Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا ينتج السعوديون أعمالهم الدرامية في الإمارات؟

يتجه كثير من صناع الأعمال التلفزيونية إلى إنتاج المسلسلات في دبي وأبوظبي لأسباب تتعلق بالكوادر

يمثل ناصر القصبي الوجه الأبرز للدراما الخليجي الرمضانية (منصة شاهد)

كيف تحولت تربة الرياض للون الأحمر؟ بهذا السؤال البسيط وجه نقاد وممثلون انتقادهم إلى الأعمال الدرامية التي تصور في الإمارات وتمثل البيئة السعودية، وقال النقاد إن الأعمال الدرامية عموماً لا تخلو من الأخطاء، ولكن ما يحدث في الأعمال السعودية والتي تمثل حقبة السبعينيات من مفارقات غريبة قد نستطيع تفاديها في التصوير داخل صحراء السعودية الشاسعة على الأقل، وأشاروا إلى أنه على الرغم من حرص شركات الإنتاج في تصميم بيوت الطين ومصابيح الزيت وأزياء الصبيان والصبايا في الحارات المماثلة للسعودية في تلك الحقبة، إلا أنهم يستحيل عليهم تغير التربة في أبوظبي كاملة من اللون الأحمر الساحلي إلى تربة الرياض الصحراوية الصفراء.

لون التربة والديكورات والأرضيات يكون موضوعاً صغيراً  في تفضيل تصوير الأعمال الدرامية في الإمارات بدلاً من السعودية، إلا أن نقاداً وممثلين سعوديين أكدوا لـ "اندبندنت عربية" أن الإصرار على التصوير بالإمارات يؤدي إلى عدم التصوير الخارجي، والاعتماد على لقطات سريعة لا تستحضر المكان بتفاصيله كافة، والتي توضح البيئة المكانية بعمقها التاريخي أو الثقافي، ولا يكشف مكونات المدن السعودية والشوارع والبيوت والمعالم المعروفة والبيئة البشرية وأشكال الناس بأزيائهم المميزة للإنسان السعودي، مما يجعل المنتجين يصورون معظم أعمالهم داخل البيوت، فلماذا يتم الإصرار على تصوير الأعمال الدرامية في الإمارات بدلاً من السعودية؟

كانت هناك عوائق من النواحي الاقتصادية والعنصر النسائي

بداية ذكر الممثل السعودي محمد الكنهل أنه في السابق كان المنتجون يفضلون مناخ التصوير في الإمارات من ناحية اقتصادية، وتوفر الأكسسوارات والمواقع بسهولة وبسعر أقل من السعودية، كما كانت مشاركة العنصر النسائي تشكل عائقاً كبيراً في تصوير الأعمال داخل السعودية. مضيفاً، "لكن في الوقت الحالي مع الانفتاح والحراك الذي شهدته السعودية في مختلف السبل والتطور الذي شهده المجال الثقافي والمسرحي والدرامي، لم يعد هناك أي عائق في تصوير العنصر النسائي حتى في الأسواق والأماكن العامة، كما تتوفر المواقع والإكسسوارات بسهولة في موازاة تقديم تسهيلات لهم.

وأضاف الكنهل أن عمل "طاش ما طاش" من أهم الأعمال الدرامية السعودية، وصورت كل حلقاته في السعودية ما عدا حلقات محدودة صورت في مصر ولبنان لتناسب القصة مع البيئة المكانية في تلك الدول، وقال الكنهل إنه شارك في حلقته الشهيرة، باسم "الحارة"، وعرفت منها بكلمة "ما دريت"، وصورت في العاذرية بالرياض، وبين التراث السعودي والحقبة الزمنية بشكل واضح في أشكال البيوت الطينية والحارات والملابس ولون تربة الرياض الصحراء، ولفت الكنهل إلى أن "العاصوف" الذي شارك فيه بالجزء الأول توجد فيه أخطاء متعددة بسبب التصوير في أبوظبي، بداية من تربة الحارات الساحلية الحمراء، والديكورات والأرضيات والتي لا تظهر البيئة السعودية بشكل حقيقي، وعلى الرغم من أن هذا التأثير ثانوي ولكن يؤثر من ناحية الصدقية الفنية في العمل، وأشار إلى أخطاء في المكياج والأكسسوارات ونطق بعض الكلمات على الرغم من وجود مصحح لهجة، إلا أنه ضاق ذراعاً من كثرة الأخطاء وأصبح يمرر بعض الأحيان.

التصوير في السعودية سيصحح الأخطاء عن البيئة

وتابع الكنهل شارحاً أنه من وجهة نظره، لو صور العمل كاملاً في نجد وفي مدن ومحافظات الرياض، قريبة المناخ والأرضيات، سيكون العمل واقعياً بشكل ملموس، موضحاً أن هناك بعض الأعمال يتم تصويرها حالياً في السعودية كمسلسل "شباب البومب"، الذي أشارك فيه حالياً في هذا الموسم الرمضاني، وتم تصويره في مدينة الرياض بالكامل منذ أجزائه الأولى، وكما صورت بعض الحلقات في هذا العمل في محافظات تابعة للرياض مثل ضرما والمزاحمية وشقراء، وهذا ما نود أن ندعو له لجهة تسليط الضوء في الأعمال على شوارع بلدنا ومدننا والتطور والحضارة العمرانية التي بلغتها السعودية.

التصوير في الإمارات بسبب اختيار الإنتاج وليس الممثل

وقال الناقد السينمائي السعودي خالد ربيع إن العادة جرت في تصوير الأعمال الدرامية في الإمارات نسبة لوجود كثير من شركات الإنتاج الفني بشكل عام هناك، وبشكل خاص الشركات التي تخصصت في الدراما التلفزيونية، وهذا بدوره أسس ما يشبه الحاضنة التي تجمع خبرات متخصصة في دولة واحدة، وبالتالي خلق ذلك نوعاً من توطن الصناعة التي تحقق وفورات مادية ولوجستية وتكاملية، وهناك شركات متخصصة في إنشاء الأستوديوهات المناسبة لكل مشروع، بحسب رغبات الشركة الأساسية المنتجة، وهناك شركات للديكورات الداخلية، وأخرى لتجهيز الإضاءة وثالثة للملابس والمكياج.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأضاف الناقد ربيع أنه علاوة على أن قدوم طواقم العمل من الدول العربية ومن السعودية، بما فيها الممثلون والفنيون ميسرة وسهلة، وبشكل عام تتيح الإمارات القدوم إلى أراضيها في سهولة ولا تفرض شروطاً معقدة، لذلك فالإمارات تمثل منطقة جذب مهيئة للصناعة الدرامية التلفزيونية، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، وجود شركات التوزيع التي تقوم بالخطوة الأخيرة في نشر المنتجات، إذ كثير من المحطات الفضائية الإقليمية لديها مكاتب وفروع في الإمارات، وبذلك تكتمل حلقة الإنتاج والتنفيذ والتوزيع.

التصوير داخل أستوديوهات داخلية وليست خارجية لعدم كشف البيئة المتغيرة

وتابع ربيع، "أعتقد أن مجمل الأعمال السعودية المنفذة في الإمارات تنقل مفردات البيئة إلى حد ما، وليس بشكل كامل، وذلك يعود للاعتماد على التصوير داخل أستوديوهات ومواقع داخلية، وبالتالي لا يتم التصوير الخارجي كثيراً، حتى وإن تم، فهو لا يكشف المكونات الخاصة بالمدن السعودية، الشوارع، البيوت، المعالم المعروفة، البيئة البشرية وأشكال الناس بأزيائهم المميزة للإنسان السعودي. وعليه يلجأ المنفذون إلى لقطات سريعة لا تستحضر المكان بتفاصيله التي توضح الطبيعة المكانية بعمقها التاريخي أو الثقافي، وهذا يؤثر في إحساس المشاهد وإن كان تأثيراً ثانوياً، ولكنه مهم من ناحية الصدقية الفنية، وبالتالي صدقية العمل بأكمله".

كتاب السعودية المحليون يحتاجون دراسة أعمق وأدق لنقل البيئة بالسعودية

أما الناقد الفني وكاتب السيناريست يسري زيدان فقال، "ليست كل الأعمال تصور حالياً في الإمارات، ما عدا الأعمال الدرامية ذات الإنتاج الضخم والرعاة القادرون والصف الأول فقط، مثل أعمال الفنان ناصر القصبي، الذي يتابعه ليس فقط السعودية ولكن الخليج بأكمله". مضيفاً، "عموماً هذه القضية كانت منتشرة منذ زمن بعيد ولكنها قلت منذ سنوات عدة بسبب توفير السعودية طاقات إنتاجية أعلى وقدرات فنية مميزة، فقل الإقبال على التصوير في دبي أو أبوظبي اللتين تتميزان بطابع فني وبإمكانات خليجية مميزة تنافس وتتميز على الساحة الفنية".

وتابع زيدان أن العلة ليست أن التصوير الداخلي بالإمارات هو أوسع وأرحب، لكنها فقط الإمكانات البشرية والخبرات وتوفر المواد والأجواء، إلا أن كتابنا المحليين بالسعودية ما زالوا يحتاجون إلى دراسة أعمق وأدق لنقل البيئة بالسعودية لرواد ومشاهدي ومتابعي الأعمال الدرامية على الرغم من نجاح بعضها في ترجمة مناخات بيئية حقيقية يشهد لها المشاهدون.

بدأت العودة بالفعل

أما الممثل أسعد الزهراني فرأى عكس ذلك، وأشار إلى أن الأعمال الدرامية تنقل البيئة السعودية بشكل واضح، لأن إبداع الفنان السعودي ليس فقط بالوقوف أمام الكاميرا بل بمتابعة التفاصيل، وقال الزهراني إن التصوير في الإمارات يتم بحسب اختيار الإنتاج وليس الممثل، ولأنه، لفترة قريبة، لم تكن تتوافر كل الإمكانات في السعودية، مشيراً إلى أنه يقوم اليوم بعمل يصوّر في السعودية بالكامل وتم تجهيزه بكل الإمكانات.

المزيد من ثقافة