Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أوهام الأمم المتحدة

الخلل البنيوي أن هيئة المنظمة تتكون من دول مصالحها متضاربة

تحدث المبعوث الدولي لليبيا غسان سلامة عن عجز الأمم المتحدة في أن تجعل لقراراتها صدقية (أ. ف. ب)

1

المبعوث الدولي لليبيا غسان سلامة، يشكك في الأمم المتحدة، قائلاً بما معناه، إن "مجلس الأمن يقول ما لا يفعل". وتحدث عن الانقسامات الحادة بين دول المجلس، وعن عجز الأمم المتحدة في أن تجعل لقراراتها صدقية. ومن جهة أخرى تحدث على أن الاتهام الموجه إليه، بعدم الصدقية من طرفي النزاع في ليبيا يُدلل على صدقيته، وفي هذا تناقض ظاهر لأن عدم الصدقية يمسهُ كشخصية اعتبارية، ما يُقر به عبر تقديره عدم صدقية القرارات التي تصدر عن الجهة الممثل لها. وهذه الاتهامات مست أيضاً المبعوث الأممي لليمن وكذلك للصومال وغيرهما. والحقيقة المُرة أن هذا العجز يُقر به، من قَبِلَ القيام بوظيفة مندوب سامٍ لمؤسسة عاجزة، بل وتقول ما لا تفعل، هذا مُضاف إلى تاريخ طويل في الفساد، ما واكب هيئة الأمم المتحدة وتوابعها، كما في العراق والبوسنة والكونغو.

البيروقراطية سوس ينخر عظام هيئة، تُجسد الأمم في الاتحاد من أجل السلم، وأيضاً ما كان من المفترض أن تكون هيئة سياسية، تفض النزاعات وتخمد نار الحروب، تعمل من أجل حقوق الإنسان، حق الشعوب في تقرير مصيرها... الخ. هذه الهيئة تحولت إلى جهاز بيروقراطي ضخم، مُثقل بموظفين من أهم مهماتهم السلم الوظيفي، وبالتالي حصاد ثمن باذخ. هؤلاء الموظفون يكونون جادين حين الحرص على مصالحهم، المصالح التي تتحقق أكثر، كلما طالت المهمة الأممية في أي من البلدان الأعضاء، وتقوى كلما تفاقم النزاع. وهذا لا يعني أن أي مبعوث من مصلحته ازدهار الخراب، لكن في الوقت نفسه تعقد المسألة، فصعوبة حلها، يدلل حين الفشل على سبب موضوعي، وعند النجاح، ما سيأتي بالضرورة في الحالة المعقدة عن الحلّ بعد وقت، سيجني الموظف الدولي ثماراً طيبة مادية ومعنوية، إن الموظف في الحالين الكاسب.

2

الخلل البنيوي أن هيئة الأمم المتحدة تتكون من دول مصالحها متضاربة، وأن من مطلوب لخلخلة هذا التضارب، هو خبير فرد يوظف في هيئة، مستعار من بلده، ويفضل أن يكون الخبير موظفاً مجرباً، خاض مسائل مشابهة، وهذا يعني في واقع الحال، خاض كثيراً من الفشل. إضافة إلى أن الأمم المتحدة رهينة الدول الكبرى خاصة دولة المقر، هذه العلل توضح صدقية خلاصة المندوب السامي غسان سلامة، حول عدم صدقية الهيئة التي يمثل، وتوضح أن النجاح المأمول من مهمته ومن على شاكلته، هو في إطار رغبوي وآمال عظام، تستدعيها إرادة المتفائل وليس عقله المتشائم.

عليه، إن الرهان على الأمم المتحدة رهان على حصان خاسر، لكن ليس في مضمار السباق غيره، لذا سيفوز حتماً، ليس بالضرورة بأن يُمسك بالحلّ من ذيله، لأن حلّ الأمم المتحدة اللاحلّ، وفي صيغة أدبية سراب الماء في الصحاري الكبرى، لا يُبلل الريق لكن يُبلل الإرادة. ومن هذا فإن مهمة مندوب الأمم يوحد الرغبات فالآمال، وعلى خشبة الحدث هو كما ثقل في كفتي الميزان، فيُضيف ويُزيل من الأوزان في شكل مقترحات كل مرة في جهة. وهذا يجعله منحازاً في الظاهر لطرفين، وللسائل عن جدوى هذا الحّل اللاحلّ؟ فإن الجدوى ليست على أرض الخصام أو العراك، بل عند الأطراف القادرة على التوافق، ومنه على فرض الحلّ المُراد في الأخير.

قال غسان سلامة: كل حرب في هذا العصر حرب دولية بمعنى ما، لأن المصالح متداخلة، ولأن النفوذ أثقل وأوثق، وفي عصر الأمم المتحدة هذا، الحروب تُخاض بالوكالة، ولو كانت من صغار الشرر. أو كما قال... ولو حاولنا تأويل قوله هذا، فإن مسائل كالعراق واليمن وسوريا وأفغانستان وهلم، حاجتها ماسة لمندوب سامي أممي، أما مسألة أوكرانيا وفنزويلا ومؤخراً السودان، فحاجتها ملحة لمندوب الدولة الكبرى. وحيث يكون المبعوث أممياً حيث الحرص على السيادة الوطنية، ولنأخذ ليبيا مثالاً لتوضيح هذا، فإنها بلاد نفط انقسم أصحاب المصلحة حول نفطها، فظهرت روسيا وأميركا مثل حليفين في المسألة الليبية، يُرجحا الحلّ المحلي ولو بعد حين.

أوهام الأمم المتحدة محصلة للعبة الأمم التي تلعب النرد لا الشطرنج، فالأمم الكبرى لعبتها باردة، أي بتؤدة وتمهل، وأما الدول الصغرى مثل ليبيا ورواندا وبوروندي فتلعب بالنار، تعيش على صفيح ساخن، فشعوبها كشعب الله المستعجل. المبعوث الأممي في هذا الحلّ يتخذ مساراً مكوكياً، في رحلات لا تنتهي حتى تبدأ، مصحوبة بالكلام في الكلام، وبالجدل فالبحث في فلسفة الحرب والسلم، وقبل الشغل الشاغل تثبيت حالة اللاحرب واللاسلم، مُرادف الحلّ اللاحل.

المزيد من آراء