Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

احتجاجات ضد ارتفاع الأسعار في المغرب تطالب برحيل رئيس الوزراء

الأمين العام لحزب "العدالة والتنمية" يعلن رفضه رحيل أخنوش الذي يعد أبرز خصومه السياسيين

ارتفاع الأسعار يؤجج الاحتجاجات في المغرب (اندبندنت عربية)

شهد عديد من المدن المغربية تظاهرات حاشدة ضد غلاء الأسعار، مطالبةً برحيل رئيس الوزراء، عزيز أخنوش، ورافعةً شعارات تطالب بالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، وكان هذا المطلب الأخير أحد أبرز الشعارات التي رفعتها حركة 20 فبراير (شباط) إبان موجة ما يُعرف بـ"الربيع العربي" في عام 2011. وتشكل الاحتجاجات الجديدة إحياءً للذكرى الـ11 لقيام الحركة من جهة، وتعبيراً عن الاحتقان الاجتماعي الكبير جراء التداعيات الاقتصادية لجائحة كورونا وفرض الحكومة للجواز الصحي الذي أعاق وصول عديد من المواطنين للخدمات من جهة أخرى، إضافة إلى موجة الجفاف التي يعيشها المغرب (الذي يعتمد ناتجه الداخلي بشكل كبير على الموسم الفلاحي).
وفي توضيحه لأبرز مطالب الاحتجاجات، يقول الناشط الحقوقي عبد الرزاق بوغنبور، إن "الوقفة الاحتجاجية التي دعت إليها مكونات الجبهة الاجتماعية المغربية وجميع المنظمات الحقوقية، نخلّد من خلالها الذكرى الـ11 لحركة 20 فبراير، حيث لا تزال مطالب تلك الحركة قائمة، ولا يزال الفساد قائماً، وأيضاً الاستبداد والتضييق على الحقوق وقمع الحريات"، مضيفاً، "مطالبنا واضحة، وتتمثل في تمتع المغاربة بجميع الحقوق والحريات، إضافة إلى حل أزمة ارتفاع الأسعار، وإعادة النظر في السياسة العامة للدولة في الوقت الذي يزداد فيه الأغنياء ثراءً، وتزداد أوضاع الفقراء تردياً".

وكان الوزير المنتدب المكلف الميزانية، فوزي لقجع، قد أوضح أن الأسباب التي أدت إلى الارتفاع الحالي بالأسعار في العالم وفي المغرب مرتبطة بالظروف الدولية الحالية، قائلاً إن ارتفاع أسعار عدد من المواد الاستهلاكية يعود بالأساس إلى الانتعاش الاقتصادي غير المتوقع الذي يعرفه العالم، وإلى الارتفاع المطرد الذي عرفته أسعار الحبوب والمنتوجات البترولية في السوق الدولية.

أزمة اجتماعية

يشير المحلل السياسي، رشيد لزرق، إلى أنه كان من واجب الحكومة الحالية أن تكون حكومة إنجاز اقتصادي واجتماعي، مستقلة تماماً وبعيدة عن منطق التجاذبات والخصومات السياسية، ويتوفر في أعضائها شروط النزاهة والجاهزية، متسائلاً: هل تنجح تلك الحكومة في الخروج من الأزمة الاقتصادية المطروحة حالياً؟ وأوضح لزرق أن "تقلبات الأسعار الدولية يمكن أن تسبب أزمة اجتماعية، وسوف يكون المحدد الأهم على المدى الطويل للنجاح هو مدى القدرة على إصلاح سياسي، وذلك في ظل منظومة حزبية غارقة في محاباة المقربين والشعبوية المُدمرة"، مضيفاً أن "ما تشهده الساحة الاجتماعية بفعل غلاء المعيشة نتيجة تقلبات الأسعار الدولية، يجعل استقرار المغرب مهدداً، ويفسح المجال لقوى التدين السياسي والقوى العدمية بالبروز والمس بالاستقرار، وهو ما نعيشه من خلال مطلب رحيل حكومة عزيز أخنوش".

ويؤكد المحلل السياسي أن الطريق الآمن هو الوصول للدولة الاجتماعية، التي تتأسس على تحقيق العدالة الاجتماعية، والسؤال الذي يفرض نفسه هو "هل الحكومة الحالية قادرة على الوصول لهذه الغاية التي تمر من خلال حوار قوامه تحقيق السلم الاجتماعي عبر مقاربة تشاركية تتيح إشراك كل الفاعلين بهدف بناء مجتمع فاعلين ومسؤولين؟"، موضحاً أن تحقيق الدولة الاجتماعية مشروع طويل ومتعدد الأبعاد، يفرض بذل الجهود لتمكين الأفراد من الحماية، بخاصة الفئات الهشة، مضيفاً أن "جائحة كورونا سلطت الضوء على ضرورة تعزيز الحماية الاجتماعية لجميع المواطنين، وهناك حزمة من الإصلاحات الاجتماعية وضعها العاهل المغربي يفترض من الحكومة تطبيقها من خلال سجل المساعدة الاجتماعية، وذلك بإطلاق رقم تعريفي واحد لجميع المواطنين سيسمح بتحسين رصد أوجه الضعف". 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الاستقرار على المحك

يحذر محللون من الوضعية الاقتصادية التي يشهدها المغرب المهددة للاستقرار، وذلك بفضل وجود معوقات التنمية من فساد إداري وسياسي. ويشير الباحث الاقتصادي في معهد الشرق الأوسط، رشيد أوزار، إلى أن نبرة محافظ البنك المركزي المغربي أصبحت أكثر حدة خلال السنوات الأخيرة لأنه يرى أن الاستقرار أصبح على المحك، بفعل سياسات وقرارات من قبيل التلاعب بالقواعد المؤسساتية وإلقاء قوانين المنافسة والحرية الاقتصادية في سلة المهملات وإهمال السياسات والإصلاحات الاقتصادية، وتعثر الإصلاحات السياسية ومحاربة الفساد وترسيخ الشفافية.

