Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تأثير الحرب في أوكرانيا على الاتفاق النووي الإيراني ونتائجه

لا يزال موقف روسيا من خطة العمل الشاملة المشتركة غير واضح على الرغم من مزاعم بإحراز تقدم في نزاعها مع واشنطن

روسيا تعتبر محوراً رئيسياً فى سياسة إيران القائمة على النظر شرقاً (رويترز)

منذ بدء الحرب على أوكرانيا، كانت هناك مخاوف من أن التطورات تلك، لا سيما المواجهة المتصاعدة بين روسيا والغرب، قد تؤثر سلباً في مفاوضات إحياء الاتفاق النووي الإيراني. وبتوالي الأحداث تبين أن انعكاسات الحرب فى أوكرانيا ألقت بظلالها على كل من الأمن الإقليمي في الشرق الأوسط وعلى ملف التفاوض بين إيران والغرب لإحياء الاتفاق النووي. وقد تجلت التداعيات فى أمرين، الأول هو موقف روسيا من مباحثات فيينا بين إيران والغرب، والثاني عقد قمة النقب بين إسرائيل وبعض الدول العربية والخليجية. 

ويمكن تناول الانعكاسات التي ألقت بظلالها الأزمة الأوكرانية على النحو التالي:

موقف روسيا من مباحثات فيينا لإحياء الاتفاق النووي

في ظل اقتراب الاتفاق على معظم القضايا الخلافية بين إيران والغرب، طالبت روسيا على لسان وزير خارجيتها سيرغي لافروف بضمانات خطية من الولايات المتحدة بأن العقوبات المفروضة عليها بفعل الحرب فى أوكرانيا لن تمس نظام العلاقات التجارية - الاقتصادية والاستثمارية المنصوص عليها في خطة العمل الشاملة المشتركة. رداً على ذلك، قالت الخارجية الأميركية إن العقوبات الجديدة المفروضة على روسيا ليست مرتبطة بالاتفاق النووي مع إيران، وليس المقصود منها التأثير في تنفيذه. وقال متحدث باسم وزارة الخارجية إن العقوبات الجديدة المتعلقة بروسيا لا علاقة لها بخطة العمل الشاملة المشتركة ولا ينبغي أن يكون لها أي تأثير على تنفيذها المحتمل، كما حذرت فرنسا من أن الطلب الروسي قد يبدد الآمال في إحياء الاتفاق النووي.

يعد الموقف الروسي مفاجئاً لإيران، التي تدعمها روسيا في المباحثات الجارية، وعلى الرغم من علاقة "الأعدقاء" بين روسيا وإيران إلا أن روسيا تعد محوراً رئيسياً فى سياسة إيران القائمة على النظر شرقاً. لذا كان صادماً الموقف الروسي الذى قد يعرقل الخطوات الأخيرة لإحياء الاتفاق بعد مباحثات استمرت لنحو 11 شهراً. وتعاملت إيران بحذر حتى لا تخسر حليفها الروسي، لكنها اعتبرت أن روسيا تريد تأمين مصالحها في أماكن أخرى، وأن هذه الخطوة ليست بناءة لمحادثات فيينا. 

ولا يزال موقف روسيا من خطة العمل الشاملة المشتركة غير واضح على الرغم من مزاعم بإحراز تقدم في نزاعها مع واشنطن، حيث قال وزير الخارجية الروسي في 15 مارس (آذار) إنه تلقى تعهداً كتابياً من الولايات المتحدة بأن العقوبات المفروضة على موسكو بسبب حرب أوكرانيا لن تؤثر في التجارة مع إيران، لكن وزارة الخارجية الأميركية حذرت من أنها لن تسمح لروسيا باستخدام الاتفاق كمخرج للتهرب من العقوبات المتعلقة بأوكرانيا، واكتفت بالقول إنها لن تعاقب مشاركة روسيا في مشاريع نووية في إيران بموجب الاتفاق النووي.

