Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تشكيك فلسطيني تقابله طمأنة دولية حول تغيير "أونروا" طريقة عملها

يرى مراقبون أن نقل المهمات إلى منظمات تابعة للأمم المتحدة خطوة فيها فائدة للاجئين

يرى البعض في فكرة تفويض "أونروا" مؤسسات الأمم المتحدة لتقديم خدماتها خطوة صحية (اندبندنت عربية - مريم أبو دقة)

في وقفة احتجاجية وصِفت بالعنيفة، أشعل اللاجئون في قطاع غزة إطارات المطاط أمام مقر وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، كما قذف محتجون غاضبون بوابة المقر الرئيس للمؤسسة الأممية بالبيض، بعد إعلان المفوض العام فيليب لازاريني نيته تحويل جزء من مهمات الوكالة إلى مؤسسات شريكة تتبع لهيئة الأمم المتحدة.
وعبر اللاجئون عن غضبهم واستيائهم حيال ما قالوا إنه "نية أونروا التخلي التدريجي عن قضية اللاجئين وبالتالي تصفية حق العودة، الذي تُعد هذه المؤسسة الشاهد الوحيد عليه"، واعتبروا أن وقفتهم الاحتجاجية هذه تُعد الرد الواضح على رسالة المفوض العام التي وجهها إليهم.

رسالة لازاريني

وكان المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني وجه رسالة إلى اللاجئين الفلسطينيين، جاء فيها بأنه يحاول مراوغة الأزمة المالية التي تعصف بالمؤسسة الأممية عن طريق تفويض مهمات وكالة الغوث إلى مؤسسات أخرى تتبع هيئة الأمم المتحدة.
وقال لازاريني إنه يقف دائماً مع قضية اللاجئين، ويعمل على تقديم أفضل الخدمات لهم، لكن الأزمة المالية التي توشك أن تؤدي إلى انهيار الـ"أونروا" تدفعه إلى أن يتوسل للمانحين للمساعدة من أجل استمرار تقديم الخدمات. وأضاف أن "النقص في التمويل أصبح مزمناً وهو نتيجة تقلب الأولويات الجيوسياسية، لذلك من الضروري التفكير بطريقة إبداعية، ضمن خيارات، أبرزها توسيع الشراكات داخل منظومة الأمم المتحدة إلى أقصى حد، وذلك عن طريق تفويض مؤسسات الهيئة الأخرى تقديم الخدمات نيابةً عن أونروا وتحت توجيهها، بما يتماشى تماماً مع الولاية التي حصلنا عليها من الجمعية العامة. إن هذه الشراكات تملك إمكانية حماية الخدمات الأساسية من نقص التمويل المزمن".


تكامل العمل بين مؤسسات الأمم المتحدة

وجاءت رسالة مفوض "أونروا"، بعد أيام من كشف المانحين عن مقترحات يعملون على إعدادها من أجل عرضها على اللجنة الاستشارية الخاصة بالوكالة الأممية ومن أبرزها دمج مؤسسات "أونروا" بالوزارات المعنية في الدول المضيفة، أو تحويل "أونروا" إلى مؤسسة مستقلة مالياً تحت إشراف البرامج الدولية، أو دمج المؤسسة مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين.
ويبدو أن المفوض العام لأونروا، اختار حلاً وسطاً من بين هذه المقترحات، ويتمثل باختصار، في بقاء الوكالة تابعة للأمم المتحدة، ويسري تفويضها بالطريقة المعتادة من دون أي تعديل، لكن تفوض "أونروا" مؤسسات الأمم المتحدة الأخرى تقديم مهماتها ضمن توجيهات من الوكالة ذاتها، من دون أي تعديل على هذه الخدمات.
وعلى الرغم من أن هذا المقترح قد يخفف من العبء والأزمة المالية التي تصارعها "أونروا"، وفي الوقت ذاته يحافظ على حقوق اللاجئين ويحمي حق العودة، ضمن التفويض الممنوح لها من هيئة الأمم المتحدة، فإن هذا المقترح لقي رفضاً من المؤسسات الفلسطينية الرسمية، واللجان الشعبية المعنية بشؤونهم، بالإضافة إلى اللاجئين أنفسهم.

رفض فلسطيني

وقال رئيس دائرة شؤون اللاجئين أحمد أبو هولي إن "حديث مفوّض أونروا يحمل في طياته أبعاداً سياسية لتصفية الوكالة وحق العودة. فإن القول إنه ليس من صلاحيات لازاريني أن يطرح حلولاً لمعالجة العجز المالي في ميزانية أونروا، بمبرر أنها تمس بتفويض عمل المؤسسة الأممية، فهو أيضاً لا يمتلك تفويضاً لنقل صلاحيات أونروا لمنظمات دولية أخرى تحت شعارات الشراكات والتآزر". وأضاف أبو هولي أن "أونروا مهمتها إغاثة اللاجئين وتحمل عنواناً سياسياً في تجسيد المسؤولية الأممية تجاه النكبة وليس مهمة إشرافية على منظمات دولية تنوب عنها في مهماتها المناطة بها حسب قرار تفويضها، لذلك فإن الحفاظ على أونروا يعني الحفاظ على حق العودة وفق قرارات الشرعية الدولية".
وإلى جانب المؤسسة الرسمية، رفضت الفصائل مقترح المفوض العام، فاعتبر متحدث باسم "حركة حماس"، جهاد طه، أن "مسؤولية أونروا هي الإيفاء بالتزاماتها تجاه قضية اللاجئين الذين يعيشون أوضاعاً وظروفاً اقتصادية واجتماعية صعبة، عن طريق تأمين المستلزمات الإغاثية والخدماتية".
كذلك، قال القيادي في "حركة الجهاد الإسلامي" أحمد المدلل إن "خطة لازاريني تُعد تمهيداً لإنهاء قضية اللاجئين الفلسطينيين التي تُعد الشاهد المهم للنكبة التي ما زالت آثارها ظاهرة حتى هذه اللحظة، وفي حال جرى تطبيقها، فإن الخطوة التي ستليها هي شطب حق العودة، وذلك عن طريق التخلي التدريجي للوكالة عن قضية اللاجئين وخدمتهم".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


"أونروا" ستحافظ على تفويضها

في المقابل، يقول مراقبون إن المفوض العام الذي ليس من صلاحياته تعديل تفويض "أونروا" أو طبيعة نشاطها، لم يتحدث من الأساس عن إنهاء عملها، ولم يتطرق إلى نقل مهمات المؤسسة التي يديرها إلى أي هيئة أخرى بشكل نهائي، بل قال إن هذه الخطوة تحت إشراف الوكالة الأممية وضمن مؤسسات هيئة الأمم المتحدة. وقال لازاريني إن "تسليم أو نقل المسؤوليات والبرامج إلى مؤسسات أخرى ليس مطروحاً على الطاولة، بل نحن ننوي العمل بشراكة مع باقي مؤسسات الأمم المتحدة، ولا يوجد أيضاً أي عبث بولاية أونروا، التي لا يمكن الاستغناء عنها وسيظل الوضع كذلك، نحن حريصون على هذه المؤسسة التي تُعد جزءاً من استقرار المنطقة، في جوهرها السياسي". وأضاف "نحن نستعد للتصويت على تجديد ولاية أونروا في نهاية العام، ونتوقع استمرار المستوى العالي من الدعم السياسي، لذلك لن أدخر جهداً في الدفاع عن حق اللاجئين في حياة كريمة إلى حين التوصل إلى حل سياسي عادل ودائم للقضية".


توضيح الفكرة
ويبدو أن هناك لبساً في فهم مقترح "أونروا" الذي تسعى من خلاله إلى تخفيف العبء عنها، إذ تتمثل الفكرة في نقل صلاحيات تقديم السلة الغذائية إلى برنامج الأغذية العالمي، وكذلك نقل خدمات الرعاية الصحية إلى منظمة الصحة العالمية، ونقل الرعاية بالأطفال وصحتهم النفسية إلى اليونيسف، وخدمات التعليم إلى اليونسكو. وكل هذه المؤسسات تتبع هيئة الأمم المتحدة، وتعمل بتكاملية مع "أونروا" وقد تخفف عنها العبء المالي، فهي أكثر قدرة مالية على توفير خدمات للاجئين.
وصرح عمر شعبان، مدير مؤسسة بال ثينك للدراسات الاستراتيجية (غير حكومية) أنه "ليس منطقياً أن تواصل أونروا اتباع ذات المنهجية في العمل بلا تطوير في ظروف دولية لا تتوقف عن التغيّر، وعملية التفويض ستكون لمنظمات أممية أخرى متخصصة، وليس لمؤسسات أهلية".

الرفض ليس في صالح الفلسطينيين

وأوضح شعبان أن "فكرة تفويض العمل تُعد ظاهرة صحية، بخاصة أنها تقنية وليست سياسية، وهذه العملية هي منهج إداري لكثير من المؤسسات في العالم بهدف تخفيف الأعباء ورفع الكفاءة، وما تنوي أونروا القيام به على مستوى الخدمات لا يعني بالمطلق التخلي عن الوظيفة السياسية والقانونية والتي تشكل الأساس لوجودها".
وبحسب شعبان فإن "أونروا تراجعت في ضمير العالم إلى درجة أنها باتت مؤسسة إغاثية تقدم خدمات، لكن نقل بعض مهماتها إلى أخواتها في الأمم المتحدة يمكّنها من تركيز جهودها على قضايا أخرى مثل الحماية وحق العودة وتوثيق حقوق اللاجئين".
وأشار عمر إلى أن "فكرة الرفض في غزة ليست منطقية، ومن الضروري عدم التسرع، وفتح حوار جاد بين أونروا والمؤسسات الرسمية والأجسام الممثلة للاجئين حول هذه الأفكار والتي قد تحمل بعض الفوائد".

المزيد من الشرق الأوسط