون الكبار من خطة بوريس العظيمة للإصلاح المالي. وسيتمتعون في عهده بمكاسب تجعلهم سعداء على نحو غير مسبوق. وأشك في أن الكثيرين منهم سيستطيعون أن يقاوموا الإغراء بالتصويت لبوريس الذي ستصبح معه ثرواتهم اكبر بآلاف الجنيهات سنويًا. ومن يستطيع أن يرفض ذلك؟

لا يمكنك إلا تشعر بالإعجاب حيال عبقرية هذه الخطة فنياً . وبفضل عقله المبدع، والمشورة التي تلقاها من صديقه الرائع / مستشاره الإعلامي، ومن قلة من المستشارين الاستراتيجيين السياسيين العالميين ذوي الأجور المرتفعة ، ابتكر جونسون بمفرده إجراءً ماليا قد  يُوصله إلى زعامة حزب المحافظين. يجب أن نسمي الأشياء بأسمائها: فهو يدفع الرشوة كي يصل إلى داونينغ ستريت باستخدام أموال دافعي الضرائب، ومعظمهم بالطبع أفقر من أي ناشط عادي من حزب المحافظين. لا أعتقد أن حياتنا الوطنية قد وصلت من قبل إلى هذا الدرك  من الانحطاط .

إن نزع 10 % من أصحاب الدخل السنوى الأعلى من 50.000 جنيه إسترليني من قائمة دافعي أعلى معدلات الضرائب هو أمر سيء بما فيه الكفاية. وهؤلاء قد لا "يشعرون أنهم أغنياء" كما يقول بوريس، لكنهم كذلك في الحقيقة.  وبالإضافة إلى هذا، فهم سيدفعون بعض المبالغ الإضافية لقاء  التأمين الوطني، وبالتالي فإن التخفيض الضريبي ليس سخياً، كما يبدو أول الأمر، لأولئك الذين لايزالون على رأس عملهم الذي يتقاضون منه رواتبهم.

إن خطة بوريس تصيب هدفها بدقة حين يتعلق الأمر بأولئك الذين لا يعملون، لأن التأمين الوطني لا يُفرض ، لا بل لا يمكن فرضه، على التقاعد، أو على الدخل  الذي تدره  المدخرات والاستثمارات والإيجارات وما شابهها. وهكذا فإن المستفيدين من التخفيض الضريبي المقترح، هم أعضاء حزب المحافظين من المتقاعدين أو شبه المتقاعدين، من متقدمين بالسن وأثرياء ومتقاعدين على نحو غير متناسب،  ويتقاضون رواتب تقاعدية مهنية لائقة كما يجنون بعض الأرباح وبعض عوائد الإيجار من استثمار عقاري أو اثنين. وبالإضافة إلى ذلك، عندما تنخفض قيمة الجنيه مجددا بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بدون صفقة، فإن قيمة الأسهم التي يمتلكونها في العالم سترتفع بشكل جنوني.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

فهل ستنتهي مهمة جونسون عند هذا الحدّ؟ ليس تماماً، في الواقع. وهو يقول إن سيلجأ إلى المال الذي وضعه فيليب هاموند جانباً لدعم الاقتصاد في حالة الخروج من الاتحاد الأوروبي من دون صفقة، وذلك  لتعويض المبالغ اللازمة لتخفيض الضرائب على  اعضاء حزب المحافظين الأثرياء كبار السن ممن يتمتعون بحق التصويت في انتخابات الزعامة. هكذا سينفق بوريس الأموال التي ادخرها هاموند لدعم المالية العامة إذا تعرضنا لحالة ركود اقتصادي طويل وعميق من شأنه أن يتسبب في فقدان الكثيرين لوظائفهم وفي انخفاض عائدات الضرائب وارتفاع المبالغ التي تُدفع على شكل معونات اجتماعية ارتفاعاً حاداً.

و إذا تم صرف كل هذه الأموال كرشوة في حملة بوريس للفوز في انتخابات الزعامة لحزب المحافظين، فكيف سننفق على خدمة الصحة الوطنية والضمان الاجتماعي والمدارس الحكومية؟ أفترض أن أعضاء حزب المحافظين يحاولون تجنّب اللجوء إلى هذه الخدمات، ولذلك فهم لا يكترثون بها. لكن ذلك لن يكون عادلاً، أليس كذلك؟

هكذا هي السياسة البريطانية في عام 2019: نظام فاسد إلى درجة أنه يسمح باستخدام الأموال العامة لتحقيق مكاسب سياسية خاصة. هذه عينة صغيرة من شأنها ان تجعلنا نتذوق  الطعم الكريه للحياة قي ظل بوريس.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من آراء