Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ما وراء ذعر دونالد ترمب بعد استجواب لجنة السادس من يناير إيفانكا

أمضت ثماني ساعات في الإدلاء بشهادتها أمام اللجنة بدلاً من أن ترفض مذكرة الاستدعاء أو الاحتجاج بالتعديل الدستوري الخامس ما أثار دهشة العديد من الناس وقبل أسبوع فعل جاريد كوشنر الأمر نفسه وهذا يشير إلى استراتيجية جديدة مثيرة للاهتمام

جاريد كوشنر وإيفانكا ترمب في مسيرة لحملة دونالد ترمب الانتخابية في 22 سبتمبر 2020 في مون تاونشيب ببنسلفانيا (جيف سوينسن/ غيتي)

قبيل الساعة الثالثة من بعد ظهر السادس من يناير (كانون الثاني) 2021، اتصل زعيم الأقلية في مجلس النواب كيفن ماكارثي (جمهوري من كاليفورنيا) على نحو ملح ومحموم بالرئيس آنذاك دونالد ترمب. وكان الكابيتول تحت حصار عنيف من قبل متمردين موالين لترمب. وتعرض مكتب ماكارثي نفسه إلى تخريب، وكانت عمليات إجلاء النواب جارية. وكانت أشلي بابيت قد أُصِيبت للتو بعيار ناري أثناء محاولتها القفز إلى بهو رئاسة المجلس. ويُقال إن ماكارثي صاح بترمب قائلاً: "عليك أن تأمرهم بالتوقف". ونطق ترمب، الذي لم يسأل عن سلامة ماكارثي، بهذا الاقتباس السيئ السمعة الآن رداً على ذلك: "حسناً، كيفن، أظن أن هؤلاء الناس أكثر غضباً في شأن الانتخابات منك".

وبعد هذا الاتصال، يُقال إن مستشار الأمن القومي آنذاك كيث كيلوغ استدعى إيفانكا ترمب. لقد شعر كيلوغ بأن إيفانكا "قادرة على التواصل مع والدها على نحو لم يتمكن منه الآخرون". دخلت إيفانكا المكتب البيضاوي. وبعد بضع دقائق، خرجت وبدا وكأنها كانت للتو طرفاً في محادثة عسيرة [شائكة]. وعادت إيفانكا إلى المكتب البيضاوي مرتين أخريين. وحضت والدها قائلة: "دع هذا الأمر ينتهي. دعه ينتهي". وبعد مرور أكثر من سنة، لا يزال دونالد ترمب على موقفه ولا يترك الأمر ينقضي.

ما حددته للتو يأتي كله من كتاب بوب ودوارد وروبرت كوستا "الخطر"، الذي يعطينا واحدة من أكثر النظرات شمولاً إلى البيت الأبيض في عهد ترمب أثناء ذلك اليوم التاريخي. ولعل لجنة السادس من يناير المختارة تعرف أكثر من ذلك، ومن المصدر مباشرة.

في هذا الأسبوع، أدلت إيفانكا ترمب بشهادتها طوعاً أمام لجنة السادس من يناير لمدة ثماني ساعات تقريباً. وقال رئيسها النائب بني تومبسون (ديمقراطي من مسيسيبي) لشبكة "أن بي سي الإخبارية"، إن إيفانكا ترمب كانت "تجيب على الأسئلة"، لكن بطريقة "مقتضبة وغير مستسرلة". ومن الجدير بالذكر أنها لم تلتزم بالتعديل الدستوري الخامس [يسمح بالامتناع عن الرد على أسئلة].

ويأتي ذلك بعدما شهد جاريد كوشنر لست ساعات الأسبوع الماضي. وقالت النائبة إيلين لوريا (جمهورية من فرجينيا)، العضو في لجنة السادس من يناير، إن كوشنر كان متعاوناً "ومفيداً" و"قيماً". وكان كوشنر [حينها] في طريق عودته من رحلة إلى المملكة العربية السعودية في السادس من يناير، لكن اللجنة تعتقد أنه يستطيع تقديم تفاصيل عن الأسابيع التي سبقت التمرد.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ومما يمتلك أهمية خصوصاً في نظر لجنة السادس من يناير ما حدث خلال تلك الساعات الحاسمة في البيت الأبيض عندما اقتحم المشاغبون الكابيتول. وأشارت تقارير إلى فجوة مدتها سبع ساعات في سجلات هواتف البيت الأبيض يوم السادس من يناير المقدمة إلى اللجنة– وهي فترة زمنية عرفنا أن ترمب أجرى خلالها مكالمات والتقى مساعدين. واعتُبِر كبير موظفي ترمب السابق مارك ميدوز، وهو طرف فاعل رئيس في مركز هذا الحدث، مزدرياً للكونغرس لرفضه الامتثال لمذكرة استدعاء. والآن تكتسب شهادة إيفانكا ترمب أهمية خاصة.

تُعَد إيفانكا من بين حفنة من الناس يعرفون دونالد ترمب على أفضل وجه. وهي كانت في البيت الأبيض أثناء التمرد. وكانت في المكتب البيضاوي أثناء ذروة العنف. ورأت كيف كان رد فعل والدها. والسؤال هو: ما مقدار التفاصيل التي أعطتها إلى لجنة السادس من يناير؟

كان في مقدور كل من إيفانكا ترمب وجاريد كوشنر إطلاق العنان لمعركة، على غرار مساعدي ترمب السابقين ستيف بانون ومارك ميدوز وبيتر نافارو ودان سكافينو. وكان بوسعهما أن يظهرا قدراً من التضامن مع الرئيس السابق. بدلاً من ذلك، أدلى كل منهما طواعية بشهادة مطولة أمام لجنة السادس من يناير. من المعروف عن إيفانكا وجاريد أنهما يميلان حيث تميل الرياح السياسية، ولا تخفى الطموحات السياسية لإيفانكا وليست سراً. هل يمكن أن يبلغا الحقيقة إلى اللجنة في محاولة لتوليد حسن النية أم يتستران لحماية جد أطفالهما؟ الوقت وحده كفيل بأن ينبئنا بهذا.

حتى الآن، احتفظت لجنة السادس من يناير بتفاصيل الشهادتين طي الكتمان. ويبدو أنها تعلمت من "التقطر التدريجي" للتسريبات التي امتدت لسنوات من تحقيق مولر [في تدخل روسي في الانتخابات الرئاسية الأميركية عام 2016]، ما أضعف الاستنتاجات النهائية التي توصل إليها التقرير. وإذا كانت لجنة السادس من يناير علمت شيئاً دامغاً من إيفانكا أو جاريد، من المرجح أن تبقيه لتقريرها وجلسات الاستماع الضخمة المقرر أن تعقدها هذا الصيف.

منذ يوليو (تموز) الماضي، تعمل لجنة السادس من يناير جاهدة لتجميع ما حدث. وقابلت مئات الأشخاص وراجعت عشرات الآلاف من الوثائق. وأكدت وجود "ثلاث حلقات" من التمرد، وفق تحديد عضو لجنة السادس من يناير النائب جايمي راسكين (ديمقراطي من ماريلاند).

وكانت الحلقة الخارجية، أو "حلقة الشغب"، مؤلفة من الجمع الذي احتشد قبل الهجوم على الكابيتول. وكانت الحلقة المتوسطة، أو "حلقة التمرد"، هي من شن الهجوم العنيف ذاته الذي نفذته جماعات متطرفة منظمة. وكانت الحلقة الداخلية، أو "حلقة الانقلاب"، هي ما تُوجت به الحلقتان الأخريين: الجهود الرامية إلى إكراه نائب الرئيس مايك بنس على رفض التصديق على الانتخابات.

وتشكل الحلقة الداخلية جوهر ما انخرط فيه دونالد ترمب مع محاميه جون إيستمان ورفاقه من أعضاء جمهوريين في مجلس النواب. أي "انتشار غرين باي"، على حد تعبير بيتر نافارو. وكانت الخطة تتلخص في الضغط على الهيئات التشريعية في الولايات الأميركية لحملها على قلب أصواتها الانتخابية "بناخبين مزيفين"، وحمل بنس على رفض المصادقة على انتخابات الولايات استناداً إلى اعتراضات من أعضاء جمهوريين في مجلس النواب، وإعادة تنصيب ترمب رئيساً. أو بعبارة أخرى، القيام بانقلاب.

وأشارت لجنة السادس من يناير بوضوح إلى أنها تعتقد أن دونالد ترمب شارك في نشاط إجرامي. لكن اللجنة لا تستطيع أن تحاكمه. فهذا أمر يعود إلى وزارة العدل.

على مدى العام الماضي، كانت وزارة العدل تركز إلى حد كبير على "حلقة الشغب" الأكثر عنفاً. ونجحت بالفعل في ملاحقة المئات من المتمردين العنيفين، وتسعى إلى ملاحقة مئات آخرين. لكن الآن، وفي خضم ضغط متزايد على وزير العدل ميريك غارلاند، يبدو أن وزارة العدل وسعت تحقيقها ليشمل في شكل أكثر فاعلية مركز هذه "الحلقات الثلاث". فقد أوردت "نيويورك تايمز" أن مذكرة استدعاء جديدة "تطلب معلومات عن أي من أعضاء السلطتين التنفيذية والتشريعية".

من الواضح أن "حلقة الانقلاب" تستحوذ على قدر أعظم من التدقيق. وهنا قد تحمل شهادة إيفانكا معطيات. فهي شهدت على ما يُقَال مكالمة بين ترمب وبنس صباح السادس من يناير ضغط فيها ترمب على بنس لإسقاط نتائج الانتخابات. وقد تساعد أيضاً في تسليط مزيد من الضوء على حالة دونالد ترمب الذهنية طيلة اليوم. تُعَد "النية الجنائية" مهمة إلى حد كبير عند توجيه اتهامات بمؤامرات جنائية – وهذا، إذا كان الحكم الأخير للقاضي المحلي ديفيد كارتر يشكل إشارة، هو الوجهة المحتملة لما يجري.

ففي دعوى مدنية، سعى إيستمان إلى حجب رسائل إلكترونية عن لجنة السادس من يناير زاعماً أنها مشمولة بامتياز [حقوق] المحامي- العميل. وجادلت لجنة السادس من يناير بخلاف ذلك، وزعمت أن الرسائل الإلكترونية لم تكن مشمولة بذلك، نظراً إلى "استثناء الجريمة- الاحتيال"، ما يعني أن الامتياز، إذا كان المحامي ينصح موكله بارتكاب جريمة ما، يصبح باطلاً. وحكم القاضي كارتر لصالح لجنة السادس من يناير، لكنه ذهب إلى ما هو أبعد من ذلك. فقد ذكر أن دونالد ترمب الأرجح ارتكب عرقلة وتآمراً في سعيه إلى تعطيل قدرة الكونغرس على إحصاء الأصوات الانتخابية في انتخابات عام 2020.

ولم يتوقف القاضي كارتر عند ذلك الحد. فقد شرّح ترمب وإيستمان في بيان يستحق القراءة: "أطلق الدكتور إيستمان والرئيس ترمب حملة لإسقاط انتخابات ديمقراطية، وهو تصرف لم يسبق له مثيل في التاريخ الأميركي. ولم تقتصر حملتهما على البرج العاجي [أعلى الهرم]– بل كانت انقلاباً سعى إلى نظرية قانونية [تضفي مشروعية عليه]... ولو باءت خطة الدكتور إيستمان والرئيس ترمب بالنجاح لكانت أنهت في شكل دائم التحول السلمي للسلطة، فقوضت الديمقراطية الأميركية والدستور الأميركي. وإذا لم تلتزم البلاد بالتحقيق في المساءلة وملاحقتها، تخشى المحكمة أن يعيد السادس من يناير نفسه".

ولا يزال التحقيق جارياً على قدم وساق. والأدلة متوفرة كلها. والآن ننتظر لنرى ما إذا كانت المساءلة ستعقب ذلك.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من آراء