Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

البث المباشر حوّل صراع ديب - هيرد القضائي إلى مهزلة

بالتزامن مع بث "شبكة لو أند كرايم" كل تفاصيل القضية رفيعة المستوى يشرح لنا توم ماري كيف طمست الخطوط الفاصلة بين العدالة والترفيه

تسعة ملايين متفرج يشاهدون تغطية محاكمة ديب - هيرد كل يوم (رويترز)

يقوم ملايين الأشخاص كل يوم بمتابعة بث مباشر يشاهدون فيه جوني ديب وهو يقاضي زوجته السابقة أمبر هيرد ليحصل منها على تعويض بقيمة 50 مليون دولار في محاكمة تشهير في فيرجينيا بالولايات المتحدة الأميركية، وهناك ملايين أخرى من الناس الذين يشاهدون مقتطفات قصيرة ومقاطع متسلسلة صنعها المعجبون تحمل عناوين مثل "جوني ديب يدمر محامي أمبر هيرد" و "تحطم فريق آمبر هيرد بأكثر الطرق المضحكة بسبب هذا الشاهد".

ربما شاهدتم المقطع الذي يقوم فيه محامي ديب بسرقة قطعة سكاكر كانت موضوعة أمام الممثل، أو ذلك الذي يبتسم فيه ديب ابتسامة ساخرة عندما يطلب منه محامي هيرد للمرة الخامسة تأكيد أن المستند يحمل توقيعه، أو ربما ذلك الذي يخضع فيه ديب لاستجواب حول قيامه بصب "كمية كبيرة من النبيذ" لنفسه.

باختصار، كان من المستحيل تجنب المحاكمة.

إنها قضية أكثر صخباً وجرأة بكثير من قضية التشهير السابقة التي رفعها ديب. لقد خسر تلك المعركة التي جرت في محكمة العدل العليا بلندن ولم تبث بالصوت والصورة أمام ناشري صحيفة "ذا صن"، بعدما اعتبر قاض أن وصف الصحيفة للمثل بأنه "ضارب زوجته" كان "حقيقياً إلى حد كبير".

سهولة المشاهدة تضفي مزيداً من الغرابة على المحاكمة الحالية ضد مقالة كتبتها هيرد لمصلحة صحيفة "واشنطن بوست" عام 2018 أشارت فيها إلى أن ديب كان يمارس العنف الأسري ضدها.

ليست محاكمات المشاهير العامة بالأمر الجديد، وفي الواقع فإن عدم وضوح الخطوط الفاصلة بين العدالة والترفيه موجود منذ عقود في الولايات المتحدة كما هو الحال بالنسبة إلى الجدل الدائر حولهما.

تشمل المحاكمات المتلفزة الشهيرة قضية قتل أو جي سيمبسون (جرت بين عامي 1994-1995)، التي شاهد الحكم فيها أكثر من 100 مليون شخص، ومحاكمة القاتل المتسلسل تيد باندي (عام 1979)، التي كانت أول محاكمة يتم بثها على مستوى البلاد.

على كل حال، منذ إعادة إطلاق قناة "كورت تي في" عام 2019، نقلت خدمة "يوتيوب" والبث التدفقي هذه المشاهد الوطنية إلى المسرح العالمي. أخبرتني ريتشل ستوكمان رئيسة شبكة "لو آند كرايم" المنافسة الكبرى لـ "كورت تي في"، أنه من بين تسعة ملايين متفرج يشاهدون تغطية محاكمة ديب - هيرد كل يوم، يوجد 35 في المئة فقط منهم في الولايات المتحدة حيث تجري المحاكمة، بينما تبلغ نسبة المشاهدين في المملكة المتحدة سبعة في المئة.

