Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"الأجنة المجمدة"... معضلة "مالية وأخلاقية" في إسرائيل

مليون جنين مجمد في المختبرات يكلف الحفاظ عليهم مليارات الشواكل ولا أحد يستطيع التخلص منهم

خمسة في المئة من الأطفال المولودين في إسرائيل هم نتيجة عمليات زرع أجنة (أ ف ب)

تشهد إسرائيل منذ مطلع الثمانينيات، حيث بدأت تجري عمليات إخصاب خارجي، حالاً من الإرباك في كيفية التصرف بالأجنة التي يتم الحفاظ عليها خارج رحم الأم، في مخازن خاصة بالمستشفيات، حيث تبلغ كلفة الحفاظ عليها مليارات الشواكل، فيما لم يستخدمها آلاف الآباء، سواء لوفاة الزوجين بعد مرور سنوات طويلة من محاولات الإنجاب، أو لنجاح عمليات تخصيب بويضات أخرى ولم يعد الوالدان بحاجة لهذه الأجنة.

حوالى 35 عاماً على بدء إجراء عمليات الإخصاب الخارجي في إسرائيل، وبعدما كان الإقبال قليلاً في البداية لعدم تقبل الفكرة، لكن بعد مرور سنوات قليلة ونجاح عمليات وإنجاب أطفال بات معظم الذين يعانون من مشكلة الإنجاب يتوجهون لإجراء عملية إخصاب خارجي.

العدد الهائل الذي تم كشفه في إسرائيل أثار قضية لم تكن في أجندة أي جهة، سواء كانت طبية أو دينية أيضاً. وفي حديث مع "اندبندنت عربية"، قال دكتور إياد جهشان، مدير قسم النساء والتوليد في المستشفى الفرنسي في الناصرة، إن القضية ليست سهلة كون الموضوع هو أخلاق وديني أكثر منه طبي.

مشكلات مالية وأخلاقية

وأضاف جهشان أن هذا العدد الهائل من الأجنة المخزنة في مختلف المختبرات بإسرائيل تتطلب ظروفاً خاصة ودقيقة للحفاظ عليها، وهذا بحد ذاته يصل إلى كلف باهظة، لكنها ليست المشكلة الأساسية، بل هناك عدة إشكالات تحول من دون التخلي عن هذه الأجنة، أبرزها الناحية الدينية، إذ لا يجوز لأي جهة أو طبيب أو مؤسسة اتخاذ قرار بالتخلي عن جنين، ومعناه "قتل روح"، فمن الناحية الدينية هناك إشكال كبير".

وأشار إلى إشكال آخر وهو أنه "لا يحق لأي طبيب أو مستشفى أو جهة تحتفظ في مختبراتها الأجنة منح الأجنة لأية عائلة أخرى وإجراء عملية زرع، وإن وافقت عائلة الجنين، حتى لا يجوز للعائلة نفسها المبادرة لمنح الجنين لأي طرف حتى وإن كان قريب عائلة.

وبعد الكشف عن هذه الأجنة ومشكلة استمرار الاحتفاظ بها، تبين أن آلاف العائلات لا تعلم بأن لديها جنين، وهناك من راح يتصل بالمستشفيات، التي يوجد لديها مراكز لعمليات الإخصاب الخارجي، وتلقى رداً بوجود جنين أو أكثر للعائلة. لكن لم يكن أمام العائلة أي رد، خصوصاً أن كثيراً من الوالدين في جيل تجاوز الـ 40 وحتى الـ 70 عاماً.

تمويل مجاني لأول طفلين

بحسب الدكتور إياد جهشان، فإن هذا العدد الهائل يزداد كل شهر، بعد أن أصبح الإقبال على عمليات الإخصاب الخارجي كبيراً جداً، فمن ناحية يختصر سنوات الانتظار لدى الزوجين الذين يرغبان بإنجاب طفل، مع العلم أن نسبة نجاح العمليات عالية، ومن ناحية ثانية فإن صناديق المرضى في إسرائيل تمول هذه العمليات على حسابها لأول طفلين، ثم إذا رغبت العائلة في إنجاب الثالث بواسطة الإخصاب الخارجي فيكون على حسابها".

وأوضح جهشان، أن التحضير لعملية الإخصاب الخارجي يرافقه ضمان أكثر من جنين، وأحياناً يكون العدد كبير لضمان نجاح أحدهم في البقاء تسعة أشهر، فكل جنين يبقى على قيد الحياة ولا ينمو في بطن والدته يوضع بمختبر خاص، وهكذا يزداد العدد بشكل مستمر".

هذه الوضعية تضع المستشفيات ووزارة الصحة الإسرائيلية أمام معضلة لما يتطلب من كلف باهظة للحفاظ على الأجنة. وفي الوقت نفسه لا يستطيعون التخلي عنه، وعليه يبقى تشريع قانون إسرائيلي هو الحل، على الرغم من صعوبته أمام الجانب الديني لهذا الموضوع.

 

 

 

الممول مواطن

خمسة في المئة من الأطفال المولودين في إسرائيل هم نتيجة عمليات زرع أجنة. فهناك 25 مركزاً للتخصيب، وبحسب تقديرات وزارة الصحة، يوجد حوالى مليون جنين في المختبرات من دون أي أفق لمصيرهم، حتى إن مصادر طبية تتوقع عدداً أكبر، وبهذا الرقم تكون إسرائيل، مقارنة نسبياً بعدد سكانها، من أوائل دول العالم التي تحتفظ بعدد هائل من الأجنة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفق القانون الطبي الإسرائيلي في ما يحص الاحتفاظ بالأجنة، تتكفل الدولة بأول خمس سنوات من وجود الأجنة مجمدة في المختبرات، ثم يكون أمام الوالدين أكثر من احتمال: محاولة الحمل من جديد بإجراء عملية زرع للجنين المجمد. أو طلب استمرار تجميد الجنين لخمس سنوات إضافيات مقابل كلفة حوالى 300 دولار، أو السماح باستخدام الأجنة في الأبحاث الطبية.

لكن، وفق ما تبين بعد كشف هذه المعطيات، فإن العائلات التي لها أجنة ولم تستخدمها لا تعلم أصلا بوجودها ولا حتى عددها في بعض الأحيان. وأمام عدم وجود حل في الأفق، وارتفاع عدد الأجنة، فإن إشكالية وجود مكان يتسع للاحتفاظ بها بشكل طبي تتعاظم، والكلف التي تقدر بمليارات الشواكل باتت عبئاً، ليس فقط على وزارة الصحة، إنما المواطن، الذي تبين أنه يساهم هو الآخر بتمويل من خلال دفع الضرائب.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات