Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

اللاجئون السوريون في السويد يعيشون "غصة" الرحيل إلى "دمشق الآمنة"

حقق كثيرون ممن وصلوا نجاحات في مختلف المجالات خلال مدة وجيزة من عيشهم واندماجهم مع المجتمعات المحلية

حقق اللاجئون السوريون نجاحات في مختلف المجالات خلال مدة وجيزة من عيشهم واندماجهم في المجتمع السويدي (أ ف ب)

أيام قليلة تفصل الشاب السوري، مجد، من إتمام سنواته الثلاث على أرض السويد. إنه يستذكر ما واجهه وعائلته الصغيرة من أهوال رحلة أقرب ما يمكن وصفها بالفاصلة بين الحياة أو الموت، قاطعاً عباب البحار بالزوارق المطاطية، ومسافات شاسعة مشياً على الأقدام بين غابات كثيفة ومترامية الأطراف، معرضاً لمخاطر الضياع والسرقة أو القتل، وهارباً من أنظار حرس الحدود وبنادقهم، كل ذلك فقط كي يطأ أرضاً لطالما حلم بطمأنينة العيش الكريم فيها مع زوجته وطفليهما.

الشاب القادم من مدينة دوما ـ لا تبعد كثيراً عن العاصمة دمشق 9 كيلومترات ـ يعيش فترة عصيبة وهو المهدد بالترحيل. فالإقامة في البلاد الاسكندنافية منحته ميزات كثيرة منها تأمين المسكن وتوفير التعليم لطفليه والعمل، لكن الإقامة المؤقتة تبقى غصة حيث تنتهي بحسب القوانين بعد نحو عام واحد قابلة للتجديد. ولكون العاصمة السورية باتت آمنة بحسب السلطات السويدية، فقد أصدرت قرارات بترحيل طالبي اللجوء من السوريين.

ويروي مجد مشقة العيش بهواجس الترحيل في أي وقت بعد كل ما تكبده من معاناة، جازماً أن العودة إلى بلاده شبه مستحيلة حتى وإن أزفت الحرب. فالوضعان الاقتصادي والمعيشي في أسوأ حالة، "إن السوريين في الداخل يصارعون للبقاء وأنظارهم تتجه خارج حدودهم للهجرة، أو العمل خارج أوطانهم فكيف لنا أن نعود؟!".

الترحيل وصراع البقاء

لقد استقبلت دولة السويد قرابة 191 ألف لاجئ سوري، وتلت في الترتيب ألمانيا كأكثر البلدان الأوروبية طلباً للجوء بعد اندلاع الصراع الداخلي في سوريا عام 2011، حيث بلغت حركة النزوح ذروتها في عام 2015، وعلى مدار السنوات المنصرمة احتضنت ستوكهولم كما بقية المدن السويدية العائلات السورية.

ولقد شكلت النسبة الأكبر من الفئة الشابة سعياً للإفلات من الخدمة الإلزامية والاحتياطية، حيث تزداد سنوات الخدمة من عامين إلى تسعة أعوام، وتجنبهم الانخراط بالنزاع المسلح، أو بحثاً عن فرص جديدة للعمل والدراسة بعد ضائقة تسبب بها حصار فرضته عقوبات أوروبية وأميركية، قد شلت مناحي الحياة بأسرها كان أبرزها قانون قيصر الأميركي، الذي أقر في ديسمبر (كانون الأول) من عام 2019 عبر التصويت عليه من قبل مجلس الشيوخ في الولايات المتحدة.

في المقابل، حقق كثيرون ممن وصلوا نجاحات في مختلف المجالات خلال مدة وجيزة من عيشهم واندماجهم مع المجتمعات المحلية، لكن زيارة وفد سويدي يتبع إلى دائرة الهجرة وصل قبل عام إلى دمشق للاطلاع على أوضاع البلاد عن كثب، خرج بنتائج مقلقة صدمت اللاجئين، إذ أفضى إلى كون "دمشق آمنة"، ويمكن عودة أبناء المدينة النازحين منها إليها مجدداً، بينما أبقى استقباله للنازحين من إدلب وحلب والرقة ودير الزور ومنحهم حق الحماية.