في هذه الأثناء، ذكرت قناة "كورت تي في" التي تبث القضية بالكامل بعدما منحت القاضية بيني أزكاريت إذناً بالتصوير، أن نسبة مشاهدتها "تضاعفت أربع مرات عملياً" خلال المحاكمة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

توضح ستوكمان أن لديها فريقاً من "متتبعي المحاكمات" مثل هواة تتبع العواصف، لكن في مجال التقاضي، وتتمثل مهمتهم في تعقب قضايا المحكمة التي قد تهم الجمهور ثم تقديم طلبات إلى القضاة المعنيين للحصول على إذن للتصوير.

عادة ما تكون قضايا القتل من أكثر مواد البث التدفقي شعبية إلى أن يدخل المشاهير على الخط فتتغير المعادلة. قالت ستوكمان عن الإقبال على مشاهدة محاكمة ديب – هيرد، "نرى أربعة، خمسة، ستة أضعاف عدد المشاهدين" كما حدث في محاكمة كايل ريتنهاوس في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

لكن هل من الصواب عرض هذه القضايا على مسرح عام بهذا الحجم؟ تقول المدعية العامة الفيدرالية السابقة نعمه رحماني التي تظهر بانتظام وهي تدير الجلسات على شبكتي "كورت تي في" و "لو آند كرايم"، إن بثها ضروري.

توضح رحماني، "هناك كثير من الناس في الولايات المتحدة لا يؤمنون بنظام العدالة الجنائية لدينا. إنهم يعتقدون أن المدعين العامين أو ضباط الشرطة فاسدون، وبرأيي فإن أي نوع من الشفافية، سواء كان ذلك من منظور الادعاء العام أم إنفاذ القانون، مفيد حقاً".

وتشير رحماني إلى محاكمة ديريك شوفين، ضابط الشرطة الذي قتل جورج فلويد والتي بثت مباشرة على قناة "كورت تي في" وجذبت أكبر مشاهدة للقناة إلى أن بدأت معركة ديب ضد هيرد. تقول، "أعتقد أنها تساعد في الحفاظ على ثقة الجمهور في نظامنا القضائي واستعادتها".

ما هو الشيء الجيد والمفيد عندما نجد في وجهنا واحدة من أكثر المحاكمات التي تهم الرأي العام خلال هذا العقد من الزمن، وتشهد صراع زوجين سابقين شهيرين في قاعة المحكمة؟ ماذا سيستفيد المجتمع من ذلك؟

يشير وين كوهين، المحامي والأستاذ بكلية القانون بجامعة جورج واشنطن إلى أن جميع المحاكمات في الولايات المتحدة علنية، مما يعني أنه يمكن لأي شخص المشاركة إذا اختار ذلك. هذا ما ينص عليه حرفياً التعديل السادس للدستور.

يقول كوهين، "يميل المدافعون عن البث المباشر للمحاكمات إلى تجاهل هذه الحقيقة"، مشيراً إلى أنه يمكن لأي شخص الدخول إلى قاعة المحكمة ومشاهدة ما يجري. ليس الأمر كما لو أن أبواب المحاكم كانت موصدة في السابق، وبالطبع فالأمر نفسه في المملكة المتحدة، باستثناء مسألة البث المباشر التي تجعل الوصول إلى المحاكمة أسهل من أي وقت مضى.

هناك عدد من الانتقادات الموجهة للأطراف التي تنقل صور المحكمة، وأهمها أن البث سيؤثر في الطريقة التي يتصرف بها الناس في القاعة من المحامين إلى الشهود. يقول كوهين، "إذا وضعت كاميرا أمامي وفجأة أصبحت لدي الآن قدرة على إحداث تأثير على نطاق واسع جداً، فمن المحتمل أن يؤثر ذلك في التزامي الأخلاقي تجاهك كمحاميك".

قد يشعر الشهود على وجه الخصوص بأنهم عرضة لتدقيق العامة، وتقدر ستوكمان أن حوالى "70 في المئة أو أكثر" ممن يعلقون على القضية على الإنترنت هم من المؤيدين لديب، بينما تعتقد رحماني أن نسبتهم أكثر من 90-95 في المئة، وتم إثبات التحيز ضد هيرد في التماس قدم لحرمان الممثلة من دورها في فيلم "أكوامان 2" Aquaman 2، كما يتهمها الالتماس بتنفيذ "حملة عنيفة منهجية للقضاء على ديب في هوليوود"، وقد وصل عدد التوقيعات إلى حوالى ثلاثة ملايين توقيع.

