أعلنت وزارة الداخلية المصرية إلقاء القبض على المتهمين بسرقة منزل الكاتب والمفكر الراحل سيد القمني، وبحوزتهما بعض المسروقات، بعد ساعات من تلقّيها بلاغ السرقة. وتوفي القمني في فبراير (شباط) الماضي عن عمر ناهز 74 سنة، ويُعدّ أحد أبرز الكتاب والمفكرين المصريين المثيرين للجدل بشأن أفكاره تجاه بعض القضايا الدينية، إلى جانب موقفه من التيارات الإسلامية المتشددة.
غرض خفي
وكانت إيزيس، ابنة المفكر الراحل سيد القمني، ناشدت وزارة الداخلية المصرية في تصريحات لصحف محلية، التدخل لسرعة البحث عن الجناة بعد تقدمها ببلاغ يفيد باكتشافها سرقة شقة والدها مرتين خلال 24 ساعة، مشيرة إلى أنه من ضمن المسروقات ميدالية جائزة الدولة التقديرية.
وقالت إن المنزل تعرّض للسرقة 5 مرات خلال يومين، ووصفت ذلك بـ"الأمر الغريب"، مؤكدة أن هناك "غرضاً ما" وراء عمليات السرقة تلك. وأوضحت إيزيس أن المنزل سرقت جميع محتوياته، ومن بين المسروقات خزانة الراحل سيد القمني، وفيها جائزة الدولة التشجيعية وقلمان مصنوعان من الذهب وقداحة مصنوعة من الذهب الخالص، إضافة إلى جهاز الحاسوب الآلي (اللابتوب) لوالدها وجهاز كمبيوتر آخر، فضلاً عن الأجهزة الكهربائية الموجودة داخل المنزل، وعدد من كتب خاصة بوالدها، طبعها على نفقته الشخصية، قبل وفاته.
عاطلان وراء السرقة
وفي بيان رسمي، أكدت وزارة الداخلية المصرية أن جهود فريق البحث الجنائي بمشاركة قطاع الأمن العام ومديرية أمن الشرقية (شمال القاهرة)، أسفرت عن أن وراء ارتكاب واقعة سرقة شقة القمني، عاطلين، لأحدهما معلومات جنائية، مقيمان في دائرة قسم شرطة أول العاشر.
وأوضح الأمن المصري أنه عقب تقنين الإجراءات جرى استهداف المتهمين، وأمكن إلقاء القبض عليهما في محل إقامتهما، وأرشدا عن "59 نسخة كتاب للمفكر الراحل وشاشة تلفزيون و4 أوانٍ"، لدى عامل خُردة.
ليست الأولى
وسبق أن تعرّضت شقة المفكر سيد القمني للسرقة العام الماضي، أكد وقتها الراحل لوسائل الإعلام أن قطعاً ذهبية سُرقت، إضافة إلى تخريب كل ممتلكاته. وكشف القمني عبر حسابه الشخصي في موقع "فيسبوك"، أن غالبية كتاباته التي لم تنشر قد لا تظهر للنور مستقبلاً بعد تعرّض منزله للسرقة واختفاء أجهزة الكمبيوتر الخاصة به، قائلاً إنه "فقد كل شيء حتى كتبه"، بما فيها كتابان ومسرحية كان يتمنى نشرها بعد وفاته، وجميع كتاباته التي لم تُنشر.
تاريخ من الجدل
وُلد القمني عام 1947 في إحدى قرى مدينة الواسطى بمحافظة بني سويف (شمال صعيد مصر)، ونال شهرة واسعة خلال الأعوام الثلاثين الأخيرة بفضل المعارك الفكرية والمناظرات الإعلامية التي خاضها، سواء مع قوى دينية محافظة أو مع مثقفين من داخل معسكر "التنوير" الذي اعتبر نفسه ممثلاً له.
ومن مؤلفات سيد القمني المثيرة للجدل، كتابه "رب هذا الزمان" عام 1997، وصادره مجمع البحوث الإسلامية التابع للأزهر في حينه، وأجريت تحقيقات معه بسبب بعض تفسيرات المعاني التي ذكرها في الكتاب.
كما أثار القمني في كتابه "النبي إبراهيم، التاريخ المجهول"، جدلاً واسعاً بعدما أجرى فيه مقاربات تاريخية حول الديانة الإبراهيمية ومسارها في الجزيرة العربية. وتسببت أفكاره في توجيه الاتهامات له بالردّة وبأنه يتبنّى توجهات "معادية للإسلام"، بخاصة بعد دعوته إلى حتمية تغيير المناهج الدراسية في مصر وبعض الدول العربية والإسلامية لتتواكب مع تطورات العصر، بحسب وصفه.