العودة الآمنة

في غضون ذلك، طالبت منظمات حقوقية وزارة الخارجية السويدية بإعادة النظر في قرار دوائر الهجرة بالترحيل، لا سيما أن الاستقرار التام في أوطان السوريين يعد في الوقت الحالي ضرباً من الخيال إن لم تتبعه تسوية سياسية تفضي إلى عودة آمنة، وإلى أن يحدث ذلك لن تمنح مصلحة الهجرة السويدية كما هو متعارف عليه ما يسمى "حق الحماية".

يأتي ذلك في وقت تعد الجالية السورية الأكبر في البلاد حيث تبلغ 1.7 في المئة من سكان السويد، ووفق مكتب الإحصاء وصل عددهم في عام 2018 إلى 189 ألف سوري منهم حصل على الجنسية أو الإقامة.

ولفت المحامي المتخصص بقضايا الهجرة، علاء خرتش في حديثه لـ "اندبندنت عربية" إلى ضرورة تفكير اللاجئين الجدد القادمين إلى البلاد ملياً قبل الوصول إلى السويد، فهي لم تعد بلد الأحلام الوردية بالنسبة لطالبي اللجوء كما في السابق، منهم القادمون من مدن سورية كدمشق أو السويداء والحسكة أو طرطوس وغيرها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأضاف عليهم أن يعلموا جيداً أن البلاد لن تقدم لهم حق الحماية، فمصلحة الهجرة ستدرس طلبات اللجوء، وفي حال اكتشفت الدائرة المختصة أن النازحين السوريين الذين كان بإمكانهم اللجوء إلى مدن سورية آمنة للاحتماء وكان بمقدورهم الفرار من الحرب، لن تقبل طلباتهم، وأردف:

"مؤسسة الهجرة اليوم بصدد دراسة الطلبات الجديدة، وتأخذ بعين الاعتبار تفاصيل عدة لرفض الطلبات وإعادتها، وذلك بقرار صادر عام 2021، منها إن كانت لدى طالب اللجوء أي وثيقة إقامة في دولة أخرى".

ويجزم خرتش باختلاف دراسة طلبات اللجوء لأسباب فردية بحتة، وأن بلاد الفايكنغ لن تفتح ذراعها لجميع المهاجرين كما عام 2012، في المقابل أفضى تقرير للهجرة السويدية إلى أن التشدد بمنح الحماية ينطبق أساساً على الذين لم يحصلوا على إقامة ولطالبي اللجوء الجدد، لكن المخاوف تلاحق أصحاب الإقامات المؤقتة، والمنحدرين من مناطق باتت آمنة، فهم مهددون بتوقف تجديدها وإرغامهم على العودة.

البلاد الجديدة والقضايا العالقة

وإزاء عدم وجود علاقات بين سوريا والسويد في ما يخص تنسيق إعادة اللاجئين، لم تحدد بعد البلد المستضيف الطريقة المثلى لإرجاعهم، علاوة عما يعتري طالبي اللجوء من مخاوف وصول أحزاب يمينية متشددة لقيادة البلد في انتخابات من المفترض إجراؤها في سبتمبر (أيلول) من العام الحالي.

وتعتقد السيدة، لين الوتار القادمة من دمشق، أن قرار الترحيل يجب أن يحصل بطريقة آمنة، "معظم من طلب اللجوء وليس جميعهم هم معارضون وفارون من البلاد التي عاشت أزمة صراع مسلح، والعودة تعني أننا في مهب مصير مجهول، أخمن عدم عودتنا إن اضطر الأمر، ونسعى إلى بلد أوروبي بديل".

ولعل مطالبات المنظمات والهيئات الحقوقية في نهاية شهر أبريل (نيسان) لوزارة الخارجية، تأتي في ظل ظروف اعتبرتها معقدة، إذ إن النزاع المتقطع مازال في جنوب البلاد وقريب من دمشق كدرعا، بينما يرزح الشمال تحت وطأة مخاوف التقسيم والحروب المستعرة بين أطراف النزاع السوري ومن جهة ثانية مع أطراف دولية، في حين يعد قرار الترحيل مخالفاً لاتفاقيات جنيف الدولية، بحظر إعادة أي شخص إلى مكان يواجه خطر الاضطهاد والتعذيب وسوء المعاملة.

المزيد من تقارير