بعد أحداث الأشهر القليلة الماضية، أصبحت الحقيقة أمراً لا مفر منه: سمح الحزب الجمهوري لعقيدة نظريات المؤامرة "كيو آنون" التي كانت ذات يوم حالاً شاذة [ثانوية] في تجمعات ترمب ومذهباً هامشياً عبر الإنترنت، بالدخول في متن خطابه السائد، وقد لا يكون هناك سبيل للعودة إلى الوراء.
وتجلت صفة "كيو آنون" هذه في مساعي [تسمى] "ذعر المستدرجين" من طريق الجهد السيئ النية بوضوح لتشويه سمعة الأعداء السياسيين للحزب الجمهوري، لكن في شكل خاص مجتمع الميم الأميركي وحلفاءه الداعمين له، باعتبارهم متحرشين بالأطفال أو مؤيدين للتحرش بالأطفال أو مجرد منحرفين جنسيين عموماً.
وكما هو متوقع فإن أول المروجين لأسوأ أنواع التلطيخ هم أعضاء التجمع اليميني النزق الخاص بالحزب الجمهوري، بمن في ذلك عضو مجلس النواب عن جورجيا مارجوري تايلور غرين، فبعدما اقترح أعضاء في اللجنة القضائية بمجلس الشيوخ أن قاضية المحكمة العليا المعينة كيتانجي براون جاكسون كانت متساهلة جداً في إصدار حكمها على جامعين لمواد إباحية تتعلق بالأطفال، اتهمت غرين أعضاء التجمع الديمقراطي في مجلس الشيوخ بأكمله، إضافة إلى ثلاثة جمهوريين صوتوا لتثبيت جاكسون في المحكمة، بأنهم "مؤيدون للتحرش بالأطفال".
وتجاهلت زعامة حزبها هذا الاتهام المذهل، وربما كان ذلك يعود إلى أن أعضاء حزبيين في مجلس الشيوخ أكثر قرباً من التيار السائد [متن الحزب الجمهوري] فتحوا الباب عن غير قصد أمام اتهامات كهذه بانتقادهم الخاص لجاكسون.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
حتى الآن، كانت العواقب الوخيمة الوحيدة لعضو مجلس النواب عن جورجيا تأتي من خارج الكابيتول، في شكل حظر (جزئي) في "تويتر" ودعاوى قضائية تهدف إلى منعها من معاودة الترشح عام 2022 بسبب دعمها المستمر للمزاعم الكاذبة حول تزوير الانتخابات الرئاسية التي حفزت هجوم السادس من يناير (كانون الثاني).
وفضل جمهوريون آخرون سلوك مسار تعزيز الذعر من دون تبني هذا المسار في شكل مباشر. يخوض حالياً رون ديسانتيس حاكم فلوريدا حرباً مع "ديزني"، شركة الترفيه العملاقة المستهدفة بمزاعم من اليمين بأنها "تستدرج" الأطفال لقبول وجود مجتمع الميم، فضلاً عن إعداد مؤامرات مظلمة، وقد تؤدي الجهود التي يبذلها إلى حرمان الشركة من السيطرة على مجلس حاكم خاص يشرف على المنطقة التي تضم منتزهاتها في فلوريدا.
ويجتاح الذعر أيضاً وسائل التواصل الاجتماعي، فقد انفجر في "تويتر" نزاع مستعر حول السماح لـ "ليبراليي تيك توك"، وهو حساب يميني يستهدف المدرسين المنتمين إلى مجتمع الميم قائلاً إنهم متحرشون، بالبقاء في المنصة بعدما كتب المراسل في "الواشنطن بوست"، تايلور لورنز مقالة حول الحساب شمل اسم الشخص الذي يديره.
وبدأ بعض الديمقراطيين في التصدي بجدية. استخدمت عضو مجلس الشيوخ عن ولاية ميشيغان مالوري ماكمورو خطاباً لها في قاعة المجلس هذا الأسبوع، لتوجيه انتقاد عنيف إلى زميلتها الجمهورية لانا ثيس لنشرها اتهاماً كهذا بحقها في رسالة إلكترونية لجمع التبرعات، وكسبت ماكمورو احترام الديمقراطيين على مستوى البلاد بفضل ذلك.
يتمثل الاختبار الحقيقي لبقية الجمهوريين الذين يتمسكون بالحقائق، ميتش ماكونيل وميت رومني وأشباههما، في ما إذا كانوا سيتخذون موقفاً صلباً [حازماً] ويدعون إلى وقف هذا الخطاب، ذلك أن من الأفضل لهم ربما أن يقلقوا من استبعاد الناخبين الذين يعتبرون اتهامات لا أساس لها من الصحة وشريرة كهذه مقيتة في سنة انتخابية رئيسة.
© The Independent