Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"ماسك" في مهمة صعبة... ما مصير "تويتر" بعد التحول إلى شركة خاصة؟

رسم خطوطاً عريضة للمنصة الشهيرة... وأوروبا وأميركا ترفضان التعليق على الصفقة

قال رئيس "تويتر" التنفيذي باراج أجراوال للموظفين إن الضبابية تكتنف مستقبل الشركة مع صفقة ماسك (أ ف ب)

في ظل ما تواجهه مواقع التواصل الاجتماعي من اتهامات، سواء ما يتعلق منها بالعنصرية أو نشر الإشاعات، يبدو أن الملياردير الأميركي إيلون ماسك سيواجه مهمة صعبة بعد استحواذه على موقع "تويتر". وتأتي هذه الصفقة في ظل تحركات أوروبية وأميركية نحو لوائح وقوانين جديدة من شأنها السيطرة بشكل حازم على كل ما يُنشَر على هذه المواقع.

في تصريحات حديثة، وعد الملياردير الأميركي الناشط أصلاً على المنصة، بمزيد من الحرية والشفافية وبالحدّ من البريد العشوائي، لكن هذه الرؤية المثالية قد ترتّب مسؤولية أكبر على المستخدِمين. وما لم يطرأ أي تغيير مهم، سيصبح رئيس شركتَي "تيسلا" و"سبايس إكس" صاحب منصة أصبحت أساسية في الحياة السياسية للأنظمة الديمقراطية وفي حياة عشرات ملايين الأشخاص اليومية.

وفيما رسم "ماسك" الخطوط العريضة لرؤيته لموقع "تويتر"، ومنها تعزيز الثقة في شبكة "أساسية لمستقبل الحضارة"، و"تحرير إمكاناتها"، إلا أن بعض أهدافه يثير القلق. وعقب الإعلان عن إتمام الصفقة، صعدت أسهم "تويتر" حوالى 6 في المئة.

وفيما بلغت قيمة الصفقة 44 مليار دولار، فقد عرض إيلون ماسك، 54.2 دولار لسهم "تويتر" وهو ما يمثل زيادة بنحو 40 في المئة عن سعر إغلاق السهم قبل إعلان ماسك عن استحواذه على 9 في المئة في الشركة. ويبلغ عدد مستخدمي "تويتر" 396.5 مليون مستخدم، يمثلون 9 في المئة من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي. وتُعتبر مجموعة "فان غارد" أكبر مساهم في "تويتر" بحصة تبلغ نسبتها 10.3 في المئة بعدد 82.4 مليون سهم.

اتهامات بنشر معلومات مضللة

وفيما تواجه كل من "فيسبوك" و"يوتيوب" و"تويتر" ومنافسي هذه المنصات الآخرين، اتهامات بالمساهمة في نشر المعلومات المضلِلة وبتعزيز التطرف لدى قسم من المجتمع والعنف في الحياة الواقعية، يؤمن "إيلون ماسك"، بأن شبكة التغريدات لا توفر ما يكفي من حرية التعبير.
ووفق وكالة "رويترز"، لخّص ماسك خلال إحدى المقابلات، مقاربته بشأن الإشراف على المحتوى بالقول "في حال الشك، لتبقَ التغريدة موجودة"، واعترف مع ذلك بوجود قيود يفرضها القانون على حرية التعبير، مضيفاً "علينا أن نكون شديدي الحذر قبل حذف التغريدات وحذف حسابات بعض المستخدمين نهائياً".
وقوبلت هذه الرؤية بارتياح في أوساط المحافظين الأميركيين وخصوصاً أنصار الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب الذي مُنع من استخدام منصة "تويتر" بسبب تحريضه مناصريه على العنف، بعد تحذيرات عدة وحذف تغريدات.

لكن المديرة المشاركة لمنظمة "فري برس" غير الحكومية، جيسيكا غونزاليس، ترى أن تحرير الإشراف على المحتوى قد يؤدي إلى "جعل المنصة أكثر إيذاءً".

وغالباً ما يستخدم "ماسك" حسابه الخاص الذي يتابعه 84 مليون مستخدم للسخرية ممن يخالفونه الرأي وحتى إهانتهم، كعامل إنقاذ بريطاني وصفه الملياردير بأنه "متحرش بالأطفال" بعدما تطرق إلى ثغرات تضمنتها فكرة "تيسلا" لإنقاذ أطفال من كهف غمرته المياه في تايلاند قبل سنوات.

وتقول الأستاذة في قانون التواصل في جامعة سيراكيوز كايلا غاريت واغنر "إن تويتر بإدارة ماسك لا يمثل أي انتصار لحرية التعبير"، مضيفةً "إنه بمثابة الغرب القديم الذي تسيطر عليه نخبة لا تمثل أصوات الأقليات". وأوضحت أن "المستخدمين سيواجهون رسائل مزعجة وحتى خطرة".

التخلص من البريد العشوائي وتعزيز الشفافية

وبعيداً من المخاوف الأخلاقية، لن يشكل ترك المستخدمين يتدبرون أمورهم إجراءً ناجحاً بالضرورة، إذ "بمجرد سحب الحكام أو المراقبين، تصبح اللعبة وحشية، ولن يرغب عدد كبير من الأشخاص بالاستمرار في اللعب أو التواجد على المنصة"، على ما يؤكد المتخصص في وسائل الإعلام في جامعة نورث إيسترن، المستشار السابق لدى "تويتر"، جون ويبي.
وقد تقع مسؤولية مراقبة عملية تبادل الرسائل أيضاً على عاتق المعلنين الذين يخشون عدم استخدام إعلاناتهم في محتوى يمثل إشكالية. ويقول مدير منظمة "ميديا ماترز فور أميركا" غير الحكومية أنجيلو كاريسون، "عليهم أن يعلنوا بوضوح أنهم سيغادرون المنصة إذا تحوّلت إلى مكان تنتشر فيه الكراهية والتطرف والمعلومات المضلِّلة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ووعد "ماسك" بالتخلص من البريد العشوائي، والتأكد من هويات المستخدمين، وتعزيز الشفافية عوضاً عن أن يكون "إبراز التغريدات أو طمسها عملية غامضة لا يُعرف كيف تحصل". لكن نظرياً، ترضي هذه الطموحات الجميع وأولهم بعض مديري المنصة الحاليين.

ويشير الخبراء إلى أن التطرق إلى هذه الإجراءات قولاً أسهل بكثير من تنفيذها. وتؤكد كايلا أن المستخدمين "لا يقرأون أصلاً القواعد الخاصة بالمنصة قبل الموافقة عليها"، مضيفةً أن الأمر "شبيه بالملصقات الموضوعة على علب السجائر، إذ يستمر الأشخاص في التدخين" على الرغم من التحذيرات من مخاطر هذه الممارسة.

وتطبَّق الحجة ذاتها في موضوع "الخوارزميات مفتوحة المصدر" التي يرغب في تنفيذها رجل الأعمال الشهير في المنصة. ويقول المحلل روب إندرلي إن "فكرة أن يصبح الجميع قادراً على الاطلاع على الرموز المشفرة ليست سيئة في ذاتها، لكن معظم الناس لا يتقنون التشفير، ما سيؤدي تالياً إلى حدوث جدل واختلافات".

ومن المفارقات أن ماسك الذي استخدم مبلغ 21 مليار دولار من ثروته الشخصية لشراء هذه "الساحة العامة" يبدو أنه يرغب في مستقبل منفتح ولا مركزي للمنصة.

ورؤية ماسك هذه قريبة من تلك الخاصة بمؤسس "تويتر" جاك دورسي الذي شكّل نهاية عام 2019 فريقاً صغيراً مستقلاً باسم "بلو سكاي" (السماء الزرقاء)، وعهد إليه مسؤولية وضع بروتوكولات إلكترونية جديدة قادرة على الاستجابة للتحديات التي تواجهها الشبكات (كالتضليل، والكراهية...) بطريقة لا مركزية.

في الوقت نفسه، يحذر متخصصون كثر من الذهاب بعيداً في هذه الإجراءات، ومن بينهم كريس بايل الذي دعا ماسك إلى "الحفاظ على تقاليد تويتر لناحية البحوث التجريبية ومشاركة النتائج".

لا خطط لتسريح موظفين

في تصريحات حديثة، قال المفوض المسؤول عن السوق الداخلية بالاتحاد الأوروبي، تيري بريتون، إن بروكسل لن تعقّب على استحواذ إيلون ماسك على موقع "تويتر" للتواصل الاجتماعي. كما لم يعلق أيضاً البيت الأبيض على الصفقة. لكن بريتون أعاد في الوقت ذاته إلى الأذهان أن التكتل المؤلف من 27 دولة لديه الآن قواعد صارمة لمنصات الإنترنت للتصدي للمحتوى غير القانوني.

وقال بعد الاتفاق الذي توصل إليه الرئيس التنفيذي لشركة تسلا لشراء "تويتر" مقابل 44 مليار دولار، إن "الأمر سيرجع إلى تويتر لتكييف أنفسهم مع قواعدنا". وأضاف "أظن أن إيلون ماسك يعرف أوروبا بشكل جيد جداً، هو يعرف تماماً أننا لدينا قواعد لصناعة السيارات وهو يتفهم ذلك". وحذّر "لحماية حرية التعبير وحماية الأفراد في أوروبا، فإن أي شركة سيتعين عليها أن تفي بهذا الالتزام". وأوضح أن المنصات الكبرى تواجه غرامات مالية أو ربما الحظر إذا لم تتبع قواعد الاتحاد الأوروبي التي تنظم عمل منصات الإنترنت.

وقال "ماسك" في بيان، إن "حرية التعبير هي القاعدة الصلبة لعمل الديمقراطية، وتويتر هي الساحة الرقمية المفتوحة لمناقشة المسائل الحيوية لمستقبل الإنسانية".

أما رئيس "تويتر" التنفيذي باراج أجراوال فقال للموظفين إن الضبابية تكتنف مستقبل شركة خدمات التواصل الاجتماعي مع صفقة ماسك. وقالت الشركة للموظفين إن "ماسك" سيشارك موظفي "تويتر" في جلسة أسئلة وأجوبة في وقت لاحق.
وعندما طُرحت على أجراوال أسئلة من الموظفين حول خطط "ماسك" بالنسبة إلى الشركة واحتمالات تسريح بعض العمال ومبررات مجلس الإدارة لقبول الصفقة، أجّل الإجابة على الكثير منها باعتبارها أسئلة يجب طرحها على ماسك. غير أنه قال للموظفين إنه ليست هناك خطط حالياً لتسريح عمال.