Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حلمي التوني يعيد إحياء جماليات الموروث الشعبي في "الشمعة والسمكة"

معرض يدور حول الحضور الأنثوي في تجلياته الفنية

شمعة الأنوثة كما يرسمها حلمي التوني (الخدمة الإعلامية للمعرض)

يستضيف "غاليري بيكاسو" في القاهرة معرضاً لأعمال الفنان المصري حلمي التوني تحت عنوان "الشمعة والسمكة". في هذا المعرض يستمر الفنان في استكشافه الموروث والعناصر الشعبية المستلهمة من البيئة والتاريخ المصري، ويسلط الضوء على عنصرين اثنين يتكرران كعامل مشترك بين جميع الأعمال وهما السمكة والشمعة. وهذان رمزان أنثويان كما يقول الفنان ولهما أبعاد ومعان تتجاوز طبيعتهما المادية. تشير السمكة إلى المرأة والخير والخصوبة، وتذكرنا الشمعة بالحب والرومانسية، وأيضاً بالنور والاستنارة، وربما البحث عن الحقيقة.

تمتد اهتمامات الفنان حلمي التوني من الرسم والتصوير إلى الكاريكاتير والرسوم الصحافية وتصاميم الغرافيك، وهو يتعامل مع كل وسيط من هذه الوسائط بالقدر نفسه من الاهتمام، كما يربط بينها بمجموعة من المفردات والعناصر المشتركة. في هذه العناصر والمفردات التي يوظفها حلمي التوني في أعماله تتخذ المرأة مكانة خاصة وبارزة، فهو يحتفي بها كرمز ومنطلق للبناء البصري داخل اللوحة، وهي دائماً ما تمثل الإطار والمركز الذي تتحلق حوله مكونات أعماله من رموز وعناصر أخرى.

المرأة في أعمال حلمي التوني تتمتع بخصوصية تميزه، فهي تنتمي إليه وحده من دون غيره، وهي خصوصية تسم معالجاته الفنية لبقية العناصر الأخرى، وهو فنان يمتلك بصمته اللونية المميزة والمبهجة، كما يوازن في أعماله دائماً بين عمق الفكرة وسلاسة الرؤية وبساطتها من دون تعقيد يربك المتلقي أياً كانت ثقافته، وربما لهذا السبب تحظى أعماله بشعبية واهتمام لافت.

الفن الفرعوني

قبل سنوات أفرد الفنان معرضاً كاملاً عن الملكة الفرعونية "نفرتاري" وهي إحدى زوجات الفرعون رمسيس الثاني، أحد أشهر ملوك الأسرة الـ 19، لم يكن هذا المعرض مجرد احتفاء بهذه الملكة التي تعد أحد أشهر الشخصيات في التاريخ الفرعوني، بل كان احتفاء بالتاريخ المصري القديم ورموزه وبالمرأة على الخصوص. والمتتبع لأعمال حلمي التوني يدرك جيداً مدى اهتمامه بالتاريخ المصري القديم، فهو دائم التنقيب عن العناصر الدالة، ويولي اهتماماً خاصاً في أعماله بالمرأة ومكانتها المرموقة في المرويات والأساطير المصرية القديمة.

هكذا يفعل حلمي التوني، يبحث وينقب عما توارى من جمال، ويقدمه لنا شفافاً ومبهجاً وساحراً. وهي غواية تملكته منذ منتصف الثمانينيات تقريباً، إنها غواية البحث والتنقيب عن هذه الأشياء المستقرة في دهاليز الذاكرة وبين ثنايا التاريخ. وعلى هذا المنوال يجمع التونى مفرداته وعناصره من سجلات التاريخ ومن بين ركام الذاكرة المسجلة على قلائد وأقراط الجدات ومن رسوم الوشم والنقوش المنحوتة على أبواب البيوت الخشبية القديمة. هو يأتي بتلك العناصر وغيرها ويمزجها بخياله لينتج لنا هذا المزيج المبهج. 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي سبيل بحثه عن الموروث الشعبي ظل حلمي التوني يفتش ويجمع ويدقق لسنوات في مفردات وتجليات الفن الشعبي الذي يمثل من وجهة نظره بوتقة كبيرة انصهرت فيها وتفاعلت كل العصور والحقب التي مرت بمصر، بدءاً من الفرعونية إلى الإسلامية مروراً بالقبطية واليونانية. وقد بدأ الفنان في رحلة استلهامه للفن الشعبي مقلداً وناسخاً مفردات هذا الفن وعناصره، كما يقول، لكنه سرعان ما تحول إلى مرحلة أخرى بعد أن تشبعت روحه وذاكرته البصرية بمئات الأشكال والرموز والدلالات الخاصة، فاستطاع أن يخلق لنفسه رموزه وعناصره التي تنتمي إليه من دون أن يقطع حبال التواصل مع ذلك الفن الذي أبحر فيه لسنوات وذابت روحه في تجلياته ودلالاته المختلفة.

وهو حين قرر الالتجاء إلى الفن الشعبي إنما فعل ذلك لهوى شخصي كما يقول، ثم لرغبته في العودة إلى الأصول والبدء منها كما فعل فنانو عصر النهضة الأوروبي حين استلهموا فنون الحضارة الرومانية وأعادوا بناء صروحها التي تهدمت، ثم انطلقوا من خلالها إلى رحاب أخرى أوسع وأكثر ثراء، وهو على الرغم من استقراره الفني وتميز مفرداته وأشكاله وعناصره بطريقة لا تخطئها العين، إلا أنك لا تشعر فى أعماله أبداً بالرتابة أو التكرار، وهو يدهشك بالجديد في كل مرة، ويفعل ذلك عن قناعة خاصة بأن الفنان الصادق لابد له أن يتغير ويطور نفسه باستمرار ولا يستكين أبداً أو يستسلم للأسر في إطار واحد، مهما كانت روعة ذلك الإطار، ومهما سمع من كلمات الإطراء والإعجاب، فلابد له من أن يغير نفسه لأن التغيير هو سنة الفن كما هو سنة الحياة.

تخرج الفنان حلمى التوني في كلية الفنون الجميلة عام 1958 وعمل في دار الهلال المصرية لسنوات فور تخرجه إلى أن تركها مرغماً مع عدد من كتابها عام 1973، ثم سافر إلى لبنان وأقام هناك 12 عاماً متواصلة. أقام لأعماله العديد من المعارض الفردية في معظم الدول العربية، وشارك أيضاً في كثير من المعارض الجماعية المصرية والدولية.

اقرأ المزيد

المزيد من ثقافة