Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أوروبا ستقضي على أي رئيس وزراء بريطاني قادم كما فعلت بقادة حزب المحافظين

إذا انتهى الأمر بخسارة كبيرة لهم أمام العمال في انتخابات عامة سيضطر جونسون إذا ما انتخب إلى التنحي بعد خوضه مغامرة قصيرة تصلح لتدوينها في سيرة مذكرات

بوريس جونسون المرشح لخلافة تريزا ماي سيواجه صعوبات قد تطيح به (رويترز)

شأن "ديتول" المستخدم لقتل الجراثيم على أنواعها، تلعب أوروبا عادة هذا الدور في القضاء على كل زعماء حزب المحافظين المعروفين. وتيريزا ماي ليست إلا آخر من لحقهم هذا المصير في سلسلة طويلة ومؤسفة من الإخفاقات، حين يصبح الزعيم عاجزاً عن قيادة حزبه، والحزب نفسه ما عاد يريد من يوجه دفته.

ليس هناك ما يُقنعنا بأن خَلَفها، بغض النظر عمن سيفوز، سيحالفه الحظ أكثر من ماي (أو كاميرون أو هيغ أو ميجور أو تاتشر...). وكل شيء يشير إلى خلاف ذلك.

لاستخدام إحدى عباراتها الأكثر شيوعاً وشؤماً، حين يتم اختيار الزعيم الجديد، وتُفوضه الملكة بتشكيل الحكومة، سرعان ما سيتضح بعد فترة قصيرة "ألا شيئ قد تغير" فيما خلا الأسلوب. ولكن الجوهر أو المضمون بقي على حاله.

إذا اختار المحافظون قيادياً من غلاة مناصري الخروج من الاتحاد الأوروبي – سواء كان بوريس جونسون أو دومينيك راب أو أستر ماكفاي أو ليز تراس أو أندريا ليدسوم- فإنهم سيظلون عاجزين في مجلس العموم عن تنفيذ بريكست صارم كهذا بناء على شروط منظمة التجارة العالمية، حتى لو أنهم شكلوا حكومة تضم وزراء متمسكين بالانسحاب من الاتحاد الأوروبي والسوق الموحدة والاتحاد الجمركي في آن واحد، أي ما يسمى "هارد بريكست"، وأبعدوا أشخاصاً "يناصرون بريكست ناعماً" مثل فيليب هاموند وديفيد غوك وغريك كلارك.

فقد يقف إلى جانب الزعيم الجديد "مجموعة الدراسات الأوروبية" التي تجمع النواب المحافظين، وربما لا يصطف معه "الحزب الاتحادي الديمقراطي"، لكن عدداً كبيراً من النواب المحافظين ممن لا يسعهم التصويت على إجراء كهذا يتسبب في إلحاق أذى اقتصادي وسياسي بالبلاد، سيتمردون مرة أخرى.

لذلك، فإن على أنصار بوريس جونسون في مجلس العموم وفي البلد أن يواجهوا تلك الحقيقة، حتى لو أن نايجل فاراج أشاد بهم وأظهر رغبة في التحالف معهم. فالاتحاد الأوروبي لن يعطيهم عن طيب خاطر ما يريدونه في مسألة الحدود الإيرلندية ومسائل أخرى. وقد يحاول جونسون إجبار الاتحاد الأوروبي على إخراج المملكة المتحدة منه، وذلك عن طريق جعل إقرار الاتحاد هذا تمديدات إضافية لمدة بقاء بريطانيا فيه أصعب– لكن هذا سيعني على الأرجح أن مجلس العموم سيصوت فقط على إلغاء المادة 50، على نحو ما كانت توصية كين كلارك (القيادي الذي كان على حزب المحافظين اختياره زعيماً منذ البدء) الحكيمة.

وآنذاك، سيكرّس بوريس، طبعاً من دون قصد، البقاء في الاتحاد الأوروبي. وسبق أن ألمت به أمور غريبة أكثر.

والمخرج الآخر المتاح أمام البرلمان للخروج من الطريق المسدود هو إجراء انتخابات عامة، وعلى الأغلب لن تؤدي النتيجة إلى فوز أي حزب بالأغلبية التي تمكنه من الحكم وحده، وهنا يبدأ عرض التمثيل الصامت مرة أخرى. أما إذا خسر المحافظون بشكل كبير لصالح حزب العمال، فسيتوجب على رئيس الوزراء بوريس جونسون الانسحاب- بعد احتفاظه بالمنصب لأقصر فترة في التاريخ المعاصر- بعد خوضه مغامرة قصيرة، وباهرة، وعقيمة لن تصلح على أروع وجه لتدوينها في سيرة مذكرات، ولكنها لن تنجز أي شيء آخر. وبذلك تكون أوروبا قد أوقعت في حبائلها ضحية جديدة.

وماذا عن فوز زعيم مناصر لخروج ناعم من الاتحاد الأوروبي - شخص يستطيع القيام بشيء ما" إزاء اتفاق ماي عن طريق تحسينه وصقله واستخدام حيل ذكية لتمريره في مجلس العموم؟ ربما في هذه الحالة يكون لجيرمي هانت أو مايكل غوف أو ساجد جاويد أو أمبر رود المهارات الضرورية، أو ربما، كما حدث سابقاً، سيطيحهم واقع الأمور في البرلمان.

والآن، لن يقوم، بالتأكيد، أي من المتنافسين على زعامة حزب المحافظين بتأييد خيار البقاء في الاتحاد الأوروبي علناً. مع ذلك فقد يواجه واحد أو اثنان منهم الواقع، ويعلن عما هو واضح للخروج من المأزق- وهو أن السبيل الوحيد لحل مسألة بريكست هو إحالتها على الشعب.

إلى اليوم، لم يلمِّح أحد سوى روري ستيوارت- وهو منافس منفتح وجذاب، وهو أحد الوجوه القيادية الجديدة وفي مثابة توني بلير جديد في حزب المحافظين- إلى أن واقع الأمور يشير إلى أن مثل هذا الخيار لا يمكن تجنبه. وإذا كان هو أو شخص مثله، قادراً على قيادة حزبه والبرلمان والبلد خلال مرحلة كهذه، فإنه يُقدم خدمة كبيرة للجميع.  

غير أن ما يحول دون ذلك هو قواعد حزب المحافظين التي لن تقبل أبداً بمرشح كهذا لأنهم لو مُنحوا الفرصة لفضلوا زعامة نايجل فاراج للحزب، أكثر من أي شخص آخر في قائمة المتنافسين الطويلة على الزعامة، بمن فيهم بوريس جونسون. وهذا ما يرجح احتمال أن يفشل زعيم حزب المحافظين المقبل مثل ماي، في فهم تناقضات بريكست.

وفي كل الأحوال، سينضم عند ذلك بوريس أو ساجد أو أمبر أو جيرمي إلى "محرقة جنازات المحافظين التذكارية" التي أنشئت قبل أكثر من نصف قرن. وهي تضم وبشكل مختصر تيريزا ماي – التي سيُنحيها نواب حزبها خارج دائرة الحكومة بسبب أوروبا في صيف عام 2019؛ وديفيد كاميرون – الذي خسر الاستفتاء الأوروبي عام 2016؛ ووليم هايغ – وهو خسر انتخابات عام 2001 بسبب الانشقاقات داخل حزبه حول السياسة المتعلقة باليورو؛ وجون ميجور – الذي تحطمت حكومته بسبب الانقسامات على اتفاقية ماستريخت وتسميته للمعارضين له بـ "اللقطاء"، وهزِم أمام بلير عام 1997؛ ومارغريت تاتشر- في عام 1990، وجزئياً بسبب الانشقاقات حول الانضمام إلى آلية سعر الصرف الأوروبية، وموقفها المتشدد في الطعن في أوروبا؛ وتيد هيث – الذي خسر انتخابات عام 1974 بعد أن نصح إينوخ باول، المحافظ السابق، الشعب البريطاني بالتصويت لحزب العمال لأنه عرض خيار الاستفتاء الأوروبي؛ وهارولد ماكميلان – وأطاح رفض الرئيس الفرنسي ديغول طلب انضمام المملكة المتحدة إلى أوروبا عام 1963، حكومته وأهدافها الاقتصادية وسياستها الخارجية.

يمكن اعتبار هذه المحرقة الرمزية، نوعاً من التعويض، فهي عبارة عن نادٍ، يضم أشخاصاً مميزين كثراً، لكن تكاليف الانضمام إليه مكلفة جداً وباهظة ومدمرة مثل وابل على المرء وحزبه وبلده.

   

© The Independent

المزيد من دوليات