استضافة إسرائيل قمة النقب الإقليمية

لا تخفى إسرائيل استيائها من جوهر الاتفاقية التي تتبلور في فيينا، ولطالما حاولت التأثير فيها. فالاتفاقية حال تم إحياؤها الآن تعد أسوأ من سابقتها لأنها "أقصر وأضعف" وتقيد النشاط النووي الإيراني لمدة عامين ونصف العام فقط، حيث أنه بعد هذه الفترة، يمكن لإيران تركيب أجهزة طرد مركزي متطورة من دون قيود. ونجحت إسرائيل فى تنظيم قمة إقليمية استضافت وزراء خارجية إسرائيل وواشنطن والإمارات ومصر والبحرين، وهو ما اعتبره البعض تدشيناً لتحالف إقليمي مناهض لإيران ولسياسة الولايات المتحدة الشرق أوسطية.

لقد عكست القمة توحد مصالح بعض الأطراف الإقليمية من خلال البحث عن آلية لمواجهة التحديات التي تواجه أمنهم القومي ومصالحهم. وجاءت القمة في توقيت تزامن مع قرب إحياء الاتفاق النووي وفى ظل الأزمة الأوكرانية وحاجة الولايات المتحدة لدعم حلفائها الإقليميين من دول الخليج لزيادة إنتاج النفط من أجل خفض الأسعار وتعويض نقص النفط والغاز الروسي. لكن جاءت القمة لترسل للولايات المتحدة رسائل بأن سياستها لم تلب احتياجاتهم الأمنية، ومن ثم وحدت القمة فرقاء الشرق الأوسط. لذا كان من المتوقع أن دول الخليج العربية التي تواجه هجمات إرهابية من الجماعات المدعومة من إيران، أن ترفض طلبات واشنطن لتعبئة أسواق النفط ما لم يتم تلبية احتياجاتها الأمنية. وفى هذا السياق قالت وزارة الخارجية الأميركية إنها على اتصال دائم بالحلفاء في الشرق الأوسط لتقديم تطمينات لهم. 

تداعيات الحرب 

تتمحور أهم تداعيات الحرب على النفط الروسي والإيراني، حيث تعمل الدول الأوروبية منذ الأزمة الأوكرانية على مسارين الأول فرض عقوبات على روسيا، والثاني إيجاد بديل للغاز الروسي. ومن ثم فربما تعمل الدول الأوروبية على تسريع إتمام الاتفاق النووي مع إيران من أجل عزل روسيا وضمان مواصلة تدفق النفط والغاز، ومن ثم يجب رفع القيود المفروضة على مبيعات النفط الإيراني كجزء من الاتفاق النووي. لذا فإن التوصل إلى إحياء الاتفاق مع إيران وعودة النفط الإيراني إلى السوق، سيكونان إشارة لروسيا بأن الاعتماد العالمي على الطاقة الروسية يتضاءل. وهو ما يفسر مطالب روسيا فى الخطوات النهائية للاتفاق النووي.

في ظل تلك التطورات يبدو أن إيران تتأهب للعب دور فى سياسة الطاقة الأوروبية، ومن ثم زاد موقع إيران كمنتج للنفط من تعقيد السياسات المتعلقة بالدفع لإعادة إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة، فقد أدت العقوبات التي يقودها الغرب على روسيا بسبب الأزمة الأوكرانية إلى ارتفاع أسعار النفط الخام، ويتطلب قرار الدول الأوروبية فرض حظر نفطي محتمل على روسيا البحث عن مصادر بديلة وإيران هي أحد الخيارات.

الأزمة الأوكرانية وتداعياتها المتصلة بالنفط الروسي والبحث عن بدائل له وارتفاع أسعار النفط في السوق العالمية تؤكد أن إيران تريد بقوة إتمام إحياء الاتفاق النووي أكثر من ذي قبل، لأن أسعار النفط المتزايدة قد تساهم بشكل كبير في تعافي الاقتصاد الإيراني المتضرر من العقوبات. 

ومن جهة أخرى فإن استمرار تصعيد العمليات العسكرية الروسية، يعرقل المصالح الإيرانية بسبب عدم إتمام المرحلة النهائية لإحياء الاتفاق.

يمكن لإيران أن تحصل على الكثير من المنافع وربما تضطر القوى الغربية إلى تسريع الاتفاق المشكوك للتركيز على روسيا وأزمة أوكرانيا وتوجيه مواردهم لاحتواء سلوك روسيا في أوروبا، وفي ظل هذه الظروف لا يستطيعون الضغط على إيران، إضافة إلى أن التعاون مع إيران قد يحد من إمكانيات روسيا في أسواق النفط والغاز ويضعف مواقعها الاقتصادية في أوروبا.

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل