Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تونس تتعثر في الفساد وسط رياح التغيير

البلاد تخسر نحو 3 مليارات دولار سنوياً وصنفتها منظمة الشفافية بالمرتبة الـ69

رغم مساعي القضاء والحكومة التونسية لا يزال الفساد يستشري في البلاد  (أ ف ب)

كان شعار مكافحة الفساد ولا يزال هو العنوان الأكبر الذي قامت عليه الثورة التونسية، مما جعل الحكومات التي جاءت بعد يناير (كانون الثاني) 2011 تنخرط في هذه الحملة من أجل محاربة داء استشرى في القطاعين العام والخاص، وتم تشكيل هيئة دستورية لمحاربة الفاسدين. لكن أخطبوط الفاسدين لا يزال أقوى من الدولة ولا تزال الإدارات العمومية في البلاد تشكو هذه المعضلة التي شلت المؤسسات وأفلستها، إذ "تخسر تونس سنوياً جراء الفساد نحو ثلاثة مليارات دولار"، حسب أرقام نشرتها الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد.

بطء المحاسبة

على الرغم من رياح التغيير التي شهدتها تونس منذ ثورة يناير، لم تغادر البلاد المراتب الحرجة في تصنيف مؤشرات الفساد في العالم، ففي أحدث تقرير لها نشر في نهاية عام 2020، صنفت منظمة الشفافية الدولية تونس بالمرتبة 69 في مؤشر الفساد.

لم يمر خطاب لرئيس الجمهورية قيس سعيد من دون وعد ووعيد بمحاسبة الفاسدين، داعياً القضاء التونسي إلى الانخراط في محاربتهم، لكن على الرغم من بطء هذه المحاسبة فإن البلاد تسعى لفرض القانون والضرب بقوة على أيدي العابثين بمؤسساتها، إذ أصدرت الدائرة الجنائية المتخصصة بالنظر في قضايا الفساد المالي والاقتصادي، مساء أمس، حكماً بالسجن لمدة ست سنوات ضد كل من المدير العام لشركة تونس للطرقات السيارة، ورئيس شركة للمقاولات، على خلفية شبهات فساد كبرى في صفقة بناء المقر الاجتماعي للشركة وما رافقها من تلاعب بالصفقة ونهب المال العام ورشوة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي بيان صادر عن مرصد رقابة، منظمة غير حكومية تعنى بمكافحة الفساد جاء فيه، أن "هذا الحكم يضاف إلى سلسلة أحكام نافذة أخرى صدرت في ملفات قدمها المرصد للعدالة بعد جهد مضنٍ في التقصي وتجميع المؤيدات والشهادات، في ظل تهاون العديد من الجهات الرسمية في تتبع المتلاعبين بالمال العام". وأضافت، "ننتظر صدور أحكام جديدة في ملفات أخرى بعضها متعلق بجرائم أكبر ضد المال العام ومصالح البلاد".

ترسانة قانونية غير ملائمة

 ويسعى المجتمع المدني في تونس لمحاربة الفساد في إطار مشروعه لمناصرة الإصلاحـات التشريعيـة، وبدعم من الصندوق الوطني للديمقراطية، أعدت منظمة "أنا يقظ" دراسة في أبريل (نيسان) الماضي بشأن واقع تطبيق الإطار القانوني لمكافحة الفساد، تمحورت حول عدد من المسائل المهمة، تمثلت في الشفافية وحوكمة القطاع العام ونزاهة الحياة السياسية ونجاعة عمل الهيئات الرقابية المتخصصة ومنظومة العدالة.

وتأتي أهمية الدراسة، حسب بيان للمنظمة، "في واقع مكافحة الفساد بالبلاد بين النص والتطبيق انطلاقاً من أن الدولة لا تزال تعاني استشراء ظواهر الفساد في المجالين العام والخاص على الرغم من تبني الدولة بعد الثورة، سياسة تشريعية مناهضة للفساد وداعمة لقيم النزاهة والشفافية"، واقترحت الدراسة تقييماً للإجراءات القانونية ذات العلاقة بمكافحة الظاهرة ودعم الحوكمة الرشيدة بالبلاد ومقارنتها بواقع التطبيق، "انطلاقاً من الإيمان بأن القانون، بما يميزه من احتوائه على قواعد رادعة، يسهم بشكل كبير في ذلك إذا ما صاحبه تطبيق فعلي من أصحاب السلطة ومحاسبة لمخالفيه".

ورصدت منظمة "أنا يقظ"، من خلال هذه الدراسة، مختلف النصوص التشريعية والترتيبية المرتبطة بصورة مباشرة أو غير مباشرة بمكافحة الفساد التي يجب مراجعتها في اتجاه تنقيحها أو إلغائها بهدف تطوير الترسانة القانونية، بما يتماشى مع تحديات الواقع وتشعب وتعقيد المسائل المتعلقة بالفساد، وبلورة لجملة التوصيات المهمة المتعلقة بها، بهدف تحسين جودة التشريعات القانونية كإحدى الخطوات الجادة ضمن استراتيجيتها الشاملة للحد من الظاهرة التي تجتاح البلاد.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي