Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عراقيون غاضبون يدعون لإغلاق مؤسسات رجل الدين محمود الصرخي

حملة اعتقالات طاولت العشرات من أتباعه بعد تحريم أحد أنصاره بناء القبور وتشييد المراقد

عرف الصرخي بمواقفه المثيرة للجدل، مثل اعتراضه الشديد على الدستور الدائم عام 2005، وانتقاده فتوى "الجهاد الكفائي" ضد "داعش" عام 2014 (مواقع التواصل الاجتماعي)

في غضون اليومين الماضيين، شارك مئات العراقيين في احتجاجات غاضبة في عدد من محافظات الجنوب والفرات الأوسط للمطالبة بإغلاق مكاتب ومؤسسات دينية تابعة لرجل الدين العراقي محمود الصرخي، ونفذت الأجهزة الأمنية حملة اعتقالات طاولت العشرات من أتباعه.

احتجاجات واستنكارات

حال الغضب الشعبي فجرتها خطبة دينية ألقاها من على منبر حسينية في قضاء الحمزة الغربي ضمن محافظة بابل، أحد الخطباء المعتمدين من قبل الصرخي، وتضمنت تحريماً لبناء القبور وتشييد المراقد، وكذلك لإقامة الطقوس والمراسم المرتبطة بالمراقد والأضرحة، فعُدّ ذلك استفزازاً لمشاعر ملايين العراقيين، وتحريضاً على هدم المراقد الدينية، وتجاوزاً على ثوابت وشعائر المذهب الشيعي.

وبعد تداول مقتطفات من الخطبة في مواقع التواصل الاجتماعي، تشكلت بسرعة موجة احتجاجات في عدد من المحافظات، حيث خرج الآلاف في تظاهرات ليلية طالبوا من خلالها الحكومة بمحاسبة الصرخي وأتباعه، واقتحم محتجون غاضبون مساجد وحسينيات ومكاتب دينية للصرخي في محافظات بغداد والديوانية والمثنى وبابل وأضرموا النار فيها، كما دخلت معظم القوى السياسية الشيعية البارزة على خط الأزمة، وأصدرت بيانات تنديد واستنكار شديدة اللهجة.

أما زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، فأمهل الصرخي ثلاثة أيام لإعلان البراءة من قارئ الخطبة، وأضاف في بيان يحمل ختمه وتوقيعه، "وإلا فإنني أجد نفسي ملزماً بالتعامل معهم ومع أمثاله بما يمليه عليّ ضميري وديني ومذهبي، وفقاً للشرع والقانون والعرف الاجتماعي المعقول".

حملة اعتقالات

في خضم موجة الاحتجاجات والاستنكارات، نفذت الأجهزة الأمنية حملة اعتقالات واسعة ضد أتباع الصرخي بتهمة الإساءة الى المعتقدات والرموز الدينية وتهديد السلم الأهلي، ودهمت معظم الجوامع والحسينيات والمكاتب العائدة له أو لمقلّديه وأنصاره، وأول المعتقلين هو قارئ الخطبة الذي تسبب بالأزمة، ونشر جهاز الأمن الوطني صورة له وهو مكبل بالأصفاد ويرتدي بدلة السجن الصفراء.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأصدر الجهاز بياناً أفاد فيه بأن "مفارزه تواصل، بموجب أوامر قضائية، تنفيذ حملة موسعة لملاحقة واعتقال عناصر الحركات المتطرفة، وتمكّنت من اعتقال 29 متهماً في محافظات بغداد وذي قار وبابل والديوانية والمثنى والنجف والبصرة وميسان وواسط". كما أصدرت وزارة الداخلية بياناً آخر ذكرت فيه أن "وكالة الاستخبارات والتحقيقات الاتحادية استنفرت جهودها لمتابعة عناصر هذه الحركة المتطرفة، وتمكنت من إلقاء القبض على 28 متهماً في محافظات بغداد والبصرة وميسان وكربلاء والديوانية وبابل".

ولم تقف الجهود القانونية والأمنية عند حدود ملاحقة الأتباع والمقلدين، بل أصدرت محكمة تحقيق العمارة في محافظة ميسان مذكرة قبض ضد الصرخي نفسه وفقاً لأحكام المادة (372) من قانون العقوبات العراقي، التي تقضي بإيقاع عقوبة الحبس مدة ثلاثة أعوام على من يعتدي بإحدى الطرق العلانية على معتقد لإحدى الطوائف الدينية، أو يُحقّر من شعائرها، أو من تعمّد التشويش على إقامة شعائر طائفة دينية، أو حاول تعطيل إقامتها.

من هو الصرخي؟

هو محمود عبد الرضا محمد لفتة الحسني، من مواليد مدينة الكاظمية في بغداد عام 1964، حاصل على شهادة البكالوريوس في الهندسة المدنية من جامعة بغداد عام 1987، وخلال التسعينيات انصرف إلى تلقي التعليم الديني في محافظة النجف. وبعد إسقاط نظام صدام حسين عام 2003، طرح نفسه كمرجع ديني حاصل على رتبة الاجتهاد، وكسب تأييد عدد غير قليل من الأتباع والمقلدين الذين كانوا يروجون له باعتباره مرجعاً عربياً عراقياً، في إشارة منهم إلى وجود مراجع دين من أصول غير عربية وعراقية.

وخلال مسيرته كمرجع، عُرف الصرخي بمواقفه المثيرة للجدل، مثل اعتراضه الشديد على الدستور الدائم عام 2005، وانتقاده فتوى "الجهاد الكفائي" ضد تنظيم "داعش" عام 2014، ورفضه نظام الحكم الفيدرالي الذي يسمح بتحويل محافظات إلى أقاليم، فضلاً عن ظهوره في مقطع فيديو يلعب كرة القدم مع عدد من أتباعه، وآنذاك اعتبر كثيرون هذا التصرف خروجاً عن المألوف، يخدش مكانة رجال الدين.

وأعطى الصرخي الضوء الأخضر لأنصاره عام 2006 لتأسيس حزب الولاء الإسلامي، الذي لم يوفق في المنافسات الانتخابية التي شارك فيها، وكان الحزب بعد كل انتخابات ينظم تظاهرات سلمية ضد المفوضية العليا للانتخابات، متهماً إياها بسرقة أصوات مرشحيه وممارسة التزوير.

وخلال عام 2014، تعرّض الصرخي إلى سيل من الاتهامات من قبل حكومة نوري المالكي، كان أخطرها التخطيط للاستيلاء مع أتباعه على العتبات المقدسة، ثم دهمت قوة أمنية كبيرة محل إقامته في محافظة كربلاء لإلقاء القبض عليه، وحصلت اشتباكات مسلحة عنيفة مع أتباعه وحراسه أسفرت عن سقوط عشرات القتلى والجرحى واعتقال المئات. ومنذ ذلك الحين، توارى الصرخي عن الأنظار، ولم يعُد محل إقامته معروفاً حتى لأتباعه ومقلديه الذين يرجحون أنه موجود خارج العراق.

المزيد من العالم العربي