Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ميكروبلاستيك المحيطات مرتع للطفيليات

خطر العدوى يتهدد الكائنات البحرية بسبب النفايات العائمة في المحيطات

باتت الجسيمات الدقيقة المعروفة بإسم "ميكروبلاستيك" خطراً داهماً على المحيطات وكائناتها الحيّة (بلانتبايزدنيوز.أورغ)

ينتشر الميكروبلاستيك [جسيمات بلاستيك متناهية صغر] في أرجاء العالم، من أجسام البشر، وصولاً إلى المياه حول القارة القطبية الجنوبية (أنتاركتيكا).

الآن، تحذر دراسة حديثة من أن تلك الجزيئات المنتشرة من النفايات البلاستيكية ربما تسهم أيضاً في حشد بعض الطفيليات البغيضة جداً في المحيط، مع ما يترتب عن ذلك من عواقب محتملة على الصحة العامة والحيوانات البحرية.

ووفق ما علمت صحيفة "اندبندنت" من كارين شابيرو، طبيبة بيطرية في "جامعة كاليفورنيا" بديفيس، تدرس مسببات الأمراض، فقد كان معروفاً أن الطفيليات تتراكم فوق بعضها البعض في طبقات تتشكل على نحو طبيعي وتغطي مساحات مغمورة بالماء من أسطح موجودة في المحيطات.

ومثلاً، في ممشى على الشاطئ، سنجد أن القسم الموجود منه تحت الماء مغطى بكائنات حية في طبقات لزجة يشار إليها أيضاً بوصفها أغشية بيولوجية. في 2014، وجدت دراسة، شاركت في إعدادها الدكتورة شابيرو، أن تلك الأغشية البيولوجية في تجمعات أعشاب البحر تستضيف طفيليات من قبيل "توكسوبلازما غوندي" Toxoplasma gondii، علماً بأنه مخلوق مجهري الحجم في مقدوره أن يتسبب بمرض للحيوانات والبشر على حد سواء. لدى الإنسان، غالباً ما تتضمن أعراضه معاناة الحمى والصداع وتضخم الغدد الليمفاوية.

في ظل غياب الغشاء البيولوجي الذي تلتصق طبيعياً به، ستذوب الطفيليات في المحيط الهائل، وفق الدكتورة شابيرو. وتالياً، فستجد مساحة تتجمع فيها وتتكدس، وربما تنقل العدوى إلى الكائنات البحرية.

من هذا المنطلق، على ما تضيف الدكتورة شابيرو، كانت لديها وزملاؤها رغبة في معرفة إذا كانت الظاهرة نفسها ستطرأ على أعداد إضافية من الأسطح غير الطبيعية في المحيط، من قبيل الميكروبلاستيك.

كذلك يتناول هذا السؤال على تأثيرات ذلك الأمر على صحة الإنسان. تشير الدكتورة شابيرو إلى أنه في حال تركزت الطفيليات حول تجمعات الأسماك الصدفية، مثلاً، ربما ينتهي بها المطاف في أطعمة الناس، خصوصاً بالنسبة إلى الكائنات البحرية التي غالباً ما يأكلها الناس كاملة ونيئة، كالمحار. تبين سابقاً أن المحار وغيره من رخويات البحر ذوات الصدفتين تبتلع جزيئات بلاستيكية دقيقة، وفق "الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي".

لمعرفة المزيد عن تلك المسألة، مزج فريق البحاثة كمية من المياه المأخوذة من البحر وجسيمات بلاستيكية بالغة الصغر وأعداد من الطفيليات معاً. إضافة إلى "توكسوبلازما غوندي"، بحث هؤلاء العلماء في الكائنين الطفيليين "الجياردية المعوية" Giardia enterica و"كريبتوسبوريديوم بارفوم" Cryptosporidium parvum، اللذين يعيشان في المياه غير المعالجة، وعند دخولهما إلى جسم الإنسان، يمكن أن يسببا إسهالاً وقيئاً وجفافاً تستمر أياماً، أو حتى أسابيع.

على مدى أسبوع، نظر الباحثون في طرق ارتباط الطفيليات مع جسيمات بلاستيكية مكورة كحبات المسبحة، تسمى "ميكروبيد" microbeads وأخرى تتخذ هيئة ألياف بلاستيكية دقيقة، وذلك من طريق احتساب عدد الطفيليات الموجودة في الماء، وتلك المتراكمة على تلك الأنواع من الجسيمات البلاستيكية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في اليوم الأول، كانت أعداد الطفيليات الثلاثة الموجودة في الماء أكثر من نظيرتها المتكدسة على الميكروبيدات أو الألياف الدقيقة. ولكن، مع حلول اليوم السابع، وجد الباحثون عدداً أكبر بأشواط من طفيليات الـ"جيارديا" والـ"توكسوبلازما" على الميكروبيدات بالمقارنة مع الماء. أما بالنسبة إلى "كريبتوسبوريديوم" فلم يكن الفارق بين الماء والميكروبيدات كبيراً في اليوم السابع.

في اليوم السابع أيضاً، لم يتبين في الدراسة وجود قدر أكبر من الطفيليات متراكمة على الألياف الدقيقة، بالمقارنة مع مثيلاتها من الكائنات الموجودة في الماء.

إضافة إلى ذلك، بدءاً من اليوم الأول وحتى اليومين الثالث والسابع، حمل كل غرام واحد من الميكروبيدات والألياف الدقيقة كليهما عدداً أكبر كثيراً من الطفيليات الثلاثة بالمقارنة مع كل ملليلتر واحد من مياه البحر (ما يعادل غراماً واحداً تقريباً).

في الواقع، تكتسي هذه الدراسة أهمية استثنائية كونها، وفق الدكتورة شابيرو، تبحث في التفاعل بين نوعين مختلفين من التلوث الذي يسببه الإنسان.

فمن الجلي أن الميكروبلاستيك أحد الملوثات الناجمة عن الإنسان، ولكن لا يختلف الأمر بالنسبة إلى الطفيليات، وإن إلى حد ما.

ذكرت الدكتورة شابيرو أن "جيارديا" و"كريبتوسبوريديوم" كليهما في مقدورهما أن ينتشرا من طريق فضلات الإنسان والماشية والحيوانات الأليفة، بينما تنتشر "توكسوبلازما" عبر براز القطط، بما في ذلك المنزلية منها.

وأضافت الدكتورة شابيرو، "نتيجة أسلوب عيشنا، وتوسعنا المستمر، وكذلك الأنواع الحية الداجنة لدينا، يحمل البراز كثيراً من مسببات الأمراض. وفي الوقت نفسه، بتنا نعتمد أكثر فأكثر على المواد البلاستيكية".

على سبيل المتابعة، ستنظر الدكتورة شابيرو وزملاؤها في مدى تأثير وجود الميكروبلاستيك في التركيز الفعلي للطفيليات داخل المحاريات.

في الحقيقة تتخطى الأهمية التي تتخذها هذه الأسئلة محبي المأكولات البحرية، ذلك أن المرض الذي تسببه طفيليات "توكسوبلازما" يشكل خطراً على الثدييات البحرية المهددة بالخطر، على شاكلة فقمات "راهب هاواي" ودلافين "ماوي"، وفق الدكتورة شابيرو.

في المقابل، شددت شابيرو على أن الناس يستطيعون المساعدة في تخفيف وطأة هذه المشكلة، عبر اتخاذ خطوات تفضي إلى خفض كمية البلاستيك التي يستخدمونها.

 

نشر في "اندبندنت" بتاريخ 27 أبريل 2022

© The Independent

المزيد من بيئة