وشهد المغرب خلال العقد الأخير ثلاث محطات احتجاجية ضخمة، وهي تظاهرات حركة 20 فبراير خلال عام 2011، وحراك الريف خلال عامي 2016 و2017، وحملة المقاطعة الشعبية لبعض المواد الاستهلاكية في 2018، والتي كان أخنوش من بين المستهدفين فيها من خلال مقاطعة محطات الوقود التابعة له. ويرى أوزار أن كل تلك المحطات مرتبطة بالغلاء (التضخم)، وإن كان لكل منها سياقها الخاص، موضحاً أن "الجانب الخطير في ما يخص التضخم بالمغرب، هو أن مجرد الزيادة في معدل الغلاء بنسبة 2 في المئة ترتفع حرارة الشارع، مما يعني تماماً أن مكتسبات المواطنين على مستوى القدرة الشرائية منعدمة"، مشيراً إلى أن السواد الأعظم من الشعب لا قدرة له على الادخار ولا يحقق مكتسبات مهمة على مستوى تنويع الدخل، ولا تزال أغلب المداخيل (الأجور خصوصاً والأرباح أيضاً) تصرف على أساسيات الحياة من السكن والغذاء والملبس.

ويشير أوزار إلى صدور تقرير "هيرتاج فاونديشن" حول الحرية الاقتصادية الذي "يوضح التراجع الخطير بالمغرب على مستويات فاعلية النظام القضائي والثقل الضريبي، وحرية الأعمال وحرية التجارة وحرية الاستثمار"، معتبراً ذلك التقرير مرآة كل اقتصاد بالنسبة لكثير من الشركات الدولية وكثير من المستثمرين وغيرهم.

"الإخوة الأعداء"

وفي خطوة مفاجئة، أعلن عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب "العدالة والتنمية"، عن رفضه دعم مطلب رحيل رئيس الوزراء، في الوقت الذي يعد فيه أخنوش أبرز خصوم بنكيران السياسيين، لكونه تسبب في سد الطريق عليه لتشكيل حكومته الثانية، وذلك في أعقاب تصدر الحزب الإسلامي للانتخابات في عام 2016، في الأزمة التي تعرف إعلامياً بـ"البلوكاج". 

وقال بنكيران إنه دافع عن أخنوش لفترات طويلة داخل ولايته التدبيرية، لكنه ارتكب أخطاء عديدة، منها "البلوكاج"، وأيضاً تفويت صلاحيات الآمر بالصرف في صندوق تنمية العالم القروي، مضيفاً أن الحكم عليه يعد سابقاً لأوانه في الوقت الراهن، بالتالي فإن "الحكم على عدم قدرة أخنوش على تحمل المسؤولية تقتضي إعادة الانتخابات، وليس تغيير الأشخاص بأسماء أخرى داخل التنظيم نفسه"، موضحاً أن "المجتمع من حقه التعبير عن مواقفه، لكن التحريض أمر مرفوض".

يصف المحلل السياسي والمتخصص في الجماعات الإسلامية، بلال التليدي، إشارات بنكيران السياسية وموقفه من حكومة أخنوش بالذكاء السياسي الكبير الذي يمكنه أن يخلق شروط انتعاش الحزب، مشيراً إلى أن "التداعيات النفسية ما زالت هي الحاكمة في سلوك كل المكونات وأن بناء الحزب في هذه اللحظة مهمة صعبة تتطلب حساً سياسياً رفيعاً وبناءً نفسياً قوياً وفناً خطابياً وتواصلياً في إعادة ترميم العلاقات"، مضيفاً أن الحس السياسي ظهر في كلمة بنكيران، فقد بدد الالتباس حول حالة الانتظار والجمود.

ويبدو أن تظاهرات الأحد قد حركت الحكومة، حيث دعا رئيسها، يوم الاثنين، المركزيات النقابية والاتحاد العام لمقاولات المغرب، إلى عقد أول جلسة للحوار الاجتماعي يوم الخميس المقبل، للشروع في التفكير الجدي والمسؤول في كيفية "مأسسة الحوار الاجتماعي" ليكون عقده ملزماً ومنتظماً، والاتفاق على ميثاق وطني للحوار الاجتماعي. 

وأضاف، "نفس اليقين لديّ... في أن الخلفية العامة التي ستؤطر عملنا جميعاً هو منطق التعاون والتكامل كل من موقعه، ذلكم أن المصير والواقع واحد، فلنتحد جميعاً لمواجهة خصمنا المشترك المتمثل في الوضعية الاجتماعية لمختلف المأجورين والموظفين وكل فئات مجتمعنا عبر ربوع بلدنا"، مؤكداً أن للحكومة اليوم، قناعة راسخة ستقود عملها لإنتاج بدائل واختيارات ذات نفس اجتماعي متقدم تستجيب لرهانات وتطلعات المواطنين، وتذهب في اتجاه تحسين الفاعاية التقنية والمؤسساتية للسياسات وإنعاش حكامتها، كمدخل رئيس لتحفيز التعافي الاقتصادي الوطني وتحقيق مزيد من العدالة الاجتماعية.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات