Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عبر سندات الحرب والعملات المشفرة... كيف تمول أوكرانيا دفاعها؟

متبرعون يلجأون إلى تقنيات "بلوك تشاين" في تحويل التبرعات والأموال

شجعت الإدارة الأوكرانية المانحين المحتملين في أنحاء العالم على تحويل العملات المشفرة مباشرة (أ ب)

كان مركز آخر محاولة لجمع الأموال لصالح أوكرانيا هو مكتب مكشوف فوق مخبَز في شمال لندن. هناك، اجتمع كل من إسحاق كامليش وناثان كوهين وإيزاك بنتاتا، الذين تتراوح أعمارهم بين 23 و25 عاماً، حول أجهزة الكمبيوتر المحمولة الخاصة بهم في وقت سابق من هذا الأسبوع، وساعدوا في إطلاق أول عملية بيع على الإطلاق لمقتنيات رقمية فريدة من نوعها من قبل حكومة وطنية.

وفي غضون 24 ساعة، باعت كييف، باستخدام التكنولوجيا التي طورها الثلاثي، أكثر من 1200 من الرموز غير القابلة للاستبدال، وجمعت حوالى 600 ألف دولار للمساعدة في تمويل دفاعها ضد روسيا.

ويؤكد المزاد، الذي استخدم تقنية "بلوك تشاين" بشكل جديد كوسيلة للتمويل في زمن الحرب، على كيفية استخدام الحكومة الأوكرانية الأدوات الجديدة والتقليدية لتوليد النقد الذي تحتاج إليه للنجاة من الأزمة. وتشير البيانات إلى أن أوكرانيا استحوذت على قرابة مليار دولار من سندات الحرب المباعة لأشخاص ومؤسسات في أوكرانيا، حيث يُظهر السكان استعداداً لإقراض الحكومة حتى لو لم يكن مضموناً أنهم سيستردون جميع أموالهم.

في الوقت نفسه، شجعت إدارة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي المانحين المحتملين في أنحاء العالم على تحويل العملات المشفرة مباشرةً، وهو جهد جمع أكثر من 56 مليون دولار، وفقاً لمجموعة التحليلات "تشاين أليسيس". وشهدت عملية بيع "NFT"، الأربعاء، اندفاع هواة جمع العملات من لوس أنجليس إلى برشلونة للمشاركة في ما اعتبروه لحظة رئيسة لكل من أوكرانيا وعالم التشفير.

يقول بن جاكوبس، الشريك المؤسس في شركة "سينيوس كابيتال" للاستثمار في الأصول الرقمية، "حرب أوكرانيا مدمرة، وستكون في كتب التاريخ... هذا الاستخدام لتكنولوجيا التشفير هو أيضاً تاريخي في حد ذاته".

فيما اشترى جاكوبس، الذي يقع مقره في فينيسيا بيتش، في كاليفورنيا، اثنين من "NFTs"، وأنفق ما مجموعه 1100 دولار بما في ذلك الرسوم الصغيرة المتعلقة بالمعاملات. وذهب حوالى 1000 دولار من عملة "إيثريوم" المشفرة المستخدمة عادة لمبيعات "NFT" - إلى الحكومة الأوكرانية.

اندفاع لجمع التبرعات

في أوروبا والولايات المتحدة، أظهر عدد كبير من المواطنين تضامنهم مع أوكرانيا من خلال تعليق الأعلام الزرقاء والصفراء من المباني، واستضافة جامعي التبرعات المحليين وتحديث صورهم الرمزية على وسائل التواصل الاجتماعي.

لكن فريق الرئيس الأوكراني يحتاج إلى أكثر من الكلمات والإيماءات. للحفاظ على عمل الحكومة الأوكرانية وتجهيز جيشها، تحتاج كييف إلى كثير من النقود. وقدرت أن الحرب قد تكلف البلاد نحو 565 مليار دولار. فيما بلغ الناتج الاقتصادي لأوكرنيا في عام 2020 نحو 155 مليار دولار.

قال يوري بوتسا، مفوض أوكرانيا لإدارة الدين العام، في إشارة إلى الفجوة بين الإيرادات الحكومية والإنفاق، "الفجوة المالية لدينا أوسع بكثير مما توقعنا عندما بدأنا هذا العام". وللمساعدة في سد هذا الانقسام، أطلقت الحكومة جهوداً غير مسبوقة في الأسابيع الخمسة التي تلت الهجوم الروسي لجمع الأموال لقضيتها على نطاق عالمي.

ويقول فيكتور زابو، مدير صندوق متخصص في ديون الأسواق الناشئة في شركة "أب درن" الاستثمارية ومقرها المملكة المتحدة، "هؤلاء الأشخاص مبدعون".

في الوقت نفسه، تحولت كييف إلى قنوات مجربة وحقيقية لجمع الأموال. وتلقت أوكرانيا حوالى 4 مليارات دولار من التمويل الطارئ من المنظمات المتعددة الأطراف، بما في ذلك صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، ويجري التفاوض على ملياري دولار إضافية. وتستخدم سندات الحرب الكلاسيكية، التي تصدرها الحكومات أثناء النزاع للاستفادة من دعم المواطنين. وهي مفيدة في مكافحة التضخم، إذ تأخذ النقد من التداول في وقت يكون فيه غالباً نقص في المنتجات.

فيما جمعت أوكرانيا حوالى مليار دولار من خلال خمس مبيعات من السندات بالعملة المحلية في مارس (آذار) الماضي. وقال بوتسا، إن هناك طلباً كبيراً من المؤسسات والأفراد على حد سواء. وتذهب العائدات إلى وعاء الحكومة ثم تُستخدم لتغطية النفقات مثل دفع المعاشات التقاعدية أو خدمات الطوارئ. وأضاف، "هناك كثير من الناس يشترون 10 آلاف دولار، 5 آلاف دولار من هذه الأداة".

ويتطلب شراء هذه السندات في المناخ الحالي قفزة في الثقة. وسندات سنة واحدة صدرت في مارس الماضي كان عائدها 11 في المئة، مما يشير إلى مستوى عالٍ من المخاطرة. وإذا ما تمت الإطاحة بحكومة زيلينسكي أو نفيها، أو إذا ما دمرت حرب طويلة الاقتصاد الأوكراني، فلن يكون السداد أمراً مؤكداً.

خفض التصنيف الائتماني لأوكرانيا

وبعد فترة وجيزة من الهجوم الروسي على أوكرانيا، خفضت وكالة "ستاندارد أند بورز غلوبال"، تصنيفها الائتماني لأوكرانيا. وذكرت أنه بينما يعتقد أن المجتمع الدولي سيساعد كييف على تلبية احتياجاتها التمويلية على مدى الاثني عشر شهراً المقبلة، هناك "احتمال حدوث اضطرابات في الحوكمة، مما يعرض خدمة الديون التجارية للخطر".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

يرى بوتسا أن الحكومة الأوكرانية تعمل "على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع" مع مصرفيها لتطوير سندات جديدة بالدولار يمكن بيعها للمستثمرين الأجانب، وكثير منهم حريصون على دعم كييف، لكنهم يعانون من قيود رأس المال التي تمنعهم من تحصيل العوائد في العملة الأوكرانية، إضافة إلى مسائل لوجيستية أخرى.

ويضيف، "نعتزم تقديم أداة حيث يمكن لكل شخص يريد دعم أوكرانيا في الولايات المتحدة، ولديه حساب لدى المؤسسات المالية المحلية، أن يدعمنا بسهولة". ويقوم فريقه باستكشاف الخيارات داخل الاتحاد الأوروبي.

وعلى الرغم من الدعم المقدم لأوكرانيا، قد يشعر المستثمرون المحترفون- الذين عليهم واجب حماية أموال عملائهم- بالقلق بشأن إقراض الحكومة الأوكرانية في الوقت الحالي، حتى لو تمكنت من إيجاد طريقة لتقديم سندات في الخارج.

ويقول زابو، "لا يمكننا الاستثمار في أحد الأصول حيث نرى احتمالاً كبيراً بعدم إعادة تلك الأموال"، على الرغم من أنه يعتقد أن السوق يمكن أن تصبح جذابة مرة أخرى بمجرد انتهاء الحرب.

العمل على زاوية التشفير

وخيارات التمويل ليست جذابة، لأن أوكرانيا حذرة من زيادة عبء ديونها بشكل كبير. يقول بوتسا، "لا نريد أن ينتهي بنا المطاف، مع اقتراب الحرب في مرحلة إعادة الإعمار، إلى إنفاق على خدمة الديون أكثر مما ندفعه على إعادة بناء البنية التحتية".

وهذا هو المكان الذي يمكن أن تأتي فيه تبرعات العملات المشفرة ومبيعات "NFT". وعلى مدار أسابيع، شجعت أوكرانيا المستخدمين على نقل عملات "بيتكوين" والعملات المشفرة الأخرى إلى حسابات وسائل التواصل الاجتماعي الرسمية. وأتاح هذا الجهد للحكومة الوصول إلى مجموعة كبيرة من المانحين الصغار الذين لا داعي للقلق بشأن الاتفاقات المالية المعقدة أو تحويل العملات.

واعتباراً من 28 مارس الماضي، جمعت كييف حوالى 56 مليون دولار من العملات المشفرة بمتوسط تبرع يبلغ قرابة 30 دولاراً. ويقول أليكس بورنياكوف، نائب وزير التحول الرقمي الأوكراني، إن الأموال استخدمت في شراء سترات واقية من الرصاص وخوذات وأجهزة اتصال لاسلكي وأدوية.

فيما جمعت عملية بيع "NFT" لعلم أوكرانيا وهي مبادرة يدعمها عضو في مجموعة الناشطين الروسية بوسي رايوت، أكثر من 6.7 مليون دولار. ودخلت الجهود مرحلة جديدة هذا الأسبوع مع مزاد NFT الرسمي. فقد اشترى المؤيدون في جميع أنحاء العالم صوراً رقمية مصنوعة من فنانين محليين تجمع بين الصور الملونة والتحف الفنية للحرب مثل التغريدات.

وسابقاً، تبرع كيفين ليستا نافارو، مستشار مالي يبلغ من العمر 26 عاماً في برشلونة، لدعم اللاجئين من أوكرانيا. مع ذلك، فقد رأى في مزاد "NFT" فرصة فريدة واشترى اثنتين. وقال، "بفضل هذه التكنولوجيا، لديك الآن إمكانية المساهمة في القضية والحصول في المقابل على عمل فني تذكاري... من يدري ما قد يستحقونه في المستقبل".