Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حادثة "الكؤوس المشبوهة" تدفع "الشاباك" إلى الاعتذار من الصين

بذلت تل أبيب بمختلف مسؤوليها ومؤسساتها جهوداً لمنع توتر دبلوماسي مع بكين

أزمة "الكؤوس الصينية" المشبوهة تضع إسرائيل في مأزق مع الصين وإحراج دولي (مواقع التواصل الاجتماعي)

وضع جهاز الأمن العام الإسرائيلي "الشاباك"، تل أبيب برمّتها في حال إحراج لم يسبق أن دخلتها أي من المؤسسات السياسية والعسكرية والأمنية وحتى الاستخبارية، مع دولة أخرى، عندما اضطر إلى إصدار بيان اعتذار للصين على ما سرّبه مسؤولون فيه إلى الإعلام بأن بكين تسعى إلى التجسس على إسرائيل من خلال تركيب أجهزة تنصت وضعتها في هدية قدّمتها إلى مختلف الوزارات والمكاتب الحكومية وجهات غير رسمية، بمناسبة عيد الفصح العبري.

وبذلت إسرائيل، بمختلف مسؤوليها ومؤسساتها، جهوداً لمنع توتر دبلوماسي بين البلدين، خصوصاً أن العلاقة بينهما تراجعت خلال الفترة الأخيرة، في ظل التطورات حول الملف النووي الإيراني، وكذلك تدخل واشنطن في الصفقات التجارية بين الجانبين في محاولة للحدّ منها، ومن ثم نجاح الولايات المتحدة في تحجيم الاستثمارات الصينية في تل أبيب وإلغاء بعض الصفقات.

هواة

فوجئ الصينيون في خبر بثته إذاعة الجيش الإسرائيلي "غالي تساهل"، كسبق صحافي أن الهدية التي تحتوي على كؤوس مميزة قدمتها السفارة الصينية في إسرائيل إلى مختلف الوزارات والمكاتب الحكومية، بمناسبة عيد الفصح العبري، كما هو متبع كل عام، هي أداة تجسس تنوي بكين استخدامها ضمن جهودها للتجسس على قضايا سياسية وأمنية إسرائيلية مختلفة.

المسؤولون الإسرائيليون، الذين لم يترددوا في التعليق على الخبر وحتى التهجم على الصين، سرعان ما تراجعوا بل خفت صوتهم حتى الصمت، بعدما هددت بكين بتداعيات خطيرة وطلبت اعتذاراً علنياً ومفصلاً وفورياً من جهاز "الشاباك" عما نشره. وشرح مسؤول صيني أن الجهاز الذي اعتقد "شاباك" أن بكين وضعته في الكؤوس للتجسس هو شريط كهربائي للحفاظ على درجة حرارة السائل في الكأس.

وما كان أمام "الشاباك" إلا الاعتذار العلني، وليس مجرد التراجع عن حديثه، في وقت بوشر التحقيق الداخلي في كيفية تسرّب مثل هذه المعلومات للإعلام، أولاً، ثم التحقيق في كيفية فحص الهدية من قبل خبراء الجهاز الأمني والتوصل إلى مثل هذا الاستنتاج الخاطئ.

متان فلنائي، الوزير الإسرائيلي السابق، الذي شغل لأعوام عدة منصب سفير إسرائيل في الصين، وجّه انتقادات لاذعة لـ"الشاباك" واعتبر ما حصل هو عمل "هواة" ليس إلا، وهو أمر لا يليق بجهاز استخباراتي. وقال في تعليقه على الموضوع إن "الشاباك" قام بعمل متسرع أدخل البلاد في أزمة غير ضرورية ناتجة من عدم مهنية بل عمل "هواة" إسرائيليين، وهي أزمة قد تجرّ خلفها علاقات سيئة سيكون من الصعب إعادتها إلى وضعيتها الاعتيادية، خصوصاً في هذه الظروف.

تداعيات وخيمة

مطلب الصين لإسرائيل لم يصل إلى المسؤولين مجرد طلب بالاعتذار، بل تعدّاه إلى تهديد بتداعيات وخيمة على العلاقات بين الجانبين، إذ إن "الشاباك" لم يكتفِ بالتهور في تسريب مسألة التجسس، بل تواصل مع الجهات التي تلقّت الهدية الصينية وطلب منها جمع الكؤوس جانباً إلى أن يفحصها للتأكد من أنها لا تحتوي على قطعة التجسس، وبحسب المسؤول الصيني، الذي تواصل مع الإسرائيليين، فإن "القطعة المشتبه فيها هي شريط كهربائي (كابل) موجود في كل كأس حرارية، بهدف الحفاظ على فراغ في الكأس لحفظ درجة حرارة السائل لأطول فترة ممكنة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

واعتبر الجانب الصيني أن ما نشره "الشاباك" كان أمراً مقصوداً يهدف إلى دق أسافين، وجاء في بيان للسفارة الصينية حول الموضوع، "وفقاً للعادة الدبلوماسية المتعارف عليها خلال الأعياد، أرسلت السفارة الصينية هدايا إلى شركائنا الإسرائيليين كبادرة صداقة. ونُشرت في عدد من وسائل الإعلام شائعات حول اشتباه في أنه عُثر في الكؤوس الحرارية على قطعة مشبوهة لكن سيكون لهذه الشائعات، التي لا أساس لها، تأثير خطير، لأن هدفها دق أسافين بين الصين وإسرائيل، وتشويه اسم الصين وتضليل الجمهور".

تحديات وحذر

وصادف قبل شهرين مرور 30 عاماً على إقامة العلاقات الرسمية بين الصين وإسرائيل، وخصصت تل أبيب حيّزاً بارزاً في أجندتها اليومية حول هذه العلاقة وأهميتها، ودعا مسؤولون إلى الحذر من أي خطوة تؤدي إلى تدهور العلاقة بين البلدين، إزاء التحديات الكثيرة التي تقف أمام هذه العلاقة التي واجهت عراقيل عدة، بل فتوراً بين الجانبين، خصوصاً مع قضية "فالكون"، طائرة الاستكشاف التي اشترتها بكين من إسرائيل، واضطرت تل أبيب، تحت ضغط وتهديدات من جانب الولايات المتحدة إلى إلغاء الصفقة ودفع تعويضات للصين، وهكذا أغلقت السوق الصينية في وجه الصناعة الأمنية الإسرائيلية.

وخلال الأعوام الأخيرة، وبعدما اقتحمت الصين مقدمة الاقتصاد العالمي وعبّرت عن طموحها في الوصول إلى تعادل اقتصادي تكنولوجي وعسكري مع الولايات المتحدة، أصبحت قيمتها لدى تل أبيب عالية، لكن العلاقات شهدت حال تباطؤ، ما استدعى تقديم توصيات عدة لمتخذي القرار في إسرائيل بعدم التهور بأي خطوة أو تصريح من شأنه أن يؤدي إلى توتر في العلاقة ينعكس ليس فقط في المجال الاقتصادي، إنما السياسي أيضاً.

تحطيم الرقم القياسي في الواردات

وليست الجهود التي تبذلها إسرائيل لمنع أي تدهور في العلاقات صدفة، إذ حطّم حجم الواردات الإسرائيلية من البضائع الصينية، خلال شهر يناير (كانون الثاني) من هذه السنة، رقماً قياسياً وبلغ 1.51 مليار دولار عدا الألماس. وبحسب تقرير لدائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية، فهذا المبلغ يسجل ارتفاعاً بنسبة 48 في المئة، مقارنة بالشهر ذاته من العام الماضي، وأضاف التقرير أن إجمالي الصادرات الإسرائيلية إلى الصين بلغ 474.7 مليون دولار، ووصل إجمالي الواردات الإسرائيلية 8.62 مليار دولار في يناير، كما سجّلت الصادرات 5.22 مليار دولار. وأمام هذه المعطيات، وللحفاظ على العلاقة بين البلدين، تواصل إسرائيل جهودها لمنع أي خطوات احتجاجية من قبل الصين، التي اعتبرت إعلان "شاباك" اتهامها بالتجسس مسألة في غاية الخطورة.

المزيد من الشرق الأوسط