في هذه الأثناء تعرضت طبيبة نفسية عيادية استجوبت كأول شاهد دفاع لمصلحة هيرد في الثالث من مايو (أيار) إلى تلقي مراجعات سلبية على موقع "WebMD" الطبي بعد وصفها ما سمته الإساءة القسرية التي أظهرها ديب.

سيضطر الشهود الذين يتخذون موقف الدفاع إلى التفكير في ما إذا كان كلامهم سيغضب المتعاطفين مع ديب الأكثر شراسة. قد يحدث هذا كما بينت تجربة الطبيبة النفسية، وقد يكون لهذا أثر في حياتهم المهنية في النهاية، ومن الصعب المجادلة بأنه ليس هناك تأثير لمثل هذه الاعتبارات على مسار العدالة، وقد يكون للتمسك الواضح لبعض أنصار ديب آثار بعيدة المدى على ضحايا العنف الأسري، ووفقاً لتقرير صدر العام 2018 عن منظمة "وومينز أيد" فإن اثنين في المئة فقط من النساء اللواتي يستعن بالخدمات المجتمعية أبلغن الشرطة عن تعرضهن للعنف الأسري.

يقول متحدث باسم جمعية "سوليس وومينز إيد" إحدى أكبر الجمعيات الخيرية المعنية بالعنف الأسري في بريطانيا، "لا يتحدث العديد من النساء عن العنف الأسري بسبب الخوف من الانتقام وردود الفعل السلبية والكشف عن حياتهن الخاصة وتعرضهن للمحاكمة، وستعزز هذه المحاكمة العلنية ذلك الخوف".

تضيف رحماني، "يكره الرجال أمبر هيرد لأنهم يعتقدون أنها واجهة حركة مي تو MeToo)) والاتهامات الباطلة"، وفي الواقع فوجئت ستوكمان عندما علمت أن 60 في المئة من الجمهور الذي حضر المحاكمة عبر شبكة "لو آند كرايم" كانوا من الذكور.

يشاهد العديد من كارهي هيرد ديب وهو يقدم أحد أفضل أداءاته، وهو يسخر خفية من محاميها، وينطق كل كلمة في شهادته ببطء وتركيز باستخدام صوته الأجش ولكنته الشهيرة.

في برنامجه عبر راديو "سيريس إكس إم" عبر هاورد ستيرن عن غضبه من أن ديب هو الذي نظم المحاكمة المتلفزة بدافع رغبة أنانية في أن يُرى ويُسمع، وقال "هذا ما يفعله النرجسيون، إنهم [يقولون] "سنفتن أميركا خلال المحاكمة".

تقول رحماني، "لا أعتقد أن ديب رفع هذه الدعوى للحصول على عشرات الملايين من الدولارات من زوجته السابقة. لقد لجأ إلى القضاء لمحاولة تبرئة اسمه وإحياء مهنته كممثل"، وفي الواقع عندما سأل محامي هيرد الممثل عن سبب اختياره مقاضاة زوجته السابقة وحسب وليس الصحيفة التي نشرت مقالتها كما فعل في المملكة المتحدة، أجاب ديب بأسلوب متهرب، "لقد كانت المرة الوحيدة التي استطعت فيها التحدث وإسماع صوتي".

حصل نجم سلسلة أفلام "قراصنة الكاريبي" The Pirates of the Caribbean على ما يريد وهو فرصة ليقول للعالم روايته للحكاية باستخدام "يوتيوب" كمنصة تلفزيونية عالمية، وبغض النظر عن الحكم الفعلي الذي سيصدر في غضون أسبوع، سيقول العديد من النقاد إن ديب قد كسب القضية بالفعل بطريقة ما.

© The Independent

المزيد من منوعات